المصرى اليوم

المصرى اليوم

  • السمسار.. رواية عن زمن الصفقة الكبرى

    عندما تقرأ رواية السمسار، تأليف صديق العمر عمرو كمال حمودة، الصادرة عن دار الثقافة الجديدة ـــ 2016، تتذكر فورا مجموعة الأعمال الأدبية التى اجتاحت الولايات المتحدة الأمريكية مطلع القرن العشرين والتى تزايدت كثيرا فى أعقاب أزمة الكساد الكبير. حيث تناولت هذه الأعمال حقيقة «الحلم الأمريكى»، ومدى صدقيته. كما شرحت الصراعات الاجتماعية بين العمال والطبقة الوسطى والطبقة الرأسمالية من جهة. كذلك الصراعات السياسية بين عناصر النخبة الحاكمة. والمدى الذى بلغه فساد الحكم وجشع أصحاب «الكرتلات»..

  • السنهورى والقضاء المصرى وبناء دور العبادة

    سعدت جدا بردود الأفعال على مقال الأسبوع الماضى: «تقنين مفهوم الطائفية فى دولة المواطنة لا يستقيم». وذلك تعليقا على القانون- الركيك الصياغة والضعيف الإحكام- المتعلق «ببناء وترميم الكنائس». ولعل «أجل وأثمن» ما أسعدنى هو تبلور رأى عام يقظ يدرك الدلالة الرمزية للمصطلحات والمفردات وتداعياتها على الواقع: سياسيا وقانونيا.. وأظنه يمثل إرهاصة حقيقية وجادة لما يمكن أن نطلق عليه: «تيار المواطنة».. وهو التيار الذى أصبح لديه من الخبرة والحنكة ما يميز به بين المقاربتين «الطائفية/الملية»، أو «الأقلوية»، وبين تلك التى تنطلق من قاعدة المواطنة..

  • السوبر ليج: السوبر رأسمالية تواجه السوبر جماهير

    السوبر ليج: كرة قدم النخبة

    أعلنت، قبل أسبوعين، مجموعة من الأندية الأوروبية عن تنظيم بطولة كروية مستقلة تحت مسمى «السوبر ليج»؛ أو الدورى الأوروبى السوبر. وذلك بمعزل عن الاتحاد الأوروبى لكرة القدم الذى ينظم شؤون اللعبة فى القارة الأوروبية. ويتكون هذا الدورى من اثنى عشر ناديا كما يلى: أولا: من إسبانيا: ريال مدريد، وبرشلونة، وأتلتيكو مدريد، وثانيا: من إيطاليا: إنتر ميلان، ويوفنتوس، وميلان، وثالثا من إنجلترا: مانشستر سيتى، وليفربول، وتشيلسى، وتوتنهام، ومانشستر يونايتد، وأرسنال. وتتراوح القيمة المالية لهذه الأندية ما بين مليار دولار وخمسة مليارات دولار.

  • الشباب والتصويت السلبى

    (1)

    مساء الأحد الماضى كنت أشاهد التليفزيون ليلا لمتابعة التقارير الميدانية حول الجولة الأولى من الانتخابات البرلمانية. وأعترف أن متابعتى لم تكن بحثا عن شىء غير متوقع، وإنما لتأكيد توقعنا حول ردة فعل المواطنين للانتخابات وقد سجلناه فى مقالات مبكرة. حيث نبهنا من انصراف المواطنين عن العملية الانتخابية. والتحذير من دعوة كل من ينتمى إلى بنى «القديم» الذى وصفناه بأنه «ينازع»، بضرورة إسقاط سنوات الفوضى ما بعد يناير 2011 من الذاكرة التاريخية. وهو ما حذرنا أنه يعنى إعادة إنتاج البيئة التى أدت إلى يناير 2011. وضمنا جعل من ينتمى إلى الجديدـ وقوامه الأساسى الشباب ـ فى حالة «صراع» ورفض أو انصراف عن المشهد الراهن.. ويكون لسان حاله ما الجديد؟

  • الشباب يستعيد ثورة 1919

    (1)
    استكمالاً لما كتبناه حول الجيل الجديد من المبدعين فى شتى المجالات، والذى قدم إبداعاته المتنوعة من خلال معرض الكتاب، ما يطمئننا على المستقبل، نشير إلى ظاهرة إيجابية أخرى فى غاية الأهمية، ألا وهى هذا الإقبال على كتب ثورة 1919

  • الشرق الأوسط: التقسيم والتقاسم

    فى عام 2000 أصدرت كتابى «الحماية والعقاب: الغرب والمسألة الدينية فى الشرق الأوسط». حاولت أن أتتبع فيه مسيرة علاقة الغرب بالشأن الداخلى لدول المنطقة مع التركيز على البعد الدينى. وكان الدافع هو دراسة دوافع أمريكا فى إصدار قانون متابعة الحريات الدينية حول العالم.. وكانت الإشكالية البحثية الأولى التى واجهتنا لماذا يصر الغرب- تاريخيا- على وصف المنطقة بالشرق الأوسط؟، وما هى الحدود الجغرافية لهذه المنطقة؟، أو أين تبدأ وأين تنتهى؟،.. إلخ. وكانت الإجابة الحاسمة وفق الكثير من المصادر أن «الشرق الأوسط»؛ ما هو إلا «مفهوم، محض، استراتيجى»، أى دلالته سياسية أكثر منه جغرافية. لذا فهو تعبير «مطاط»، يسمح باستبعاد دول وضم أخرى بحسب المصالح الاستراتيجية الغربية.

  • الشفرة السرية للبيروقراطية المصرية «5»

    (1)

    فى معرض حديثه عن مشاكل «البيروقراطية»، أو «تراب الميرى»، أكد يحيى حقى على أنه «يحسن بنا ونحن نعالج كل يوم مشاكل اليوم (ولزمن ولود) أو نحن نحاول من جديد معالجة مشاكل قديمة لها ضغط ظاهر لا ينقطع وأثر لا ينبهم، لأنها لا تنفك تعترض حياة الناس ومعاملاتهم وتقابلهم وجها لوجه بصورة محددة المعالم: كمشكلة الروتين ـ 1961».. بلغة أخرى لا يمكن أن نتقدم إلى المستقبل والجهاز الإدارى المصرى العتيق قد تأسس ليكون فى خدمة كل من: الحاكم، والنظام الاقتصادى الذى «يُخدّم» على الحاكم والذى كان يتغير مع تغير أنظمة الحكم الوافدة بداية من البطالمة إلى العثمانيين، لذا باتت «البيروقراطية»، مع مر العصور أداة ضبط وتقييد وتعطيل وحصار وعقاب، والأهم «الجباية»

  • الشفرة السرية للبيروقراطية المصرية «7»

    (1)

    نجح كل من محمد على والاحتلال البريطانى فى تجاوز النظام الإدارى الذى عرفته مصر عبر العصور منذ الفراعنة إلى ما قبل الدولة الحديثة. والذى «تحور» مرات عدة ليستجيب لأنظمة الحكم الوافدة منذ البطالمة وإلى محمد على وأنظمتها الاقتصادية المتغيرة/المتعاقبة (مرورا بالرومان والولاة والطولونيين والإخشيديين والفاطميين والأيوبيين والمماليك والعثمانيين).. وعلى الرغم من الطبيعة الحداثية لهذين النظامين، واعتبارهما نقلة نوعية حاولا بهما أن يؤسسا لجهاز إدارى مصرى يتناسب والدولة الحديثة المصرية بحسب محمد على، والدولة العصرية التى تلائم الاحتلال البريطانى.. إلا أن التحديث لم يطل إلا مساحات ثلاثا… فما هى هذه المساحات الثلاث؟ وما تعنيه لنا؟

  • الشفرة السرية للبيروقراطية المصرية «8»

    (1)

    عندما قررنا أن نعالج «المسألة البيروقراطية» فى مصر، شرعنا فى دراسة التكون التاريخى للجهاز البيروقراطى المصرى، ومساره التاريخى. إيمانا بأنه لا مفر من إنجاز هذه المهمة حتى يمكن فهم ما آل إليه هذا «الجهاز العتيق» من «ترهل»، بحسب الوصف الذى استخدمته القيادة السياسية ـ مؤخرا ـ لوصف الإدارة المصرية، ومن ثم إنجاز التحديث المطلوب. يضاف إلى ما سبق أنه، ومن خلال الخبرة العملية التى أتيحت لنا، اكتشفنا أن هذا الترهل تتم حمايته من خلال كهنة المعبد الإدارى الذين يقبضون على أسرار العملية الإدارية بصورة تعوق التغيير. وأن هناك شفرات «كلية وجزئية، وعلوية وسفلية»، لابد من حلها لفهم مفاتيح البيروقراطية المصرية وكشف أسرارها.

  • الشفرة السرية للبيروقراطية المصرية «9»

    (1)

    كان مطلع السبعينيات نقطة تحول كبيرة فى تاريخ البيروقراطية المصرية. فمع الانفتاح الاقتصادى (أعلن عنه للمرة الأولى فى 21 إبريل 1973) أجرت «البيروقراطية» أكبر «تحور» لها على مدى تاريخها منذ الفراعنة. «تحور» يضاف إلى جملة «التحورات» التى قامت بها لتتكيف مع أنظمة الحكم الوافدة بما كانت تحمله من أنماط اقتصادية (بداية من البطالمة، مرورا بالرومان، والطولونيين، والإخشيديين، والفاطميين، والأيوبيين، والمماليك، والعثمانيين، ثم مع دولة محمد على رغم التحديث الذى أقره، وفترة الاحتلال البريطانى، وأخيرا مع الاستقلال الوطنى)؛ لتستمر امتيازاتها كما هى. بيد أن تحور البيروقراطية المصرية ـ فى هذه المرة ـ قد حصل فى ظل نظام حكم وطنى. ولكنه كان مضادا لثورة يوليو ودولتها الناصرية.

  • الشفرة السرية للبيروقراطية المصرية (2)

    (1)

    فى مقالنا، الأول، الاستهلالى، حول الشفرة السرية للبيروقراطية المصرية، قدمنا مدخلا للموضوع يعكس أولا: تاريخية جهاز الإدارة المصرية ومدى ارتباطه ببزوغ الدولة المصرية، من جهة. وكيف استطاع هذا الجهاز على مدى العصور أن يكتسب دورا مؤثراـ سلبا وإيجاباـ فى حياة المصريين، من جهة أخرى. أخذا فى الاعتبار تعاقب أنظمة حكم وافدة بداية من البطلمية مرورا بالرومانية للطولونية والإخشيدية والفاطمية والأيوبية والمملوكية والعثمانية. ثم ما يمكن اعتباره نقطة تحول هامة مع محمد على بتطبيقه لائحة السيستنامة كإطار منظم لأمور كثيرة بما فيها الجهاز الإدارى كأحد أعمدة الدولة الحديثة المصرية الثلاثة، إلى جانب الجيش الوطنى ومؤسسات الحداثة. كما حاول مقالنا أن يعكس ثانيا: مدى اعتلال صحة الجهاز الإدارى المصرى من خلال استدعاء عدد من المقتطفات الإبداعية تلخص ملاحظات كبار مثقفى مصر

  • الشفرة السرية للبيروقراطية المصرية (3)

    (1)

    «الجهاز الإدارى»، «الأداة الحكومية»، «التنظيم الإدارى»، «الميرى»؛ مصطلحات متعددة يمكن أن نعبر عن كل منها بتعبير «البيروقراطية». ولا يمكن لدولة ـ ما ـ أن تدير شؤون الحياة اليومية لمواطنيها دون أن يكون لديها: «جهاز» أو «أداة» أو «تنظيم» يؤمن العملية الإدارية اليومية والممتدة فى حياة هؤلاء المواطنين على كل الأصعدة: السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، شريطة أن تكون هذه الإدارة فى أفضل حالاتها من حيث: الجودة، والسرعة، والعدالة…

  • الشفرة السرية للبيروقراطية المصرية.. (6)

    (1)

    «الجهاز العتيق»، تعبير عبقرى أطلقه يحيى حقى على البيروقراطية المصرية. نعم عتيق، لأن جذوره تعود إلى زمن الفراعنة. ومسيرته هى مسيرة طويلة وممتدة من «التضخم» و«التورم» الذى يباعد بين الحاكم/ السلطة وبين المحكومين/ المواطنين، منذ الفراعنة إلى يومنا هذا. ثلاثة أسباب ساهمت فى ذلك كما يلى: السبب الأول؛ طبيعة تأسيس الجهاز الإدارى الذى قام على ثلاثة ملامح أساسية لم تفترق عنه تاريخيا: «الهرمية والتراتبية والجندية» (راجع تفسير ذلك فى مقالاتنا السابقة)… والذى ظل يزداد تضخما فى هرميته وتراتبيته وجنديته مع كل نظام حكم وافد بعد زمن الفراعنة، أى بداية من العصر البطلمى، مرورا بالرومانى، والطولونى، والإخشيدى،

  • الشفرة السرية للبيروقراطية المصرية...(1)

    (1)

    البيروقراطية المصرية ـ أو الجهاز الإدارى المصرى-عتيقة وعريقة…عتيقة؛ لأنها كانت أداة تأسيس الحضارة المصرية، من جهة، وذراعا أساسية لحكام مصر، من جهة أخرى، سواء من: أهلها «الفراعنة أولا ثم الحكام الوطنيين فى الدولة الوطنية الحديثة قبل وبعد الاستقلال فى القرن العشرين»، والوافدين «عبر العصور من البطالمة إلى العثمانيين». وعريقة؛ لأنها تؤدى أدوارا تتجاوز الأدوار المتعارف عليها للجهاز الإدارى، خاصة فى لحظات التحدى المجتمعية من حيث: ضبط النهر والتوزيع العادل للماء، تماسك المجتمع، وتعبئة الجماهير، وتطبيق ما تكلف به من مشروعات السلطة المتعاقبة التى تتفاوت فى جديتها التنموية وفق رؤى أصحابها، وتوزيع المنافع العامة على المحكومين/ المواطنين… إلخ.

    (2)

    ولا شك أن البيروقراطية التى تأسست مع دولة محمد على كان لها دورها البارز فى بناء الدولة الحديثة التى رسمت لنفسها مسافة من الدولة العثمانية، مكرسة استقلالا وطنيا بدأ بإنشاء جيش وطنى، وتملك المصريين ثرواتهم، وتأسيس مؤسسات الحداثة وفق مشروعات تنويرية أطلقها حسن العطار والطهطاوى وعلى مبارك…إلخ. ولا شك أن محمد على بما أقره وعُرف «بقانون السيستنامة»

  • الشفرة السرية للبيروقراطية المصرية(11)

    (1)

    «…رغم كل الأطوار وتقلبات الأحوال وإعادة التنظيم وحلول أشخاص رئيسيين أو ثانويين مكان آخرين، إلا أن التكوين كله استمر مصدرا للقوة والمتانة، وبث التأثير. ورغم ضيق بعض الجهات الأخرى إلا أن ثمة وعيا شاملا لا يمكن تحديد مصدره أو منبته يرسى حقيقة يعيها الجميع أنهم فى حاجة إلى حضور هذا الكيان الراسخ، المشع، الحائز على الثقة، إن مثوله هكذا يضفى قوة على تكوينات أقل شأنا مع أنها اعتق والزم!»… بهذه العبارات المكثفة العميقة والعالمة، لخص جمال الغيطانى أهمية «الكيان البيروقراطى» المصرى. الكيان الذى وصفه «بالمؤسسة» فى روايتيه: «حكايات المؤسسة»، و«حكايات الخبيئة»، (2002)، على التوالى…


    وهو وصف جديد ينضم إلى مجموعة الأوصاف التى ذكرناها فى دراستنا الممتدة على مدى 10 حلقات حتى الآن فى محاولة لكشف شفرات البيروقراطية المصرية و«تحولاتها/تحوراتها» أو: «الميرى»، أو «الأداة الحكومية» أو «الجهاز الإدارى»، أو «الجهاز العتيق»، أو «التنظيم الإدارى»، أو جهاز الخدمة المدنية،…، إلخ. فلقد مرت بالبيروقراطية المصرية أنظمة سياسية متعاقبة/ متنوعة كما يلى: وطنية (المصرية القديمة/الفرعونية)، ووافدة مستعمرة (من البطالمة والرومان إلى العثمانيين). ووافدة انحازت لإبقاء مسافة من الباب العالى:«مشروع محمد على»، فالاحتلال البريطانى. وأخيرا مرحلة الاستقلال الوطنى.

    (2)

    واستمرت «المؤسسة/الجهاز البيروقراطى»، ونقتطف مرة أخرة من الغيطانى قوله: «…رغم من كل الهنات والوعورات، وبدا الموضوع متصلا بجوهر خاص نجح المؤسس فى إرسائه وتقوية دعائمه، بحيث تظل المنشأة قادرة على البث، مشعة، حتى فى أوقات الشدة التى تمر بها، وترسخت قناعة عند الكافة أنها لو تعرضت للتصفية فستظل موجودة بشكل ما، بهيئة ما، وسيظل من يحرص على التعلق بها والسعى بها هنا وهناك»… فبالرغم من التعاقب المتنوع للأنظمة السياسية الوطنية والوافدة والمستقلة والمستعمرة، إلا أن البيروقراطية المصرية ظلت مؤسسة حاضرة تؤدى دورها التاريخى من جانب فى ضبط النهر وممارسة الإدارة المركزية للبلاد. ومن جانب آخر «التخديم» على أنظمة الحكم المتعاقبة باقتصاداتها المختلفة وحصار المواطن بشتى الطرق… إلى أن تحولت تحولها الكبير مطلع السبعينيات فصارت شريكة للقوى الاجتماعية الريعية الطفيلية. وهى لحظة تاريخية شهدت تراجعا فى التصنيع وتفكيك القطاع العام إلى آخر ما فصلناه فى مقالينا الأخيرين…والسؤال الذى يفرض نفسه هنا ما عمق أزمة البيروقراطية المصرية الراهنة؟

    (3)

    هذا السؤال فى واقع الأمر، يختصر طرح الكثير من الأسئلة والتى منها: أولا: ما هى بالضبط طبيعة العلاقة بين البيروقراطية ورأس المال الجارى: الداخلى والخارجى؟. ثانيا: هل كل عناصر الجهاز البيروقراطى يمكن أن نتعامل معها باعتبارها لونا واحدا متماثلا فى مصالحه واختياراته؟ ثالثا: هل يمكن تطوير الجهاز الإدارى بمعزل عن إحداث تغييرات فى البنية الاقتصادية القائمة وتوجهاتها وسياساتها؟ رابعا: وهل يمكن تطوير الجهاز الإدارى بمعزل عن فهم ما طرأ عليه من تحولات وعلاقات متشابكة مع باقى القوى الاجتماعية التى تمثل للسلطة القائمة؟ خامسا: وهل كاف أن تصدر تشريعات ذات طابع إجرائى ـ تنظيمى محض لتطوير الجهاز الإدارى التليد؟ سادسا: هل يمكن الاكتفاء بالدورات التدريبية التى ينظمها وسوق لها تكنوقراط الرطانة الذين يعنون بالمهارات بمعزل عن فهم واقع المجتمع كوسيلة وحيدة فى تطوير الميرى؟…، إلخ…

    (4)

    بالطبع لا يمكن الإجابة عن كل هذه الأسئلة فقط نشير إلى ما يلى: «إن الإصرار على الأخذ بسياسات اقتصاد السوق، فى وجود شراكة اقتصادية بين أصحاب المصلحة وتوظيف الجهاز البيروقراطى فى تنفيذ هذه السياسات بالرغم من التناقضات التى تتكشف فى لحظات معينة فى مسائل تتعلق بترشيد عمليات الاستيراد، أو أنشطة المناطق الحرة، أو سياسات التسعير،…إلخ. إنما يؤدى إلى عملية اختلال كبرى يصعب معها اتخاذ قرارات لابد من اتخاذها»… فأحيانا بحسب أحد الباحثين، يقدم أصحاب المصالح امتيازات لقمة الجهاز البيروقراطى، لاسترضائها كى تستمر فى تدعيم التوجه العام لحركة رأس المال. ولا يمكن فى هذه الحالة منع من فى القمة من تضفير علاقات متشابكة مع القطاع الخاص المحلى والعربى والأجنبى». تزداد أهمية من فى القمة إذا كان فى الأصل مهني/تكنوقراط، حيث تزداد قيمته فى زمن غياب التصنيع الوطنى. ومن هنا اتسعت الفجوة بين الدخول بين أعضاء القمة البيروقراطية وأعضاء قاعدتها الدنيا. لذا كان التعويض يتم من خلال القبول ببرامج معاونة من الخارج تمثل بيروقراطية موازية لما هو قائم. أو الاجتهاد فى تشكيل لجان نوعية وصرف مقابل حضور لاجتماعاتها تسهم فى تقليل الفجوة «الداخلية»… ويعد كل ما سبق تناقضات تعكس إشكاليات مركبة بكل المعايير…وأظن أن الإشكالية الأهم هو أن الشرائح المتوسطة والصغرى فى جهاز البيروقراطية المصرية والذين يمكن اعتبارهم «النواة الصلبة» للجهاز العريق/العتيق، تمارس دورا مزدوجا. الأول: ثورى عندما تطالب بحقوقها الاجتماعية والاقتصادية وتتضامن مع المتضررين من الاستبداد واللامساواة من الطبقات الاجتماعية الأخرى. والثانى: محافظ ومانع للتغيير عندما تدعم التوجهات الاقتصادية المتسببة فى الفجوة بين القلة الثروية والأغلبية من المواطنين…إنها إشكالية تتجاوز أفكار التدريب وإصدار اللوائح الإدارية… وهنا ننهى رحلتنا مع الميرى…ونواصل…

     
  • الشىء الذى لا يعود إلى أصله أبداً!

    (1)

    هناك حزمة مفردات ومصطلحات يتم تداولها فى كل مجال من مجالات العمل. تكاد ترقى هذه الحزمة إلى أن تكون «لغة» خاصة لا يعرفها إلا المنخرطون فيها. ففى كل مهنة هناك لغة تميز التواصل بين من يمارسها. بداية من توصيف الأعمال المختلفة، وأسماء العدد المستخدمة، إلى الخامات المستخدمة،…، إلخ. وعندما عملت بالمحليات (أغسطس 2011) لم أكن أتوقع أن قطاعا إداريا من قطاعات الجهاز الإدارى تكون له لغته الخاصة والمغلقة التى لا يعرفها إلا أصحابها.. وإذا كانت بعض المفردات فى كثير من المجالات يمكن معرفتها لأن أربابها يستخدمونها، فإن كثيرا من المفردات التى يتم استخدامها فى المحليات لا يعرفها الجمهور لأنها تعد لغة خاصة يتم تداولها داخل المغارة الإدارية. ولا يمكن معرفتها ما لم تدخل هذه المغارة.

  • الصامتون ينطقون

    (1)

    عقب حرب 1967، أجرى الرائد الاجتماعى الكبير الدكتور سيد عويس دراسة غير مسبوقة عنوانها: «هتاف الصامتين: ظاهرة الكتابة على هياكل المركبات فى المجتمع المصرى المعاصرـ 1971»، حيث قام بجمع ما يكتب على خلفيات السيارات من كتابات وشعارات، وقام بتحليل مضمون لمحتواها وتصنيفها موضوعياً، كذلك مصادر هذه العبارات. حيث وجد بعضها مستمدا من الآيات الدينية، وبعضها من الأغانى، وبعضها من الأمثال الشعبية… إلخ، واستنتج كيف أن المصريين قد لجأوا إلى هذه الوسيلة كى يعبروا عما بداخلهم من مشاعر ومطالب وتطلعات بشكل يحمل النصيحة والكلمة الطيبة والمعانى الإنسانية المتنوعة.. فلقد جعلوا هذه الشعارات «تنطق بالنيابة عنهم»، خاصة أنهم استطاعوا بعبقرية شديدة،

  • الصحافة الورقية: تكوين.. والرقمية: تمكين

    عندما يتعامل مليار مواطن على ظهر الكرة الأرضية مع تقنية «اليوتيوب» شهريا، بحسب إحصائيات حتى نهاية عام 2016، لابد أن يطرح العقل اليقظ الكثير من الأسئلة حول: مستقبل القراءة؟، ومستقبل الإعلام المقروء؟، وهل انتهى «الزمن الورقى» لصالح «الزمن الرقمى»؟... فى هذا السياق انشغل المعنيون باقتصاديات الصحافة فى العامين الأخيرين بدراسة مستقبل الصحافة الورقية. وهل فى طريقها إلى «الانقراض» أمام «القفزات» بل «الطفرات» التى يشهدها الإعلام الإلكترونى عموما، والصحافة الإلكترونية على وجه التخصيص..

  • الصحافة.. مهنية وثقافة

    (1)

    هانى دانيال سليل مدرسة نجيب المستكاوى

    «سلسال» الإبداع المصرى دائم التجدد فى شتى المجالات.. فى هذا السياق نقدم مجموعة أخرى من الأسماء التى أظنها مثلت إضافات ثرية فى حلقات سلسلة من قدموا مساهمات متميزة ولافتة فى الآونة الأخيرة

  • الصهيونية المسيحية (1) تاريخها ومسارها

    كشف كثير من المقاربات لمسألة القدس- إلا فيما ندر- غيبة الإدراك التام للمسألة بمستوياتها المتنوعة. بالرغم من كثرة الدراسات التى تناولتها على مدى عقود. وبالمثل الخلط بين المصطلحات والمفاهيم. والأخطر هو التناقل الآلى- دون تدقيق- فى مدى دقة المصطلح. وهو الدرس الأول الذى تعلمته عندما بدأت فى التعامل مع الشأن الأمريكى فى منتصف التسعينيات، من خلال دراسة قانون الحرية الدينية حول العالم. وهو القانون الذى بموجبه تُعطى الولايات المتحدة الأمريكية نفسها الحق أن تتدخل فى شؤون دول العالم- عندما تستدعى مصلحتها ذلك- الداخلية.