المصرى اليوم

المصرى اليوم

  • الأحزاب والغياب (4): أحزاب التجمعات الأولية والكتل التصويتية

    تعثرت المسيرة الحزبية المصرية عن الانطلاق لسببين هما: الأول: ارتباط تأسيس الأحزاب بالدولة. أي أن تأسيسها في عام 1976 جاء بقرار فوقى من الحاكم. والذى جاء راسماً من خلال «هندسة» سياسية عدد الأحزاب واتجاهاتها: يمين (حزب الأحرار) ويسار (حزب التجمع) ووسط (حزب مصر). وفى مرحلة لاحقة قرر الحاكم أن يعيد «هندسة الحياة الحزبية»، وذلك بتبنى نظام الحزبين الكبيرين بتأسيسه الحزب الوطنى وهو في الحكم. ليس هذا فقط بل قام بالتوقيع على عريضة حزب المعارضة التي أنس إليها. أما السبب الثانى فهو تبنى صيغة حزبية حاكمة من عنصرين هما: الحزب الوطنى ممثلاً لـ«الثروة» وفى المقابل الجماعة ممثلة لـ«الدين» منذ 1995، أو ما أطلقت عليه مبكراً: «حكم الثروة والدين».. وهى الصيغة التي استنسختها النخبة بعد 25 يناير- بوعى أو بغير وعى- من خلال الأحزاب الثورية والأحزاب الدينية.

  • الأحزاب والغياب.. (3) التحول الحرج

    (1) «التحول الحرج»؛ مفهوم طرحه رالف جولدتما (أستاذ العلوم السياسية بجامعة سان فرانسيسكو) من رصده للصراعات التى تنشأ بين النخب المتنوعة، وجماعات المصالح، والأجيال، والطبقات، والمذاهب، والأديان، والمؤسسات المختلفة.. إلخ، فى أكثر من بلد، عقب لحظة توحد بينهم فى مواجهة الاستبداد. ففى اللحظة التى تشهد فيها الدول/ المجتمعات تحركا شعبيا ضد الاستبداد. حيث ينجح هذا الحراك فى «خلخلة» الاستبداد ــ بدرجة أو أخرى ــ ومن ثم إخراجه خارج المعادلة السياسية فى تلك اللحظة التى تعد تاريخية بكل المعايير. نجد أنه وفى اللحظة التالية لنجاح التحرك المضاد للاستبداد، أن القوى التى تشاركت فى مواجهة الاستبداد تختلف وتتعارك وربما تحتكم إلى السلاح فى خصومتها.. ومن ثم «يتعثر» أو «يتأزم» أو «يصبح حرجا» أو أقرب إلى «المخاض العسير»: «التحول إلى الحالة الديمقراطية».


    (2) وتتسم المرحلة الحرجة بتزايد الخصومات، والانقسامات، وربما يصل الأمر إلى استخدام العنف المادى بين أطراف المعادلة السياسية. وبدلا من الشراكة الوطنية فى مواجهة الاستبداد بتجلياته المتنوعة: السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية، والدينية، فإننا نجد تحاربا بينهم. فالكتلة المدنية، بالمعنى السياسى، المقاومة للاستبداد، على اختلاف عناصرها، تختلف فيما بينها. ويدخل على الخط ما أُطلق عليه بقايا أنظمة الاستبداد. وفى المجمل، نحصل على مشهد حرج وصراعى بامتياز.. ولكن لماذا ينشأ الصراع؟.

    (3) أولا: لظن قوى الجديد أن موازين القوة قد استقرت ومن ثم يمكن أن تتوزع المغانم. وثانيا: أن أنظمة الاستبداد التى تكونت عبر زمن لن تستسلم بسهولة حتى وإن تم الإطاحة برؤوسها. فهذه الأنظمة تتشكل من شبكات الامتيازات المغلقة ذات الأموال الوفيرة، والكيانات التقليدية المحافظة التى تتوافق حول مقاومة التغيير والتجديد وإن اختلفت الدوافع. وثالثا: التدخلات الإقليمية والعالمية. ورابعا: ضعف المجتمع المدنى وانسداد المجال العام ببعديه السياسى والمدنى.

    (4) وملاحظة جولدمان الأساسية هى أن الأحزاب السياسية هى القادرة على استيعاب الاختلاف ومن ثم القدرة على التفاوض المدنى/ السلمى بين الشركاء/ المتحاربين فى «الفترة الحرجة».. وأن الدول التى كان لديها حركة حزبية فاعلة استطاعت أن تستبدل التفاوض بالتعارك، والتوافق بالتخاصم، والحوار بالعنف، والعكس صحيح.. ومن ثم عبور التحول الحرج من السلطوية إلى الحالة الديمقراطية الشاملة التى تمنح الدول/ المجتمعات الاستقرار الحقيقى.

    (5) ويبدو لى أن التشوهات التى طالت الأحزاب كونها خرجت من عباءة «السلطة الشمولية» فى تأسيسها الثانى عام 1976، ثم من قماشة «الهيمنة النخبوية» بعد حراك 25 يناير، قد حالت دون أن يكون لها حضور فاعل. لذا كان الغياب. ويبدو لى أيضا أن التحديث الذى جاء من فوق مع محمد على ــ مع تقديرنا له وتفهمنا التام لإنجازه ــ وخروج الطبقة الوسطى المصرية من رحم الدولة الحديثة كان بمثابة إعاقة بنيوية فى تطور الأحزاب المصرية.. كيف؟

    (6) فلقد كان حضورها الحزبى: النخبة/ الطبقة الوسطى يعنى استحضار ظروف النشأة السلطوية/ الدولتية. وهو استحضار يتناقض مع قيم المجتمع المدنى والديمقراطية والحداثة والقيم الدستورية والجمهورية. وعليه أصبحنا نرى أحزابا تمارس أدوارا غير سياسية. فالأحزاب التى أطلقنا عليها الأذرع السياسية للكيانات المالية هى أقرب لأن تكون جماعات مصالح. ذلك لأن العضوية الغالبة هى لرجال المال والأعمال. كذلك الأحزاب التى تمثل الأذرع السياسية للدعوات الدينية هى أقرب لأن تكون تجمعات طائفية. إذن نحن أمام أحزاب أحادية الانتماء. وهناك الأحزاب التى هى أقرب إلى المنتديات الثقافية. وهناك أحزاب أقرب إلى الجماعات الدفاعية عن مصالح المرأة، والأقباط، والشباب. كما أن هناك أحزابا هى فى جوهرها ملتقى للشخصيات العامة. ويضاف إلى ذلك الأحزاب التى هى أقرب إلى الروابط الفئوية، والأحزاب العائلية.. إلخ. والأهم عدم وجود أحزاب تعبر عن الشأن العمالى أو الريفى باعتبارهم طبقات اجتماعية لها مصالح أكثر تعقيدا من مجرد الخدمات المباشرة. وفى المحصلة نجد غيابا حقيقيا للأحزاب.. وحضورا «للتنظيمات الأولية».. ومحاولة ملء الفراغ «بأشباه تشكيلات»: هشة، ومتنافرة، وغير معبرة إلا عن أصحابها. ومن المنطقى ألا يكون لديها أى تصورات: برنامج سياسى متكامل...والأهم فى مرحلة التحول: قدرة تفاوضية لعبور الأزمات. قدرة تفاوضية ليس بمعنى «حل المشكلات على طريقة جلسات الصلح العرفية» وإنما بمعنى التوافق على قواعد قيمية ومؤسسية تصب لصالح التطور الديمقراطى. وهى عملية غاية فى التعقيد.. نفسرها فى مقال لاحق.. ونواصل.

  • الأحزاب والغياب... (5): نحو نظام حزبى فاعل

    إذن، لا مفر من أن يتحقق تطور ديمقراطى دون تفعيل للعملية الحزبية. نعم هناك إعاقات تتعلق بظروف الـتأسيس الثانى للأحزاب الذى تم فى 1976 وذلك أن الأحزاب خرجت من عباءة السلطة السياسية. كما أن الأحزاب التى نشأت بعد حراك 25 يناير2011، كانت أقرب للأذرع السياسية لـ«الشبكة»: شبكة الامتيازات المغلقة الثروية، من جهة. وللكيانات الدعوية الدينية، من جهة أخرى. وعلى رأس هذه الكيانات «الجماعة». والتى كانت على مدى عقدين تمثل «المحلل السياسى» للحزب الحاكم فى ثنائية حزبية معقدة: «ثروية ـ دينية». وفى المجمل كانت الأحزاب فى تكوينها أقرب إلى ما وصفناه: بـ«أحزاب التكتلات التصويتية والجماعات الأولية». ما نجم عنه ما يعرف بـ«التحول الحرج».

  • الأحزاب والغياب...(1) من السيطرة الشمولية إلى الهيمنة النخبوية

    (1)

    مرت خلال هذا الشهر الذكرى الأربعون لإعادة تأسيس الأحزاب. ففى 1976 قام الرئيس السادات بتحويل المنابر الثلاثة التى تكونت فى 1975:منبر اليمين، ومنبر الوسط، ومنبر اليسار، إلى أحزاب ثلاثة هى: حزب مصر (منبر الوسط)، وحزب التجمع (منبر اليسار)، وحزب الأحرار (منبر اليمين). ويعد هذا التأسيس التاريخى هو الثانى التذى تعرفه مصر بعد التأسيس الأول الذى تم فى عام 1907 من القرن الماضى. وقد مرت هذه المناسبة ــ لن أقول فى صمت ــ ولكن فى هدوء شديد. إلا من احتفالية التجمع، وندوة نظمها مركز الأهرام

  • الأحزاب والغياب...(6): نزعة «اللاتسييس» تدمر الحزبية والسياسة معًا

    «نزعة اللاتسييس»؛ تعبير أطلقه المنظر والمناضل السياسى الإيطالى أنطونيو جرامشى (1891 ـــ 1937)، فى وصف الكتلة المجتمعية التى لا تعرف أن تنظم نفسها من أجل الدفاع عن مصالحها الاقتصادية والاجتماعية. ويعود عدم معرفتها إلى غياب الوعى بمصالحها ومن هم خصومها الاقتصاديون، أو أنها غير قادرة على التفاوض المجتمعى، عبر قنواته المتعارف عليها وعلى رأسها الحزب، لإدارة مصالحها إما لأنها لم تدرب عليه أو تخشى نتائجه، أو لأن المجتمع لم يدخل بعد الحداثة ومن ثم تسلم الكتلة المجتمعية أولى الأمر إدارة شؤونها،

  • الأدب يحذرنا مما يحدث فى الريف

    «الأقاليم مدن طاردة».. و«الريف حاضن للفكر الوهابى».. و«المؤسسات الثقافية الإقليمية لا تريد أحدا جادا»، «وبعض هذه المؤسسات الثقافية معادٍ للثقافة».. والأقاليم ـ إجمالا ـ «فقيرة ثقافيا وفنيا وحضاريا».. كلمات جاءت على لسان الأديب رضا البهات فى ملحق الكاتب الأدبى الملحق المتميز ـ الذى تنشره جريدة «المصرى اليوم»، كل خميس.. ويعد إطلالة على إبداعنا الأدبى المعاصر وأجياله الجديدة.

  • الأرض: «جماعة إنسانية» لا «شركة»

    (1) «اقتصاد الحرب الدائمة»
    عندما يكون الإنفاق العسكرى لكل من الولايات المتحدة الأمريكية، والصين، وروسيا ــ على التوالى: 750، و250، و100 «مليار دولار» سنويا. وباقى الدول السبع أو الثمانى الكبار فى المتوسط حول الـ60 «مليار دولار» سنويا، مضافا إليها إسبانيا حيث تنفق ما يقرب من 20 «مليار دولار» سنويا على التسليح..

  • الأمم المتحدة والمواطنة

    (1)
    عن المواطنة الشاملة فى البلدان العربية

    عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائى صدر تقرير التنمية الإنسانية العربية لعام 2019 تحت عنوان: «حتى لا يتخلف أحد عن الركب: نحو المواطنة الشاملة فى البلدان العربية»؛ (50 صفحة). وكأحد المعنيين بقضية المواطنة ومتابع، منذ وقت مبكر، لأدبياتها: النظرية والتطبيقية؛ أسعدنى اهتمام تقرير التنمية الإنسانية بقضية المواطنة وواقعها فى البلدان العربية وعلاقتها بخطة التنمية المستدامة للعام 2030 والموجهة لكل المواطنين ــ دون تمييز ــ التى تؤكد على «عدم تخلف أحد عن الركب».

  • الأنبا موسى: المحبة والانفتاح

    (1)

    الأنبا موسى، أسقف الشباب فى الكنيسة القبطية (1938 ـ……)، أمد الله فى عمره، إحدى الشخصيات المصرية البارزة فى تاريخنا المعاصر. منذ اللحظة الأولى التى عرفته فيها، منتصف عام 1980، ارتبطت به ارتباطا وثيقا وإلى الآن. كان سبب الزيارة، أننى كنت بدأت بحثا عن «حركة مدارس الأحد من منظور سوسيولوجى»، وكنت أتطلع لإجراء حوار معه باعتباره أحد رموز الحركة. ذهبت إليه وأنا أحمل تفكيرا ولغة تعكس ثقافة مدنية بالتمام، فلم أكن مصنفا كنسيا. بيد أننى وجدت أمامى رجل دين مختلفا يجمع بين «القلب الكبييير، والعقل المستنييير» (لا يوجد خطأ حيث أنى أتعمد تكرار الياء لأصف طبيعة الأنبا موسى منذ عرفته إلى اليوم عن مدى اتساع هذا القلب وانفتاح هذا العقل)…

  • الأوسمة والبسبوسة

    (1)

    الدراما التليفزيونية تقترن بشهر رمضان الكريم حصريا.. ففى «الزمانات» كان الإنتاج الدرامى التليفزيونى لا ينقطع على مدى العام. فما إن ينتهى عرض مسلسل حتى تجد آخر يُعرض مباشرة وهكذا.. ولكن فى السنوات الخمس الأخيرة أصبح شهر رمضان هو الشهر المعتمد لعرض الدراما التليفزيونية دون غيره من شهور السنة.. وأصبح من المألوف أن تجد ما يقرب من 70 مسلسلا جاهزا للعرض فى رمضان، وأن تخصص المحطات التليفزيونية معظم ساعات البث الخاصة بها لعرض أكبر عدد من هذه المسلسلات.. الأكثر من ذلك أن أسست هذه المحطات التليفزيونية إلى جانب قنواتها العامة، قنوات متخصصة فى عرض الدراما.. بل إن بعضا من هذه المحطات أسس قناتين متخصصتين فى الدراما التليفزيونية..

  • الإدارة فى المغارة «3» «اللى تشوفه معاليك»!

    (1)

    فى يومى الأول بالمحليات، جمعت قيادات المحافظة كى أعرض لهم تصوراتى التى اجتهدت فى إعدادها على مدى أسبوع حول منهج العمل المستقبلى. كذلك رغبتى الصادقة فى أن أسمع منهم، فى ضوء خبرتهم، ملاحظاتهم عن المدى الذى يمكن أن نصله فى ضوء ما هو متاح من موارد: مادية وبشرية، من جهة. وظروف صعبة، من جهة أخرى. مستفيدا من كل ما اختبرته فى عملى التنموى فى الفترة من 1986 إلى 2007، سواء كميسر للعمل التنموى على المستوى القاعدى، أو مقيما للمؤسسات والمشروعات التنموية.. وبعد ما يقرب من الساعة عرضت فيها تصوراتى من خلال عرض بالشرائح المعينة. وما إن انتهيت طلبت من الحضور رأيهم من واقع خبراتهم الميدانية. فجاءنى ردهم، الذى كان أقرب إلى «كورال موسيقى» عالى التدريب، فى صوت واحد وبهارمونية بديعة: «اللى تشوفه معاليك»!.. حاولت مرة أخرى،

  • الإدارة فى المغارة (2).. الذاكرة المؤسسية

    (1)

    تتحرك الإدارة المؤسسية الحديثة وفق تصورات تحكم هذه الحركة. تبدأ أولاً: من الفلسفة الإدارية التى يتم اختيارها، والخطط الممتدة والوسيطة والقصيرة، والسياسات العملية، والكيفية التى تحقق أهداف المؤسسة، والهيكلية المناسبة، والتوصيف الوظيفى لكل موقع من مواقع هذه الهيكلية… إلخ. ويشترط ثانياً: أن تكون هذه التصورات موثقة بشكل مكتوب، ومتاحة وقابلة للتداول عند اللزوم. ذلك لأن هذه التصورات ما إن تتحول إلى واقع عملى من خلال «دولاب العمل اليومى» يتم تقييم- ثالثاً- الأداءات والممارسات على أرض الواقع حتى يمكن إحداث التصويب المطلوب إذا ما لزم الأمر.. ولكى تكون العملية متكاملة لابد من توثيق كل مراحلها فى صورة تقارير دورية تتسم بالتكامل بين البعدين: الكيفى والكمى.. ويعرف كل ما سبق: بـ«الذاكرة المؤسسية» للكيان الإدارى.. ويشار هنا إلى أن القوانين واللوائح المنظمة فى هذا

  • الإدارة فى المغارة (6) «السرية والطاعة وكفاية الأداء»

    هل تتذكرون مسرحية السكرتير الفنى للعبقرى الذى أعشقه فؤاد المهندس، عندما كان يفاوضه المتميز جدا نظيم شعراوى كى يتولى مسؤولية الشركة التى يديرها مع العظيمة شويكار. حيث قال له إن أول صفة من صفات رجل الأعمال هى: «الكتمان». فكان المهندس يعيد ترديدها بطريقته: «الكتماااان».. أذكر أننى تعرضت لموقف أثناء عملى فى الإدارة المحلية يشابه هذا الموقف، حيث تذكرت رد فعل فؤاد المهندس، واستعادتى لما قام به، بينى وبين نفسى.. يتلخص هذا الموقف فى أنه قد جاء موعد إعداد التقارير السرية التى يتم ملؤها من قبل رئيس العمل منفردا عن الموظفين فى كل قطاع. ثم يتم توقيعها من الرئيس العام للعمل. وهى التقارير التى يتم ملؤها بصورة نمطية. حيث يتساوى الجميع فى التقدير الذى يكون فى الأغلب: «امتياز». وهو التقدير الذى يضمن مبلغا متواضعا، وربما ترقية.. حاولت من خلال النقاش مع المعاونين أن ننجز هذا العمل بصورة جماعية وموضوعية.. وحاولت أن أشير إلى أنه غير منطقى ولا طبيعى أن يتساوى الجميع فى التقدير.. كانت ردة فعل المعاونين هى أن «السرية» طبيعة كتابة التقارير.. وقيلت لى بطريقة، تكاد تكون درامية. وأنه لا يمكن تغيير ما هو مستقر.. ما جعلنى أتذكر فؤاد المهندس، وأردد عقب استماعى لمنطق المعاونين وحجتهم: «السرية».

  • الاستبداد «الطبيعي»

    «1»

    الاستبداد ينتج عن أيديولوجية مغلقة، أو دفاعاً عن مصالح قلة، أو تحقيقاً لمصالح قوى خارج البلاد: إقليمية أو دولية، أو كل ذلك معاً. فمتى لا يرى الحاكم والنخبة التى يتبعها إلا الأيديولوجية التى تحكمهما «خاصة إذا اتشحت الدين»، والمصالح الضيقة للبعض من المواطنين والتواصل مع مخططات إقليمية ودولية تكون على حساب المسألة الوطنية فإن الاستبداد يكون «طبيعيا».

  • الاستعلاء الأبيض الأمريكى

    (1)
    الخوف الكبير يتجدد

    رصد الباحثون فى الأعوام الثلاثة الأخيرة «تجدد استشراء التعالى الأبيض حيال الملونين السود» فى الولايات المتحدة الأمريكية. فبالرغم من النضال الممتد ضد «العرقية» على مدى عقود كانت ذروته حركة الحقوق المدنية التى انطلقت فى الستينيات. وكانت تعبر عن تنظيم النضال المدنى ضد التمييز والتى أثمرت نصوصا تشريعية تؤمن المواطنة التامة بعنصريها العدالة والمساواة ومن ثم الحياة الكريمة. وبالرغم من تمكن أحد رموز المجتمع المدنى وصفوة متعلميها، من السود، من الصعود إلى أعلى موقع سياسى/إدارى فى البلاد هو موقع الرئاسة الأمريكية، وأقصد باراك أوباما. إلا أن الخطيئة الأمريكية الأصلية «American Original Sin» أو العبودية وإرث الاستعلاء الأبيض الأمريكى (راجع دراسة بنفس العنوان فى فورين أفيرز نشرت فى يناير/ فبراير 2018) بقى حيا ومتجددا وقابلا للاشتعال متى توفرت النية والرغبة والمصلحة.. وهو ما تحقق فى الزمن الترامبى؛ أو زمن الخوف الكبير بحسب ما بات يتردد فى الكثير من الأدبيات والمحافل.. لماذا؟.

  • الاقتصاد وضرورة تصحيح المسار باتفاق اليمين واليسار

    أجرت «المصرى اليوم» حوارين مع اثنين من كبار الاقتصاديين المصريين: الأول مع الدكتور حازم الببلاوى، وذلك على مدى ثلاث حلقات (12 و13 و14 أكتوبر الجارى).. والثانى مع الدكتور جودة عبدالخالق (21 أكتوبر الجارى).. والقارئ للحوارين سوف يدرك كيف اتفق كل من الأستاذين على أن الاقتصاد المصرى فى حاجة إلى تصحيح المسار، هذا بالرغم من أن أحدهما ينتمى لليمين والآخر لليسار.. فقد تضمن كل من الحوارين كلاما قيما ومهماً، فى محاولة لتوصيف وتقييم السياسات الاقتصادية بشكل موضوعى ووطنى.

  • البابا فرنسيس وتجديد الرسالة والدور

    (1)

    بهدوء ونعومة ومعرفة حديثة، وقبل ذلك بتواضع شديد ومن خلال ممارسات روحية لافتة، يقوم البابا فرنسيس بابا الفاتيكان ـ أول بابا غير أوروبى منذ 12 قرنا ـ بتجديد الفاتيكان قبلة الكاثوليكية فى العالم. التجديد يتم هذه المرة من الداخل أو فى المركز بواسطة البابا القادم من الأرجنتين، أو الجنوب/الأطراف بالمعنى الاقتصادى بحسب مدرسة التبعية التى انطلقت من أمريكا اللاتينية… كانت محاولات التجديد قد انطلقت من أمريكا اللاتينية على موجتين قبل أن يحملها البابا الجديد إلى داخل الفاتيكان… الأولى: فى عام 1955 عندما عقد الأساقفة الكاثوليك مجمعهم الثانى ـ تاريخيا ـ ليعلنوا عن الوضع غير الإنسانى الذى تعانى منه مجتمعاتهم بسبب الديكتاتورية وانحياز ا

  • البحث العلمي الزائف

    (1)
    «الأصالة» و«الزيف»؛ قيمتان تحكمان كل شىء في حياتنا اليومية. فهناك، دوما، الأصيل الذي يتسم بالعراقة، والعمق، والنقاء، والبقاء. ما يزيد من قيمته مع مر الأيام..

  • البحر الأبيض المتوسط.. استراتيجيًا

    (1) المتوسط: ما أروعه
    من أول وأكثر البحار التى عنى بها حقل دراسات الجغرافيا السياسية البحر الأبيض المتوسط. لذا اكتسب أهمية قصوى باعتباره نموذجا رياديا فى كيفية دراسة البحار. ويعود الفضل فى هذا المقام إلى المؤرخ الفرنسى «فرناند برودل» 1902ـ 1985؛

  • التاريخ غير قابل «للمونتاج»

    (1)

    «التقليل» مما جرى فى مصر خلال السنوات الأخيرة أصبح مهمة مقدسة من قبل البعض، حيث يقومون بها بمنهجية مركبة، تعتمد على أمرين هما: الأول: تقديم حجج تبدو منطقية حول الديمقراطية ومدى مواءمتها لنا. من أمثلة هذه الحجج نذكر منها ما يلى: «أثبتت التجربة أن المصريين مش جاهزين للديمقراطية»، «كيف يمكن أن تمارس الديمقراطية فى مجتمع نصفه من الأميين؟»… أما الأمر الثانى فيقوم على: التشكيك فى حراك 25 يناير وتمرد 30 يونيو، وذلك بضربها فى مقتل من خلال: التشويه، والتشكيك والتفكيك…