المصرى اليوم

المصرى اليوم

  • التحرش الطبقى

    اتصلت بى إحدى طالبات مدارس اللغات العريقة. وعرفت عن نفسها ومدرستها. وتُعرف المدرسة تاريخيا بأنها مدرسة تضم أبناء وبنات العائلات «المستورة»؛ أو بلغة أخرى الطبقة الوسطى التى لديها فائض مالى، ليس ضخما، ناتج عن أعمال مهنية فى الأغلب. حيث أهالى الطلبة «مهنيون»- فى الأغلب- أو أصحاب تجارة متوسطة، أو من كبار الموظفين،...، إلخ. بالإضافة إلى أن هذه المدرسة تحديدا تعد من المدارس التى قدمت نموذجا راقيا لكيف تكون العملية التعليمية على مدى ما يقرب من 150 عاما.

  • الترجمة مدخلنا إلى العصر: الحاجة إلى خريطة معرفية (2)

    تحدثنا فى مقالنا السابق عن مدى الانقطاع، الذى حدث عن جديد إبداعات العقل الإنسانى فى العديد من المجالات.. وأن مدارسنا القومية فى العلوم الاجتماعية والسياسية والتاريخية.. إلخ، قد توقفت عن متابعة الجديد منذ مطلع التسعينيات.. وأظن أنه حدث هذا بعد تعثر حركة الترجمة عن مواكبة هذا الجديد.. و«الترجمة لدينا ليست أن يجيد البعض لغات أجنبية، ويقوموا بعملية الترجمة بشكل انتقائى.. وإنما الترجمة لدينا هى «مكون أساسى من مكونات مشروع علمى ومعرفى ينبغى أن يتابع ويرصد ويتفاعل مع جديد المعرفة الإنسانية بشكل منهجى متواصل وشبكى»، لأن الموضوع الواحد بات من الصعوبة أن تنسبه إلى علم بعينه.. لذا نرى ما نراه فى بحوثنا العلمية من ابتعاد حاد عن الموجات المتتالية والمتعاقبة من مدارس الفكر وأجيال العلماء والباحثين والاجتهادات الجديدة.

  • الترجمة مدخلنا إلى العصر: محنة البحث العلمى (1)

    يأتينى بشكل مستمر باحثون من داخل مصر وخارجها طلباً للمساعدة فيما يعدون من أبحاث، يرون أن لدىّ ما أقدمه لهم.. ولاحظت كيف أن معظم الباحثين القادمين من الخارج يملكون ناصية البحث الذى يعملون فيه، من حيث الخريطة المعرفية الأساسية للموضوع قيد الدراسة من حيث: أهم مَن كتب فيه، وأهم من تناوله.. كذلك قدر من المعرفة اللغوية بالعربية، قراءة أو كتابة أو الاثنتين معا..

  • التطهير الثقافى أو التدمير المتعمّد للدول

    كما هى العادة فى بلداننا تمر القضايا والموضوعات المهمة مرور الكرام، دون اهتمام أو إدراك لما تسفر عنه من تداعيات أو للتعلم من الدروس المستفادة.. فى هذا السياق صدر مطلع هذا العام كتاب «التطهير الثقافى: التدمير المتعمد للعراق».. حيث يعلن المخفى ويفصح عن كل ما هو مسكوت عنه فيما يتعلق بما جرى فى العراق عقب احتلالها.

  • التعليم بالمذكرات..

    كانت السيارات تسير ببطء شديد، كما هى العادة فى شوارع القاهرة هذه الأيام.. بيد أن الأمر طال أكثر من اللازم.. وظننا أن هناك حادثة تعطل السير.. ثم سرعان ما تبينا أن هناك طابورا بشريا ممتدا على أحد المحال التى لها أكثر من واجهة.. وكانت الغالبية الكبرى من الواقفين من الشباب والشابات.. وتملكنى الفضول لمعرفة سبب هذا الطابور.. فأوقفت السيارة وترجلت وهالنى ما رأيت..؟

  • التعليم بطريقة «على بابا»

    (1)

    الحديث عن التعليم فى مصر حديث ذو شجون.. فالراصد للكيفية التى يلهث بها الآباء وراء أولادهم: صباحا فى التعليم الرسمى، ومساء من خلال الدروس.. يدرك حجم الكارثة التعليمية فى مصر.. أخذاً فى الاعتبار- وكما أشرنا- أن ميزانية الدروس تعادل الميزانية الحكومية المخصصة للتعليم فى مصر، أى أننا نتكلم عما يتجاوز «الخمسين مليار جنيه» سنويا.. والسؤال الذى من المنطقى أن يفرض نفسه: ما عائد هذا كله؟

  • التغيير .. من أين يبدأ؟ «ثقافة التساؤل» (2)

    (1)

    فى مطلع السنة الفائتة، 2009، كتب الشاعر الكبير أدونيس، واصفا حال بلداننا ما نصه «يبدو لى العالم العربى، أكثر من أى وقت مضى، كأنه ضاحية فقيرة فى المدينة الكونية: مدينة العلم والتقدم والحرية».. إن الفجوة الآخذة فى الاتساع بدرجة «متضاعفة» هى دافعنا للحديث عن ضرورة التغيير.

  • التغيير.. من أين يبدأ؟ (1)

    (1)

    يقول أحمد لطفى السيد فى مقال له بعنوان «العام الجديد» نشر فى سنة 1913 «بالناسفى الجديد من الزمان رغبة وإليه شوق.. كأن حاضرنا يثقل علينا حمله، نرغب فى
    الفرارمنه إلى غيره.أو لأن النفوس شيقة إلى معرفة ما يكنه المستقبل فى الصحائف المطويةوراء حجب الغيب
  • التقدم بين "المؤسسية"و"الأبوية"

    تشهد مصركثيراً من المواقف والأحداث التي تعكس فى مجملها التناقض الذى نعيش فيه ويمثل إعاقة حقيقية للتقدم ..تناقض بين منظومتين منظومة تجديدية وأخرى تقليدية ..تتسم الأولى بالمؤسسية والقبول بالقانون مرجعية حاكمة للجميع والتأكيد على إعمال العقل والأخذ بالتنظيم والمعرفة العلمية .. أما الثانية فتقوم على الأبوية (كبير القرية أبا العمدة) والشخصنة, والعرفى والبدائى كذلك الفهلوة والتواكل والركون الى الغيبيات.. إنه التناقض الذى وصفه أحد العلماء البريطانيين مرة (تشارلز سنو) من خلال محاضرة ألقاها عام 1959 عرفت باسم “الثقافتان”, فى معرض تحليله للمجتمع البريطانى آنذاك, حيث لاحظ أنه يتسم بالانقسام بين ثقافتين: الأولى “علمية متجددة” والثانية “تقليدية راكدة”.

  • التقدم.. بين التغير الشكلى والتحول والتحور

    انشغلت الإنسانية: شعوبا ودولا، بفكرة التقدم. وزاد الانشغال «بالتقدم» مع الإبداعات المادية والثقافية التى حققها الإنسان فى نضاله مع الطبيعة، وقوى وبنى الاستبداد المختلفة: الاقتصادية، والسياسية، والدينية... إلخ. فلقد حررت هذه الإبداعات الإنسانية من الأساطير الثقافية التى كانت تروج أن الإنسان يدور فى حلقة خبيثة وأن مآله هو الموت. ذلك لأن الحياة الأرضية ما هى إلا محطة عابرة. وعليه لا توجد ضرورة من النضال ضد الظلم، ولا الكفاح من أجل تحسين الأوضاع والأحوال المعيشية والحياتية، ولا إطلاق العنان للعقل من أجل الابتكار المادى والثقافى.

  • التنمية العادلة

    «التنمية العادلة»؛ قضية كوكبية تاريخية ومصيرية. انشغل بها العقل الإنسانى على مدى العصور وباختلاف أنظمة الحكم. ومع نهاية الألفية الثانية أصبحت قضية القضايا، خاصة، مع فشل السياسات الاقتصادية من تأمين «العدالة» وتفاقم «اللامساواة» و«حدة التفاوت» فى «توزيع الدخل والثروة بين الأثرياء وباقى الفئات. ليس فقط فى البلاد النامية أو الفقيرة ولكن ربما بصورة صارخة فى الاقتصادات المتقدمة».. حول هذه القضية الساخنة، بلور الأستاذ الدكتور عثمان محمد عثمان، رؤية متميزة حول الإشكالية وتداعياتها فى السياق المصرى فى مؤلفه: «التنمية العادلة: النمو الاقتصادى، توزيع الدخل، مشكلة الفقر»، (إصدار روابط للنشر وتقنية المعلومات ــ 312 صفحة ــ 2016).

  • التوتر الديني: تحولات جادة وتراجعات حادة

    مع كل واقعة توتر دينى تحدث على أرض مصر المحروسة.. مصر التعددية.. يحتار المرء ماذا يكتب. فلقد اجتهدت، مع غيرى، ومن قبلنا أساتذتنا، فى فهم أسباب التوترات وتداعياتها، كذلك محاولة تقديم الحلول المناسبة لها. ولكن كان هناك، دوما، «تعالٍ» على هذه الاجتهادات. ما أدى إلى أن نصل إلى وضع «صراعى مفتوح» ينزع فيه طرف إلى إقصاء الطرف الآخر ويسلبه، ليس حق العبادة فقط، وإنما حق الوجود من خلال قتل الآمنين وتدمير ممتلكاتهم. وما مشهد الصلاة فى الشارع على الموتى وسط الأطلال إلا شاهد على خطورة الأحوال، خاصة أن كل هذا يتم فى إطار المجال العام وعلى مرأى ومسمع من الجميع. وهو مشهد- أظنه- يختلف كليا عن بدايات انطلاق التوترات الدينية فى سنة 1970. فمن هجوم مخطط من قبل جماعات العنف كان محل إدانة جماعية إلى نزعة تدميرية تقابل بصمت مثير. ما يدفع كل وطنى مخلص إلى ضرورة الانتباه إلى أن هناك تحولات جادة فى طبيعة التوترات الدينية من جهة. ومن جهة أخرى إلى تراجعات حادة فى معالجتها. وأصلا فى ضرورة الوقاية منها.

  • الثقافة العلمية: الطريق إلى المستقبل

    «التاريخ يتذكر العلماء وليس قاضى محكمة التفتيش الذى أجبر جاليليو على إنكار معتقداته العلمية».. «لا إبداع بلا حرية ولا علم بلا تمويل».. «شاركت فى المظاهرات الطلابية، والباحث لا يجب أن يكون منفصلا عن واقعه السياسى».. «العلم فى طريقه للتحكم فى بناء الجزيئات وتصميم أدوية جديدة قادرة على مواجهة السرطان وألزهايمر».. «البروتينات البشرية تحل لغز معظم الأمراض فى المستقبل».. «السياسيون يجهلون أهمية العلوم والبحث العلمى، وللأسف العلم لن يجلب السلام للبشرية».

  • الثورات المصرية (1) : عن الثورات لماذا ومتى وضد مَن يتحرك الناس؟

    «وأصبحت الأرض تدور كعجلة صانع الفخار».

    هذه العبارة قالها الحكيم المصرى القديم إيبور فى وصفه لأول خبرة ثورية عرفها التاريخ البشرى. ففى مصر الفرعونية وفى أعقاب الأسرة السادسة، أى حوالى عام 2280 ق.م قامت أول ثورة شعبية فى التاريخ ضد اليأس والظلم والطبقية والإقطاع، ومنذ هذا التاريخ استمرت الثورات والانتفاضات، ليس فقط فى مصر وإنما فى العالم كله.

  • الثورات المصرية (2) : عن الثورات «التمرد الجماهيرى المزمن»الثورات المصرية

    «نود أن تعلموا أننا لم نسلم أبدا أنفسنا لكم، لا فى أيام والدكم ولا فى أيامكم، وحيث إننا نقوم بما هو مطلوب منا فلا نحنى أنفسنا أمام أحد» ولن.

    هذه العبارة تحفظها لنا إحدى البرديات التى تبين لنا عزة نفس الفلاح المصرى من جهة، كما تعكس لنا أنها كانت السمة العامة التى ميزت الروحية التى اتسم بها الشعب المصرى على مدى حقب تاريخية ممتدة، فالثورة الأولى على الإقطاع التى أشرنا إليها فى المقال السابق، التى جرت فى الأسرة السادسة الفرعونية، سوف نجدها تتكرر مرة تلو الأخرى حتى باتت ظاهرة مستمرة خاصة مع نهاية العصر البطلمى (القرن الأول ق. م).

  • الثورات المصرية (4): هبات الفلاحين المتكررة فى زمن المماليك

    تسجل لنا كتب التاريخ أن مصر وقت العصر المملوكى الذى امتد من منتصف القرن الثالث عشر (1250م) إلى تأسيس الدولة العثمانية مطلع القرن السادس عشر (1517م)، عاشت عصرا شابه التدهور الاقتصادى والاجتماعى فى العموم. لذا كان هذا العصر يتسم بالهبات المتكررة من فئات المجتمع.

  • الثورات المصرية (5) : الوعى بالاستقلال فى مصر العثمانية

    تشير كل الكتابات حول مصر العثمانية (1517 – 1805) إلى أنها الفترة التى تبلورت فيها «إرهاصات الاستقلال» لدى المصريين. ويقول أحد الرحّالة إن «التمردات والهبّات التى تقوم بشكل متكرر تشير إلى أن ثمة ناراً خفية تنتظر الأيدى القادرة على تهييجها حتى تنقلب لهيباً»، يكون قادراً على إحداث تغييرات جذرية فى بنية المجتمع، تغييرات لا يمكن أن تتم إلا بالاستقلال، وهو ما حدث فى الفترة العثمانية.. كيف؟

  • الثورات المصرية (6): عناصر القوة والضعف

    «الروح الثورية جزء لا يتجزأ من الشخصية المصرية،

    ولهيب الثورة مستمر دائما تحت رماد التربة المصرية»

    تلخص لنا هذه العبارة لأحد المثقفين المصريين الكبار (محمد العزب موسى) قصة ثورات المصريين أو نضال أهل مصر عبر العصور ضد الظلم والقهر. هذه القصة التى حاولنا أن نقدمها للقارئ الكريم على مدى حلقات خمس منذ الفراعنة عندما قاموا بأول ثورة على الإقطاع مرورا بالتمرد الجماهيرى الفلاحى المزمن فى العصر القبطى، وثورة البشامرة العارمة وقت الدولة الطولونية زمن العباسيين، وهبات الفلاحين المتكررة فى زمن المماليك، وأخيرا الكفاح من أجل الاستقلال وتفعيل «المصرنة» فى مواجهة «العثمنة» التى لحق بدولتها الفشل منذ القرن الأول لتأسيسها بفعل الامتيازات الأجنبية،

  • الثورات المصرية (7): تساؤلات حول اللحظة الثورية ومستقبلها

    «الثورة تطرح على بساط البحث من جديد المسلمات، بصدد غايات المجتمع التى نعيش وفقها»… لتجاوزها جذرياً

    عبارة قرأتها منذ زمن لـ«روجيه جارودى» فى كتابه «البديل» الذى قدم فيه تحليلاً راقياً، ومعتبراً لثورة الشباب فى فرنسا عام 1968.. أستعيدها الآن ونحن نتحدث عن مستقبل العملية الثورية فى مصر بعد أن أفردنا ست حلقات حول المسار الثورى المصرى منذ عصر الفراعنة إلى بداية الدولة الحديثة. المسار الثورى المصرى الذى تبينا أنه حالة مستمرة وممتدة عبر العصور، ناضل المصريون فيها سعياً لتجاوز واقع القهر والظلم والاستبداد والتخلف من أجل واقع جديد أكثر عدلاً ومساواة ومشاركة فى إطار دولة المواطنة. النضال الذى تجدد مطلع هذا العام مع انطلاق الموجة الأولى من الحراك الشبابى الشعبى فى 25 يناير الماضى.

  • الثورات المصرية(3) : «البشامرة» ثورة «عارمة» جامعة للمصريين

    «احلب الدر حتى ينقطع واحلب الدم حتى ينصرم»

    (1) يتداول المؤرخون هذه العبارة للتدليل على أنه ما إن ينصرف الحكام عن بناء الدولة المصرية المستقلة والنهوض بها كما هو الحال فى وقت الدولة الطولونية والإخشيدية، حتى تعمد السلطة المحلية أو بضغط دولة المركز إلى اللجوء إلى عمليات نهب وسلب للناس بشتى الطرق. ولم يكن الحكام يفرقون فى الظلم ومص قوت الشعب المصرى بين فرد وآخر. فكانوا يجمعون الجزية من الأقباط والخراج من المسلمين. ولم يحد التماثل الدينى من أن يدفع فقراء المسلمين ما يفرض عليهم من إتاوات مثل الأقباط.