الأوسمة والبسبوسة

(1)

الدراما التليفزيونية تقترن بشهر رمضان الكريم حصريا.. ففى «الزمانات» كان الإنتاج الدرامى التليفزيونى لا ينقطع على مدى العام. فما إن ينتهى عرض مسلسل حتى تجد آخر يُعرض مباشرة وهكذا.. ولكن فى السنوات الخمس الأخيرة أصبح شهر رمضان هو الشهر المعتمد لعرض الدراما التليفزيونية دون غيره من شهور السنة.. وأصبح من المألوف أن تجد ما يقرب من 70 مسلسلا جاهزا للعرض فى رمضان، وأن تخصص المحطات التليفزيونية معظم ساعات البث الخاصة بها لعرض أكبر عدد من هذه المسلسلات.. الأكثر من ذلك أن أسست هذه المحطات التليفزيونية إلى جانب قنواتها العامة، قنوات متخصصة فى عرض الدراما.. بل إن بعضا من هذه المحطات أسس قناتين متخصصتين فى الدراما التليفزيونية..

وبعيدا عن الجدل حول مدى جدوى تكثيف الدراما التليفزيونية فى شهر رمضان المعظم، وبعيدا أيضا عن أسباب ذلك.. هناك عدة ملاحظات نرصدها فى هذا المقام حول مضمون الدراما التليفزيونية.

(2)

أولى هذه الملاحظات، هو التقدم الكبير، «التقنى»، الذى تنفذ به الأعمال الدرامية فى كل المجالات: التصوير، والإضاءة، والإخراج.. ثانيا: تعدد نوعية الموضوعات، وتنوع المعالجات، والتطرق إلى مساحات غير مألوفة وغير نمطية، والجمع بين أكثر من نوعية من الموضوعات فى العمل الدرامى الواحد مثل: الأكشن والنفسى.. ثالثا: الحضور غير المسبوق للأجيال الجديدة فى شتى المجالات إلى جانب النجوم، بالإضافة إلى تذكر المنسيين مثل: مدحت مرسى، وجميل برسوم، وتقديمهم بشكل مميز.. رابعا: الاستفادة من الأعمال المسرحية العالمية الشهيرة وإعادة معالجتها دراميا لتصلح للعرض على حلقات من جهة، وتمصيرها لتناسب الواقع المصرى مثل العمل الذى يقدمه العبقرى يحيى الفخرانى فى مسلسل «دهشة» المأخوذ عن مسرحية الملك لير لشكسبير.. أو الاستفادة من أعمال الأدباء المصريين مثل صنع الله إبراهيم وأسامة أنور عكاشة… إلخ. خامسا: الاستفادة من «التكنيكات» الجديدة فى طريقة إعداد سيناريوهات المسلسلات وتقطيع المشاهد والانتقال من لقطة إلى لقطة: متزامنة أو متعاقبة.. كل ما سبق يسعد المشاهد فى أن الدراما المصرية تسير فى طريق صحيح، وأظن أن مسلسل المواطن إكس، الذى قُدم منذ ثلاثة مواسم، كان نقطة انطلاق لمسيرة الدراما المصرية، للاعتبارات التى ذكرناها.. هذا لا يعنى أنه لا توجد مسلسلات دون المستوى ما هى إلا «قص ولزق» من الأفلام المصرية الأسود والأبيض.. إلا أن هذا طبيعى مع كم الإنتاج الضخم الذى تتم صناعته.

(3)

يبقى أن نقول: «ما إن تتاح مساحة حرية للمبدعين تجد إبداعا معتبرا، ليس فقط فى مكون واحد من مكونات العملية الإبداعية، وإنما فى كل مكوناتها».. كذلك ولأن هناك جيلا جديدا تعلم جيدا فى شتى المجالات الفنية، وانفتح على جديد العالم فإن النتيجة الطبيعية أن نجد أعمالا فنية متميزة تتجاوز الأساليب القديمة.. ما يضمن تجددا للمهنة بعناصرها، شريطة التحرر من كل قيد من جهة، والاستمرار فى مواكبة إبداعات الآخرين والتعلم منها من جهة أخرى.. وتأمين المال المطلوب ووضعه بين أيدى المبدعين الجدد.

(4)

وظنى أن الحادث فى خط الإنتاج الدرامى يشير إلى أن «القابلية للإبداع والتجدد مشروطة بالحرية والانفتاح على جديد العصر، وإتاحة الفرصة للجيل الجديد أن يبلور تجربته الذاتية التى هى فى الواقع تجربة عصر، والتى تعكس أن زمنا جديدا آخذ فى التشكل».. ونتابع.

 

طباعة   البريد الإلكتروني
0
0
0
s2smodern