الأهرام اليومى

الأهرام اليومى

  • زمن "اليورو" المرير

    ’’إلى الفرح:
    يا جذوة الفرح، أيها القبس الإلهي الجميل...يا أيها الفرح ضم شمل النازحين والمتفرقين...فالناس جميعا إخوان، تظللهم بجناحك...أيها الفرح العلوي...ليحتضن البشر بعضهم بعضا،...‘‘...
    نظم، هذه الكلمات، الشاعر الألماني "شيلر" وقام بتجسيدها موسيقيا الموسيقار العظيم "بيتهوفن" وعرفت

  • زمن سقوط القداسة عن الرأسمالية

    «إن تاريخ الرأسمالية لا يعيد نفسه، لكن الرأسماليين يكررون أفعالهم».. بهذه العبارة استهل صديقى حوارنا الذى اتفقنا أن نخصصه حول مستقبل الرأسمالية.. ولم يمهلنى وقتا للتعقيب، حيث استثمر الوقت الذى أخذته فى تأمل هذه المقولة، ليطلق العديد من الأسئلة منها:

  • زمن سقوط القداسة عن الرأسمالية

    «إن تاريخ الرأسمالية لا يعيد نفسه، لكن الرأسماليين يكررون أفعالهم».. بهذه العبارة استهل صديقى حوارنا الذى اتفقنا أن نخصصه حول مستقبل الرأسمالية.. ولم يمهلنى وقتا للتعقيب، حيث استثمر الوقت الذى أخذته فى تأمل هذه المقولة، ليطلق العديد من الأسئلة منها: «ألم يحن الوقت بعد لإعادة النظر فى ما فعلته بنا الرأسمالية فى طبعتها النيوليبرالية التى انطلقت مع نهاية السبعينيات؟ وألا يكفى ما يقرب من مائتى أزمة مالية ـ اقتصادية دراماتيكية على مدى أربعة عقود لمراجعة الخيارات والسياسات الاقتصادية الكونية والمحلية؟ ولماذا العجز عن التصدى لكل من «السيطرة الصامتة» للمؤسسات المالية العالمية والشركات الاحتكارية، و»التحالف الناعم» بينهما والذى أدى إلى إخفاقات كبرى مأساوية؟ بإيجاز ألم تسقط القداسة عن الرأسمالية؟

  • زمن ما بعد الحقيقة.. السياسى والفلسفة والتاريخ

    لفت نظرى مبكرا، فى حالتنا المصرية والعربية، أن أغلب من يكونون فى موقع الإدارة لا يهتمون كثيرا بالرؤية الفكرية الحاكمة للعمل التى تحدد توجهاته، وأهدافه. فالمهم أن تستمر ماكينة العمل فى الدوران. وإذا ما تعثرت أو تعطلت يكون الهم الأكبر هو تدعيم من يدير العمل بالأفكار العملية فلا وقت للفلسفة أو التفكير فى أسباب التعطل، أو منع تكرار حدوثه..إلخ.

  • ساحات حرة.. وسياسات عادلة

    فى مطلع 2013 تفرغت لقراءة مجموعة من الكتب التى كتبها شباب التحرير عن تجربة حراكهم الذى انطلق فى 25 يناير 2011، ذلك فى محاولة لفهم ما جرى فى سياق دراسة موسعة عن الطبقة الوسطى و25 يناير من جهة

  • ست مهام ضرورية للتقدم

    تشير المتابعة الدءوبه لخبرات الدول التي قطعت شوطا في التقدم إلى أن هناك مهام أساسية يجب القيام بها تعد بمثابة الأسس المعينة لانطلاق الذات الوطنية نحو التقدم، هكذا تقول لنا تجارب كل من الهند وروسيا وماليزيا وجنوب إفريقيا وتركيا والبرازيل.

  • ستة مليارات فى ست ساعات

    هذه المرة، ذهبت إلى صديقى، فرحا، قائلا له: «لقد حدث ما كنت أتمنى أن يحدث». فقال لى ما هو» … أن تخرج شرائح الطبقة المتوسطة لتشترى شهادات الاستثمار الخاصة بمشروع قناة السويس الجديد… رد على صديقى: «وماذا فى هذا؟»…

  • ستينية تأميم القناة: تأسيس لزمن جديد

    الأحداث التاريخية التى أثرت فى مسار العالم، ومثلت نقطة تحول بين عالمين(دنيتين)، وأسست لعالم جديد. تظل حية،

    وتخضع للتحليل الدائم، وذلك فى ذاتها، مهما يطل الوقت، من جهة. وفى ما أحدثته من تغييرات طالت البنية السياسية الكونية بكل عناصرها، من جهة أخري... من هذه الأحداث، الحروب العالمية، وأزمة مثل أزمة الصواريخ الروسية فى كوبا والتى عرفت بأزمة خليج الخنازير، واتفاق «البينج بونج» التاريخى بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية، وحرب أكتوبر، وذروة الصراع بين القطبين الكبيرين: الاتحاد السوفيتى والولايات المتحدة الأمريكية، فيما عرف بحرب الكواكب والتى ترتب عليها تفكيك إحداهما،...،إلخ.

    فى هذا السياق، يأتى قرار «تأميم قناة السويس»، الذى اتخذه جمال عبد الناصر فى يوليو من عام 1956. وينطلق هذا الاهتمام من أن المجتمعات الحية ـــ لا الساكنة أو الاجترارية ـــ هى التى تعمل على مزيد من الفهم، وتعميق التحليلات، ومقاربة العديد من القضايا المرتبطة بالحدث، واستخراج الدروس المستفادة وترجمتها إلى نظريات وتوجهات وسياسات قابلة للتعديل. فالعقل الحى لا يعرف الإجابات الجاهزة، ولا يقبل التلقين، ويسعى دوما إلى طرح أسئلة جديدة ومن ثم إجابات مبدعة جديدة. لذا تصدر عشرات الكتب مع حلول ذكرى أى حدث من هذه الأحداث. يكفى أن نشير إلى مئات الإصدارات التى صدرت فى ذكرى مئوية الحرب العالمية الأولى مقاربة العديد من الزوايا. وقرار تأميم القناة من الأحداث التى حظيت بتقدير سياسى وأكاديمى شهدته بنفسى فى مرور خمسين عاما عليه. وها هو يتكرر فى الذكرى الستين. فالحدث لم يزل محل اهتمام وتقدير كبيرين ويخضع للتحليل واستخراج النظريات ومقاربة مفاهيم جديدة فى العديد من الحقول المعرفية.ونشير إلى خلاصة ما جاء فى بعض المصادر التى تعد مرجعا فى العلاقات الدولية».حيث تناولت «تأميم قناة السويس»، من زوايا عدة، كما يلي: 

    فمنها، أولا: من اعتبر قرار تأميم قناة السويس هو البداية التاريخية لعملية «تفكيك الاستعمار التقليدى التاريخي». ومن ثم إطلاق قواعد جديدة عادلة بين الدول تحل محل ما ساد بينها فى المرحلة الاستعمارية التقليدية من علاقات سلطوية. وهناك، ثانيا: من يركز على هذه القواعد الجديدة التى جاء بها قرار التأميم، والتى نرصدها فى قواعد ثلاث كما يلي:

    القاعدة الأولي: ضرب الامتيازات التى كان الاستعمار التقليدى يخص بها نفسه «قسرا» على حساب الدول والشعوب المُستعمرة: من نزح للثروات، واختطاف للعقول، والسيطرة على مقدرات هذه الدول كما هو الحال بملكية قناة السويس فى امتياز مجحف،...،إلخ.

    القاعدة الثانية: تحرير الدول من التبعية المطلقة للقوى الاستعمارية. والقاعدة

    الثالثة: ميلاد سيادة الدول ما يعنى تكافؤها مع الدول الاستعمارية فى المنظومة الدولية. والقاعدة الرابعة: اتاح المجال للدول المستقلة حديثا من أن تتجمع معا فى تجمعات تضم الدول ما عرف بالعالم ثالثية مثل: حركة باندونج، وعدم الانحياز، وتجمع الشعوب الأفروآسيوية،...،إلخ.وأن يكون لها موضع/موقع فى الساحة السياسية العالمية. 

    لقد أسس قرار ناصر، تأميم قناة السويس لزمن جديد/تاريخ جديد. أو «لحظة جديدة بعد استعمارية»، بحسب أحد الباحثين. «لحظة» فتحت الطريق أمام إعادة النظر لنقد الأسس الفكرية/الثقافية والسياسية والأخلاقية للنظام الاستعمارى القديم والتى بررت هيمنه الاقتصادية والعسكرية. أو بالأحرى محاكمته فيما فعله تجاه الشعوب التى استعمرهامن ممارسات غير انسانية. والأهم هو تعبئة هذه التجمعات الوليدة بالتحرك لكشف ومقاومة الممارسات الاستعمارية الجديدة فى مرحلة ما بعد الاستقلال. 

    فى هذا الإطار، تدين كل المصادر الحديثة الأكاديمية حالة التهور التى حكمت «شن حرب على مصر،...،فلقد كان قرارا غير منطقي، وسخيفا، وطائشا». كما أثبتت العملية أنها بكل المعايير...وتوظيف فكرة القانون الدولى لصالح الدول الاستعمارية لاستعادة حقوق الشركة المالكة للقناة بات أمرا مستهجنا ولا يمكن قبوله فى الأكاديميا ولا فى الأدبيات السياسية. فالقناة تقع «كليا ضمن الأراضى المصرية» وأنه آن أوان إعمال السيادة لأن الزمن الاستعمارى قد ولي. 

    كما أبطل قرار التأميم ــ بحسب أحد الاستراتيجيين ــ النظام المعرفى الاستعمارى الذى كان يُدرس فى الأكاديميات الأوروبية فى تبرير الامتدادت الاستعمارية للعقل الأوروبي. وحقوق هذه الدول فى ممارسة ما تراه مناسبا للاستئثار بما يملكه الآخرون.ليس هذا فقط بل دفع بتجديد نظريات العلاقات الدولية لصالح فهم طبيعة المرحلة الجديدة ما بعد الاستعمارية. وحقوق الدول البازغة فى ما تملكه. وأحقيتها فى أن يتم التعاطى معها بندية وتكافؤ... 

    وبعد، بينما تمر علينا هكذا تواريخ مشرفة وهامة ومؤثرة دون انتباه. نجد أن الآخرين يفردون الوقت من أجل المزيد من البحث والدراسة بعيدا عن سجالاتنا غير المثمرة والتى فى أغلبها تقلل من شأن نضالاتنا الحقيقية والتى هى الزاد الروحى والمعنوى الذى يدعم الدولة ويزيد من تماسك المجتمع...فالنسيان شأنه شأن خطر الإرهاب واتباع سياسات ثبت فشلها من الأمور التى تمثل تهديدا لأمننا ومصالحنا العليا...ونتابع... 

  • سمير مرقص عضو مؤسس للفريق العربى للحوار الاسلامى المسيحى آفاق الحوارات المسيحية - المسيحية والإسلامية - المسيحية

    انطلقت الحاجة إلى الحوار من قاعدة مفادها أن هناك حاجة موضوعية للتواصل بين الأطراف المتحاورة وذلك بعد أن اختبرت البشرية, وعلى مدى زمنى طويل أساليب ووسائل صراعية تعددت أسبابها, فمنها ما كان اقتصاديا واجتماعيا ومنها ما كان سياسيا أو كل ذلك معا. إلا أن تعدد الأسباب أكد تاريخيا أن المصالح, هى جوهر الصراع, والتى كثيرا ماوظف فيها الدين للتعمية وللتغطية على المصالح. لقد كان توظيف الدين يسهم فى تحويل النظر عن الأسباب الحقيقية للصراع ويغرق الناس فى الصراع العقدى,

  • سنة "الكورونا": انكماش اقتصادي وانتعاش فكري

    سنة 2020، هي السنة التي سيتم تسجيلها في سجلات التاريخ بانها "سنة الجائحة الكبرى"...أي السنة التي اجتاح فيها وباء "الكوفيد ــ 19"(الاسم المُستجد للكورونا) العالم مهددا، بحق، حياة سكانه...

        لم تنج دولة من دول العالم، أيا كان موقعها في سلم التنمية، من شر الجائحة التي شملت ــ ليس صحة البشرية فقط ــ وإنما مجمل عناصر حياة الإنسان/المواطن على سطح الكوكب... كما أوضحت الجائحة "انكشافا" حقيقيا على جميع الأصعدة يشير إلى مدى هشاشة النظام الاقتصادي العالمي القائم منذ عقود والذي يقوم على قيم غير عادلة تجلت في ضعف الأنظمة الصحية والرعائية والحمائية والوقائية في كل دول العالم دون استثناء...وهو ما أكده الواقع دون الخوف الوقوع في فخ التعميم...

  • سياسات الحماية الاجتماعية

    دولة الحماية الاجتماعية للمواطن، الفكرة التى نطرحها على مدى الثلاثة أسابيع الماضية، هى الفكرة، التى نظن، بدرجة أو أخرى، أنها قادرة على مواجهة الاختلالات المجتمعية المختلفة التى نتجت عن توجهات وسياسات خاطئة كانت دافعا لدورات احتجاجية متنوعة، ممتدة عبر عقد من الزمان، وأدخلتنا فى دورات انتقالية قيد الاكتشاف والاختبار.

  • سيد حجاب.. أَلم ٌوحُلم

    قبل يومين، فارقنا سليل النديم، وبيرم، وحداد، وجاهين، عمنا سيد حجاب ذروة التطور في شعر العامية المصري البليغة والعميقة. فارقنا في ذكرى حراك 25 يناير 2011 الكبير والممتد. وهو اليوم الذي كان أحد أركانه. ومنه انطلق تمرد 30 يونيو وكان أحد عناصره الفاعلة. حيث كلل جهده الوطني بكتابة «ديباجة» دستور 2014.

  • سيناريوهات لمستقبل العالم: فوضى، تعثر أو جسارة

    كشفت "الجائحة" الغطاء عن عورات"زمن الليبرالية الجديدة الفائقة" إذا ما استعرنا تعبير المفكر الفرنسي المرموق، والذي عمل مستشارا للرئيس فرانسوا ميتران مدة 20 عاما، العالم الاقتصادي والسياسي "جاك أتالي"(77 سنة). وهو الزمن الذي تبين مدى فداحةاختلالاته واخفاقاته. ما أدى إلى تجسيد إلى أي حد تعيش الإنسانية حالة من "الهشاشة التاريخية"، الغير مسبوقة، على جميع الأصعدة...

  • شبابنا وشبابهم

    تحدث معى صديقى مطولا حول ما تضمنه مقال الأسبوع الماضى «الشباب وثقافة الهواء الطلق». وأوجز ما قاله فى أننى أهتم كثيرا «بالمسألة الشبابية»، وأن الممارسات الشبابية من: تقليعات.

  • شبابنا وشبابهم

    تحدث معى صديقى مطولا حول ما تضمنه مقال الأسبوع الماضى «الشباب وثقافة الهواء الطلق». وأوجز ما قاله فى أننى أهتم كثيرا «بالمسألة الشبابية»، وأن الممارسات الشبابية من: تقليعات.

  • شبرا: تحولات المكان والبشر

    «شخصية الإقليم (المكان) كشخصية الفرد يمكن أن تنمو وأن تتطور وأن تتدهور..». هكذا يقول جمال حمدان فى كتابه العمدة «شخصية مصر: دراسة فى عبقرية المكان».
    ويدحض جمال حمدان ـــ بهذه المقولة ـــ التصور القائل بأن «المكان» ما هو إلا مساحة جغرافية محايدة نتحرك فيها...مساحة تتشكل ملامحها بمعزل عن الإنسان الذى يُقيم المكان ويعيش فيه. حيث تتأثر هذه المساحة: إيجابا وسلبا، وفق ما يطرأ على الإنسان من تغيرات: صعودا وهبوطا...وهو ما أثبتته الكثير من الدراسات والأعمال الأدبية التى اتخذت من «المكان» موضوعا للحديث والمعالجة. فمن خلال تشريح بنية المكان يمكن أن نستدل على الكثير من الحقائق والمعلومات التى تعكس «تحولات» البشر فى هذا المكان، ولماذا... ومن ثم الوطن.

  • شبكات المواطنة الجديدة

    تهدف شبكات المواطنة الجديدة إلى خلق حالة تواصل معرفية، ولاحقا عملية، بين مجموعة من المواطنين، حول قضية أو أكثر من القضايا التى تهمهم، بشكل مباشر. وهكذا تتبلور الديمقراطية من أسفل، أو الديمقراطية التشاركية، أو المواطنة الرقمية...

     

    شبكات المواطنة الجديدة؛ هى نمط من التنظيم الذى لجأت إليه شرائح وطبقات اجتماعية وفئات نوعية كى تعبر عن نفسها ومطالبها من خارج أشكال التنظيم النمطية المتعارف عليها تاريخيا. وذلك عندما وجدت هذه الفئات والطبقات أنها غير ممثلة أو لا يتم التعبير عنها من خلال هؤلاء المفترض أن يمثلوهم فى المؤسسات الديمقراطية التمثيلية المتعارف عليها مثل: البرلمان، والنقابات المهنية، والاتحادات النوعية... فمن جهة، تعكس هذه الشبكات، كيف أن هناك ـــ ما أطلقت عليه فى دراسة نشرت فى 2013 ــ الحركية المجتمعية الجديدة التى لم تعد عناصرها تجد نفسها فى الأشكال الديمقراطية التمثيلية التى باتت قديمة بالنسبة لها. ومن جهة أخري، إصرار العناصر المنتخبة لتمثيل المواطنين على التعامل معهم على أنهم زبائن، أو أذرع لأيديولوجيات: ثروية أو دينية، أو كتلة جماهيرية ذات صوت واحد. وهى حالات تجاوزها الواقع، لأسباب كثيرة، منها:

  • شرعية الجمهورية العادلة

    العدالة‏,‏ كقيمة وفكرة ومطلب واجب التحقق‏,‏ حلم الإنسان منذ القدم‏.‏ وقد نجح التحريريون أن يجددوا الاهتمام بها وأن يعيدوها إلي مركز الصدارة في الأجندة الوطنية‏.
     

    ومن أجلها بذلوا الكثير واستشهد وأصيب وفقد الآلاف من شباب الحركة الثورية المصرية منذ 25 يناير, وهو ما أدي إلي أن تلتزم القوي الثورية والسياسية بضرورة أن يكون العدل أحد مقومات جمهورية مصر الجديدة, حيث شرعيتها لن تكون لها قائمة إلا بتحقيق العدل عمليا في حياة المواطنين علي أرض الواقع في شتي المجالات.

  • شكسبير في أمريكا المنقسمة

    مهلا، أصدقائي القراء، لا يوجد أي خطا في العنوان...إنه عنوان أحد أهم الكتب التي صدرت في سنة 2020 بحسب أكثر من تصنيف من التصنيفات التي تقوم بها الصفحات الثقافية المعتبرة لكبرى الصحف العالمية في نهاية كل عام...

  • شيخ الأزهر وبابا روما فى أبو ظبى

    بدعوة كريمة من مجلس حكماء المسلمين، الذي يرأسه فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شاركت في فعاليات المؤتمر العالمي للأخوة الإنسانية على مدى يومي الأحد والإثنين الماضيين وذلك في أبو ظبي بالإمارات العربية المتحدة. وقد تم التخطيط للقاء، لمواكبة أمرين هما: الأول: مناقشة قضية الأخوة الإنسانية؛ وما يواجهها من تحديات، وما يعترضها من إعاقات في سياق عام التسامح الذي أعلنته الإمارات في 2019. الثاني: استقبال البابا فرانسيس بابا روما (المرجعية العليا للكاثوليكية في العالم) في زيارته الأولى من نوعها إلى شبه الجزيرة العربية. وفي ضوء نقاشات المؤتمر، والمشاورات بين بابا الفاتيكان ومولانا شيخ الأزهر، يتم الإعلان من أبو ظبي، عن وثيقة الأخوة الإنسانية وإطلاقها لشعوب العالم...أجمع


    وقد كان الخط الناظم والرابط بين الفاعلية المركبة وعناصرها متعددة المستويات، هو التأكيد على إعادة الاعتبار للتنوع، وتثمينه، والبحث عن سبل استنهاض الفعل الجماعي التعددي دون استثناء أحد. وتوجيه العمل الإنساني المشترك من أجل مستقبل أفضل للبشرية وتقدمها...

    فحمل المشهد في أبو ظبي، التأكيد على، أولا: الإمارات كحاضن تعددي لعديد من الثقافات تعيش وتعمل على أرضها (أكثر من 200 جنسية من مختلف أرجاء العالم تعيش وتعمل في الإمارات). وثانيا: دعوة كل ألوان الطيف الإنساني/الفكري لتبادل الأفكار حول الأخوة الإنسانية: منطلقاتها، والمسئولية المشتركة للأفراد والمنظمات المختلفة والحكومات في تحقيقها، والتحديات التي تواجهها، والفرص المتاحة والمبادرات المطلوبة لنجاح تفعيل الأخوة الإنسانية. وثالثا: تجسيد الأخوة الإنسانية، عمليا. وذلك من خلال اللقاء الروحي بين مرجعيتين روحيتين كبيرتين. ورابعا وأخيرا، إطلاق وثيقة مرجعية تنحاز للإنسان المعاصر. وتسعى لازدهاره وتقدمه من خلال تيسير الشراكة الإنسانية الكوكبية الفاعلة. ليس بين أهل الأديان فقط، وإنما بين المنتمين للثقافات المتعددة أيضا.

    وقد اجتهدت الورقة الفكرية الإطارية للمؤتمر (من خلال الجلسات وورش العمل) أن تلفت النظر إلى وجود تحديات تواجه الإنسانية، لا يمكن تجاهلها أو التقاعس في مواجهتها. ما يؤدي إلى نتائج سلبية خطيرة على العلاقات بين الشعوب والأمم المختلفة، وعلى الواقع بالتالي. وأنه لن يتسنى مواجهة التحديات إلا انطلاقا من، أولا: الإيمان المشترك بأن الإنسانية كلها عائلة واحدة، وأن الإنسان هو خليفة الله في الأرض، وأنه مؤتمن على عمارة الكون وسلامته حتى يرث الله الأرض ومن عليها...وثانيا: انطلاقا من أن رسالات السماء كلها تدعو إلى المحبة وإلى احترام كرامة الإنسان وحقوقه، وفي مقدمتها حقه في الحرية وفي الحياة الكريمة...وثالثا: انطلاقا من الإيمان بأن الاختلافات بين البشر قائمة ومستمرة بإرادة إلهية، وأنها غير قابلة للإلغاء، وأنها تستحق كل الاحترام والتقدير.

    ويعكس ما يمكن وصفه بالمنطلقات الموحدة الثلاثة السابقة؛ بدء تأسيس جديد يقوم على تجديد إعادة بناء جسور التعارف والتآلف والاحترام والمحبة، التي لابد منها من أجل عبور الإنسانية للتصدي معا للتطرف الفكري ولنتائجه التدميرية السلبية التي عانت منها الإنسانية طويلا. أو بحسب ما أطلقت عليه أخيرا النزعة التدميرية. والبدء فورا في عملية تفاعلية تقوم على إرساء قاعدة جديدة للشراكة الإنسانية المُبدعة بين أهل الأديان والثقافات المتعددة؛ تقوم على احترام التعدد والاختلاف وتوطيد عُرى الأخوة بين الناس، وبناء صرح الثقة المتبادلة بينهم، ومواجهة التحديات التي تفترض طريق الإنسانية نحو الازدهار والتقدم.

    نعم أتت الفاعلية المركبة بمبادرة إسلامية مسيحية إلا أنها: بما طرح فيها من أفكار وتفاعلات حية، تتجاوز حدود الانتماء الديني والمذهبي إلى الآفاق الرحبة للإنسانية بكل ما تتضمنه من ألوان طيف متنوعة (بحسب وصفنا لوقائع لما أطلقت عليه الفاعلية المركبة في إحدى الندوات الفكرية التي نظمتها سكاي نيوز العربية في متابعتها)...فالحضور لم يكن مقصورا على رجال الدين فقط وإنما كان هناك: المفكرون، والباحثون، والإعلاميون، والسياسيون،...،إلخ. كما كان هناك تمثيل للثقافات المتنوعة من كل أرجاء الدنيا. ما نقل الحوار من الدائرة الدينية المحض إلى دوائر فكرية شتى تعبر عن الحقول المعرفية المختلفة.

    كما حرصت الفاعلية المركبة على التركيز على الهموم الكثيرة التي تعاني منها الإنسانية بانتماءاتها المختلفة. ومن ثم التوصل إلى أفكار قابلة للتطبيق على أرض الواقع همها الإنسان وهدفها تقدمه، أي إنسان وكل إنسان. وكيفية تمكينه من مواجهة صور المعاناة المختلفة. إنها دعوة حضارية كوكبية جديدة تنتهج نهجا مغايرا لما عرفناه. وتعتمد إعادة هندسة مبتكرة، للعلاقة بين أطياف البشر، بعيدا عن الممارسات التصنيفية، وأحكام التمييز والإقصاء والغلبة والإكراه. والممارسات العُنفية المادية المباشرة ضد المختلفين.

    ومن الأمور التي يجب تسجيلها هو إدراك الورقة التحضيرية بأثر المصالح السياسية والاقتصادية والتكنولوجية على تفاقم الأوضاع في كثير من المناطق. ودور هذا التفاقم في إشعال النعرات الدينية والمذهبية. وعليه لابد من دق جرس الإنذار وايقاظ الضمير الإنساني لأهمية اصطفاف التنوع البشري واستنفار الأخوة الإنسانية من أجل المواجهة الشاملة لكل صنوف القهر والظلم والاستغلال والأوضاع البائسة من تهميش وعزل وتهجير...في هذا السياق ولدت وثيقة الأخوة الإنسانية، ذات الموقف النقدي، والمنحازة للإنسان وللإنسانية.