فى عام 2000 أصدرت كتابى «الحماية والعقاب: الغرب والمسألة الدينية فى الشرق الأوسط». حاولت أن أتتبع فيه مسيرة علاقة الغرب بالشأن الداخلى لدول المنطقة مع التركيز على البعد الدينى. وكان الدافع هو دراسة دوافع أمريكا فى إصدار قانون متابعة الحريات الدينية حول العالم.. وكانت الإشكالية البحثية الأولى التى واجهتنا لماذا يصر الغرب- تاريخيا- على وصف المنطقة بالشرق الأوسط؟، وما هى الحدود الجغرافية لهذه المنطقة؟، أو أين تبدأ وأين تنتهى؟،.. إلخ. وكانت الإجابة الحاسمة وفق الكثير من المصادر أن «الشرق الأوسط»؛ ما هو إلا «مفهوم، محض، استراتيجى»، أى دلالته سياسية أكثر منه جغرافية. لذا فهو تعبير «مطاط»، يسمح باستبعاد دول وضم أخرى بحسب المصالح الاستراتيجية الغربية.
تحت عنوان «نموذج تنموى بديل»، يُبلور الأستاذ الدكتور إبراهيم العيسوى فى الرسالة العاشرة من رسائله، حول مستقبل التنمية فى مصر، طبيعة ونوعية «التنمية السوية» المنشودة. فيحددها بأنها «التنمية المستقلة»، أى التنمية «المعتمدة على القوى الذاتية للمجتمع».. وبوضوح وحسم وصرامة- علمية وعرفية- يميزها عن «التنمية التابعة»، أو التنمية «الرأسمالية التابعة التى تتجسد فى النيوليبرالية التى أعادتنا باسم الانفتاح وباسم الخصخصة واقتصاد السوق وباسم الشراكات الاستراتيجية مع دول المركز الرأسمالى إلى عهود التبعية».. ولا سبيل لللخروج من الأزمة المستحكمة الناتجة عن الأخذ «بالتنمية التابعة» إلا «بتنمية بديلة»، هى «التنمية المستقلة». وإلا نكون مثل الذى لا يتعلم من دروس الماضى ومن الآخرين.. ويطرح العيسوى، بالأخير، رؤيته «للتنمية المستقلة».