الأخلاق مبحث أساسى فى الفكر الإنسانى. وقد ظلت تحظى بالاهتمام من حقول معرفية متعددة مثل: الفلسفة، وعلم النفس، وعلم الاجتماع. ولم يقتصر الاهتمام بالأخلاق على العلوم الإنسانية فقط، بل حرصت العلوم الطبيعية على أن يكون لها ما يعرف بـ«المواثيق الأخلاقية» Code of Ethics، تحكم التجارب العلمية، وممارسة المهن. إلا أن التجربة الشمولية بطبعاتها: النازية، والدولتية الاشتراكية، والشعبوية القديمة التى تتسم بالزعيم الكاريزماتى، والعنصرية قد حطمت وحاصرت وخدعت مواطنيها وعاملتهم كرعايا تابعين. كذلك الطبعة الشرسة من الرأسمالية أو الليبرالية الجديدة التى سادت منذ سنة 1979 قد جعلت من الحياة الإنسانية «سوق»، ومن القيم الأخلاقية «سلع».. والنتيجة، أنه فى الحالتين: الشمولية والرأسمالية الجامحة، انتزعتا روح الإنسان. ما جعل موازين القيم الأخلاقية فى اختلال.
لا يمر يوم إلا ونطالع ما لم يكن فى التخيل أو التوقع. أم تقتل أبناءها وأب يقتل زوجته. سجالات تتجاوز حدود اللياقة المجتمعية والقواعد المتعارف عليها. والأخطر أن تدور هذه السجالات فى أروقة لها تقاليد عتيدة وصارمة فى أصول الحوار ومضمونه، تبلورت عبر ممارسة رصينة تصب فى اتجاه الصالح العام. هذا ناهيك عن ضرب الحائط بكل ما هو إيجابى من قيم ترسخت فى الفكر والوجدان الجمعى للمصريين من احترام «جلال» الموت ومن ثم «ذكر محاسن الموتى» لا التشويه الهستيرى المؤلم. أو الفرح لفرح الآخرين والحزن لحزنهم.