العشرون سنة الأولى من القرن الـ21كانت كاشفة لإدراك مدى حدة الأزمة التى تتعرض الليبرالية: القيم والثقافة؛ والديمقراطية... وكنا قد عرضنا فى مقالينا السابقين لأهم المراجعات الغربية فى هذا المقام...ومن الأمانة أن نشير إلى أن هناك مراجعات عربية مثلت مساهمة معتبرة فى هذا السياق مثل التى قدمها الأخ الكبير والصديق العزيز المفكر والباحث الدكتور وحيد عبد المجيد الذى قدم مساهمتين معتبرتين حول الليبرالية والديمقراطية من خلال كتابيه: أولا: الليبرالية: نشأتها وتحولاتها وأزمتها ــ الهيئة المصرية العامة للكتاب، 2015. وثانيا: ديمقراطية القرن الحادى والعشرين.
قبل أن ينتهى العقد الأول من القرن الواحد والعشرين، أدرك الكثير من الساسة والمفكرين أن هناك عطبا أصاب العملية الديمقراطية فى بلاد المنشأ.
ومع حلول العقد الثانى للقرن الحادى والعشرين تضاعفت الأزمة مع ردة فعل المواطنين حيالها التى تجلت فى تحولات جذرية للممارسة المواطنية من حيث المضمون والشكل. فظهرت وتنامت الحركة المواطنية القاعدية الجديدة وذلك فى تجليات حركات احتجاجية ومطالبية وفئوية وقومية وشعبوية، وتأسيس أحزاب جديدة تماما أو أحزاب خارجة من عباءة الأحزاب التقليدية الليبرالية والمحافظة واليسارية والوسطية ــ يمينا ويسارا ــ التاريخية. وبدأت اللحظة التاريخية فى نهاية العقدين الأولين من الألفية الثالثة ــ بحسب أحد الباحثين ــ تسأل أهل الفكر والساسة وتستنطقهم حول أسباب الأزمة التى تتعلق بالعملية الديمقراطية من جهة، ومدى عمق التحولات التى طرأت على الممارسة المواطنية من جهة أخرى...الأمر الذى يستوجب حفرا عميقا لإدراك ما لحق بالبُنى الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية من تطورات أوصلت العملية الديمقراطية إلى حالة الأزمة من جهة، كما أدت إلى تحولات نوعية فى طبيعة الممارسة المواطنية من جهة أخرى.