الحق في «التَفَنُّن»

(1)
حق التعبير الفنى العام

أحد أهم الحقوق التى تتحدث عنها أدبيات المواطنة منذ أكثر من عقد من الزمان. فمن الأهمية بمكان أن يكون لدى المواطن مساحة كى يعبر فيها عما يراه يسعده من خلال المجال العام. وليس بالضرورة أن يكون المرء موهوبًا، لأن الموهبة لها طرق أخرى للتعبير والصقل. أو يستهدف الربح لأن ذلك له مسار مختلف. وإنما المقصود بالتعبير الفنى العام هو حق كل مواطن فى أن يكون لديه «فن» ما أو «صنعة» يشعر بالمتعة والفائدة من خلال ممارستها. ذلك لأن كل إنسان/ مواطن - مهما كان ذكاءه - لديه قدرات وطاقات كامنة فى حاجة إلى الانطلاق. ربما لا ترقى لدرجة الموهبة المتميزة أو النادرة. ولكن من حق صاحبها أن يعبر عنها «مدنيًّا» فى المجال العام. أى تعبير يتجاوز غرفته الضيقة وعوالمه الصغيرة كالعائلة أو الأصدقاء. والمقصود بذلك ألا تقتصر ممارسة الفنون على أصحاب المواهب فقط. وإنما تصبح متاحة للجميع دون تمييز...إنها «المواطنة الفنية» «Artistic Citizenship».

0
0
0
s2smodern

المدينة الإنسانية

(1)
«المدينة الإنسانية»؛ مصطلح أطلقه عالم أمريكى اسمه «جول كوتكين»، يعمل مديرا تنفيذيا لمركز «فرصة حضرية» بهيوستن، من خلال كتاب حمل عنوان: «المدينة الإنسانية: الحضرية للباقين منا ـ 2016». والحضرية «Urbanism»؛ التى يدعو إليها المؤلف تؤكد على حق الغالبية من المواطنين ــ أو ما أميل إلى وصفهم بالكثرة المواطنية من منظور فكر المواطنة ــ فى أن يعيشوا فى مدن «متحضرة» ذات «نفس إنسانى» وحضرى وجمالى. ويستهل أطروحته فى تأمل معنى المدينة والغرض منها وفق تنمية حضرية مستدامة تختلف جذريا عن التنمية الحضرية المتعارف عليها فى التخطيط العمرانى الكلاسيكى التاريخى الذى يعتمد المقاربة الهندسية الإنشائية/ المعمارية فقط دون غيرها والتى يصفها بالحضرية الرجعية «retro-urbanist». فالحضرية، لديه، تعنى مقاربة متعددة الأبعاد: سياسية، واجتماعية، واقتصادية، تتحقق فيها القيم الإنسانية/ المواطنية التى تشكل الحياة الكريمة للأغلبية.. أو ما بات يعرف لاحقا بالمدن العادلة.

(2)

و«المدن العادلة»؛ فكرة طورها المفكر العالمى الكبير دافيد هارفى، فى السنوات الأخيرة، حيث يؤكد ليس فقط على حق المواطنين فى مدينة حضرية ومتحضرة، وإنما مدينة تمثل ثورة حضرية. مدينة عادلة فى توزيع منافعها على الجميع، وتقدم نموذجا بيئيا نضرا مستداما متحررا من قيم وسلوكيات وسياسات الليبرالية الجديدة فى تسليع عناصر المدينة. وعليه، لا تترك مساحات الأراضى (أو الفراغ) لتكون محلا لاحتكار القلة التى تعمل بكل السبل على تسليعها واستغلالها وترويجها بأعلى سعر فتصبح فى واقع الحال موضعا لمعيشة القادرين ماليا من جهة. أو من جهة أخرى، هدفا لوضع اليد من قبل الأغلبية. وبالنتيجة، يتحول الفراغ فى الحالة الأولى إلى «تجمعات مسورة» يحرسها الأمن الخاص، وتصبح بمثابة «ملاذ» مخطط لأصحاب الامتيازات التى ترى المدينة القديمة تضيق بهم بعد أن فقدت دورها الإنتاجى كمساحة تكونت تاريخيا حول التصنيع كما كانت شاهدة على تبلور قوى مجتمعية مدينية إنتاجية التوجه. أما فى الحالة الثانية فنجد المساحات وقد ضجت بكتل بشرية تبنى كتلا أسمنتية فى شتى الاتجاهات دون تخطيط يجور على الأخضر من جانب. وتصادر الأصفر من جانب آخر لصالح امتدادات عشوائية لا هى ريفية ولا مدينية وتتسم بنشاطات اقتصادية خدمية ريعية.. وهكذا نصبح أمام تجمعات «مُسورة» مقابل تجمعات «مشوهة». تعكس فى الواقع واقع الجسم الاجتماعى المعاصر فى كثير من بلدان العالم.

(3)

التجمعات «المسورة» و«المشوهة»؛ وأقصد بها المساحات السكنية المغلقة، أو التى يصفها علم الاجتماع الحضرى الأمريكى بالتجمعات ذات البوابات أو «Gated»؛ التى يقطنها الأثرياء من أصحاب الفوائض المالية المتنوعة التى تميل إلى الاستهلاك الشره. كذلك المساحات السكنية العشوائية التى تتنامى على الحدود بين الريف والمدن القديمة فى غيبة التنمية الواعية المتجددة والمستدامة والعادلة فى كثير من بلدان العالم وتقطنها شرائح اجتماعية متنوعة خليط وهجين من: مهاجرى الريف، وساكنى الأحياء القديمة من الطبقات الوسطى الدنيا الذين لم يقدروا على الحراك والتنقل إلى أماكن أفضل، والعمالة اليدوية التى هاجرت إلى الخارج وعادت بفوائض مالية، أو العمالة اليدوية المحلية،...إلخ. ففى الأولى تعيش هذه المجتمعات حياة معقمة فى عزلة عن العالم الخارجى. والثانية تعيش حالة «مسخ» بين أسوأ ما فى الريف والمدينة معا. ما ساهم فى إنتاج أنماط من العلاقات الاجتماعية بتنا نستشعر جميعا تداعياتها الخطيرة. كذلك تشرزم مجتمعى حاد تسجله الدراسات الاجتماعية المختلفة.. فى هذا السياق، تصاعدت الدعوة للمدينة الإنسانية العادلة.

(4)

«المدينة الإنسانية العادلة»؛ هى مدينة تتوطد فيها العلاقة بين القيم الإنسانية والحالة الحضرية. مدينة غير «مسورة» ولا «مشوهة».. ما يصب فى تشكل الإنسان المُبتكر، والنشط، والمنتج، والراعى للبيئة التى يعيش فيها من جهة، وبلورة المواطن الفاعل، والمشارك من جهة أخرى.

0
0
0
s2smodern

المواطنة الخضراء

(1)
الإجهاد المتعمد والمتنامى للبيئة؛

جددت الموجة الحارة غير المسبوقة التى تتعرض لها أوروبا فى الأسابيع الماضية الحديث عن التغيرات المناخية وأثرها الكارثى المحتمل على كوكب الأرض ومواطنيه على اختلاف مشاربهم. وكانت دوما قضيتى الحفاظ على الطبيعة من جهة والعناية بالبيئة من جهة أخرى، موضع اهتمام الأديان والإنسانية. وكيف أن الإنسان مسؤول ــ بل مكلف ــ برعايتهما. إلا أن التداعيات المتلاحقة بفعل التعامل البشع مع الطبيعة والبيئة من خلال الاستنزاف بلا حساب لمواردها، والإصرار على تطبيق أنظمة تصنيع تقوم على الطاقة الرخيصة قد أدى إلى اختلالات جوهرية مدمرة للبنية البيئية الطبيعية. ومن ثم الإرباك والإجهاد المتعمد والمتزايد للبيئة. ما دفع البشر إلى تنظيم أنفسهم فى جماعات دفاعية عن البيئة والطبيعة من منظور أخلاقى وإنسانى.

0
0
0
s2smodern

الحق في «التمدن»

(1)
تتعقد الحياة اليومية يوما بعد يوم. وأنماط الحياة التى كانت موضع رضا وقبول وتعايش لم تعد كذلك. ومن ضمن ما طاله العبث والترهل والتشوه هو «المدينة» بما تحمل من قيم «تمدين» تتجلى فيما يلى: أولا: المساحات المتناسبة مع عدد سكانها. ثانيا: التخطيط العمرانى الحديث. ثالثا: حق المجتمع ومواطنيه فى الفراغات العامة عمرانية كانت أو طبيعية بحسب دكتوراه شرفت بمناقشتها للدكتور عاصم عبدالسلام قدور ــ 2015 تحت إشراف الدكتور سامح العلايلى. رابعا: توفر المرافق العامة والخدمات وضمان توزيع عادل لها مع تأمين سيولة حركتها ووصولها سريعا. خامسا: المساحات الخضراء. سادسا: التحرك/ الحياة فى هذه المدينة وفق قيم ومعايير منضبطة وقواعد منظمة. سابعا: حضور سكانى ممثل لكل الشرائح الاجتماعية دون تمييز. ثامنا: ارتباط التطور المدينى بالتطور العلمى بشكل عام. ثامنا: تأسيس تشكيلات على أساس مدنى من جمعيات وصحف وأحزاب وكيانات يمكن وصفها «بالمدينية».. والسؤال الذى يطرح نفسه هو ما سبب/ أسباب ما آلت إليه المدينة من تدهور؟

0
0
0
s2smodern