إنها الديمقراطية؛ القادرة على انقاذ العالم، وإعادة اكتشاف الأصوات المتنوعة، وفتح المجال أمام المواطنين لامتلاك قدرهم، بالتعبير، والتفكير فى مصائرهم، وتقرير ما يرونه مناسبا، والعمل على ضمان تنفيذه بأنفسهم...ولتحقيق ذلك عليهم أن يتواصلوا مع بعضهم البعض على تنوعهم، واختلاف مواقعهم ومواضعهم،...إنها الديمقراطية التشاركية: ديمقراطية المستقبل أو ديمقراطية العصر الجديد...
تعكس المتابعة المتأنية للانتخابات البرلمانية لكل من فرنسا، وألمانيا، والنمسا، وإسبانيا، وإيطاليا، والسويد، والمجر، ودول أوروبية أخري، أن تحولا كبيرا يحدث فى دول القارة الأوروبية قد يغير وجهها جذريا خلال الفترة المقبلة...ما هى المعطيات التى تدفع بالمتابعين السياسيين إلى تأكيد ذلك؟
هناك ثلاثة معطيات واضحة تصب فى اتجاه أن هناك أوروبا أخرى قيد التشكل. يأتى أول هذه المعطيات فى أن التركيبة الانتخابية المستقرة ــ فى كثير من دول أوروبا ــ على مدى عقود تتعرض لتغيرات حادة. وذلك بدخول كتل مجتمعية تصويتية جديدة إلى بنية هذه التركيبة. ما أثر ــ بالتالى على نتائج العملية الانتخابية واختلال موازين القوى السياسية السائدة منذ الحرب العالمية الثانية لمصلحة كتل سياسية جديدة تتراوح بين اليمين الشعبوى القومي، واليسار الحركى الجديد. وتراجع وأفول كثير من الأحزاب القديمة العريقة.