يتعامل العقل العربى مع الأحداث الدولية المهمة والحاسمة «بالتجزئة». فالحدث هو مجرد «لقطة» منفصلة عن سياقها وعما سبقها من «لقطات». ويعتبر تعاملنا مع المشهد الفرنسى، خاصة، وما يحدث فى أوروبا، عموما، نموذجا لذهنية «التجزئة»...ومن أهم ملامح هذه الذهنية: المفاجأة، والارتباك، والتعليقات السطحية، والتحليلات وفق المعايير الذاتية/ المحلية غير المنطبقة على السياق الفرنسى/ الأوروبى.. إلخ.. وقد حاولنا فى مقالينا السابقين التأكيد على أن ما يحدث فى فرنسا هو تجسيد حى لما يحدث فى القارة الأوروبية من اجتياح ما أطلقت عليه «الحركات المواطنية الجديدة». وهى حركات ذات ملامح مختلفة عما عرفه المجتمع الإنسانى من حركات من حيث التعبئة، ونوعية المطالب، ونمط التحالفات. كما أنها تأتى من خارج المؤسسية القائمة. لذا عرفت بأنها حركات «ضد المؤسسات». الأهم هو أن ما يحدث فى فرنسا ليس منبت الصلة عما يحدث فيها منذ عقد من الزمان بشكل دورى، أى منذ حدوث الكارثة الاقتصادية الأسوأ فى تاريخ البشرية سنة 2008.. حيث بدأت الحركات الاحتجاجية والمطالبية من «أطراف فرنسا إلى المركز فى باريس».
من أهم ما أثير فى لقاء بيت المستقبل حول مستقبل المسيحيين فى الشرق الأوسط، الذى أقيم فى يومى 14 و15 نوفمبر الماضى، هو الاقتراب مما أطلق عليه نصوص الشأن العام الكنسية.
ويُقصد بهذه النصوص: التراث الفكري/اللاهوتى الذى أنتجه مسيحيو المنطقة. حيث قصدت الجلسة إلى إلقاء الضوء عليها، وتثمين ما تضمنته من أفكار، وتقويمه. وكيفية استنهاض هذا الإرث؟ وبحث مدى تفعيله عمليا: فرديا ومؤسسيا؟.