فى أعقاب الأزمة المالية الأسوأ، حتى الآن، فى تاريخ البشرية التى وقعت سنة 2008، انطلق الكثير من التظاهرات الجماهيرية الاحتجاجية فى العديد من العواصم بالأخص الأوروبية. انطلقت من الشوارع إلى الميادين الكبرى. وقتها بدأ العقل البحثى اليقظ، فى العالم المتقدم، يرصد هذه الظاهرة ودلالتها ومضمونها، ودوافعها، والعناصر الفاعلة فيها، وما الفرق بينها وبين ما سبق من تحركات «شارعية». وتحت مبحث «Street Politics»؛ أبدع العقل البحثى العديد من المساهمات فى هذا المجال. وقد كان لنا ــ فيما أظن ــ السبق فى لفت النظر إلى هذه الظاهرة من خلال سلسلة من المقالات حولها منذ 2015. وكللنا بحثنا بدراسة تأصيلية بعنوان «الحركية المجتمعية الجديدة فى أوروبا: من زمن المواطن ــ الدولة إلى زمن الحركات المواطنية ــ الشبكات الحاكمة المغلقة‘» (مجلة الديمقراطية ــ يوليو 2018).
تشهد فرنسا منذ أكثر من 10 أيام احتجاجا جماهيريا على زيادة أسعار الوقود. عرف بحركة «السترات الصفراء»، Yellow Vest Movement»؛... وليست هذه المرة الأولى التى يتحرك فيها المواطنون فى فرنسا. ففى عام 2016 انطلقت حركة عرفت «بالواقفين ليلا» والتى تكونت من الشباب ــ بالأساس ـ وبالمهنيين الصغار. وانضم لهم مع مرور الوقت فتيان/ فتيات ثانوى. وذلك لمواجهة «قانون العمل غير العادل»، الذى أعلنته وزيرة العمل الشابة ميريام خمرى (من مواليد 1978 ومن أصل مغربى وعينت وزيرة للعمل فى سبتمبر 2015)، والذى ينحاز بالمطلق لأصحاب العمل، ويخل بكثير من المكتسبات الاجتماعية...