على السلمى ورؤية فى بناء الوطن

«...علينا واجب استنهاض الإنسان المصرى لينفض عن نفسه مظاهر التواكل والانكسار، ويبادر إلى ممارسة حقوقه باعتباره مواطنا وشريكا فى تقرير مصير الوطن والحصول على خيراته، وباعتباره مسؤولا عن مصيره ومصير أبنائه وأحفاده والأجيال القادمة من المصريين»...

(2)

بهذه الكلمات، يبدأ الأستاذ الدكتور «على السلمى» (1936ــ العالم الإدارى ونائب رئيس الوزراء الأسبق، الوطنى الخلوق)، رؤيته المعنونة: «إعادة بناء الوطن: خارطة الطريق نحو التنمية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية» (إصدار سما للنشر ــ 2015) انطلاقا من المرجعية القيمية التى حكمت الحركة الوطنية، عبر العصور، وفى الدولة الحديثة. فكانت «سندا لها فى كفاحها المتصل من أجل تحقيق الاستقلال الوطنى ضد المستعمرين الأجانب والسعى إلى الخلاص من استبداد الحكام الطغاة من أبنائها، وذلك عبر سنوات تاريخها الحديث» وصولا إلى يناير ويونيو، «أملا فى الاستقرار السياسى والسلام الاجتماعى والنهوض الاقتصادى والعلمى». ما «يتطلب تصميم وتنفيذ استراتيجية لإعادة بناء الوطن»...

(3)

تميزت رؤية الدكتور السلمى بأربع ميزات كما يلى: أولا: تكاملها. ثانيا: الربط بين عناصرها السياسية والتنموية والاجتماعية/ الثقافية. ثالثا: الاعتماد على «مسوحات وإحصائيات» وطنية ودولية معتمدة وذات مصداقية. رابعا: التأكيد على «مشروطية» وضرورة الشراكة بين المواطنين والدولة. حيث تعكس هذه الرؤية، فى مجملها، التناغم بين «الخبرة» و«الثقافة» التى جمع بينهما الدكتور «السلمى». «خبرة» حياتية مكتسبة عبر مواقع عدة. و«ثقافة» سعى إليها فمنحته هذه الرؤية الثاقبة الشاملة فيما يقارب من قضايا. فبات بحق يستحق ــ بامتياز ــ لقب «الخبير المثقف». ما تجلى ليس فى هذا الكتاب فقط وإنما فى سلسلة كتاباته التى يتابع فيها «أحوال الوطن» وإدارته لكثير من الملفات واقعيا وعمليا. وأشهد كيف التزم بإدارة حوار مجتمعى حقيقى وقت طرحه للوثيقة الدستورية التى عرفت باسمه (فى الفترة من مايو 2011 ــ عقب انتهاء مؤتمر الوفاق القومى الذى رعاه الراحل الدكتور يحيى الجمل ــ إلى نوفمبر 2011، وقد وثق هذه التجربة فى كتابه «التحول الديمقراطى وإشكالية وثيقة المبادئ الدستورية» إصدار «المصرى اليوم» 2012).

(4)

فى ضوء إعادة بناء منظومة القيم الوطنى، يؤكد الدكتور «السلمى» على أن عملية بناء «وطن جديد»، تهدف إلى إعادة صياغة شاملة وجريئة لهيكل المجتمع وعناصره السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية لتحسين وجه الحياة فى المجتمع، ومن ثم تكون لفرص أكبر لتحقيق ما يصبو إليه شعبنا من تحرر اقتصادى وسياسى، وتطور اجتماعى وتقنى. وتقوم «رؤية السلمى» على العناصر التالية: التحول الديمقراطى. ومكافحة وتجفيف منابع الإرهاب. والقضاء على الفساد. والتطوير الدستورى. وصياغة دور الدولة. والتطوير الاقتصادى الشامل. ووضع استراتيجية متكاملة للتصنيع. وكذلك التنمية الزراعية. بالإضافة إلى تطوير منظومة التجارة. ويواكب كل ذلك تطوير قطاع النقل. وإعادة تأسيس الجهاز الإدارى للدولة. والقضاء على الفقر ومواجهة مشكلة البطالة. وبلورة نظام ديمقراطى للحكم المحلى. وتطوير شامل للنظام التعليمى. وتحرير منظومة الخدمات الصحية والتأمين الصحى. والانطلاق فى تطوير المنظومة الوطنية للبحث العلمى والتنمية التكنولوجية. وأخيرا الاعتناء بالتنمية العمرانية.

(5)

ويحرص «السلمى» على أن يقدم مقاربته لكل عنصر بتشخيص راهن لحالة كل «عنصر» مدعومة بالأرقام. ومن ثم يضع تصورا فكريا حاكما لما يقترحه من استراتيجيات وخطط وسياسات وبرامج لكل عنصر من العناصر التى تشكل رؤيته لبناء الوطن. بالطبع، قد يختلف البعض وقد يتفق مع المطروح. ولكن، يقينا، يقدم «السلمى» نموذجا بارزا لكيف يكون «الخبير المثقف...مبدعا».. نواصل.

 
 

طباعة   البريد الإلكتروني
0
0
0
s2smodern