(1)
تكشّف لنا فى محاولتنا فك شفرة البيروقراطية المصرية ثلاث حقائق رئيسية: الحقيقة الأولى هى عراقة الجهاز الإدارى المصرى وارتباطه بالبدايات الحضارية لمصر. وأنه كان أداة أساسية لإدارة شؤون البلاد والعباد. الحقيقة الثانية أن تعرّض مصر لأنظمة حكم متعاقبة وافدة من البطالمة إلى العثمانيين قد ساهم فى تعقد الجهاز البيروقراطى والأكثر تشوهه. التعقد، حيث مع مر العصور وجدنا النظام الإدارى الذى تشكل مع انطلاقة الحضارة المصرية لأسباب تتعلق بضبط النهر فى ربوع البلاد على أسس هرمية وتراتيبية وجندية- يزداد فى تركيبته الهرمية وبنيته التراتيبية وسلوكه وممارساته الجندية. والتشوه، لأن كل حكم وفد إلى مصر جاء ومعه نظامه الاقتصادى المختلف عما سبقه وما لحق به. حيث عرفت مصر أنماطا اقتصادية متناقضةـ كان لها تأثيرها السلبى على النظام الإدارى.