التوافق.. التوافق.. التوافق.. هو إيه حكاية الكلمة دي, هو لازم نبقي كلنا لون واحد؟ سؤال وجهه لي صديقي بحدة, وبفرضية أن التوافق يعني التطابق بين البشر.
بعد أن استوعبت حدة صديقي وسؤاله الذي يبدو منطقيا, في الوقت الذي لم أستطع إخفاء قلقي من أن يسود هذا التفكير الذي يعكس الأمور ويفرض معاني مناقضة لجوهرها. قلت له, من الناحية المعرفية: فإن كلمة التوافق هي الكلمة التي تم الاتفاق عليها للتعبير عن إمكانية الحياة المشتركة بين المختلفين من المواطنين الذين يجمعهم وطن واحد. لاحظ يا صديقي أنني أقول: بين المختلفين من المواطنين وليس المتماثلين أو المتشابهين, أخذا في الاعتبار أن المجتمع الحديث/ الدولة الحديثة تقوم عضويتها علي المواطنة, حيث كل مواطن يتحرك في الفضاء العام بصفته المواطنية ومن ثم يكون الاختلاف حاضرا; والعكس صحيح. فكلما كانت العلاقات المجتمعية وعلاقة الدولة بسكانها تقوم علي العلاقات الأولية القرابية والقبلية والعشائرية, يسود التشابه/والتماثل بين البشر, ولا يعتد بإمكانية الاختلاف. الأكثر إذا برز أي اختلاف فإنه يجب أن يظل محبوسا أو مختفيا أو يتم التعريض به باعتباره خروجا علي ما هو متعارف عليه أو سائد.