لفت نظرى مبكرا، فى حالتنا المصرية والعربية، أن أغلب من يكونون فى موقع الإدارة لا يهتمون كثيرا بالرؤية الفكرية الحاكمة للعمل التى تحدد توجهاته، وأهدافه. فالمهم أن تستمر ماكينة العمل فى الدوران. وإذا ما تعثرت أو تعطلت يكون الهم الأكبر هو تدعيم من يدير العمل بالأفكار العملية فلا وقت للفلسفة أو التفكير فى أسباب التعطل، أو منع تكرار حدوثه..إلخ.
شغلتنى كثيرا، ومنذ وقت مبكر، هذه السجالات الحدية حول أى فترات التاريخ المصرى ذات قيمة. وأى تيار سياسى أكثر وطنية من باقى التيارات. وكيف يتم إسقاط فترات كاملة من التاريخ لصالح الفترة التى يتم التحيز لها.. وأذكر أن هذه النوعية من النقاشات والتى بدأت أخوضها منذ الفترة الثانوية كانت تؤدى بنا نحن «المتساجلين» إلى طريق مسدود وقطيعة بيننا. والأهم أننا كنا نستقى معلوماتنا من مصادر متناثرة غير منظمة. فلم تكن مناهج التاريخ آنذاك مصدرا يعتد به. ولم تكن هناك أماكن للتكوين الثقافى تؤمن دراسة تاريخية موضوعية ومنهجية. وأذكر أننى شخصيا عرفت أن هناك مواطنا مصريا اسمه محمد نجيب تولى رئاسة الجمهورية قبل الزعيم جمال عبدالناصر وذلك وأنا فى الصف الخامس الابتدائى من خلال نقاش عابر مع أحد الأصدقاء، وكان ذلك نهاية الستينيات.