25 يناير كانت لحظة انطلاق شرارة الحراك الشبابى الشعبى… ومعها انطلقت الآمال والأحلام والتوقعات أن مصرا جديدة آخذة فى التشكل.. ساهم فى هذه الانطلاقة أن كل المصريين دون تمييز كانوا حاضرين فى هذه اللحظة يحدوهم الأمل فى تجاوز الأوضاع المتدهورة التى باتت مثار غضب كل المواطنين… وحدت الأوضاع المتدهورة بين المصريين من تراجع الخدمات واحتكار قلة للثروة وغياب التوزيع العادل للثروة على أغلبية المصريين واستشراء الفساد وتخلف البنى المجتمعية المختلفة، وتأكد على أرض الواقع أن هذا التدهور لا يفرق بين مواطن وآخر فكلنا فى الهم سواء.. وفى هذا السياق تبين أن ملف التوتر الدينى كان من نتاج الاستبداد وأنه يدار وفق سياسات معينة من أجل شغل الناس عن القضايا الحقيقية وأن عقود النزاع الدينى قد آن أوان تجاوزها.. وعليه كانت حالة الحراك الوطنى التى عرفتها مصر وشارك فيها الجميع على اختلافهم… ولكن وآه من «ولكن»…
فى أثناء عودتى فى الطائرة من رحلة لتركيا يوم الجمعة الماضى كانت كثير من الأفكار والانطباعات تتداعى حول ما رأيت على أرض الواقع من تفاعلات فى التجربة التركية، استعدادا للكتابة عنها، خاصة لوفرة ما تحصلت عليه من معرفة ميدانية حول التجربة كذلك لكثرة ما قرأت عنها، فى محاولة لمعرفة الظاهرة من داخلها. لم تكن الرحلة لحضور ندوة أو لقاء بحثى أو ما شابه كما اعتاد المرء فى الأغلب الأعم، وإنما كانت الرحلة للاطلاع على تجربة المحليات فى مدينة اسطنبول. فلقد كشفت الرحلة الكثير عن عمق ما حدث فى تركيا على مدى عقدين من الزمان، فى هذه الأثناء وزعت علينا فى الطائرة بعض الصحف من ضمنها جريدة «الشروق» فقرأت مقالا للدكتور جلال بعنوان: «التديُن والتقدم»، وجدته يعبر ــ على قصره ــ عما يجول بخاطرى من أفكار حول العلاقة بين الدين والمجتمع، وبين التدين والتقدم،