هذه المرة، ذهبت إلى صديقى، فرحا، قائلا له: «لقد حدث ما كنت أتمنى أن يحدث». فقال لى ما هو» … أن تخرج شرائح الطبقة المتوسطة لتشترى شهادات الاستثمار الخاصة بمشروع قناة السويس الجديد… رد على صديقى: «وماذا فى هذا؟»…
الحضيض» مسرحية للكاتب الروسى مكسيم جوركى (1868- 1936).. تذكرتها فورا عندما قرأت عن واقعة تعذيب الأطفال فى أحد الملاجئ.. لأنها أولاً تدور أحداثها فى ملجأ للمعدمين واللقطاء، وتحكى عن مدى البؤس الذى يعيشون فيه.. وثانياً لأن التعبير نفسه «الحضيض» صار هو الوصف المعتمد عندما تحدث هكذا أحداث فى أى مجتمع، حيث يتم استدعاء تعبير «الحضيض» لوصف الواقع الذى يسمح بأن يتعرض فيه «المهمشون» لأى معاملة غير إنسانية…الأكثر أننى قرأت مرة أن هناك كثيرا من المبدعين- لاحقا- قد استعاروا عنوان جوركى، الحضيض، لتسمية أعمالهم عندما قرروا أن يصفوا واقعهم الأليم حول أحداث ووقائع مؤلمة تتعرض فيها قطاعات بشرية لمعاناة كبرى.
(2)
وأذكر أننى عندما قرأت «الحضيض»، ربما نهاية السبعينيات، تأثرت كثيرا لما فيها من اقتراب إنسانى حول المهمشين الذين لا حلم لهم ولا أمل لهم فى أى شىء.. فهم كائنات لا يعتد بها، ولا حقوق لهم، حيث يكفى توفير فراغ يسندون فيه جثثهم.. وقلت إنها حالة يصورها جوركى بشكل مبدع عن روسيا نهاية القرن التاسع عشر، والتى كانت تئن من أحوال مزرية، وقد أوجدت لدىّ تحيزا «للغلابة»، صرت أراعيه فى كثير من أمور حياتى.. قرأت ذلك وقتها وتصورت أن اللحظة التاريخية الإنسانية- قطعا- قد تجاوزت «حضيض» جوركى..