قديم ينازع وجديد يصارع - 2

(1)

«كله على قديمه»؛ بهذه الكلمات علق الشاب على ما قدمته من أفكار حول سيناريوهات التحول الديمقراطى فى ندوة عامة… وعندما حاولت أن أناقشه بأنى أختلف معه فى ذلك… نعم هناك إعاقات خطرة لا يمكن إنكارها تعطل الدفع بعملية التحول الديمقراطى إلا أننا لا يمكن أن نغفل التحولات التى أصفها بالكبرى التى عرفتها مصر بفعل حراك 25 يناير وتمرد 30 يونيو، وأخذت أعدد له هذه التحولات..

إلا أن الشاب أصر على موقفه موضحا تصوره هو أنه قد تكون هناك تحولات قد جرت فى المجال الثقافى العام من خلال العلاقات المجتمعية المختلفة بين جيل الكبار وجيل الشباب، وبين القيادات فى شتى المجالات وبين من هم أدنى فى الهياكل التنظيمية المتنوعة،.. إلخ،.. إلا أن هذه التحولات لم تعرف بعد طريقها إلى هذه الأبنية.. ومن ثم لم تزل «بالمانيوال» القديم ـ بحسب الشاب ـ وأن أعين هؤلاء الذين يتمسكون بالقديم لم تر بعد أن هناك «سياقا» خارج ممالكهم التى «يتسلطنون» عليها ـ بحسب الشاب مرة أخرى ـ آخذ فى التشكل لا يدركونه بعد…

(2)

عندئذ، أدركت معنى «كله على قديمه»؛ وهى بالمناسبة كلمة شاعت وانتشرت بين الشباب، يوجزون بها رؤيتهم حول الكثير من الأمور.. ويقيمون بها الأوضاع والأحوال بصورة «مركزة»، حيث يوجزون بلغة عصرية تقترب من لغة «التويتات»، وجهة نظرهم فيما حولهم.. إلا أن الأهم هو أننا لم ندرك أهمية «المفردة» وما تحمل من دلالات رمزية.. مثل ماذا؟

(3)

أولا: أن هناك شريحة مجتمعية ـ لا يمكن إغفالها ـ أصبحت تميز بين ما تراه وفق معيار «القدم» /«الجدة».. أو بلغة أخرى إلى أى حد يعد ما يعرض على الشباب من أفكار ويشاهدونه من ممارسات فيه جديد، يواكب «زمن» الشباب.. ثانيا: ما يعنى أن الشباب أصبح لديهم معايير تخصهم هم يحددون بها ما هو قديم وما هو جديد، اختلفنا أو اتفقنا معهم، قبلنا بهذه المعايير أو لم نقبل.. ثالثا: ما إن ينفتح حديث القديم والجديد فى المجتمع، ينبغى الانتباه إلى تداعيات ذلك، من حيث العلاقة بين جيل الكبار والشباب، ومن حيث التعاطى مع قضايا وملفات الشأن العام، وإلى أى حد يصب ـ هذا التعاطى ـ فى اتجاه جديد يكون مقبولا وقابلا للتنفيذ ولا يصنف فى خانة القديم، ومن ثم يصبح مادة للخلاف والاختلاف.. إلخ.. وخاصة إذا ما صاحب التعاطى إعادة إنتاج لمفاهيم وممارسات ومؤسسات تم الاحتجاج عليها.. وهنا لنأخذ قضية «الحرس الجامعى» مثلا.. والتى تعكس عدم قدرة على إيجاد تسوية مابين المبدأ الذى تم التوافق عليه واعتباره أحد إنجازات الحراك/ التمرد والذى يتماشى مع التحول الديمقراطى وبين الضبط والانضباط ومواجهة العنف المادى وما شابه.. حيث استسهل طرف إعادة إنتاج القديم، ما أدى بالطرف الآخر إلى أن يكرر بأن كل شىء على «قديمه».

(4)

الخلاصة، علينا إدراك أن جوهر العبارة التى نظنها أحد تجليات «روشنة» الشباب، إنما تعكس أمرا عميقا للغاية هو أن هناك حالة متكاملة آخذة فى التشكل يعدها الشباب جديدا بغض النظر عن حكمنا نحن، أو من ينحازون إلى القديم لأنه الحالة الأكثر صحة.. أى حالة فى مواجهة حالة أو سياق فى مواجهة سياق أو بلغة أخرى «باراديم القديم» فى مواجهة «باراديم الجديد».. وهو ما سيحتاج إلى المزيد من التفاصيل.. ونتابع.

 

طباعة   البريد الإلكتروني
0
0
0
s2smodern