يمكن اعتبار انحياز الرأسمالية العالمية نحو الأخذ بأفكار الليبرالية الجديدة وجعلها النموذج المثالي الذي يجب الاقتداء به ,مع نهاية السبعينيات ,نقطة تحول جذرية في مسار الإنسانية. وكانت الحجة التي يتم تسويقها ـ بحسب أنصار الليبرالية الجديدة ـ أن من نتيجة الأخذ بهذه السياسات هو ‘التقاء مستويات معيشة الأمم الأغني والأمم الأفقر'(يراجع كتاب السيطرة الصامتة, 2002).
هدفنا من سلسة مقالاتنا عن “أزمة السوبر رأسمالية”(أربع حلقات) أن نرسم صورة لملامح هذه الأزمة وطبيعتها ونمط تحالفاتها وتداعياتها..ثم درسنا مسار الرأسمالية التي وصلت إلي حالة من التأزم التاريخي ـ غير المسبوقة ـ مع الكساد الكبير في سنة 1929وانحيازها إلي الأخذ بالنيوليبرالية كأيديولوجية تتيح لها أن تخرج من هذا المأزق , من خلال ست حلقات بعنوان “قصة الليبرالية الجديدة من البداية وإلي انتهاء الصلاحية”وحاولنا أن نميز بينها وبين الليبرالية التاريخية التي كانت ثورة علي الإقطاع بمؤسساته وعلاقاته,وعن الظروف التاريخية التي تبلورت فيها, ومصادرها الفكرية والاقتصادية,وكيف وظفت ما أشرنا إليه باقتصاد الحرب الدائمة من جهة والمؤسسات الدولية الاقتصادية في الترويج للنيوليبرالية الجديدة واقتصاد السوق باعتباره المنقذ للبشر والنموذج المثالي الذي يجب الأخذ به…