عرضنا على مدى حلقتين مسيرة ثورة يوليو بتجلياتها المتنوعة. وقد ميزنا بين أمرين هما: يوليو «الثورة»، ويوليو الدولة. يوليو «الثورة» التى حققت فى وقت قليل الاستقلال الوطنى وقدرا من العدالة الاجتماعية، وتنمية اقتصادية معتبرة من خلال قاعدة صناعية ضخمة. وكان لابد للثورة أن تؤسس دولتها ومؤسساتها فرصدنا دولة أولى فى المرحلة الناصرية اتسم الحكم فيها بأنه كان يعبر عن تحالف بين العسكر والخبراء والمثقفين والموظفين ينتمون إلى الطبقة الوسطى فى المجمل مارست رأسمالية الدولة فى تأمين مجتمع الكفاية والعدل. ومع هزيمة 1967 ورحيل الزعيم الكاريزما، كون السادات دولة أخرى مضادة لدولة ناصر استمرت فى الفترة المباركية.
فى مقالنا الأول بمناسبة الذكرى الستين لثورة يوليو، تحدثنا عن يوليو «الثورة» وما أنجزته لمصر والمنطقة. ففى غضون أيام من قيامها، استطاعت يوليو «الثورة» أن تتخلص من الحاكم ويبدأ فى مصر حكم مصرى خالص، وخلال شهور أصدرت قوانين فى صالح الشرائح الاجتماعية الدنيا والوسطى، وبعد ما يقرب من عامين تحقق الاستقلال الوطنى لمصر. الأهم كما أوضحنا فى مقالنا السابق هو الانطلاق الثورى نحو إحداث تحولات راديكالية فى مصر مست كل الأبنية على رأسها ما وصفه أنور عبدالملك «تفكيك البرجوازية القديمة»