ما هى مشاكل الأقباط؟ أولاً: المشاكل الدينية (2)

رسم الأستاذ عمرو سليم، الأسبوع الماضى، كاريكاتيرا مبدعا.فيه يتكاتف مواطنان، يعلق أحدهما هلالا والآخر صليبا على صدره، ويسيران فى انحناء تتساقط منهما الدموع معا، ويأتى التعليق معبرا..

عاش الهلال مع الصليب

مع البكاء مع النحيب مع الفلس!

مع الكساد مع الفساد

إنه كاريكاتير مبدع ويعبر- مع ما نحاول أن نؤكد عليه،أن الهموم والمشاكل الحياتية لا تميز بين مواطن وآخر، لا طابور العيش ولا أنبوبة البوتاجاز ولا المرور ولا الغلاء..إلخ، وبخاصة كلما اتجهنا فى الجسم الاجتماعى إلى أسفل، أى الشرائح الوسطى الدنيا والشرائح الدنيا.

1- تنحاز اللقطة السابقة لرؤية الأقباط باعتبارهم مواطنين وليسوا ملة أو جماعة دينية مغلقة من جهة أو أقلية دينية/سياسية فى مواجهة أغلبية دينية/ سياسية من جهة، وهو ما حاولنا أن نؤسس وننطلق منه فى مقدمتنا الأسبوع الماضى، وعليه يستقيم الحديث من أن هناك مشاكل ذات طبيعة دينية، ومشاكل ذات طبيعة مدنية يتعرض لها الأقباط فى المجال العام بسبب الانتماء الدينى، بالإضافة إلى الفقر وعوامل أخرى.. وأهمية هذا التمييز أنه يعصم من الوقوع فى فخ التصنيف الدينى لمصر ويضع المشاكل فى سياق محدد ويصفها بدقة ويجعلها تتحول من:

حديث «مطالب» لفئة، إلى حوار وطنى يشارك فيه الجميع، يدعم المسيرة الوطنية الجامعة للمواطنين.

2- فى الأسبوع الماضى حددنا أربع مشاكل دينية وأربعاً أخرى مدنية..ولظروف المساحة نعرض للمشاكل الدينية هذا الأسبوع ونستكمل المشاكل المدنية الأسبوع القادم. بالنسبة للمشاكل الدينية يمكن رصد ما يلى: (1) بناء الكنائس، (2) التشكيك فى العقيدة الدينية، (3) الحرية الدينية، (4) الأوقاف.

3- بالنسبة للمشاكل الدينية يمكن أن تشكل لجنة مشتركة من الكنائس المصرية ووزارة الأوقاف، ويمكن دعوة متخصصين ومثقفين وشخصيات عامة بحسب الحاجة، ونموذجى فى ذلك هو اللجنة التى شكلت ـ بموجب القرار رقم 133(أ) لسنة 1996- لحل مشكلة الأوقاف القبطية، لجنة مشتركة بين كل من وزارة الأوقاف وهيئة الأوقاف القبطية، باتت تجتمع بشكل منظم لمناقشة ودراسة وضع الأوقاف التى آلت للدولة فى فترة زمنية سابقة ووضع جدول زمنى لإعادتها للكنيسة، وقد استطاعت اللجنة أن تعيد- فى حدود ما أعرف- أكثر من 75% من هذه الأوقاف.

4- على نفس النهج يمكن تشكيل لجنة متخصصة لمعالجة قضيتى بناء الكنائس والتحول الدينى، على غرار لجنة الأوقاف للتدارس حول وضع لوائح منظمة لكل من المسألتين، انطلاقا من المادة الدستورية 46 والتى تنص على أن الدولة «تكفل حرية العقيدة وحرية ممارسة الشعائر الدينية»، بالمطلق، وبالنسبة لبناء الكنائس ووفق دراستنا أكدنا أنه من:

الناحية التاريخية: بناء الكنائس وتجديدها من الموضوعات التى لم يكن للحكم الإسلامى فيها سياسة ثابتة، حيث تأرجح الموقف منها حسب الظرف الاجتماعى والسياسى وليس الدينى. كما أن الخط الهمايونى ليس فرمانا وإنما هو توجيه رعوى.

فقهيا: يرى الفقه المصرى وذروته فقه الإمام الليث بن سعد أن بناء الكنائس من «عمارة الأرض».. و«ضرورة بناء كنائس جديدة كلما طلب ذلك المسيحيون فى مصر.. ولكى تظل للكنائس حرية العبادة فيها».

وسواء تم التوافق على استصدار قانون أو الأخذ بنظام أن تتقدم الكنيسة بطلب تراخيص كل سنة (بحسب تقرير العطيفى)، فإن ما ستتفق عليه اللجان يكون نافذا.

5- أما بالنسبة للحرية الدينية والتحول الدينى فإن الثابت أنه لا توجد لوائح منظمة لذلك حتى جلسات النصح المعروفة- عرفيا- يبدو أنها لم تعد موجودة، وعليه فإن اللجنة المشتركة يمكن أن تصل إلى توافق ما يستظل بالدستور فى هذا المقام، وباجتهادات راقية فى هذا المقام أنجزت على يد الشيخ محمود شلتوت فى كتابه الإسلام شريعة وعقيدة، والدكتور عبدالمتعال الصعيدى فى كتابه الحرية الدينية فى الإسلام لتقديم حلول عملية مقبولة تحقق العدالة.

6- تبقى فى إطار المشاكل ذات الطابع الدينى مشكلة التشكيك فى العقيدة الدينية التى تعد بالنسبة للمصرى من الأمور العزيزة عليه، فمحاولات التشكيك المبكرة فى العقيدة الدينية للأقباط منذ نهاية السبعينيات، كذلك ردة الفعل القبطية اللاحقة التى نراها من خلال الفضائيات والتى شكلت ما وصفناه مبكرا بـ«السجال الدينى» وحذرنا من آثاره المدمرة، ما يستدعى تشريعاً يجرم التعرض للعقائد، ونذكر ما كتبه الأستاذ فهمى هويدى: «اسمحوا لنا أن نسجل اعتراضا صريحا على ما يصدر من بعض الدعاة الإسلاميين من مقولات تمس الأقباط وتنال من عقائدهم. فمبلغ علمنا أن ذلك ليس من تعاليم الإسلام ولا من أدبه… وتفتح الباب لمفاسد منها: «.. هدم علاقة البر والقسط، ونسف وحدة الوطن،…».

وأرى من الأقباط من يردد كلاما مشابها من جانبهم دفاعا عن الحياة المشتركة.

 

طباعة   البريد الإلكتروني
0
0
0
s2smodern