في المسألة الإعلامية (2)

(1)

أذكر أنه فى عام 1994 كان النقاش محتدماً حول إقامة مؤتمر الأقليات، الذى كان يرعاه مركز ابن خلدون من عدمها، واتصل بى الصحفى المخضرم الأستاذ حازم هاشم تليفونياً ليعرف موقفى من المؤتمر. وكان الاتصال الهاتفى هدفه الاتفاق على موعد للقاء للحصول على معلومات واستكشاف أسباب موقفنا من المؤتمر. لم يكن اللقاء بهدف أخذ حوار ممتد، وإنما فقط لأخذ بعض العبارات.

وبالفعل اتفقنا على اللقاء فى أحد فنادق وسط البلد. ذهبت أنا وصديق العمر الخبير التنموى نبيل مرقس للقاء الأستاذ حازم هاشم الذى اتصل بـ«نبيل» واتفق معه على اللقاء فذهبنا معاً. وبعيداً عن تفاصيل الموقف الخاص بالمؤتمر والتى سجلتها فى كتابى «الحماية والعقاب – الغرب والمسألة الدينية فى الشرق الأوسط» 2000، والتى قادها الراحل الكبير وليم سليمان قلادة وشاركته هذه المهمة التى كانت تحمل الكثير من التفاصيل لم أذكرها بالكامل، فإننى أود أن أشير إلى النموذج الإعلامى الذى قدمه الأستاذ حازم هاشم.

(2)

بداية كانت الأسئلة المطروحة محددة، ومنضبطة الصياغة، ينطقها صاحبها بلغة عربية رصينة ويلقيها «بتمكن». كان الأستاذ الصحفى ينصت بإتقان، وعلى الرغم من الهدف من اللقاء ليس أخذ حوار طويل فإنه أخذ أكثر من ساعتين. كان السائل عارفا بالموضوع ومطلعاً بملابساته ويسعى بدأب إلى أن يكشف للقارئ عن غير المعروف وأن يفك الالتباسات. الحديث لم يتطرق إلى أشخاص بغرض أخذ كلمات تجريح يتم «بروزتها» لتصبح «خناقة شوارع»، هدفها الإثارة «والتوقيع» المؤذى على طريقة «سعيد أبوبكر» فى الشخصية العبقرية التى قام بها فى فيلم «الأستاذة فاطمة». وإنما كان الحديث كله منصباً على وقائع وأفكار. والأهم من ذلك هو كيف كان النشر؟

(3)

كان النشر نموذجاً لكيف يمكن أن يكون التحقيق الصحفى القائم على مجموعة حوارات مع مجموعة مثقفين. نشر التحقيق فى مجلة «الوطن العربى» على أربع صفحات «من ص30 إلى 33 – بتاريخ 6 مايو 1994». كان الأستاذ حازم حريصاً على أن يكون التحقيق معبراً عن كل ألوان الطيف وذلك كما يلى: لطفى الخولى، وليم سليمان قلادة، طارق البشرى، عبدالرؤوف الريدى، حازم الببلاوى، ألفريد فرج، يونان لبيب رزق، فهمى هويدى، بالإضافة لكاتب السطور والعزيز نبيل مرقس. ويمكن أن نشير هنا إلى عدة ملاحظات كما يلى:

* القارئ للأسماء سوف يدرك مدى الدقة فى الاختيار وأنها تقوم على معايير موضوعية توفر التنوع والخبرات المتخصصة لا الدينى المحض.

* الحرص فى رسم الصفحات على توزيع الشخصيات بشكل يحقق متعة القراءة ويبدو أن الوعى الصحفى لم يكن قد أصيب بعد بداء الفصل بين الشخصيات على أساس دينى كما شاع لاحقاً، وبات لدينا المثقف، المفكر، الباحث القبطى وغير القبطى.

* التزام الكاتب الصحفى بكل أمانة بما قيل له، لكن يمكن أن يدرك المرء كيف كتب الصحفى مقدمة تعبر عن رؤيته تمثل إضافة للموضوع كذلك تدعيمه لما قيل بحرفية كبيرة.

(4)

أظن أن هناك الكثير ينقص البعض الآن.. نواصل المقال القادم.

 

طباعة   البريد الإلكتروني
0
0
0
s2smodern