فى المسألة الإعلامية (3)

(1)

هل من حق الصحفى أن يغير ويبدل فى نص الحديث الذى يعطى له؟… وهل من حقه أن يؤخر ويقدم فى موقع ما يتم الإدلاء به؟…وهل يجوز أن تكون هناك عناوين تزين الأحاديث لا نجد لها وجودا- بالمطلق- فى متن الحديث؟… أو نجد عنوانا مثيرا لا يعبر بدقة عن ما قيل ؟…وهل وهل، هل وإلى أى مدى…؟

ما سبق من أسئلة وأخرى كثيرة، راودتنى بعد أن أدليت بعدد من الأحاديث كان لزاما على أن أدلى بها وأكسر تقليدا التزمت به لسنوات هو ألا أُدلى بأحاديث مطولة إلا عند الضرورة فى ظل قضية ساخنة أحتاج إلى أن أدلى بدلوى فيها وتضيف شيئا… وعندئذ أشارك الصحفى مراجعة النص وأصححه وأضيف إليه عند مراجعته…هذا مع امتناعى عن الإدلاء بأى حديث فى الهاتف بشكل مطلق كما أوضحت فى الحلقة الأولى من هذا السلسلة.

(2)

لاحظنا أيضا افتقار بعض الصحفيين إلى الاجتهاد فى أن يرسم أى ملامح ذات طابع إنسانى للشخصية التى يقوم بحوارها، والتى كان الصحفيون المخضرمون يقومون بكتابتها فى مقدمة الحوار أو فى الوصلات التى تربط بين نص الحوار. وكانت هذه السطور تمثل إبداعا حقيقيا من المحاور تثرى الحوار وتضيف إليه وتخُدم عليه بما يعد خدمة للقارئ. أو أن يجتهد الصحفى فى عمل براويز يتم توزيعها فى مساحات تسهم فى إضفاء المزيد من المعلومات التى تكشف بموضوعية عن طبيعة الشخصية من حيث كتاباته وأهم محطات حياته وإنجازاته… إلخ.

(3)

محصلة ما سبق هى أن الحديث يخرج نمطيا ومدرسيا لا روح فيه ولا جهد حقيقياً يبذل من أجل القارئ…حيث كل شىء يتم فى عجالة بداية من ترتيب الموعد ومروراً بإنهاء الحوار فى أسرع وقت ممكن وأخيرا سرعة تسليم الحوار… ويخرج الحديث- ليس فى كل الحالات- متسما: أولا بالاجتزاء، وثانيا بالتصنيف… اجتزاء جمل من سياقاتها، وضرورة تصنيف الشخصية وتسكينها بشكل أو آخر من خلال صورة نمطية سابقة التجهيز… والنتيجة- إلا فيما ندر- أن يصبح الحديث على شاكلة الحديث «المفبرك»، الذى اخترعه عبد المنعم مدبولى لمحمد عوض فى مسرحية «أصل وصورة»، والذى كان عنوانه «المهراجا يحب الملوخية»… عملا بمبدأ: «ثقافة يعنى تسالى…وتسالى يعنى ثقافة».

(4)

لاحظنا أيضا أن الحوارات التليفزيونية ليست أحسن حالاً من الحوارات الصحفية… فالأسئلة نفس الأسئلة والعناوين التى توضع على الشاشة يتم انتزاعها بشكل مبتور… ولابأس من إسقاط بعض الكلمات من هذه العناوين- لسبب أو لآخر- وهو ما يؤدى إلى قلب المعنى رأسا على عقب…كما لا يستفاد بالميزة الكبيرة للإعلام المرئى من حيث الاجتهاد فى تقديم تقارير مصورة تثرى الحوار.

(5)

وعن العلاقة بين الصحف الورقية والمواقع الإلكترونية والقنوات الفضائيات…أطرح سؤالا على الخبراء وشيوخ المهنة هو هل يجوز تناقل ما جاء فى الحوارات التى يعطيها شخص من الأشخاص إلى صحيفة ما أو موقع أو برنامج توك شو دون ذكر المصدر والسياق الذى قيلت فيه.

ونواصل الأسبوع القادم…

 

طباعة   البريد الإلكتروني
0
0
0
s2smodern