«تقدم المجتمع يقاس بمدى نضال مواطنيه على تأسيس واقع جديد ينطلق من قدرتهم على حكم أنفسهم وفق مبادئ دستورية يضعونها بالتوافق فيما بينهم، تجسد أهم ما أنجزوه فى الواقع على جميع الأصعدة، بما يؤكد الإرادة الشعبية ويبتعد عن سلطة ولى النعم أو الحاكم الفرد الإله أو غلبة البعض على البعض».
فى هذا السياق حاول كثير من القوى والجهات والمؤسسات والتيارات أن يعبر عما تم إنجازه فى 25 يناير 2011 ويرسم ملامح مصر الجديدة. وأنتج مجموعة من الوثائق تمثل تجليات معتبرة تعكس التنوع المصرى والتطلع الوطنى للمستقبل.
من هذه الوثائق نرصد ما يلى: وثيقة الأزهر، وثيقة التيار الرئيسى أو ما عرف بـ«الإعلان المصرى للعدل والحرية الإنسانية»، وثيقة البرادعى، وثيقة المجلس الوطنى المصرى، وثيقة دستور اللجنة الشعبية للدستور المصرى، وثيقة الدستور الثقافى المصرى، وثيقة التحالف الديمقراطى، وثيقة هشام البسطويسى، وثيقة منظمات حقوق الإنسان أو ما عرف بـ«بردية منظمات حقوق الإنسان المصرية»، وثيقة مستقبل مصر، الورقة المقدمة من لجنة المواطنة بالمجلس الأعلى للثقافة، وأخيرا الوثيقة التى نتجت عن الجهد المبذول من خلال لجان الدستور التابعة لمؤتمر الوفاق القومى. وحتى لا تذهب هذه الجهود فى مهب الريح نذكر بها، وقد شاء الحظ أن يشارك كاتب هذه السطور فى عدد من هذه الجهود مشاركة أساسية، وأن يتشرف بكرم الزملاء فى إطلاعه على الجهود الأخرى. وكلها جهود معتبرة تعكس جهدا وطنيا كبيرا ينبغى الرجوع إليه والتذكير به.
فى هذا المقام نلقى الضوء على ما أطلق عليه «وثيقة إعلان المبادئ الأساسية لمصر الثورة»، وهى الوثيقة التى نتجت عن لجنة الحقوق والحريات والواجبات العامة بمؤتمر الوفاق القومى الذى أشرف عليه الدكتور يحيى الجمل، خاصة فى صورتها الأولى. الوثيقة كانت خلاصة عمل 70 شخصا لأكثر من شهرين.
اعتمدوا فيها على ما يلى: الدساتير المصرية من دستور 1923 إلى الإعلان الدستورى 2011. ومجموعة كتب دساتير العالم. ومجموعة من الدساتير الدولية جمعها الأستاذ معتصم راشد. وعدد من الاتفاقيات الدولية مثل: الإعلان العالمى لحقوق الإنسان. العهد الدولى الخاص بالحقوق المدنية والإنسانية. العهد الدولى الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. اتفاقية حقوق الطفل. اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة. اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. مبادئ المحكمة الدستورية العليا جمعها المستشار منصف نجيب سليمان. «الإصلاح الدستورى فى مصر» للأستاذ ناصر أمين. «ضوابط حق الإنسان فى السياحة» للدكتور حسن سعد. و«دستور جديد للجمهورية البرلمانية» للأستاذ عصام الإسلامبولى. وثيقة الأزهر. ومقترح قدمه الدكتور على السلمى.
كما حرصت اللجنة على وضع مجموعة من الأبحاث والأوراق الخلفية وذلك كما يلى: نص استرشادى لقائمة الحقوق والحريات فى الدستور السودانى التى تعالج بعض الإشكاليات التى أثيرت فى الجلسات. للأستاذ معتز بالله عثمان. مقترحات للأستاذ المستشار سناء خليل.مقترحات نصوص للدكتور محمد نور فرحات. «علاقة الدين بالدولة» للدكتور محمد منير مجاهد.
«رأى فى المادة الثانية من الدستور» للدكتور صفوت البياضى وورقة حول القضايا المستحدثة للإضافة على الدستور المصرى. «منظومة الحقوق الحديثة» للدكتور جمال مصطفى سعيد: هذه أمثلة لما أعد لنتاج وثيقة المبادئ الأساسية لمصر الثورة تأكيدا على أن جهدا معتبرا قد أنجز فى العام المنصرم وأنه لا يستقيم أن نبدأ من جديد، وأن سمة المجتمعات المتحضرة التراكم. وأخيرا لا يمكن إهدار أو استبعاد جهد يعبر عن أحلام قطاعات وشرائح من المواطنين ونحن بصدد مهمة إعداد دستور جديد للبلاد.. ونواصل حديثنا حول أهم ما جاء فى هذه الوثائق من مبادئ.