الطبقة الوسطى ومستقبل مصر «2»: تفكيك وتعجيز طبقة

تعرضنا لمسيرة الطبقة الوسطى، التى ولدت من رحم دولة محمد على. والتى استطاعت بعد ما يقرب من قرن ونصف أن تصبح جوهر السلطة مع ثورة يوليو… ولكن هذه السلطة تعرضت للانهيار بهزيمة 1967 وبداية تشكل دولة يوليو المضادة الساداتية والمباركية. ويمكن وصف ما جرى لهذه الطبقة فى كلمتين هما: التفكيك والتعجيز.

التفكيك

ثورة يوليو ودولتها الناصرية كانت تتسم بأنها تعبير عن تحالف الطبقة الوسطى. وكانت قراراتها فى صالح هذه الطبقة، وتعمل على تلبية تطلعاتها بدرجة أو أخرى. ومع هزيمة 1967 وحكم السادات بدأ «تفكيك» التحالف الحاكم والذى من نتيجته عمليا أن تفككت الطبقة الوسطى.

تشكل التحالف السلطوى الحاكم/ الساداتى، من المقاولين، والسماسرة ووكلاء الشركات العالمية وملاك الأراضى القديمة تحت مظلة قانون الانفتاح أو القانون 43 لسنة 1974، والذى تناقض مع الدستور. وتفككت الطبقة الوسطة التى حكمت على مدى عقدين، تفكيكاً تراوح بين الارتحال إلى دول النفط والهجرة إلى دول المهجر، أو العودة إلى الاحتماء وطلب الرعاية من الجماعات الأولية. وأصبحت الطبقة الوسطى فى موقع التخديم على التحالف الحاكم الجديد. وتبخرت كل الوعود بواقع أفضل.فلم تعد الطبقة الوسطى قادرة على شراء السيارة الخاصة أو تعليم أولادها وبناتها أو الذهاب إلى المصيف كما كان الحال فى الستينيات… وساءت الأحوال مع الأخذ بسياسات الليبرالية الجديدة… وكانت النتيجة:

التعجيز

أدى الأخذ بسياسات الليبرالية الجديدة، التى تقوم على اقتصاد السوق والخصخصة، منذ الثمانينيات إلى تدهور الوضع الاقتصادى للطبقة الوسطى، وهو ما دفع أستاذنا الراحل رمزى زكى فى نهاية التسعينيات – إلى أن يصدر مؤلفه المهم المرجعى «وداعا للطبقة الوسطى». ويعود هذا التدهور إلى عوامل ثلاثة. «أول هذه العوامل هو انخفاض الأجور. والثانى، فقدان فرص العمل وزيادة معدل البطالة. أما ثالث هذه العوامل فيعود إلى زيادة الأعباء المالية التى تتحملها هذه الطبقة». والنتيجة أن حدثت عملية مركبة من الإفقار والإقصاء لهذه الطبقة بمستوياتها الثلاثة. كيف حدث ذلك؟

بالنسبة «للشريحة العليا من الطبقة الوسطى، والتى تتميز بارتفاع دخولها استفادت – نسبيا من الليبرالية الاقتصادية. حيث إن غالبية من ينتمون لهذه الشريحة هم من المهنيين الذين كانوا يرفعون أسعار ما يقدمون من خدمات الأمر الذى أتاح لهم بعضاً من الفائض كانوا يعيدون توظيفه سواء من خلال ودائع بنكية يستفيدون من ريعها أو الدخول فى مشروعات استثمارية معقولة توفر لهم بعض الفائض.

أما الشريحة المتوسطة، فقد ساء وضعها الاقتصادى والاجتماعى بشكل واضح وتعرت هذه الشريحة ولم تعد «مستورة»، ذلك لأنها تعتمد على دخول ثابتة. وكان التضخم والارتفاع الدائم للأسعار وعدم توفر فرص التوظف عوامل أدت إلى تدهور هذه الشريحة.

أما عن الشريحة الدنيا، – فحدث ولا حرج – حيث هوت بهم السياسات الليبرالية الجديدة إلى الحضيض».

ونستكمل ما جرى من إقصاء للطبقة الوسطى وعودتها مع 25 يناير فى المقال القادم..

 

طباعة   البريد الإلكتروني
0
0
0
s2smodern