المصريون:المسلمون والأقباط
وإشكالية الكتابة التاريخية بين الموضوعية والتوظيف الديني/السياسي
(الذاكرة المونتاج و الذاكرة الاندماج)
سمير مرقس


(أ)
في العام 1951، صدر في مصر كتاب بعنوان”أقباط ومسلمون منذ الفتح العربي إلى 1922.وعلى الرغم من المناخ الثقافي الذي كانت تعيشه مصر ،والذي كان يتيح مساحة من حرية التعبير إلا أن الكتاب ووجه باعتراض البعض.ويبدو لي أن الاعتراض ـ آنذاك ـ كان أقرب لأسباب دينية منه إلى أسباب نقدية وعلمية،وهو ما استدعى أن يرد البعض من على نفس الأرضية لتبرير تداول الكتاب.وبعد مرور عقود نجد أطرافا تحتفي بالكتاب لأسباب دينية لأن الكتاب به من المعلومات ما يمد هؤلاء بما يبرر لهم وجهات نظرهم في الحاضر، ما يدعم مواجهاتهم السياسية.
وفي الحالتين، فإن الأمر يعكس إشكالية مزدوجة.إشكالية أولى تتعلق بتعاملنا مع الكتابة التاريخية.وإشكالية ثانية تتعلق بالقدرة على التقييم الموضوعي للمنتج التاريخي.
بالنسبة للإشكالية الأولى والتي تتعلق بتعاملنا مع الكتابة التاريخية،فإن أخطر ما يواجه أي أمة أن تجدها تختلف على ما جرى في تاريخها من وقائع،وتنشغل تياراتها بحسب الراحل العزيز أحمد عبد الله رزة عن “صياغة مشروع المستقبل بألعاب التسلية بالأرقام من 1919 إلى 1952 ومن 1952 إلى 1970،الخ. .”. ومن ثم تتعرض الذاكرة التاريخية الوطنية المصرية لنوع من التمزيق،فكل تيار يختطف من التاريخ ما يخدمه في الحاضر،وكل فئة تقتطع من التاريخ ما يفيدها في صراعاتها الآنية. وعليه يتم إعادة تركيب التاريخ أو الذاكرة التاريخية الجماعية للوطن بمنطق ما يعرف في فن وصناعة السينما “بالمونتاج السينمائي”،حيث يتم قص الواقعة التاريخية من سياقها الذي حدثت فيه،أو إعادة تفسير موقف أحد الشخصيات التاريخية من منظور واحد دون الأخذ في الاعتبار الظروف الموضوعية التي أدت إلى اتخاذ هذا الموقف،إنه ” مونتاج الماضي”، بحسب الباحث الألماني “يان أسمن”.
و نتيجة لما سبق نجد كل تيار يحاول أن يشكل ذاكرة تاريخية خاصة به و ذلك من خلال التنشئة السياسية الخاصة و التدوين الخاص بكل تيار. و هكذا بدلا من أن تكون هناك رؤية واحدة جامعة للتاريخ تهدف إلى تبلور رؤية مشتركة للذاكرة التاريخية و للذات الحضارية ،نجد رؤى متعددة :
“متجاورة” أو” متنافسة” أو” نافية” لبعضها البعض بدلا من أن تتفاعل معا في اتجاه النهوض.
لذا فليس غريبا أن نجد أكثر من ذاكرة تاريخية و أن يُقرأ تاريخ مصر – أم الدنيا – النهرية المركزية – بلغة “المونتاج السينمائي”،بحسب ما أشرنا.أو أن يقرأ التاريخ بمنهج استنساخي كربوني أو أن يقرأ في ضوء التوظيف السياسي أو الديني بما يخدم صراعات الحاضر.
و لعل تعدد “الذاكرات” يكون من أشد و أخطر ما يواجهنا حيث يعاد تشكيل الخصوصيات بما يخدم السياسي و يدعم المواقف الصراعية على حساب الحضاري الجامع (ثورة 1919 على سبيل المثال لحظة حق تاريخية لدى البعض، و عقوبة إلهية على المصريين لدى البعض الآخر كما جاء في كتابات الأستاذ حسن البنا). إن المطلع على الثقافة الفرنسية يعرف إنه لا يختلف أحد على أن الثورة الفرنسية تعد نقطة تحول تاريخية ليس لفرنسا وحدها بل للعالم كله،نعم قد تكون هناك ملاحظات حول بعض رموزها أو إنها سفكت كثير من الدم،ولكن لا أحد يقلل من دورها ،هكذا الموقف من ديجول أيضا. ودخول العرب إلى مصر لدى البعض فتح ولدى البعض الآخر غزو، ولا أحد يفكر في تحليل الظروف الموضوعية التي رافقت دخول العرب إلى مصر والسياق التاريخي بأبعاده المتعددة:الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية.
إنها القراءة التاريخية “المونتاج”بفعل السياسة أو الدين،
والتي تنحو نحو التوظيف السياسي/الديني أكثر من الميل إلى الموضوعية.
وليس القراءة التي ترى المصريون من خلال ديناميكيتهم المجتمعية،
ونضالهم من أجل “الاندماج” في شتى البنى المجتمعية.
(ب)
وليتخيل معي القارئ الكريم حال الأجيال القادمة عندما تصبح لكل مجموعة متماثلة، ذاكرتها التاريخية المختلفة عن الآخرين ومن ثم “تتحول مصر إلى أكثر من مصر”. إن العالم المتقدم يُعنى كثيرا بما يعرف بفلسفة التاريخ التي من شأنها أن تحفظ حدا أدنى من الاتفاق حول تاريخ الجماعة الوطنية حيث:
” توحد” بين أبنائها من جهة،
و” تتيح” أن يتشارك الجميع في رسم المستقبل،من جهة أخرى.
وفي هذا المقام يقول الدكتور أنور عبد الملك “إن فلسفة التاريخ تلعب دورا رئيسيا في تفهم، ومن ثم تحديد، معالم الشخصية الوطنية، والقومية، والحضارية، التي بدورها، تلعب دورا توجيهيا رئيسيا في تحديد الحراك السياسي والحضاري للمجتمعات البشرية، أي في فهم السياسات الإستراتيجية بعيدة المدى، وكذا السياسات الإستراتيجية – التكتيكية – الوسيطة،والسياسات التكتيكية المباشرة. ومن هنا نرى كيف أن مختلف الاتجاهات في فلسفة التاريخ لشعب أو بلد على وجه التحديد هي في واقع الأمر”مدارس فكر وعمل”، وليس مدارس منهجية أكاديمية مجردة. ”
مما سبق فان التاريخ ليس دعوة للانضمام للحركة السياسية وليس ساحة للتبارز، وليس مجالا للدعوة أو التبشير، وإنما هو عامل لوحدة واندماج أبناء الوطن الواحد وتكوين رؤى مشتركة للمستقبل. إن تبلور ذاكرات وطنية موازية لبعض دون تلاقي، إنما تعكس “تفتيتا ناعما”للذاكرة الوطنية، وعليه “تفكيكا للجماعة الوطنية ” ،حيث كل مكون من مكونات الجماعة الوطنية باتت له ذاكرة تاريخية خاصة به يظنها الأصح والأدق، وهو ما يؤدي إلى ما يصفه المفكر الفرنسي برتران بادي “التحلل تحت القومي “.
بلغة أخرى هل يمكن أن يتصور أحد أن تُشكل كل مجموعة نوعية تاريخا مستقلا عن المجموعات الأخرى،أي يصبح سعد زغلول – الخارج من عباءة الإمام محمد عبده – علمانيا متغربا لدى البعض، وزعيما وطنيا عند البعض الآخر؛ كما يصبح عبد الناصر إسلاميا عند البعض ،وعلمانيا عند البعض الآخر؛ وتأميم قناة السويس حماقة في عدد من التحليلات ،وضرورة في تحليلات أخرى.
إنها الرؤى التي تتراوح بين النقيضين،ولكن ما هكذا يصح التعامل مع التاريخ.
بل يتجرأ البعض ويحكم حكما مطلقا على الحركة الوطنية المصرية ويصفها بأنها لا تتعدى كونها مجرد أساطير ويصادر جهد من ناضل وكافح ضد الظلم والاستعمار . ونجد من يحكم على الماضي بمعايير الحاضر حيث محمد علي كان مناهضا لقيم حقوق الإنسان لأنه مارس القهر مع الفلاحين المصريين،بالرغم من أنه بني الجيش الوطني المصري للمرة الأولى في تاريخ مصر بحسب قواعد الزمن آنذاك، وأتاح ملكية الأرض الزراعية للمصريين للمرة الأولى مما أتاح بداية لتطور البناء الاجتماعي المحلي، الأمر الذي غاب طويلا ويفسر لماذا في فترات تاريخية سابقة وقت الحكم البيزنطي مثلا لم يتح لمصر أن تتطور تاريخيا بالرغم من نضالاتها الوطنية وذلك بسبب عدم تبلور طبقات اجتماعية محلية قادرة على الدفع في اتجاه تطور وطني ذاتي.
ولا نعني بالذاكرة الوطنية الواحدة إلغاء الخصوصيات الثقافية الأولية، وإنما كيف يمكن أن يتم تضفير تاريخ مصر بكل غناه، في ذاكرة تاريخية واحدة لكل المصريين تعكس سمات كل مرحلة، والتواصل فيما بين هذه المراحل،انطلاقا من أن تماسك المجتمعات، إنما يقوم على وجود ذاكرة تاريخية واحدة لكل من ينتمون إلى وطن واحد بتنوعهم،والتاريخ الواحد هو القاعدة الأولى للتقدم المجتمعات البشرية ـ بحسب المفكر الموسوعي كوندورسيه ـ . وعليه:
لا يستقيم أن تسقط من الذاكرة حقبة ما..
أو يستأثر طرف بقراءة التاريخ ..
أو أن يخضع التاريخ “للتسييس” / “للتديين” .
كما لا ينبغي التعامل مع التاريخ باعتباره:
مجرد حواديت نستدعيها للترويح عن أنفسنا في الحاضر..
أو خنادق نتحصن بها هربا من هذا الحاضر أو رفضا له…
أو أسلحة نستخدمها في معارك راهنة ذات طبيعة سياسية…
أو وقائع ـ نظنها ـ نقية نستدعيها لمواجهة واقع لا نرضى عنه…
وعليه،لابد من وضع الكتابة التاريخية في ميزان العلم،متحررة من التحيزات والأحكام المسبقة.وأن تصبح المعايير العلمية هي المعيار الحاكم في التعاطي مع الكتابة التاريخية، فلا يحاكم العمل التاريخي إلا وفق هذه المعايير من جهة، واللحظة الزمنية التي كتب فيها من حيث تطور مناهج كتابة التاريخ وقتئذ من جهة أخرى.والتأكيد على أن التاريخ بما يتضمن من وقائع وأحداث هو نتاج عملية م/عمليات معقدة متداخلة ومتقاطعة للاقتصادي والاجتماعي والسياسي والثقافي.
كما لا يصح أن يحاكم الكتاب التاريخي بأثر رجعي في ضوء خلافات الحاضر السياسية والدينية.
(ج)
في هذا السياق،ننتقل إلى الإشكالية الثانية حول التقييم الموضوعي للكتابة التاريخية.وفي حالتنا هنا فان الكتابة التاريخية محل النقاش هي كتاب جاك تاجر ـ الصادر في 1951 ـ فكل طرف من الأطراف يعيد توظيفه بما يخدم اللحظة الحاضرة.والمفارقة أنه في داخل كل فريق هناك من يتحفظ على الكتاب وهناك من يرحب به.بيد أن الكتاب ـ بفصوله الإثني عشرة ـ يعد في مسيرة الكتابة التاريخية التي تناولت العلاقة بين المسلمين والأقباط خطوة إلى الأمام من حيث الصياغة والأخذ بالمنهجية العلمية.قد تكون لدينا تحفظات كثيرة منهجية على الكتاب،ولكن من الأهمية بمكان أن نتفهم ما الذي أضافه الكتاب إلى مسيرة الكتابة التاريخية التي تناولت العلاقات الإسلامية المسيحية في مصر مقارنة بما سبقه من كتب من جهة،وإخضاع ما جاء فيه من معلومات وأفكار للتحليل والنقد العلمي في ضوء ما تبع الكتاب من كتابات تاريخية تالية من جهة أخرى.
ويستلزم منا ما سبق،قبل أن نذكر بعض الملاحظات حول كتاب جاك تاجر ،أن نرسم خريطة معرفية أولية لتطور الكتابة التاريخية التي تعاطت مع العلاقة بين المسلمين والمسحيين في مصر.وفي ضوء هذه الخريطة نُسكن كتاب جاك تاجر في الموضع الصحيح على الخريطة.

(د)

وعليه وفي تصورنا أن هذه المسيرة قد مرت بالمراحل / الأنواع التالية:

  • أولا:الكتابة التاريخية الدينية.
  • ثانيا:الكتابة السردية.
  • ثالثا:الكتابة الأكاديمية الأجنبية والوطنية.
  • رابعا:الكتابة من منظور الجماعة الوطنية.
  • خامسا:الكتابة المجتمعية/السياقية.
  • سادسا:الكتابة متعددة مستويات التحليل.

هناك، أولا، الكتابة التاريخية الدينية والتي تناولت موضوع الأقباط من خلال تطور تاريخ الكنيسة القبطية الأرثوذكسية.ويأتي في هذا السياق كتاب “تاريخ بطاركة الكنيسة المصرية المعروف بسير البيعة المقدسة”لساويرس بن المقفع أسقف الأشمونين. ويمكن هنا أن نضيف من الكتب التي سارت في هذا المسار حيث ترصد تاريخ الأقباط من خلال تاريخ الكنيسة مثل:
1. تاريخ كنيسة الإسكندرية للأب فانسليب،
2. ومصر المسيحية للأب فاولر.
لا يمنع أن يجد القارئ لهذه الكتابات اقترابا من بعض الأحداث العامة التي كانت تقع في مصر،بيد أن السمة العامة لهذه الكتابات كانت تميل للتعامل مع الأقباط الجماعة الدينية.
هناك، ثانيا، الكتابة السردية، وأقصد بها التي ينحو فيها كاتبها إلى السرد التاريخي للوقائع، والمعلومات الغزيرة والتي كانت تزيد من كتاب إلى كتاب مع توفر الوثائق والمخطوطات وتقدم المناهج الخاصة بتحقيقها.وكلها التزمت التتبع التاريخي لمصر من خلال إما مسار الحكم وعلاقة الحاكم بالكنيسة من خلال تاريخ البطاركة، أو تتبع حياة الأقباط في ظل الحكام المتعاقبين، أو الأمرين معا.ويختلف كل كتاب في إدراج الوقائع والأحوال التي يمر بها الأقباط بشكل خاص ومصر بشكل عام بحسب ما يتوفر من مصادر من جهة وبحسب الميل الشخصي في اختيار الوقائع .ومن هذه الكتب نشير إلى:
1. تاريخ الأمة القبطية ليعقوب نخلة روفيلة.
2. تاريخ الأمة القبطية، للسيدة أ.ل. بوتشر
3. تاريخ الأمة القبطية ليوسف منقريوس.

وثالثا، نذكر الكتابة الأكاديمية:الأجنبية والوطنية،ونقصد بها الكتابة التي ولدت في الأروقة الجامعية وأتبعت المناهج العلمية التاريخية التي كانت آخذة في التبلور مع مطلع القرن العشرين.بيد أن الكتابة التاريخية التي تناولت الأقباط والعلاقات بينهم وبين مسلمي مصر،لم تأخذ طريقها إلى الظهور إلا مع الثلاثينيات من القرن الماضي.ولأسباب تتعلق بطبيعة المرحلة وتأسيس مدارس قومية مصرية في شتى المجالات المعرفية،لم تكن هناك مسافة زمنية بين الكتابة التاريخية الأكاديمية التي صدرت عن الجامعات الأجنبية والوطنية.ففي وقت متزامن ـ تقريبا، منتصف الأربعينيات ـ صدر الكتاب الأشهر لترتون الأستاذ بجامعة لندن،”أهل الذمة في الإسلام”،الذي ترجمه الدكتور حسن حبشي في سنة 1967.وفي مصر صدر عن جامعة القاهرة “المجمل في التاريخ المصري”،وهي محاولة لقراءة تاريخ مصر قراءة علمية.وفي هذا السياق، أصدرت الأستاذة الدكتورة سيدة إسماعيل الكاشف كتابها المرجعي التأسيسي”مصر في فجر الإسلام:من الفتح العربي إلى قيام الدولة الطولونية”.وعلى نفس النهج سارت المدرسة التاريخية الأكاديمية المصرية في التاريخ لأقباط مصر
لقد استفادت هذه النوعية من الكتابة من الدراسات التاريخية حول تاريخ مصر والتي بدأت في تحليل الأوضاع الاجتماعية والاقتراب من المؤسسات والهياكل المختلفة في كل مرحلة تاريخية.بيد أن هذه الدراسات ظلت محافظة على المصطلح الديني”أهل الذمة”،وقد خرج عن هذا التقليد الأستاذ قاسم عبده قاسم عندما بدأ يستخدم تعبير الأقليات الدينية في دراسته عن الفترة المملوكية،ثم الدكتور محمد عفيفي عندما استخدم تعبير الأقباط في الفترة العثمانية.

ثم هناك، رابعا، تأسست الكتابة التاريخية من منظور الجماعة الوطنية، وهي كتابة تعد امتدادا للكتابة الأكاديمية ولكنها تجاوزت النظرة للأقباط باعتبارهم “أهل ذمة”، إلى أنهم مكون من مكونات الجماعة الوطنية.كما تم تناول تاريخ الكنيسة من خلال دورها في المجال الوطني وانعكاساته على واقع الجماعة الوطنية المصرية.ويمكن اعتبار كتاب المفكر والقانوني واللاهوتي الراحل الأستاذ الدكتور وليم سليمان قلادة “الكنيسة المصرية تواجه الاستعمار والصهيونية”الصادر في العام 1968، وهو الكتاب الرائد في هذا المقام.والذي تصادف أن واكبه في النشر دراسة كانت تنشر على حلقات في مجلة الكاتب آنذاك بعنوان”مصر الحديثة بين أحمد والمسيح”،من إبداع المفكر الكبير والفقيه البارز الأستاذ طارق البشري والتي كانت النواة للمجلد العمدة الذي صدر في عام 1980″المسلمون والأقباط في إطار الجماعة الوطنية”.وفي هذا المقام تجدر الإشارة إلى العمل المبكر الذي ألفه قرياقص ميخائيل عام 1911 بعنوان”أقباط ومسلمون تحت السيطرة( الاحتلال) البريطاني””Copts And Moslems Under British Control”،والذي أظنه إرهاصة للكتابات التي تقارب العلاقات الإسلامية المسيحية في مصر من منظور الجماعة الوطنية.
وهناك،خامسا،الكتابة التحليلية المجتمعية،وهي الكتابة التي قرأت حركة الأقباط من خلال منهج التحليل الاجتماعي وإدخال السياق المجتمعي في الاعتبار ودراسة حركة الأقباط، ليسوا كجماعة مستقلة، في إطار البنية الاقتصادية والاجتماعية شأنهم شأن المسلمين. وأوضحت هذه الكتابات أن الديناميكية التي تلحق بالمصريين واحدة.ومنذ ما بعد منتصف الخمسينيات انطلقت هذه النوعية من الكتابات، وتنوعت القضايا التي تتناولها ونتجت العديد من الدراسات تناولت العديد من القضايا، وراعت فيها أن تدرس دور وتفاعل الأقباط معها وموقعهم فيها.من هذه القضايا يمكن أن نذكر على سبيل المثال لا الحصر ما يلي:
1. شخصية مصر.
2. نهضة مصر.
3. الهوية.
4. الدولة المركزية.
5. الحياة النيابية في مصر.
6. التطور المؤسسي.
7. الأدب الشعبي والفولكلور والإبداع الثقافي.
8. الفكر المصري.
9. تطور الملكية الزراعية.
لقد أطلقت هذه الدراسات مساحات أعانت في مقاربة الأقباط كمواطنين من خلال البنى والهياكل الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية المتنوعة.
وأخيرا، هناك، سادسا، الكتابة، متعددة مستويات التحليل، والتي بدأت تأخذ في الاعتبار الدراسات المقارنة والتحولات الدولية والاقتصادية وتأثيرها على العلاقات والتفاعلات بين مكونات الجماعة الوطنية على اختلافاتهم.ويدخل في هذا السياق تأثير الأدبيات التي استجدت العديد من الموضوعات وتداخل كل منها مع بعضه البعض مثل:تأثير العولمة على الدولة القومية،المواطنة بأبعادها،جدل الاندماج والعزلة،
(هـ)
في ضوء ما سبق،يمكن القول أن كتاب جاك تاجر،ينتمي للنوع الثالث من الكتابة التاريخية أو ما أطلقنا عليه الكتابة الأكاديمية.فلقد التزم الكتاب بما التزمت به هذه المدرسة ـ آنذاك ـ من حيث تحرير الكتابة السابقة عليها من السردية المطلقة والتحليل الانطباعي إلى القدرة على اختيار الوقائع وترتيبها ترتيبا منطقيا، وإعادة النظر إليها وفق نظرة منهجية حاكمة للكتاب.قد تكون هذه المنهجية محل اتفاق أو اختلاف إلا أنه لا يمكن التغافل عن أن هناك منهجية ما حكمت الكاتب في عمله.
سوف يجد القارئ للكتاب أن المؤلف تأثر إلى حد كبير بالمدرسة الفرنسية التاريخية التي تعطي أهمية للبنية الهيكلية للموضوع محل الدراسة.فالعناوين محددة وعديدة ومتدرجة بحسب التسلسل المنطقي،وبعضها تفصيلي ولكنه مثار جدل ومن الأهمية بمكان أن تتم مناقشته.إن المقارنة الدقيقة للكتاب مع كتابات الأستاذة الجليلة سيدة إسماعيل الكاشف ـ التي سبقت كتاب جاك تاجر ـ سوف تكشف أن هناك مساحات تداخل بين جهد الدكتورة سيدة الرائد وبين جاك تاجر،وأقصد هنا تناول قضية دخول العرب إلى مصر والملابسات التي رافقت هذا الأمر.بيد أن جاك تاجر في تناوله قد اختار أن يتعامل مع الأمر من خارج الظاهرة ربما بذهنية الأجنبي،فكان يطرح القضايا بشكل مباشر،ومن خلال تساؤلات بسيطة.
لقد تأثر الكتاب كما هو واضح بكتابات هذه المرحلة، الكتابات الأكاديمية البازغة، بالاستفادة بالتحليل الاقتصادي لتفسير الوقائع.وفي نفس الوقت بإعادة قراءة الكتب التاريخية التراثية قراءة منهجية بما يخدم الكتابة التاريخية الجديدة.فلا يمكن أن تكتب كتابة تاريخية جديدة بمعزل عن قراءة:
فتوح مصر وأخبارها لابن عبد الحكم،
فتوح البلدان للبلاذري،
مروج الذهب ومعادن الجوهر في التاريخ للمسعودي،
النجوم الزاهرة في أخبار مصر والقاهرة لابن تغري بردي،
تاريخ مصر لابن إياس،
المواعظ والاعتبار في ذكر الخطط والآثار للمقريزي،
والسلوك في معرفة الملوك للمقريزي،
وتاريخ حنا النقيوسي،
وتاريخ أبو صالح الأرمني،
السينكسار اليعقوبي.
وربما كان للكاتب أفضلية عن أقرانه في هذه الفترة هو إطلاعه على الكثير من المصادر الأجنبية وهو أمر يمكن أن يرى إيجابيا كما يمكن أن يرى سلبيا.فالمصادر تتضمن كتابات للعديد من الرحالة الأوروبيين المعتبرين إلا أن بعضا منهم يصنفوا كمستشرقين لديهم موقف مسبق من الشرق.بيد أن هذا الأمر قد أتاح له التطرق للكثير من القضايا التي تعد جديدة بمعايير هذا الزمن مثل علاقة مصر بشكل عام،والأقباط بشكل خاص بالحبشة.كذلك فهم الموقف الغربي من الأقباط وموقف الأقباط من الفرنجة والطوائف الغربية من منظور أوروبي.
وتجدر الإشارة إلى أهمية فتح الكاتب إلى قضايا هامة لم تزل محل جدل مثل قضية التعريب والتحول الثقافي الذي طرأ على مصر،وهي إشكالية بكل المعايير قد أولاها الكاتب اهتماما ـ وقتئذ ـ فتح آفاقا للتفكير والبحث.وهو ما رأيناه مع معالجة أستاذنا أبو سيف يوسف في كتابه المرجعي الهام “الأقباط والقومية العربية”،حيث جاء تحليله في شأن قضية التعريب واعيا للبعدين الاقتصادي والطبقي مما مثل إضافة مميزة حول هذا الأمر.
وعلى الرغم من أننا صنفنا الكتاب من ضمن الكتابة الأكاديمية بما تضمن من معلومات ومن محاولة صياغة الوقائع بطريقة تتجاوز ما هو سائد آنذاك من مقاربات لموضوع العلاقات الإسلامية المسيحية في مصر،بشكل علمي،إلا أن الكاتب في عمله قد تعامل مع الأقباط بصفتهم جماعة دينية فهم تارة النصارى،وتارة أخرى اليعاقبة،وهو ما يعكس طبيعة الكتابة التاريخية التي لم تكن تزل متأثرة بهذا المنطق،على الرغم من أن الكتابة الأكاديمية ـ كما ذكرنا من قبل ـ قد تجاوزت الكتابة السردية والدينية إلا أنها بقيت تستخدم مفردات وصفية ذات طابع ديني.على أن ذلك لم يمنعها من الولوج إلى مناطق جديدة اقتصادية وسياسية وثقافية.
صفوة القول،يعد كتاب جاك تاجر من الكتب الهامة شريطة قراءته بروحية ذات منهجية علمية وليس من منظور ديني أو سياسي ضيق.وهو ما لابد أن نتبعه مع كل الأعمال التي استطاعت أن يكون لها علامة في مسيرة الإبداع المصري.ولعل من أهم المعايير التي تشير على أهمية الكتاب هو الاختلاف حوله لما أثاره من قضايا ومحاولته ـ بغض النظر عن درجة نجاحه ـ في أن يتناول القضايا المختلفة بشكل جدلي،في لحظات الاحتقان أو الاشتباك السياسي لا نلحظ أهمية هذا الجدل،حيث يكون هم كل طرف منا أن يأخذ من العمل ما يعينه في معاركه.
(و)
ويقيني أنها ليست صدفة أنه مع نهاية الخمسينيات ينشر محمد شفيق غربال كتابه التأسيسي صغير الحجم عظيم الفائدة”تكوين مصر”والذي في ظني يعد انقلابا جذريا في طريقة تناول تاريخ مصر حيث وضع الأساس المنهجي للنظرة التي يجب أن يكتب بها تاريخ مصر من حيث:
التعريف بالمركب الحضاري المصري عبر الزمن من دون إهمال أو استبعاد أو نفي لعناصر هذا المركب..
انها محاولة هامة لفهم الشخصية المصرية بملامحها المتعددة ـ التي يتواصل تشكلها عبر التاريخ ـ في إطارها الكلي المركب بغير إهمال لخصوصية عناصر هذا المركب عبر التاريخ.. كذلك “حركة الشعب وعناصر حضارته المادية والفكرية” بتحولاتها:الثقافية و الدينية و اللغوية والاقتصادية والاجتماعية و السياسية…ولاشك أن هذا المنهج قد أسهم في تطوير مناهج الكتابة التاريخية حتى الديني منها فنجد كتابات رأفت عبد الحميد تراعي عد الوقوع في مفردات تجاوزها الحاضر دون أن يخل هذا بالتاريخ.كما فتح الباب لمنهج الجماعة الوطنية وغيره من مناهج.وإن كان هذا لا يمنع أنه ولأسباب معقدة تطل علينا كتابات ضد المسار الذي سارت فيه الكتابة التاريخية.
بهذا المنهج وحده يمكن أن نكتب تاريخ مصرنا على قاعدة الاندماج الوطني وليس المونتاج…من أجل مستقبلنا المشترك…
صفوة القول ما أحوجنا ونحن بصدد بناء جماعة سياسية قومية ذات هوية واحدة هي هوية الدولة القومية القائمة على المواطنة، والاندماج بين كل المصريين العمل على تكوين ذاكرة تاريخية وطنية واحدة للجميع ينعقد حولها إجماع قومي وليس تمزيق التاريخ وإعادة تركيبه كيفما تراه كل مجموعة ،بمنطق المونتاج السينمائي؛ إنها مسؤولية كبيرة ولاشك وتحتاج إلى تبني مشروع قومي تأسيسي للذاكرة التاريخية ،لان ذلك هو أفضل سبيل لفهم الحاضر ورسم صورة للمستقبل تكون محل إجماع .

جدول رقم (1)

أولا: الكتابة الدينية 1. تاريخ كنيسة الإسكندرية للأب فانسليب،
2. ومصر المسيحية للأب فاولر.
3. المجتمع القبطي في مصر في القرن 19 .رياض سوريال.
4. ملامح الشخصية المصرية في العصر القبطي.رأفت عبد الحميد.
5. الكنيسة والدولة.رأفت عبد الحميد.
ثانيا: الكتابة السردية 1. تاريخ الأمة القبطية ليعقوب نخلة روفيلة.
2. تاريخ الأمة القبطية، للسيدة أ.ل. بوتشر.
3. تاريخ الأمة القبطية ليوسف منقريوس.
4. تاريخ الكنيسة القبطية للقس منسى يوحنا.
5. قصة الكنيسة القبطية لإيريس حبيب المصري.
ثالثا: الكتابة الأكاديمية:الأجنبية والوطنية 1. سيدة إسماعيل الكاشف،مصر في عهد الإخشيديين.
2. قاسم عبده قاسم،عصر سلاطين المماليك.
3. سلام شافعي سلام،أهل الذمة في مصر في العصر الفاطمي الأول.
4. سلام شافعي سلام، أهل الذمة في مصر في العصر الفاطمي الثاني والعصر الأيوبي.
5. فاطمة مصطفى عامر، تاريخ أهل الذمة في مصر الإسلامية من الفتح العربي إلى نهاية العصر الفاطمي.
6. محمد عفيفي، الأقباط في العصر العثماني.
7. زاهر رياض،المسيحيون والقومية المصرية في العصر الحديث.
رابعا: الكتابة من منظور الجماعة الوطنية 1. تاريخ المسيحية الشرقية ،لعزيز سوريال عطية،الذي صدر بالإنجليزية في 1968.
2. المسلمون والأقباط في إطار الجماعة الوطنية، طارق البشري.
3. البابا كيرلس الخامس،في حكايات من دفتر الوطن،لصلاح عيسى.
4. الأقباط في السياسة المصرية:مكرم عبيد ودوره في الحركة الوطنية، مصطفى الفقي.
5. المسيحية والإسلام في مصر.وليم سليمان قلادة.
6. سميرة بحر، الأقباط في الحياة السياسية المصرية.
7. الأقليات والاستقرار السياسي.نيفين مسعد.
خامسا: الكتابة المجتمعية 1. الفتنة الطائفية في مصر.نادية رمسيس فرح.
2. الأقباط والقومية العربية.أبو سيف يوسف.
3. مبدأ المواطنة.وليم سليمان قلادة.
سادسا : الكتابة متعددة مستويات التحليل 1. المصحف والسيف.نبيل عبد الفتاح.
2. الحماية والعقاب:الغرب والمسألة الدينية في الشرق الأوسط.سمير مرقس.

جدول رقم (2)

القضايا قائمة بأسماء الكتب
أولا:شخصية مصر 1) شخصية مصر .جمال حمدان.
2) الشخصية الوطنية المصرية.طاهر عبد الحكيم.
ثانيا:نهضة مصر 1) نهضة مصر.أنور عبد الملك.
ثالثا:الدولة 1) الدولة المركزية في مصر.نزيه نصيف الأيوبي.
رابعا:الهوية والحضارة 1) تكوين مصر.محمد شفيق غربال.
2) وحدة تاريخ مصر. محمد العزب موسى.
خامسا:التطور النيابي 1) تاريخ الحياة النيابية في مصر .صبحي محمد خليل.
2) صلاح ذكي.
سادسا:التطور الاقتصادي و الاجتماعي والمؤسسي 1) في أصول المسألة المصرية .صبحي وحيدة.
2) تاريخ مصر الاجتماعي الاقتصادي في ضوء النمط الأسيوي للإنتاج.أحمد صادق سعد.
3) ثورة مصر القومية. إبراهيم عامر.
4) الثورة العرابية.صلاح عيسى,
سابعا:الأدب الشعبي والفولكلور والإبداع الثقافي 1) الأدب الشعبي أحمد رشدي صالح.
2) الإبداع الثقافي على الطريقة المصرية:دراسة عن بعض الأولياء والقديسين في مصر.سيد عويس.
3)
ثامنا:الفكر المصري 1) تاريخ الفكر المصري الحديث.لويس عوض.
تاسعا:تطور الملكية الزراعية. 1) تطور الملكية الزراعية وأثره على الحياة السياسية في مصر 1813 ـ 1914.
2) كبار الملاك والفلاحين في مصر.رءوف عباس وعاصم الدسوقي.

القضايا
قائمة بأسماء الكتب
أولا:شخصية مصر
1) شخصية مصر .جمال حمدان.
2) الشخصية الوطنية المصرية.طاهر عبد الحكيم.
ثانيا:نهضة مصر
1) نهضة مصر.أنور عبد الملك.
ثالثا:الدولة
1) الدولة المركزية في مصر.نزيه نصيف الأيوبي.
رابعا:الهوية والحضارة
1) تكوين مصر.محمد شفيق غربال.
2) وحدة تاريخ مصر. محمد العزب موسى.
خامسا:التطور النيابي
1) تاريخ الحياة النيابية في مصر .صبحي محمد خليل.
2) صلاح ذكي.
سادسا:التطور الاقتصادي و الاجتماعي والمؤسسي
1) في أصول المسألة المصرية .صبحي وحيدة.
2) تاريخ مصر الاجتماعي الاقتصادي في ضوء النمط الأسيوي للإنتاج.أحمد صادق سعد.
3) ثورة مصر القومية. إبراهيم عامر.
4) الثورة العرابية.صلاح عيسى,
سابعا:الأدب الشعبي والفولكلور
والإبداع الثقافي
1) الأدب الشعبي أحمد رشدي صالح.
2) الإبداع الثقافي على الطريقة المصرية:دراسة عن بعض الأولياء والقديسين في مصر.سيد عويس.
3)
ثامنا:الفكر المصري
1) تاريخ الفكر المصري الحديث.لويس عوض.
تاسعا:تطور الملكية الزراعية.
1) تطور الملكية الزراعية وأثره على الحياة السياسية في مصر 1813 ـ 1914.
2) كبار الملاك والفلاحين في مصر.رءوف عباس وعاصم الدسوقي.

المصادر بترتيب استخدامها

أولا: باللغة العربية

1) أحمد عبد الله رزة(محرر)، تاريخ مصر بين المنهج العلمي والصراع الحزبي، (أعمال ندوة الالتزام والموضوعية في كتابة تاريخ مصر المعاصر 1919 ـ 1952)، القاهرة، 1987.
2) يان أسمن،الذاكرة الحضارية:الكتابة والذكرى والهوية السياسية، ترجمة عبد الحليم عبد الغني رجب،
المشروع القومي للترجمة،رقم( )،200.
3) حسن البنا،حديث الثلاثاء،سجلها وأعدها للنشر أحمد عيسى عاشور,مكتبة القرآن،د.ت.
4) أنور عبد الملك، من أجل إستراتيجية حضارية، مكتبة الشروق الدولية، 2005.
5) برتران بادي،عالم بلا سيادة:الدول بين المراوغة والمسؤولية،ترجمة لطيف فرج،مكتبة الشروق،2001.
6) جوزف هورس،قيمة التاريخ،ترجمة نسيم نصر،سلسلة زدني علما رقم (76)،منشورات عويدات،1986.
7) سمير مرقس،ما الفرق بين الذاكرة المدنية والنوستالجيا،في المواطنة والتغيير:دراسة أولية حول تأصيل المفهوم وتفعيل الممارسة،مكتبة الشروق الدولية،طبعة ثانية مزيدة 2010.
8) إسماعيل صبري عبد الله، نظرة مصرية لتاريخنا الحضاري، في المواطنة: حضاريا و تاريخيا وفقهيا، سلسلة المواطنة رقم (1)، وحدة المواطنة ـ المركز القبطي للدراسات الاجتماعية، 1996.
9) ف.جوردون شايلد،التاريخ،ترجمة عدلي برسوم عبد الملك،مكتبة الأفكار رقم (1)،الدار المصرية للكتب،د.ت.
10) وليم سليمان قلادة،تاريخ بطاركة الكنيسة المعروف بسير البيعة المقدسة لساويرس بن المقفع،في أهم مائة كتاب في مائة عام،موسوعة عصر التنوير، الجزء الأول ،دار الهلال،1992.

ثانيا: باللغة الانجليزية

1) Richard Dagger, Metropolis, memory & citizenship, in Democracy, Citizenship and the Global City, Edited by Engin F. Isin, Routledge, 2000.
2) Mark Day, The philosophy of History, Continuum, 2008.

 

طباعة   البريد الإلكتروني
0
0
0
s2smodern