(1)
«التحول» وصف يعبر عن وضعية البلدان التى تحاول الانتقال من حالة إلى حالة. من حالة سلطوية / استبدادية إلى حالة ديمقراطية سياسية ومدنية واجتماعية واقتصادية. وقد مر عديد من الدول بعملية التحول هذه، حيث نجحت فى تجاوز الكثير من الإعاقات وواجهت عظيم التحديات كى تحصل على ثمار تحديها للأنظمة السلطوية حياة كريمة لمواطنيها.
فى هذا السياق، تأتى مصر بما حققته فى 25 يناير من إسقاط للحاكم، لتدخل فى عداد الدول التى تجاهد من أجل تحقيق التحول بمعناه الشامل والمركب.
(2)
ويبدو لى فى هذا المقام أن هناك ضرورة فى قراءة تجارب الآخرين الذين خاضوا عملية التحول الديمقراطى لفهم ديناميكيتها وطبيعتها وآلياتها. وتزداد أهمية القراءة – لاشك – إذا كانت هذه التجارب تعكس ظروفا مشابهة لواقعنا. ذلك لأنها تتضمن دروساً مستفادة تكون ملهمة لنا فى تبنى مقاربات مبتكرة بما يلائم واقعنا، وتجنبنا أن نكرر الأخطاء التى وقع فيها من سبقنا فى خوض عملية التحول.
(3)
من جانب آخر، تزداد الفائدة عندما نعيد تقييم المراحل التى مررنا بها منذ بدأت عملية التغيير، وبات لزاما علينا أن نعبر بالتحول، حيث ننتقل من الحالة السلطوية إلى الحالة الديمقراطية بمعناها الشامل.كلنا نستغرق فى الحركة السياسية بمعناها اليومى وإلحاح التصرف السريع لمواجهة الكثير من الأمور والإجراءات التى شابت خارطة الطريق التى سرنا فيها، التى دفع فيها شبابنا حياتهم ثمنا لمحاولة إثناء أولى الأمر عن تعنتهم وعندهم وتصلبهم.
(4)
من هنا تأتى إطلالتنا على تجارب الآخرين لنعيد النظر فى تحولنا، الذى بدأ منذ سنتين – تقريبا – لندرك فى أى شىء أخفقنا، وفى أى شىء نجحنا، وظنى أن المعرفة هى ما نحتاجه بشدة فى لحظة يبدو لى فيها أن الوطن يواجه مأزقا بسبب نص دستورى لا يعبر عن روح 25 يناير ولا مصر المركب الحضارى التعددى، وهو ما سيزيد من حدة الاستقطاب من جهة وتعقد عملية التحول من جهة أخرى.
(5)
وقبل أن نبدأ سلسلة مقالاتنا، التى اخترنا لها عنوان «تحولات»، والتى سوف نعرض فيها أهم الأفكار المتعلقة بعملية التحول الديمقراطى، والتى يكون من شأنها إثارة التفكير «أو كما يقولون إثارة العصف الذهنى» حول تجربتنا. كذلك عرض نماذج حية وعملية لدول خاضت عملية التحول ونطرح فكرة حول التعاطى مع المأزق الذى نراه يلوح فى الأفق حول مسودة الدستور الحالى من خلال التجربة الإسبانية.
(6)
الفكرة هى تكوين لجنة سميت الآباء الرعاة للدستور، حيث اختاروا سبع شخصيات لا خلاف عليها فى السبعينيات لترعى كتابة الدستور وتطمئن إلى أنه يحقق التوافق الوطنى بين الإسبان على اختلافاتهم.
لماذا لا نسمى بعض الأسماء التى لا خلاف عليها كى ترعى الدستور وتضمن إنتاج نص يتم التوافق عليه ونمنع بهم الاستقطاب. من هذه الأسماء أقترح: حامد عمار، حسن الشافعى، سمير أمين، عزيزة حسين، مارى أسعد، أمين فخرى عبدالنور، جمال البنا، أحمد كمال أبوالمجد، حسام عيسى…
ونواصل تحولات..