أوباما وخطاب المواطنة والحرية الدينية

أوباما وخطاب الديمقراطية(المواطنة) والحرية الدينية

(قراءة لخطاب القاهرة في سياق الخطاب الفكري العام لأوباما)

(نص أولي غير قابل للاقتباس/ورقة مقدمة إلى مركز الدراسات الحضارية وحوار الثقافات ـ يونيو 2009)

سمير مرقس

أولا: ملاحظات أولية

ثانيا: تمهيد تاريخي: أوباما والجمهورية الخامسة

ثالثا: أوباما محاولة للفهم

  • (أ) نتاج نقي لحركة الستينيات المدنية: الراديكالية المرنة
  • (ب) تبني خطاب المواطنة
  • (ج) إحياء الوطنية الأمريكية

رابعا: حول خطاب القاهرة

  • (أ) في مسألة الديمقراطية
  • (ب) في مسألة الحرية الدينية

أولا:ملاحظات أولية

تراوحت ردود الأفعال حول ما طرحه خطاب أوباما في القاهرة بين رؤيتين كليتين رئيسيتين:الأولى مؤيدة،والثانية معارضة. حيث لعبت الدوافع السياسية والتحيزات الخاصة والواقع العربي المتعثر والعنف والصلف الإسرائيلي،دورا كبيرا في الاستقطاب الذي حدث بين الرؤيتين،الأمر الذي خفتت معه الرؤية التي يمكننا أن نصفها بالثالثة التي حاولت قراءة خطاب أوباما في سياق ما يحدث في الداخل الأمريكي من تحولات من جهة،وما يمثله أوباما كتعبير عن هذه التحولات التي تتجاوز كاريزميته ـ و التي لا يمكن تجاهلها في نفس الوقت ـ وما يحمله من مشروع فكري مغاير لمن سبقه من جهة ثانية. كذلك التحولات التي يشهدها عالم اليوم من جهة ثالثة.

إن أهمية الرؤية الثالثة ـ في ظني ـ أنها القادرة على تفسير ما جاء في خطاب القاهرة بطريقة مركبة تتوافق مع صياغاته المركبة المتعددة المستويات كما تقي من التعاطي مع الخطاب بمعزل عن السياق المنتج له وشخصية قائله بما يمثل. ولعل هذا ما يفسر كيف أن كثيرين قد تعاملوا مع الخطاب “بالقطعة”، وليس ككل مركب. كذلك ،قدرة هذه الرؤية ليس فقط على التفسير، وإنما الحساب العسير إذا تناقضت الممارسات مع مجمل المشروع الذي يقدمه أوباما والذي من ضمنه خطاب القاهرة. وبالأخير فإنها تعصم من أحكام تكون خاضعة للهوى من حب وكراهية.

مما سبق ينبغي التعاطي مع خطاب القاهرة باعتباره حلقة من سلسلة طويلة تعكس رؤية فكرية لقاعدة اجتماعية تتكون من شرائح مجتمعية وجيلية في الداخل الأمريكي وربما ـ خارجها ـ كانت مستبعدة لعقود من أن تكون حاضرة ومشاركة لاعتبارات كثيرة. ونتيجة لذلك كانت ممارسات وأفكار أوباما تمثل قطيعة جذرية لما سبقها من ممارسات وسياسات على المستويين الاجتماعي/الاقتصادي والفكري.
بداية جعل الطبقة معيارا للتعامل بدلا من العرق أو اللون أو الدين أو المذهب وهو ما عبر عنه جول كوتكين صاحب مؤلف “تاريخ المدينة العالمي”،بقوله:
بان المجتمع الأمريكي سوف يشهد في السنوات المقبلة أولوية الطبقة الاجتماعية كمعيار مجتمعي فاصل وأن يحل هذا المعيار محل المعيار العرقي والديني واللوني…

هذا الانقطاع الذي تم على المستوى المادي كان هناك في مقابله انقطاع على المستويين القيمي والثقافي مع ما كانت تطرحه إدارة بوش الإبن وبين ما يطرحه الرئيس الجديد،وفي هذا السياق ينبغي فهم خطاب أوباما بأنه أكثر من مجرد خطاب مكتوب بعناية وإنما هو تعبير عن رؤية مغايرة لما كانت تطرحه الرؤية البوشية.

مما سبق سوف نقترب من خطاب القاهرة بعد أن نقترب من قهم اللحظة التاريخية التي تمر بها الولايات المتحدة الأمريكية وأين يمكن أن نسكن فيها أوباما مع ما يمثله،ثم نتطرق إلى أوباما لنحاول فهمه ومعرفته قدر الإمكان،وأخيرا نلقي الضوء على خطاب القاهرة.

ثانيا: تمهيد تاريخي :أوباما والجمهورية الخامسة

يعتبر المؤرخون الذين تناولوا تاريخ النظام السياسي للولايات المتحدة الأمريكية، منذ التأسيس وحتى الآن، إلى أن هذا النظام قد مر في أربع مراحل رئيسية.ولأن كل مرحلة من هذه المراحل كانت تعد بمثابة نقلة نوعية عما سبقها.. فان المؤرخين كانوا يصفون كل مرحلة بأنها ميلاد جديد للجمهورية الأمريكية.. وعليه عرفت كل مرحلة في الأدبيات السياسية الأمريكية على التوالي بما يلي: الجمهورية الأولى، والجمهورية الثانية، والجمهورية الثالثة، والجمهورية الرابعة. هذه النقلات كانت في الأساس تعبيرا عن التحولات الاجتماعية والتغيرات الاقتصادية التي كانت تمس المناطق المختلفة في الداخل الأمريكي والذي نادرا ما نهتم به.(نعتمد في هذا الجزء على دراسة مطولة حول قصة المحافظين الجدد ومسار التيارات الفكرية الأمريكية ـ قيد الإعداد).

قامت الجمهورية الأولى مع تأسيس أمريكا وانهارت مع الحرب الأهلية التي عرفتها أمريكا بين الولايات الشمالية والجنوبية..
ثم استطاع إبرام لينكولن بانجازاته أن يؤسس للجمهورية الثانية والتي ظلت مستمرة مع تعاقب الإدارات الأمريكية المختلفة حتى تعرضت أمريكا إلى ما يعرف تاريخيا بمرحلة الركود الاقتصادي الكبير(1929) ـ وهي الحالة التي تتشابه لما تتعرض له أمريكا والعالم الآن ـ ..أعتبر هذا الركود نهاية لمرحلة الجمهورية الثانية .

ولم تبدأ الجمهورية الثالثة إلا بعد أن استطاع فرانكلين روزفلت الذي تولى رئاسة أمريكا 1932 أن يواجه الأزمة الاقتصادية الأمريكية بما عرف بسياسة الصفقة الجديدة New Deal،وهي السياسة التي أهلت روزفلت أن يعاد انتخابه لمرات ثلاث ،كسرا للنص الدستوري الذي لا يجيز التجديد للرئيس إلا لدورة واحدة فقط …

ويؤكد المحللون أن هذه الجمهورية الثالثة قد ظلت مستمرة خلال عقدي الستينيات والسبعينيات اللتين شهدتا حركة الحقوق المدنية والمرأة والمهمشين.كذلك التغير في النظام العالمي المالي والترويج الأمريكي للديمقراطية وحقوق الإنسان..

وأعتبر وصول ريجان إلى رئاسة أمريكا(1980ـ 1988 ) نقطة فارقة في مسيرة النظام السياسي الأمريكي معلنة ميلاد المرحلة الرابعة من مسيرة النظام السياسي الأمريكي أو الجمهورية الرابعة.. فالاتجاه المحافظ الذي كان يمثله والذي كان تاريخيا على يمين الليبرالية السياسية التاريخية الأمريكية بات في قلب السلطة السياسية..فلقد قام المحافظون المعادون للقيم السياسية لمؤسسي عصر الصفقة الجديدة من الليبراليين بالاستيلاء على الجمهورية الثالثة التي كانت تدعو إلى إعادة توزيع الدخل بين الطبقات والمناطق ومراعاة البعد الاجتماعي ومحاولة تجاوز التمييز العرقي واللوني.

ويوضح الجدول التالي تطور الجمهوريات الأربع.

الجمهورية الأولى الجمهورية الثانية الجمهورية الثالثة الجمهورية الرابعة
من تأسيس أمريكا
إلى الحرب الأهلية
من إبرام لينكولن
إلى الركود الاقتصادي الكبير (1929).
من فرانكلين روزفلت 1932
إلى 1980
من ريجان
إلى أوباما.

جدول رقم (1)

وتأكدت سطوة التيار المحافظ أكثر من خلال إدارة بوش الابن الذي كان تعبيرا للمحافظين المتشددين بجناحيهما السياسي(المحافظون الجدد ) والديني(اليمين الديني الجديد)، والذي انحاز كليا للأثرياء وللرأسمالية النفطية وللقطاع المالي ولتكنولوجيا السلاح ومن ثم التوسع العسكري…الخ.(راجع كتابنا الإمبراطورية الأمريكية ثلاثية الثروة الدين القوة 2003، ودراستنا عن تطور اليمين الديني في أمريكا).

وفي واقع الأمر إن تحولا نوعيا قد حدث للنخبة الأمريكية الحاكمة، بحسب تحليل دقيق ورد في كتاب Ruling America،فالنخبة الليبرالية التي حكمت على مدى الأربعينيات والخمسينيات والستينيات وكانت تحكمها قيم تراعي الحقوق المدنية والبعد الاجتماعي من إصلاحات تأمينية واقتصاد يعود بالخير على الجميع(قيم الصفقة الجديدة الروزفلتية والمجتمع الجديد التي طرحت في الستينيات)،حل محلها نخبة رجال الأعمال المتحالفة مع المحافظين الدينيين تدعمها شعبوية جنوبية،حيث رفضوا أية أطروحات ذات طابع تقدمي أو تفعيل التنظيمات المدنية النوعية..فلقد انقلبوا على كل الإجراءات التحديثية التي حدثت في الجمهورية الثالثة من إعادة توزيع الدخل بما يفيد الطبقة العاملة والسماح بالأخذ بآلية التفاوض كوسيلة مدنية للحصول على الحقوق..وجعل الصناعة مركزية في كل مكان من الولايات الأمريكية وسن القوانين ووضع البرامج الخاصة بالتامين الاجتماعي والصحي..وأمور أخرى كثيرة..فماذا كانت النتيجة؟

إن التحالف الذي تم بين: الرأسمالية المالية النخبوية والمحافظة الدينية،قد انقلب على الجمهورية الثالثة وصب جهده بالأساس لمصلحة من يمثلونهم .. فلقد كان التشريع الاقتصادي الأول في عهد بوش الابن خاص بالإعفاءات الضريبية للأغنياء ..كما اعتمد على دعم المنظمات الخيرية الإغاثية على حساب التنموية..وقلص الاعتمادات المخصصة للبنية التحتية خاصة في المناطق الفقيرة والتي تكتظ بأعراق غير بيضاء..وتم تجميد مشروع عملاق يتكلف 14 مليار دولار لتدعيم السدود المتهالكة في لويزيانا وتم اقتطاع الكثير من المال المخصص للتحكم في الفيضانات في مشروعات كانت تنفذ بالفعل.. وبدلا من أن يفرض بوش إجراءات تسعيرية طارئة على أسعار الوقود طلب من الأمريكيين الاقتصاد في استهلاكه وكان الأحرى به تقليص الإعفاءات الضرائبية التي اكتسبتها منه شركات البترول..ويشار إلى فضيحة شركتي إنرون ـ هالبيرتون النفطيتين..وأخيرا الأزمة المالية التي وصفت بالأيام السوداء وجعلت من أمريكا بيتا آيلا للسقوط (إذا استعرنا اسم مسرحية تينسي ويليامز الأخيرة )..فالفقراء في أمريكا يقتربون من 40 مليون فقير،بالإضافة إلى ما تتعرض له الشرائح الوسطى من إحالة إلى التقاعد…. هذا هو الوضع الذي حل بأمريكا جراء التحالف المحافظ: السياسي /الديني الذي يقود أمريكا منذ سنة 1980.

في هذا السياق رفع أوباما شعار”حان وقت التغيير”،: حيث كان يعبر عن كل المتضررين من مشروع الجمهورية الرابعة.. فاعتنى بتحليل الواقع الاقتصادي والاجتماعي الأمريكي..
وكان هذا المشروع في الواقع محاولة لتأسيس الجمهورية الخامسة التي تستكمل ما تحقق في الجمهورية الثالثة زمن الصفقة الجديدة.
وجاء التغيير عبر القاعدة الانتخابية الطبقية والفئوية والجيلية الجديدة، باستحالة استمرار هذا التحالف (وإن كان لا يعني اختفاء أطرافه).. والدفع بأوباما، ليس كشخص، ولكن كممثل للقاعدة الجديدة بعناصرها لكتابة عقد اجتماعي أمريكي جديد… ذلك بمحاولة استعادة التوازن للوطن بما يضم من مواطنين، وإعادة الاعتبار للتنوع بألوانه السياسية والدينية والمذهبية والعرقية.. واستعادة أمريكا (المختطفة) من يد المحافظين:الدينيين والسياسيين، إلى كل تياراتها:الليبرالية والراديكالية، والمعتدلة والمحافظة..فلا يحتكر المجتمع من قبل تحالف ضيق بين المحافظين فقط..وهو ما عبر عنه أوباما ـ تماما ـ في خطاب الاحتفال بتنصيبه رئيسا لأمريكا بالتأكيد على فكرة الوطنية الجامعة التي لحقها بتكوين مجموعة عمل خاصة بالطبقة الوسطى .

ثالثا: أوباما محاولة للفهم

(أ) نتاج نقي لحركة الستينيات المدنية: الراديكالية المرنة

لابد من إدراك أن وصول أوباما إلى موقع رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية إنما يعد تعبيرا لحدوث تحول نوعي في الداخل الأمريكي يتجاوز لونه.. صحيح أن كتب التاريخ سوف تكتب أنه أول ملون يصل إلى هذا الموقع، بيد أن الأمر يحمل أكثر من ذلك بكثير…وعليه لابد من قراءة هذه التحولات والابتعاد عن ما هو سائد، من خلال فهم الظاهرة من داخلها…

فأوباما هو تعبير عن تحولات اجتماعية وطبقية وجيلية بدأت تأخذ طريقها للصعود في الداخل الأمريكي. فنجده يصف نفسه في كتاب “جرأة الأمل” بأنه:”نتاج نقي” لمرحلة الستينيات…المرحلة التي شهدت فيها الولايات المتحدة الأمريكية تنامي ما عرف “بحركة الحقوق المدنية”، والرفض الكبير من قبل فئات وشرائح متنوعة للحرب الأمريكية على فيتنام..وفقدان الثقة في ساسة النصف الثاني من الستينيات.

في هذا السياق كبر أوباما وتشكل وعيه. لذا اعتبر نفسه ابنا لهذه الحركات و ما تضمنته من مجموعات إنسانية متنوعة.وزاد من إحساسه هذا هو أنه عاش لفترة طويلة في شيكاغو…المدينة التي انطلقت من قسمها الشمالي الموجات المتعاقبة للحركات الاحتجاجية المدنية…كما عرف قسمها الجنوبي بأنه عاصمة المجتمع الأفرو أمريكي. لقد جسد القسم الجنوبي لشيكاغو أمام عيني أوباما:ماذا يعني الفقر والاستبعاد والتهميش والتمييز الاثني واللامساواة الاقتصادية والاجتماعية التي تمارسها الاثنية البيضاء على مدى أجيال ضد السود،وتطويقهم في أماكن بعينها عرفت “بالحزام الأسود”،بحسب جونار ميردال في كتابه “المأزق الأمريكي”.

دفع هذا “المشهد التمييزي”بأوباما أن يطالع كل من يستطيع أن يقدم له تفسيرا عن الأسباب التي أوصلت السود من أهله إلى الحالة التي وصلوا إليها…ولماذا يتعرض السود للقتل والإحراق والتنكيل. وعليه قرأ أوباما كتابات فرانز فانون(المثقف والطبيب والمفكر الذي يعود أصله إلى جزيرة المارتنيك بالكاريبي والذي انحاز إلى الثورة الجزائرية وصاحب كتابي “معذبو الأرض” و”بشرة سوداء وأقنعة بيضاء”) ،وأدبيات لاهوت التحرير الأسود،وإبداعات حركة الأدب الأسود الشعرية والقصصية…وتراث مارتن لوثر كينج…لقد ساهم كل ما سبق في أن يعي أوباما ماذا يعني السياق الاجتماعي بتعقيداته الاقتصادية والثقافية ومن ثم يتحرر من المواجهة التقليدية للهيمنة البيضاء…وأن يمارس نوعا من الراديكالية المرنة إذا جاز التعبير.
عندئذ اكتشف أوباما ضرورة التحرر من أسر اللون وتقسيم المجتمع على أساس اللون التي تسوقها الاثنية البيضاء…وفي هذا يستلهم ما قاله فرانز فانون حول هذا الأمر كما يلي:

“…ليس هناك عالم أبيض، وليست هناك أخلاق بيضاء، كما أنه لا يوجد ذكاء أبيض.ففي كل مكان في العالم يوجد بشر يبحثون ويفكرون.إنني لست مسجونا أسيرا للتاريخ، ولذا فلن أفتش فيه أو أنقب بحثا عن مصيري وقدري..فلقد جئت خلال العالم الذي أسافر فيه وأتولى فيه طيلة الوقت عملية خلق نفسي وتجديدها..”.
لقد عمل أوباما على التمرد على المعايير التي وضعها البيض كي يسجنوا السود فيها ويظل الواقع على ما هو عليه،وأن هناك ضرورة لإنهاء اغتراب السود عن مجتمعهم … نعم مجتمعهم الذي لن يفرطوا فيه. اجتهد أوباما في تحقيق ذلك على أمرين:
تبني خطاب المواطنة،
إحياء الوطنية الأمريكية.

(ب) تبني خطاب المواطنة

يمكن اعتبار خطاب أوباما الذي ألقاه في فيلادلفيا في 18مارس 2008، من أهم ما طرحه أوباما ولا يقل ـ بكل المقاييس ـ عن خطاب مارتن لوثر كينج الشهير باسم I’ have A Dream ،كان عنوان الخطاب “نحو اتحاد كامل “… لم يكن دافعه أن يؤكد على ما أنجزته حركة الحقوق المدنية في الستينيات من استصدار قانون التمييز الايجابي للسود الذي ضمن لهم “كوتة” في العديد من المجالات،وإنما كان هدفه هو:

” تحقيق الاندماج بين كل الأمريكيين في إطار الوطن الواحد على قاعدة المواطنة”.
لماذا يقول هذا وكيف يمكن تحقيق ما يصبو إليه؟<br>

يقول أوباما: “…إن الوثيقة الدستورية التي وقعت قبل 221 عاما.. قدمت إجابة عن السؤال حول مسألة العبودية من خلال فكرة جوهرية / أنموذج هي: المساواة في المواطنة.. دستور وعد شعبه بالحرية والعدالة، وباتحاد ـ بين الأمريكيين ـ يمكن ويجب تحقيق كماله عبر الوقت… بيد أن ما تم خطه على الورق لم يكن كافيا لتحرير أسر العبيد، أو تدعيم الرجال والنساء بغض النظر عن اللون والعقيدة بكامل حقوقهم…كمواطنين أمريكيين…وهو ما احتاج من المواطنين الأمريكيين ـ على مدى أجيال ـ أن يتحركوا من خلال احتجاجات ونضالات من أجل تضييق الفجوة بين المثل التي وعدوا بها وبين الواقع.”

ويستطرد أوباما “إنها واحدة من مهام حملتنا أن نواصل المسيرة الطويلة التي بدأت ..مسيرة عنوانها:العدل والمساواة والحرية… لكل الأمريكيين”.”فنحن لن نستطيع أن نحل التحديات التي تواجهنا الآن إلا إذا قمنا بذلك معا ،ومن ثم نحقق الاتحاد الكامل..وأن نفهم أن لدى كل منا رؤاه وتحيزاته وانه ينحدر من سياق مختلف ولكننا ـ ولأننا نعيش معا ـ لدينا آمالا مشتركة تدفعنا أن نتحرك معا في نفس الاتجاه نحو مستقبل أفضل لأولادنا وأحفادنا”.

انطلاقا مما سبق،يروي أوباما قصته.. ويبدأها من أصوله العرقية ولكن بوعي يضع هذا الأمر في” السياق الاجتماعي التاريخي”
مؤكدا على أهمية الاندماج رافضا أن يقدم نفسه مرشحا عرقيا لفئة بعينها”بالرغم من إغراء النظر إلي ترشحي من عدسة ـ محض ـ عرقية”..ويرفض كذلك التلميح بأن ترشحه هو أحد “تطبيقات التمييز الإيجابي”..إنه “منحى لتقسيم الأمة/الوطن”. فالأمة في نظره “أكثر من مجموع أجزائها”..ويشدد على ضرورة الحاجة إلى:
” الوحدة في مواجهة اقتصاد يتهاوى،ورعاية صحية تعاني أزمة حادة،… مشكلات ليست سوداء أو بيضاء ولا لاتينية أو آسيوية..مشكلات نواجهها كلنا”..
ويشير بذكاء شديد إلى ضرورة الحديث عن حقيقة أن المشكلة فيمن يحصل على وظيفتك بدون وجه حق لا يكون بسبب الاختلاف..وإنما لأن الشركة قد تنقل هذه الوظيفة إلى عبر البحار من أجل المكسب”..

واقع الحال لا يقف أوباما عند التفسيرات الوصفية للظواهر وإنما يطرح تحليلا أكثر تركيبا ربما لم تعرفه أمريكا منذ ستينيات القرن الماضي.. فيقدم قراءة دقيقة لوضع السود ولكن ليس من منظور عرقي ولكن اقتصادي/اجتماعي،حيث يظهر وعيا وتفهما أن الغضب الذي لدى السود من الفقراء يوجد في مقابله”غضبا مماثلا موجودا في قطاعات من البيض..فمعظم الأمريكيين البيض ممن ينتمون إلى الطبقة العاملة والمتوسطة لا يشعرون بأن لونهم الأبيض يمنحهم أية امتيازات”..ومن ثم فهذه الفئات قلقة على مستقبلها..ولكن من خلال العمل معا يمكن بناء اتحاد أكثر كمالا..بتجاوز الماضي المأساوي..والإيمان بأن أمريكا قادرة على التغيير..ورفض التعاطي مع المجتمع بأنه “مجتمع جامد” يجب أن يبقى كما هو.

واقع الحال يفتح خطاب أوباما أفقا للحديث عن المسكوت عنه في الواقع الأمريكي،لذا لم يكن غريبا أن يلقى قبولا من فئات من ألجيل الشاب من البيض..بسبب دعوته للتغيير..وشعاره الذي صكه في خطاب فيلادلفيا: “يجب ألا يحلم البعض على حساب أحلام البعض الآخر..معا نحلم ونعمل”.

(ج) إحياء الوطنية الأمريكية

في منتصف سبتمبر 2007 كان هناك احتفال يقيمه الحزب الديمقراطي الأمريكي بولاية أيوا.. لم يكن الحزب استقر بعد على من سوف يخوض سباق الرئاسة الأمريكية باسمه(تقرر هذا الأمر في4/11/2008)… لذا كانت كل الأسماء المرشحة،تقريبا، ـ آنذاك ـ حاضرة هذا الاحتفال:جون ادواردز،وهيلاري كلينتون،وكريستوفر دودد، وباراك أوباما. والتقطت صورة للجميع أثناء السلام الوطني وما أن نشرت مجلة تايم الأمريكية الصورة، حتى ثار جدل كبير حولها… فلقد كان جميع من في الصورة يضع يده اليمنى على قلبه ـ بحسب التقاليد الأمريكية ـ أثناء تلاوة النشيد الوطني..بيد أن أوباما،كان الوحيد الذي لم يكن يضع يده على قلبه.. واستدعى الأمر العودة لشريط الفيديو الذي سجلته محطة أخبار ABC، فتبين كيف كان أوباما يلف يداه أمام صدره في وقفة عكست خروجا عن المألوف والتقليدي المتعارف عليه في مثل هذه المناسبات…انتهز البعض الفرصة للتشكيك في وطنية أوباما..

لقد حاول البعض أن ينال من أوباما وذلك بالتشكيك في وطنيته، كي يقطع عليه طريق الترشح لكرسي الرئاسة،… و ثارت نقاشات حول معنى “الوطنية الحقة” True Patriotism،وكانت هذه النقاشات بداية كي يطلق منهجا جديدا في مناقشة القضايا الأمريكية…فكما هو معروف تاريخيا فان الشعب الأمريكي لا يعنى كثيرا إلا بالقضايا ذات الطابع العملي.. و دائما يتوقع أن يهتم السياسيون بموضوعات من نوعية التأمين الصحي والضمان الاجتماعي. أما السياسة الخارجية فهناك توكيل تاريخي غير مكتوب أعطاه الأمريكيون لسياسيه لإدارة ملفات السياسة الخارجية.بيد أن أوباما يرد على ما أثير ـ ومعه انخرط الناس في النقاش ـ قائلا :

ما هي الوطنية؟

الوطنية، أكثر من مجرد شكل نلتزم به وأكثر من مجرد دبوس معدني يتم تصميمه على شكل العلم الأمريكي كي يتم وضعه على صدورنا…
الوطنية، هي أن ننخرط جميعا في مناقشة ما يعد “مهما من قضايا ترتبط بالأمن القومي الأمريكي”…
الوطنية، هي أن يحلم الجميع من أجل الوطن الذين يعيشون فيه..فالحلم ليس حكرا على البعض لاعتبارات تتعلق بلونهم أو مذهبهم أو أصلهم أو مكانتهم وإنما هو حق لكل من يعيش على أرض الوطن الواحد بغض النظر عن المذهب واللون والعرق والمكانة… وليس من حق أحد أن ينعت أحد بأنه أقل وطنية،
إنها وطنية الطريق الثالث Third Way Patriotism:
ليست الوطنية من جهة هي التي يتناحر حولها كل من الحزبين الكبيرين ، أو من جهة أخرى يتنازع كل من المحافظين والليبراليين،بحيث تكون حكرا للبعض واستبعادية عند المحافظين clubby & exclusionary .. أو ليست استبعادية بالقدر الكافي لدى الليبراليين not exclusionary enough ،
كما إنها ليست “استعلائية” كما يطرحها التيار الديني بحيث تقصي المغايرين والمختلفين،

إنها وطنية جامعة للمواطنين الساعين لبناء عظمة الوطن واستمرارية الحفاظ علي تقدمه.. فالوطن ليس للبعض دون الآخر فهو ملك للجميع.. وخيره لابد أن يتقاسمه الكل بالدرجة التي تجعلهم يشعرون بالفخر بوطنهم… وفق ما سبق يطرح رؤيته لحل المسألة الاجتماعية والاقتصادية… فالبداية لديه تبدأ باستنهاض الهمة الوطنية..
لقد كان مدركا أن الأعراق غير الأنجلو سكسونية(آسيوية، ولاتينية ـ مكسيكية هسبانية وعربية…الخ) كذلك الذين ينتمون إلى معتقدات لا تنتمي إلى مذهب التيار الرئيسي،وإلى أديان أخرى، وأيضا يضاف إلى ما سبق الملونين من غير البيض، يعتبرون الوطنية الأمريكية لا تمثلهم.فهم خارجها بحكم ما يحملون من صفات لا تتبع الهوية المركزية وفي نفس الوقت، ليس صدفة، أن هذا الشعور بعدم الاندماج الوطني رافقه ـ على الدوام ـ تهميش اقتصادي بدرجة أو أخرى…وهو ما دفع البعض إلى استشعار الخطر بأن أمريكا في طريقها للتفكيك (هانتنجتون في كتابه من نحن؟ 2004) .

وهنا نستعيد كلمات أوباما يوم تنصيبه رئيسا لأمريكا حيث يقول :” من اليوم يجب أن ننهض، وأن ننفض التراب عنا وأن نبدأ في إعادة بناء أمريكا” اعتمادا على “الأمانة، والعمل الشاق، والشجاعة، والعدل، والتسامح، والولاء، والوطنية”…
فهذا هو ” ثمن ووعد المواطنة”…

بالأخير استطاع أوباما أن يكون قادرا على أن يعبر عن المهمشين والمستبعدين،الأمر الذي دفع أحد الباحثين أن في مجلة كومنتري (أكتوبر 2008) قبل أكثر من شهر على إجراء الانتخابات الأمريكية
” لقد جاء أوباما إلينا من خلفية أقرب إلى اليسار أكثر من أي مرشح رئاسي عرفته أمريكا،من قبل”…أي منذ جورج واشنطون أول رئيس أمريكي للولايات المتحدة الأمريكية(1787).. ذلك لأنه يطرح ما لم تطرحه قيادة أمريكية من قبل من حيث
“عبور الانقسام” transcending division بين الأحزاب، و الأيديولوجيات، و الأعراق، و الطبقات، والأديان، والمذاهب،…

لقد مكنت هذه المقاربة أوباما أن يعتمد على تمويل حملته الانتخابية على أموال الفقراء والناس البسطاء وليس الشركات حيث استطاع أن يجمع ما يقرب من 100 مليون دولار قبل شهر من الانتخابات.

رابعا: حول خطاب القاهرة في ضوء ما سبق

بداية يمكن أن نصف خطاب أوباما في القاهرة بأنه خطاب الانتقال من المرحلة المقدسة (بحسب برتران بادي) في العلاقات الدولية،حيث العلاقات تقوم بين مطلقات أي أديان ، حيث العالم مقسم بين فسطاطين وبين عالم الخير وعالم الشر،إلى منظومة دولية يحكمها النسبي من مصالح قد تكون متعارضة وقد تكون متماثلة. إنها خطاب ما بعد المرحلة النفطية حيث يجب أن تحكم أمريكا نظرة جديدة للمنطقة لا تقوم على أن المنطقة فقط مصدرا للنفط.
إن ما حكم أوباما فيما يتعلق بمسألتي الديمقراطية والحرية الدينية يتسق تماما مع رؤيته التي اختبرها كمنظم اجتماعي وسياسي وخريج لهارفارد ومع ما جاء في خطبه وكتاباته

(أ) في مسألة الديمقراطية

يتعاطي أوباما مع المسألة الديمقراطية في ضوء خبرته التاريخية،فالديمقراطية كآلية هي واحدة في كل الحالات بيد أن الاختلاف يكمن في السياق الذي تفعل فيه الديمقراطية وهذا السياق يختلف من واقع لآخر. وفي خطابه يؤكد وعيه بالجدل الذي دار حول استنبات الديمقراطية في منطقتنا ولكنه ـ فيما ـ أتصور انحاز لما كانت القوى الوطنية تقول به بأن الديمقراطية لا تستورد وأنه لا يوجد نموذج سابق التجهيز للديمقراطية. فالديمقراطية هي وليدة نضال الشعوب ولا تهبط من أعلى فيقول في خطاب القاهرة ما يلي:
“لا يمكن لأي دولة أن تفرض نظاما للحكم على أي دولة”، إلا وفق ” تقاليد شعبها”،
“فأمريكا لا تفترض أنها تعلم ما هو أفضل شيء بالنسبة للجميع “،
ويمثل ما سبق نقدا واضحا لمقاربة الديمقراطية التي كانت تتبناها إدارة الرئيس بوش الإبن والتي كانت تعتمد التدخل القسري لفرض الديمقراطية.
كذلك أهمية التمييز الدقيق بين إشعال الحروب باسم الديمقراطية و
“تطلع الشعوب لاختيار طريقها في الحياة”،
ولأن مقاربة أوباما للديمقراطية تختلف جذريا عن مقاربة بوش،فان البيت الأبيض اكتفى بطلب ميزانية تقل عن النصف فيما يتعلق ببرامج دعم الديمقراطية عن وقت الإدارة السابقة.
وفي نفس الوقت فان خبرة أوباما الشخصية تشير إلى أنه يميل إلى ما يعرف بالتحرك القاعدي للناس ، وهو ما يشرحه تفصيلا في كتابيه: “أحلام من أبي..قصة عرق وإرث”(1995) و “جرأة الأمل”(2006) ، من واقع خبرته العملية في تنظيم المجتمع وعبقريته في أن يقوم بالتهجين بين الممارسة العملية التي اختبرها 
كمنظم مجتمعي Community Organizer وبين عمله كسياسي Politician.. كذلك كيف يمكن تعبئة الناس قاعديا من خلال ممارسات ديمقراطية سلمية.

ونجده يؤكد دوما على المواطنة باعتبارها السبيل الوحيد لتحقيق ذلك من خلال حركة الناس بالنضال والاحتجاج كي يوجدوا لهم مكانا على قاعدة الاندماج الوطني والتكامل القومي،وحول ذلك يدعو أوباما إلى الاندماج بين كل الأمريكيين في إطار الوطن الواحد على قاعدة المواطنة… من خلال احتجاجات ونضالات من أجل تضييق الفجوة بين المثل التي وعدوا بها وبين الواقع.”(خطاب فيلادلفيا 18 /3/ 2008).

ولعل من أهم ما ينبغي الإشارة إليه في خطاب أوباما عن الديمقراطية هو أنه فك الارتباط بين تحقيق الديمقراطية وتنفيذ سياسات السوق التي دأبت على التأكيد عليها كل الوثائق التي صدرت عن أمريكا وأوروبا فيما يتعلق بالشرق الأوسط الكبير والواسع …الخ. وها هو يربط بين :
“الديمقراطية ونهب الحكومات لأموال الشعوب”،
الذي هو ثمرة واضحة للسياسات النيوليبرالية،والتي من المطلوب مواجهتها والتي بدأ في مواجهتها في الداخل الأمريكي من خلال مجموعة من السياسات أعادت الاعتبار للدولة في مواجهة الشركات الاحتكارية،كذلك إعادة الاهتمام للبعد الاجتماعي في الميزانية ليس كمنحة وإنما كحق من حقوق المواطنين وهذا هو تفسير كلماته:
“… الالتزام بالعدالة والمساواة …”،
في معرض حديثه عن الديمقراطية إنها مقاربة جديدة ولاشك،لا يمكن فهمها بدقة إلا إذا تابعنا تفاصيل المشهد الأوبامي. ونشير أيضا إلى تأكيده على مفهومي الأغلبية والأقلية بالمعنى السياسي.

(ب) في مسألة الحرية الدينية

إن رؤية أوباما للعلاقة بين الأديان الثقافات والحضارات تنطلق من الحالة الأمريكية التي يراها أمة تضم كل من “..مسيحيين ومسلمين وهندوس وغير مؤمنين.. إلخ” حيث يعتبر ذلك مصدر ثراء لا ضعف… وبنفس المنطق يرى التنوع الحضاري الكوني هو مصدر ثراء “ولابد أن تنجح الإنسانية بالعمل المشترك أن تشفي جراحها “…
وفي هذا الصدد يقول أوباما “الاحترام كل الاحترام لكل الأديان ولكل الثقافات.. ولتكن المهمة الأولى هي البحث عن المشترك ومواجهة ما يتهددنا”…
إن الفكرة المحورية لديه هي البحث عن القيم المجتمعية المشتركة Communal Values، بين المغايرين…وفي هذا المقام يقول في سيرته الذاتية”جرأة الأمل” وفي الفصل المعنون “قيم” ما خلاصته الآتي:
“..إن قيمنا المشتركة، وإحساسنا بالمسئولية المشتركة، وتضامننا الاجتماعي والحضاري، ينبغي أن يتم التعبير عنها ليس فقط في الكنيسة والمسجد..،ولكن من خلال العمل المشترك…فأنا أومن بقوة الثقافة لتحقيق النجاح والتماسك…”
وفي سبيل بلوغ ذلك يطرح أوباما تصورا مؤسسا على توفر عنصرين يتفاعلان فيما بينهما هما
حدوث تحول ثقافي Cultural Transformation يتجاوز الانقسام والاختلاف بين الثقافات والحضارات من جانب
فعل سياسي Political Action، يقوم على المبادرات المبدعة والسياسات المتميزة التي تجعل من التحول الثقافي نحو بلوغ المصلحة المشتركة والاحترام المتبادل حقيقة،

في هذا السياق يأتي حديثه عن الحرية الدينية باعتبارها حق للجميع في الداخل الأمريكي والخارج بغير تمييز:
فهو سيعمل في أمريكا على دعم المسلمين لضمان تأدية فريضة الزكاة،
كذلك على “الدول الغربية أن تمتنع عن وضع العقبات أمام المواطنين المسلمين لمنعهم من التعبير عن دينهم على النحو الذي يعتبرونه مناسبا..”،
وفي المقابل على نجده يؤكد على الحرية الدينية لغير المسلمين من الأقباط والموارنة ليس من منطلق الأقلية الدينية / الكتلة وإنما من منظور التعددية الدينية Religious Diversity ،وهو مفهوم يختلف كليا مع ما فهمه البعض من أنه أثار موضوع الأقليات في المنطقة،وإنما كان أوباما دقيقا في انه طرح هذا الأمر في سياق ثراء التنوع الذي تتميز به المنطقة. وهو هنا يبتعد عن المفاهيم التي كانت تتحرك بها أمريكا في ضوء القانون الأمريكي للحرية الدينية الذي صدر عن الكونجرس في 1998 (وقد تعرضنا له تفصيلا في كتابنا الحماية والعقاب 2000 وهو الكتاب الوحيد باللغة العربية الذي تناول هذا الموضوع.) والذي بموجبه تستطيع أمريكا التدخل في شئون الدول وتطبيق عقوبات متنوعة.
ونشير كذلك إلى تجاوزه الطرح الاستشراقي الذي تبناه برنارد لويس منذ عامين في مؤتمر هرتزليا حول ضرورة تأجيج الصراع المذهبي بين السنة والشيع انطلاقا من أن زمن الدولة الوطنية انتهت وزمن الانقسام المذهبي قد بدا.(شرحنا ذلك آنذاك تفصيلا ).
كما أكد أوباما على أن الحرية الدينية والتنوع الديني يحميه الارتباط الوطني ورابطة المواطنية.
بهذه الروحية يحاول أوباما عبور الانقسامات السياسية والاجتماعية والثقافية والحضارية في الداخل والخارج الأمريكي … إنه نهج جديد يدعمه أجيال جديدة بازغة وشرائح اجتماعية تريد أن يكون لها مكان تحت الشمس، حيث يريد هؤلاء أن يروا تغييرا في العلاقات الداخلية للمجتمع الأمريكي من جهة، ولعلاقة أمريكا بالعالم بما يضم من ثقافات وحضارات من جهة أخرى…
هناك مساحات كثيرة يمكن استثمارها فيما يطرحه أوباما من تصورات أظنها ـ في حدود اطلاعي على الشأن الأمريكي ـ تمثل تحولا نوعيا للعقل الأمريكي بالرغم من أية ملاحظات،وكونها تعكس روحية جديدة لا مناص من ضرورة الاستجابة لها بغير تفريط …في عالم يعاد تشكيله من جديد…

الموضوع خطاب القاهرة الخطابات (الحملة الانتخابية وبعد الانتخاب) الكتابات
الديمقراطية والمواطنة “لا يمكن لأي دولة أن تفرض نظاما للحكم على أي دولة”،
إلا وفق ” تقاليد شعبها”.
“…الاندماج في إطار الوطن الواحد يكون على قاعدة المواطنة…
من خلال احتجاجات ونضالات لتضييق الفجوة بين المثل التي وعدوا بها وبين الواقع…”
(خطاب فيلادلفيا 18 /3/

2008).

* جرأة الأمل

* أحلام من أبي

الحرية الدينية المصالح المتبادلة والاحترام المتبادل إلى العالم الإسلامي نقول،إننا نسعى لسلوك طريق جديد إلى الأمام،أنه طريق يستند إلى المصلحة المتبادلة والاحترام المتبادل”
Mutual Interest & Respect ) )
من خطاب تنصيب أوباما رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية ـ 20/1/2009
 
ثراء التنوع التنوع والمصير المشترك “… وإلى جميع من يشاهدوننا الليلة بعيدا عن سواحلنا من البرلمانات والقصور أو من يجلسون قرب أجهزة الراديو في الزوايا المنسية من عالمنا، أقول إن قصصنا متفردة وغير متكررة ولكن مصيرنا مشترك…”
من خطاب أوباما الذي ألقاه بعد إعلان فوزه أمام 120 ألفا من مؤيديه في شيكاغو
مسيحيين ومسلمين وهندوس وغير مؤمنين.. الخ” حيث يعتبر ذلك مصدر ثراء لا ضعف… وبنفس المنطق يرى التنوع الحضاري الكوني هو مصدر ثراء “ولابد أن تنجح الإنسانية بالعمل المشترك أن تشفي جراحها “…
الرابطة الوطنية سجال تجاور ” لا يوجد أمريكا سوداء،وأمريكا بيضاء،وأمريكا آسيوية ـ هناك الولايات المتحدة الأمريكية..”
من كتاب جرأة الأمل…
رؤية جديدة للعالم وللمنطقة

تقسيم العالم على أساس أغنياء وفقراء وليس على أساس ديني أو ثقافي أو إثني علاقة من نوع جديد للمنظومة الدولية

تجاوز التاريخ الكوليونالي

والمرحلة النفطية

التعليم والتكنولوجيا

“إلى الفقراء في العالم..
نتعهد بالعمل معكم جنبا إلى جنب لجعل مزارعكم تزدهر،
وجعل المياه النظيفة تتدفق،
ونطعم الأجسام التي تموت جوعى ونغذي العقول الباحثة عن المعرفة ،
وإلى الأوطان التي تنعم بالوفرة النسبية نقول:
لم نعد نحتمل الشعور باللامبالاة بأولئك الذين يعانون خارج حدودنا،
كما لم نعد نستطيع استهلاك موارد وخيرات العالم من دون أن نعي آثار ذلك،
ولأن العالم قد تغير…فعلينا أن نتغير نحن معه أيضا…”.
خطاب التنصيب
20/1/2009
تجاور

طباعة   البريد الإلكتروني
0
0
0
s2smodern