المسيحيون العرب

المسيحيون العرب

المسيحيون العرب
بين
“الرجاء الحي” و “أطلنطا الغارقة”
إطلالة على خريطة الأدبيات المعاصرة


سمير مرقس 

(أ ) تمهيد

(ب) المنهجية والسياق

  • 1) المشكلة أعقد من أن تكون دينية محض
  • 2) المسيحيون بين الغياب والتغييب

(ج) المسيحيون العرب: مقاربة للأدبيات التي تناولتهم

  • 1) لماذا مراجعة الأدبيات الخاصة بالمسيحيين العرب؟
  • 2) فك الالتباس بين القراءة الاندماج والقراءة المونتاج

(د)المسيحيون العرب: مصادر ـ مقاربات

  • 1) ثلاثة أنواع من الكتابات / المصادر
  • 2) ثلاث مراحل زمنية

(ه) المسيحيون العرب: رؤيتان / مقاربتان

(و) خاتمة: قضية المسيحيين قضية تخص مستقبلنا كله

(أ)تمهيد

المسيحيون العرب، قضية أصبحت تفرض نفسها علينا بإلحاح..فلقد طرحت هذه القضية نفسها ـ وبإلحاح ـ منذ منتصف القرن العشرين مع بدء تكون الدولة المستقلة في المنطقة العربية.وأخذ السؤال يتجدد من حين لآخر، أي مستقبل ينتظر “مسيحيي المنطقة؟”..وبات من الضرورة الانشغال به من قبلنا جميعا دون استثناء، حيث لا مفر من الإجابة عنه بكل أبعاده و ملابساته..فعلى الرغم من أن هذه الإشكالية قد تم طرحها منذ مطلع الثمانينيات ـ من القرن الماضي ـ تحت عنوان كبير هو:”المسيحيون العرب والمستقبل”، ..إلا أنه وكعادتنا لم نلق بالا لهذه الإشكالية حتى وجدناها وقد استفحلت وصارت واقعا مؤلما…لماذا وكيف؟
هذا ما سنحاول أن نجيب عليه في هذه الورقة من خلال منهجية تقترب من الموضوع، نفسرها في مقدمة البحث، تأخذ في الاعتبار السياق المجتمعي للموضوع محل التناول من جهة، كذلك الاقتراب الأولي للأدبيات التي تناولت موضوع “المسيحيون العرب” وأهم ما طرحته هذه الأدبيات من رؤى من جهة أخرى.

(ب)المنهجية والسياق

1) المشكلة أعقد من أن تكون دينية محض

بداية نؤكد على أننا ننطلق من رؤية تتجاوز الديني إلى الاقتصادي والاجتماعي والثقافي في رؤيتها لمشكلة مسيحيي المنطقة..أو ما يمكن تسميتها بالرؤية “المجتمعية أو السياقية”..أو بلغة أخرى فأننا نتبع منهجية تميل إلى رؤية المشكلات في سياقها المجتمعي وأنها نتاج لتفاعلات معقدة..ولقد كان قسطنطين زريق محقا عندما وضع إطارا للمسألة منذ وقت مبكر أظنه صحيحا وصالحا إلى يومنا هذا ،وذلك بقوله أن المشكلة الأساسية عندما نتكلم عن مسيحيي المنطقة ومستقبلهم ليست بين “المسيحية والإسلام،ولا بين المسيحيين والمسلمين بصفة مطلقة،وإنما بين الرجعيين والتحرريين،في هذا الجانب أو ذاك.وتتعقد هذه المشكلة ،ويسود وجه المستقبل ويشتد خطره كلما قويت قوى الرجعية في أحد الجانبين أو فيهما معا.وعلى العكس تهون المشكلة ويخف الخطر ويزهو وجه المستقبل كلما قويت التحررية في أحد الجانبين أو فيهما معا، وكلما تماسك التحرريون عبر الحواجز القائمة بينهم وتعاضدوا وتعاهدوا على النضال المشترك.”.
بهذا المعنى لا يمكن أن نحيل سبب “اضمحلال الوجود المسيحي” (بحسب تعبير الأخ العزيز الدكتور طارق متري) إلى سبب وحيد،مثلما يحاول أن يفعل البعض…فهناك من يرُجع المسألة إلى :
تصاعد حركات الإسلام السياسي التي أعادت النظر في الوضع القانوني لغير المسلمين؟ والتي باتت تستخدم العنف المادي في ضوء ذلك؟وهناك من يحيل الأمر إلى:
فعل النظم الشمولية وتعثر ترسيخ مفهوم المواطنة التي تعني المساواة الكاملة والانسداد السياسي؟وأخيرا هناك من يشير إلى :
أثر الخيارات الغير صائبة من المسيحيين أنفسهم؟
إلا أننا نميل إلى الأخذ بكل ذلك معا.
وعليه وفي ضوء ما سبق سوف نجد كيف أن المسيحيين في المنطقة قد تراوحوا بين الحضور والغياب حسب السياق المجتمعي.
وبالمعنى السياقي يمكن أن نؤكد أن ما أصاب المسيحيون في المنطقة قد طال المسلمين أيضا،مما يعني أن الإشكالية أعقد من أن تكون دينية محض. إلا أنها كانت مؤثرة لدى المسيحيين نظرا لعددهم فغابوا.

2) المسيحيون بين الغياب والتغييب

في ضوء ما سبق يمكن القول أن ما آل إليه الوضع المسيحي في المنطقة قد تراوح بحسب ما كتبنا مرة بين :”الغياب والتغييب”..
“الغياب الإرادي” سواء بالهجرة إلى داخل الأوطان أو إلى خارجها..
أو يتم “التغييب القسري”بالاستبعاد والتهميش أو بالحضور المشروط أو المواطنة المنقوصة..
“غياب وتغييب”، تسببنا فيهما جميعا بغير استثناء..وذلك نتيجة عوامل عدة متداخلة منها: التصورات التي طرحتها جماعات الإسلام السياسي منذ مطلع السبعينيات (وتؤكدها المراجعات التي تمت بعد ثلاثة عقود) حول غير المسلمين كانت تصب في تبرير العنف ضدهم، وفي أحسن الأحوال بأنهم أهل ذمة،هذا بالرغم من اجتهادات فقهية معتبرة حاسمة تقر بالمواطنة للمسيحيين..كما ساهم الانسداد السياسي وفشل دولة ما بعد الاستقلال في تأسيس الأوعية والآليات القادرة على استيعاب التنوع من جهة، والقبول بأن الصراع بين مكونات الجماعة هو ديني أو مذهبي بما يخفي الطبيعة الحقيقية للصراع من جهة أخرى..فالقطعي أن ميسوري الحال من المنتمين لهذا الدين أو ذاك ،يكونون أكثر قربا من بعضهم البعض،وتكون حساسيتهم للظلم الاقتصادي والاجتماعي والسياسي التي تتعرض لها الشرائح الوسطى والدنيا ضعيفة وعندئذ يشعر هؤلاء أن ما يتعرضون له هو في المقام الأول بسبب الانتماء الديني ـ قد يكون صحيحا في بعض الحالات ـ ولكن ليس بالمطلق..بيد أن ما يزيد الشعور به هو التناحر الذي تقع فيه هذه الشرائح بدلا من أن تتكاتف لمواجهة الظلم الذي يطاولهما معا..وأخيرا نأتي لخيارات المسيحيين أنفسهم الذين يرضون بالعزلة الحذرة في إطار الانتماء الأولي واعتبارها مجال حركتها الأساسي والميل إلى “اختراع الملة” .

(ج)المسيحيون العرب: مقاربة للأدبيات التي تناولتهم

1) لماذا مراجعة الأدبيات الخاصة بالمسيحيين العرب؟

..* 1 نظرا للتطورات التي مرت بالمقاربات التي تناولت إشكالية “المسيحيون العرب”، بفعل تأثير السياق المجتمعي Societal Context وبخاصة في العقود الست الأخيرة, سوف نلمح اختلاف هذه المقاربات من الأمل المطلق في إمكانية العيش والاستمرار الفاعل في خدمة أوطان المنطقة إلى الياس من صعوبة ذلك المر الذي ادى إلى نوعين من الهجرة :الداخلية حيث الانكفاء على الذات الفردية أو المؤسسية (الكنيسة)،والخارجية حيث الخروج من الأوطان. بيد أن الهجرة بنوعيها لم تمنع أن تناضل شريحة من أجل البقاء فاعلين كمواطنين. في هذا المقام من الأهمية بمكان الإشارة إلى أهمية السياق فمرحلة الاستقلال الوطني ـ قطعا ـ تختلف عن مرحلة النكوص والارتداد والخلف. وهنا سوف نلمح تأثير السياق في كل مرحلة من المراحل التاريخية على كل من هذه المقاربات وكيف وصلنا إلى ما نحن عليه حيث باتت القضية بهذا الإلحاح،
..* 2 قراءة الأدبيات سوف تعينننا على تلمس حجم القضية التي نحن بصددها، ومن ثم تحديد معالم المقاربة والتناول والأفكار المطلوبة في السياق التاريخي الراهن.
..* 3 ابتكار التوجهات الأساسية في تحديد الحراك السياسي والثقافي المطلوبين.

في ضوء ما سبق فأننا سوف نضع بعض المعايير التي انطلقنا منها في رسم خريطة الأدبيات الخاصة بالمسيحيين العرب كذلك التصنيف الذي اتبعناه فيما يتعلق بالكتابات والمقاربات التي تم اتباعها في هذه الكتابات وأخيرا الرؤى الحاكمة التي ميزت هذه الأدبيات أخذا في الاعتبار السياق التاريخي  .

2) ضرورة التمييز بين القراءة الاندماج والقراءة المونتاج

من الأهمية بمكان أن نضمن عند التعاطي مع الأدبيات الخاصة بالمسيحيين العرب التمييز بين القراءة المونتاج التي تنتقي ما تراه يمكن توظيفه في الصراعات الآنية دون الالتزام بالحقائق التاريخية والوقائع وأسبابها. فأحيانا يتم تجريد الواقعة من ملابساتها بهدف توظيفها سياسيا في أمور آنية وصراعات حالة. إن القراءة التاريخية ”المونتاج“ تنحو نحو التوظيف السياسي / الديني أكثر من الميل إلى الموضوعية. فبفعل السياسة/الدين يتم تصنيف “المسيحيون العرب” تصنيفا يتفق والمصالح الدينية /السياسية في لحظة تاريخية معينة. وأحيانا وفي إطار دفاع “المسيحيين العرب” عن أنفسهم يعيدون قراءة التاريخ بما يحمي واقعهم.
ومقابل القراءة المونتاج التي تسود في أوقات التوتر، هناك القراءة “الاندماج”، وهي القراءة التي ترى ”المسيحيون“ مع ”مواطنيهم“ من خلال ديناميكية مجتمعية، والنضال المشترك من أجل تذليل كل ما يعوق هذه الديناميكية من التحقق، وهي القراءة التي تسود في أوقات النهوض الوطني. والقراءة “الاندماج” تعني أن هناك ذاكرة مرجعية واحدة يتم الرجوع إليها .ذاكرة تجد فيها كل اللاعبين في لحظة تاريخية معينة دون إقصاء لأحد ،أو إسقاط لدور أحد كذلك ذاكرة تعنى بكل التفاصيل وبشتى الأبعاد :الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية، ودور كل بعد في تشكيل الواقعة التاريخية. وعليه عندما نستعيد واقعة بعينها حتى وإن كانت تحكي قصة أزمة ما فأننا سوف هذه الأزمة في سياقها ونفهم العوامل التي أدت ما أدت إليه بتجرد ـ نسبي ـ ، فكل اللاعبين حاضرين وكل أسباب الواقعة ظاهرة ومن ثم تكون القراءة موضوعية بدرجة أو أخرى. وفي هذا المقام يقول المفكر الموسوعي كوندورسيه :”أن التاريخ الواحد هو القاعدة الأولى لتقدم المجتمعات البشرية”ووفق هذا الفكرة لا يستقيم ما يلي :
إسقاط حقبة ما أو مرحلة ما من الذاكرة التاريخية سهوا أو عمدا،
استئثار طرف ما في اللعبة السياسية / الدينية بكتابة التاريخ، ومن ثم تخضع الكتابة التاريخية للهوى الديني أو السياسي،
كما لا ينبغي التعامل مع هذه النوعية من الكتابة التي تتحدث عن جماعة تربطها رابطة اما ولكنها حاضرة في المجتمع وفق روابط أخرى على أنها :
مجرد حواديت نستدعيها للترويح عن أنفسنا في الحاضر،
أو خنادق نتحصن بها هربا من هذا الحاضر أو رفضا له،
أو اسلحة نستخدمها في معارك راهنة ذات طبيعة سياسية،
أو وقائع ـ نظنها ـ نقية نستدعيها لمواجهة واقع لا نرضى عنه.
في ضوء ما سبق، سوف نجد كيف أن “الذاكرات التاريخية” باتت تتأثر بفعل الواقع حيث يتم إعادة تسويقها بعد تجميلها بما يخدم الواقع ومعاركه وهو ما يسهم في خلق هويات مرتبكة يسهل الا تفهم أهمية الارتباط التاريخي بين المسيحيين العرب والأرض التي انطلقت منها الخصوصية المسيحية. كما تعوق فهم خصوصية المسيحية الشرقية. إنها لحظة متشابكة تحريضية تؤدي إلى ردة فعل سلبية تتراوح بين الانكفاء و الهجرة خاصة في أوقات التردي نتيجة التصورات الدونية أو الممارسات الإقصائية.

(د)المسيحيون العرب: الكتابات ـ المقاربات

1 ) ثلاثة أنواع من الكتابات / المصادر

في إطار ما سبق قمنا بتجميع عدد معتبر من الأدبيات  وفق المنهجية والمعيارية التي أشرنا إليهما خلال الفترة الزمنية من مطلع القرن العشرين إلى وقتنا هذا. وقد وجدنا أن هناك ثلاثة أنواع من الكتابات وذلك كما يلي:

أولا: الكتابات الدينية.
ثانيا: الكتابات الاكاديمية.
ثالثا: كتابات متفرقة.

أولا: الكتابات الدينية:

ونقصد بها الكتابات التي صدرت عن المؤسسات والكيانات الدينية مثل: الكنائس والمجالس والهيئات المسكونية سواء في المنطقة العربية أو الدولية. وقد تنوعت هذه الكتابات بين البيانات والوثائق والكتب والأدلة وأعمال الندوات والمؤتمرات.

ثانيا: الكتابات الأكاديمية:

ونقصد بها الكتابات التي صدرت عن المؤسسات البحثية أو الجامعات أو حررها وكتبها عدد من الباحثين الذين عنوا بموضوع المسيحيين العرب. ويشار هنا إلى أن التنوع كان سمة الذين تصدوا لهذا الموضوع فمنهم المسيحي وغير المسيحي، العربي والأجنبي، بيد ان ما جمعهم هو العامل البحثي.

ثالثا: الكتابات المتفرقة:

نظرا لأهمية الموضوع وأنه بات ساخنا لاعتبارات تتعلق بالجيوبوليتيكا العربية فلقد كان ـ ولم يزل ـ محل اهتمام الميديا بعناصرها المتنوعة.
ويوضح الشكل التالي أنواع الكتابات المختلفة.


شكل رقم (1 )

2 ) ثلاث مراحل زمنية

أنتُجت الكتابات الثلاث السابقة خلال مرحلة زمنية تبدأ مع بزوغ النهضة العربية مطلع القرن العشرين، مرورا بفترة الاستقلال الوطني وأخيرا بداية مرحلة التراجع أو ما يمكن أن نطلق عليها مرحلة التجزئة . ويمكن ان نرصد المسار التاريخي في المراحل التالية  :

أولا: مرحلة النضال الوطني والتأسيس النهضوي:
حيث ساهم المسيحيون مع مواطنيهم من المسلمين في مواجهة المستعمر، وتفاعلوا مع الحراك الوطني البازغ، وكانوا من مكوناته الأساسية كما ساهموا في بناء النهضة العربية الحديثة. واستطاعوا أن يصالحوا بجهدهم المعرفي والعلمي والابداعي بين التحديث والحداثة.

ثانيا: مرحلة ما بعد الاستقلال أو مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية:
حيث ساهموا في بناء الأوطان بعد أن نالت استقلالها. وكانت بصماتهم حاضرة في شتى المجالات. ولكن بفعل ما واجه مشروع الاستقلال والتعثرات التي طالت بناء الدولة الحديثة من تحديات تراوح حضورهم بين الفاعلية والانكفاء الديني.

ثالثا: مرحلة التوترات الدينية والمذهبية:
وهي المرحلة التي بدأت عقب هزيمة 1967حيث تراجع الحضور المسيحي بدرجة لافتة واتجه المسيحيون كما أشرنا إلى الهجرة بنوعيها الداخلية والخارجية. وبدأت عقود النزاع الديني المادي والمعنوي.


شكل رقم (2)

والقارئ للأدبيات التي أنتجت على مدى زمني ممتد، سوف يلاحظ بيسر كيف أن السياق التاريخي وطبيعة المرحلة كانت تفرض نفسها على نوع المقاربة في الأدبيات التي نشرت خلال هذه الفترة. وهنا يمكن أن نرصد كيف أن الأدبيات الخاصة بالمسيحيين العرب قد تراوحت بين رؤيتين / مقاربتين.

(ه)المسيحيون العرب: رؤيتان / مقاربتان

وفي هذا السياق ـ وفي المحصلة ـ ، يمكن أن نشير إلى رؤيتين مقاربتين مسيحيتين تبلورتا من خلال الأدبيات التي أنتجت خاصة في الربعة عقود الأخيرة لمواجهة هذه الإشكاليات هما ما يلي:
الرؤية / المقاربة الأولى تعتمد على الخبرة الحية للمسيحيين عبر التاريخ وعلى لاهوت منفتح يمكن أن نطلق عليها “الرجاء الحي”؛ أو المقاربة الاندماجية؛
وفيها نجد تناول يعبر عن جدل المؤمن ـ المواطن حيث يتفاعل فيها الاجتهاد اللاهوتي مع الممارسة المنفتحة على المجتمع. وهي رؤية مركبة ذات عناصر متقاطعة حيث يتداخل الفلسفي والفكري مع ما هو ديني وعقدي وسياسي وحياتي.
وحول أهم ملامح هذه الرؤية يمكن أن نشير إلى ما يلي:
القناعة بأن الحضور المسيحي شهادة ورسالة بالرغم من أية تحديات، وأن الجذور المسيحية للمنطقة تستحق الدفاع عن الوجود المسيحي من خلال الشراكة والحضور الفاعل ولا ترى تناقضا بين العضوية في الكنيسة وبين المواطنية،
انها رؤية تثق في المستقبل وفي قدرة الناس الحية على إمكانية تجاوز الواقع.
وأن الكل يعاني من نفس المشاكل من الاستبداد والاستغلال والمصالح السياسية ومن ثم لابد من النضال المشترك من أجل تجاوز المعاناة المشتركة وبناء الدولة الحديثة.


شكل رقم (3)

أما الرؤية الثانية / المقاربة الثانية تنطلق من واقع سيئ ويحكمها لاهوت محافظ ويمكن أن نطلق عليها “أطلنطا الغارقة” ؛ أو المقاربة الطائفية؛
وفيها نجد تناول يعبر عن المواجهة بين المسيحيين / الكنيسة كطائفة والمجتمع
وحول أهم ملامح هذه الرؤية / المقاربة يمكن أن نشير إلى ما يلي:
تدور أطروحات هذه الرؤية / المقاربة حول سؤال الهوية وضرورة الانكفاء وتمايز الهوية عن المحيط الذي تعيش فيه،
لديها تحفظات كثيرة على الواقع،
ويوجهها الخوف من الاندثار أو أن تلقى مصير أطلنطا إلى تسييج حركة المسيحيين (إن جاز التعبير).
تحكمها تخوفات من صعود الإسلام السياسي وطروحاتها الفقهية التي تعود بالمسيحيين إلى وضع الذمة أو الملة،
رؤية للذات تتراوح بين الجماعة الدينية والجماعة السياسية،



شكل رقم (4)

(و)خاتمة: قضية المسيحيين قضية تخص مستقبلنا كله

واقع الحال لابد أن ننشغل بهذا الموضوع ليس من منطلق ديني وإنما من منطلق حضاري.. وندرك أن ما يهدد الجزء هو في الواقع تهديد للكل.. إن المظاهر التي تم التحذير منها مبكرا والتي تطل بقوة هذه الأيام خاصة فيما يتعلق بتناقص أعداد مسيحيي المنطقة، تعطي ذريعة ـ كما كتبنا مرة ـ للذين يحاولون إثبات عدم قدرة منظومتنا الثقافية على استيعاب التنوع.. فسكوت العرب كما قال محمد سيد أحمد على ” هجرة مسيحييهم هو سلاح يضرب به العرب أنفسهم بأنفسهم”…ومن ثم باتت الضرورة التي يجب أن نعمل عليها بجد هو استعادة الغائبين في الداخل: مسلمون ومسيحيون كي يناضلوا معا. وإبطال أسباب التغييب. ونختم بما قاله قسطنطين زريق عام 1981″إن مشكلة المسيحيين العرب، بصفتهم أقلية في المجتمع العربي الذي تنتمي كثرته إلى الإسلام، هي مشكلة تشترك في مسؤوليتها الأكثرية والأقلية، ولا يمكن أن تحل حلا جذريا إلا بتحولات جذرية في الجانبين معا، وذلك بالإقبال على بناء مجتمع قومي على أساس مصلحة الشعب ومنجزات العلم والحضارة والمساواة القانونية والعملية بين المواطنين والعدالة بينهم، والتحول من تسييس الدين إلى تقصي جوهره الروحي. والواقع أن الحديث عن المسيحيين والمستقبل يفتح قضية العرب بكاملها وقضايا المستقبل بمجموعها..

ملحق (1)

المصادر باللغة العربية:

  • 1) المسيحيون العرب:دراسات ومناقشات،(جورج خضر وطريف الخالدي وإدمون رباط و قسطنطين زريق و رضوان السيد ووجيه كوثراني،1981).
  • 2) من يحمي المسيحيين العرب،(فيكتور سحاب،1986).
  • 3) العرب وتاريخ المسألة المسيحية،(فكتور سحاب،1986).
  • 4) المسيحيون والعروبة: مناقشة في المارونية السياسية والقومية العربية، رياض نجيب الريس، 1988).
  • 5) تاريخ الكنيسة الشرقية،(المطران ميشيل يتيم والأرشمندريت إغناطيوس ديك،1991).
  • 6) العرب النصارى: عرض تاريخي،(حسين العودات،1992).
  • 7) جيوبوليتيكا الأقليات،( جورج قرم، 1995).
  • 8) المسيحية في العالم العربي، (الحسن بن طلال، 1995).
  • 9) المسيحية والمسيحيون العرب وأصول الموارنة(فرج الله صالح ديب،1995).
  • 10) قدر المسيحيين العرب وخيارهم،(ألبير منصور،1995).
  • 11) كنيسة المشرق العربي، الأب جان كوربون،1996).
  • 12) المسيحية العربية وتطوراتها: من نشأتها إلى القرن الرابع الهجري / العاشر الميلادي، سلوى بالحاج صالح ـ العايب،1997).
  • 13) المسيحيون في لبنان والشرق: رؤى مستقبلية، ألأباتي بولس نعمان، الدكتور كمال الصليبي، الدكتور فريد الخازن،1997).
  • 14) دليل إلى قراءة تاريخ الكنيسة ـ المجلد الثاني: الكنائس الشرقية الكاثوليكية.(لجنة إشراف، 1997).
  • 15) المسيحيون في الأرض المقدسة،(مايكل تريبر و وليم تيلر،1998).
  • 16) دليل كنائس الشرق الأوسط، (مجلس كنائس الشرق الأوسط،1999).
  • 17) المسيحية عبر تاريخها في المشرق، …مجلس كنائس الشرق الأوسط،
  • 18) المسيحية والعرب،(نيقولا زيادة،2000).
  • 19) المسيحيون العرب بين ألفيتين،(جيروم شاهين،2001).
  • 20) الفن الإسلامي والمسيحية العربية: دور المسيحيين العرب في تكوين الفن الإسلامي، (شاكر لعيبي، 2001).
  • 21) كنائس الشرق الأوسط والتحديات الراهنة،(القس الدكتور رياض جرجور،2003).
  • 22) الوجود المسيحي في القدس خلال القرنين التاسع عشر والعشرين، (د. رؤوف سعد أبو جابر،2004).
  • 23) دور المسيحيين الثقافي في العالم العربي،(الأب سمير خليل اليسوعي،2004).
  • 24) تاريخ المسيحية الشرقية،(عزيز سوريال عطية،2005).
  • 25) المسيحية في الجزيرة العربية قبل الإسلام،(د. جواد علي، 2007).
  • 26) نصارى القدس،(د. أحمد حامد إبراهيم القضاة، 2007).
  • 27) سطور مستقيمة بأحرف متعرجة: عن المسيحيين الشرقيين والعلاقات بين المسيحيين والمسلمين، (طارق متري، 2008).
  • 28) المسيحيون العرب: التحديات الراهنة وخيارات المصير،(جيروم شاهين،2008).
  • 29) المسيحيون العرب وفكرة القومية العربية في بلاد الشام ومصر (1840 ـ 1918)، (د. فدوى أحمد محمود نصيرات، 2009).
  • 30) لا عروبة من دون المسيحيين، مركز عصام فارس للشؤون اللبنانية، بيروت، 2011.
  • 31) الأقليات في الوطن العربي،(ألبرت حوراني،
  • 32) الأقليات…..(عوني فرسخ،
  • 33) ريجيس دوبريه، المسيحيون في العالم العربي.
ملحق (2)

المصادر باللغة الانجليزية:

  • 1)Eastern Christianity History,(Aziz S.Atia,1968).
  • 2) Arab & Christian?: Christians in the Middle East. (Antonie Wessels, 1995).
  • 3) Christians in the Arab East. (Robert Brenton Betts,1978).
  • 4) The Arab Christian: A History In The Middle East. (Kenneth Cragg, 1992).
  • 5) Angle of Vision: Christians & the Middle East (Charles A. Kimball,1992).
  • 6) A Guide to Christian Churches In The Middle East.(Norman A.Horner,1989).
  • 7) Christians And Jews Under Islam.(Youssef Courbage & Philippe Fargues- translated by Judy Mabro-,1997).
  • 8) The Middle East: Its Religion And Culture.(Edward J.Jurji).
  • 9) The Challenge to be a Church in a Changing World.(Aram 1,1997).
  • 10) I Cristiani In Medio Oriente :Tra Futuro,Tradizione E Islam(Sant’Egidio,2009.
 

طباعة   البريد الإلكتروني
0
0
0
s2smodern