(1) بدعوة من مؤسسة الفكر العربى (بيروت) شاركت فى أعمال المؤتمر السنوى الـ13 الذى نظمته المؤسسة بالمملكة المغربية الأسبوع الماضى. كان موضوع اللقاء: «التكامل العربى: حلم الوحدة وواقع التقسيم».
وقد حشدت المؤسسة جمعا هائلا ومتنوعا من أصحاب الاختصاصات والاهتمامات المتنوعة. فبالإضافة إلى المفكرين والباحثين كان هناك تواجد ملحوظ لأشخاص اختبروا العمل السياسى والتنفيذى، ولممثلى عدد من الشركات العملاقة العاملة فى المنطقة، كذلك كوكبة من الاختصاصيين فى المجالات التقنية الجديدة. تناول اللقاءـ ولمدة ثلاثة أيام ـ قضية «التكامل» وقاربها من ثلاثة جوانب: التكامل الاقتصادى، والتكامل الثقافى والتكامل السياسى. حيث يتم النقاش حول التكامل بجوانبه الثلاثة فى ثلاث جلسات متوازية يوميا فى نفس الوقت.. هذا بالإضافة إلى الجلسات العامة التى تناولت موضوعات عامة متفرقة مثل: اللغة العربية كأبرز عناصر الهوية العربية الجامعة، والعقل العربى ونظرية المؤامرة، ومشروع الشرق الأوسط الجديد، وسياسات المواطنة فى التجربة المغربية، وبلورة نظام أمنى جديد، البديل الإعلامى الموثوق لفهم الواقع، التربية والثقافة فى الوطن العربى: نحو مشروع ثقافى فكرى عربى شامل.
(2) من الموضوعات التى تم نقاشها فى التكامل الاقتصادي؛ نشير إلى:
أولا: التعاون الاقتصادى:التحديات فى ظل التعاون.
ثانيا: الموارد الطبيعية فى الوطن العربى: محفز تكامل أم مؤشر للصراعات؟.
ثالثا: الأبعاد الاقتصادية.. كما نوقش فى التكامل الثقافى؛ أولا: دور الثقافة والفنون فى إرساء وحدة الشعوب. ثانيا: تراجع دور النخب الثقافية.
ثالثا: صيغه ودوره فى حفظ دولنا العربية.. وأخيرا تناول التكامل السياسى؛ أولا: المسار التاريخى للتحولات الجيو- سياسية فى الوطن العربى. ثانيا: تعزيز دور المنظمات الإقليمية. وثالثا: العرب ودول الجوار بين تحديات الحاضر وأسئلة المستقبل.. بالطبع لن نستطيع تغطية كل ما دار فى اللقاء ولكن يمكن أن نطرح بعض الملاحظات العامة حول اللقاء فى هذا المقال. وطرح مساهمتنا حول التحولات الجيوـ سياسية وتداعياتها المستقبلية فى مقالنا القادم.. ونبدأ بالملاحظات..
(3) الملاحظة الأولى: عكس اللقاء ـ سواء فى الجلسات الرسمية أو الجانبية ـ مدى الشعور «بكارثية» الوضع مما أسميه «كابوس التفكيك»، ما انعكس إيجابا من جانب على محاولة تقديم حلول وتصورات ذات طابع عملى. وسلبا، من جانب آخر، على تمحور الكثيرين حول تجاربهم القطرية ـ بحلوها ومرها ـ وعدم الانفتاح الكافى على تجارب الآخرين.
الملاحظة الثانية: بالرغم من ارتداد البعض إلى التجارب القطرية فإن هذا لم يمنع من إسقاط البعض تجربتهم على تجارب الآخرين وكأن التطور الاجتماعى واحد فى كل الأقطار العربية.
الملاحظة الثالثة: الموقف السلبى الذى أبداه البعض تجاه ما يعرف بـ«الربيع العربى»ـ بغض النظر عن المسمى باعتبارها أحد مسببات الاضطراب العربى. وتحميلها دون غيرها المسؤولية عن هذا الاضطراب. الملاحظة الرابعة: رغم الإقرار بالكثير من السلبيات التى تعترى المشهد العربى الراهن، إلا أن خطاب المراجعة الذاتيةـ أظنه ـ لم يكن حاضرا بما يكفى. الملاحظة الخامسة: ما لفت نظرى بشكل كبير هو التباين الكبير بين الأجيال.
فبينما كان جيل الكبار يميل إلى الأطروحات المحافظة والتى تتبلور فى حماية الواقع من الأخطار التى تتهدده. وتقديم الوثائق والدلائل على ذلك ومن ثم تأجيل الحديث عن التغيير والديمقراطية،… إلخ. فإنه على النقيض نجد جيل الشباب أكثر جرأة على نقد الواقع دون مواربة ودون حسابات أو مواءمات.
(4) والمفارقةـ فيما يختص ـ بالملاحظة الأخيرة، أن الأطروحات الشبابية الجريئة كانت تحقق تكاملا عمليا بالرغم من اختلاف الانتماءات. حيث تجد شبابا من الجزائر ومصر واليمن والخليج،…إلخ، يتوافقون على أفكار تتجاوز الخصوصيات.. وهو أمر يستحق التأمل، وربما يطمئننا على بكرة.. ونواصل..