(1) عندما بدأت مقال هذا الأسبوع وكنت أنوى أن أتناول ما أطلق عليه «أبنية الظلم»، وصلتنى دعوة كريمة من قيادات «تمرد» للمشاركة فى فعاليات مرور سنة على انطلاق تمرد فى 28 إبريل 2012.. وعليه رأيت أن أؤجل حديثى عن «أبنية الظلم».. وأن أخصص كلمات هذا الأسبوع عن: «تمرد».. خاصة أننى- بوعى تام وبإخلاص- يمكن أن أقول إن من أكثر ما صدقته فى حياتى وتفاعلت مع مضمونه، بل انخرطت فى الإعداد له، من خلال التيار الشعبى، هو حركة «تمرد».. حيث كنت أعتبر نفسى دوما ضيفا على السياسة،
ومشاركا فيها بحسابات دقيقة، وفى ظروف معينة.. بيد أن «تمرد» استطاعت أن تجعلنى فى قلب العمل السياسى فى لحظة ظلامية كبرى مرت بها البلاد.. ودفعتنى لكتابة سلسلة مقالات بعنوان «تمرد» حول: الفكرة، والضرورة، والدعوة لها.. فى ظل سلطة اعتمدت على ما وصفته «بشرعية الإكراه»، ومعاداة عموم المصريين.. وهو ما استدعى قيام تمرد كتحالف وطنى عريض فى مواجهة مشروع جماعة لا يعبر عن الدولة المصرية ويعمل على تغيير طبيعتها، والأكيد أنه بالإعلان الدستورى الاستبدادى (نوفمبر 2012) قد انحرف عن شرعية 25 يناير التى أتت به..
(2) فى هذا السياق كتبت عن: «جرأة التمرد»، فعرفت «التمرد» بأنه: «الحالة التى يبدأ فيها الإنسان برفض الواقع انطلاقا من حالة ذهنية ونفسية واعية بضرورة هذا الرفض.. ذلك لأن هناك معاناة حقيقية من أفعال وتصرفات الأبنية القائمة: الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية.. أفعال وتصرفات أوجدت حالة استعبادية/استبدادية.. ومن ثم ينطلق المتمرد/ المتمردون، بوعى، ينطلقون فى ابتكار ممارسات تخلخل العلاقات بين الأبنية السائدة: الظالمة والاستبدادية، وبين والبشر.. التى تصور البعض أنها استقرت وأنها تستمر إلى ما لا نهاية له». وفى «الإبداع» بابتكار أفكار وممارسات «تمردية»، وأخيرا تسهم جرأة التمرد فى جعله «حالة جماعية». إذن جرأة التمرد: تحرر، وإبداع، ومواطنة.
(3) وحول توصيف تمرد سياسيا، أطلقنا عليها «المواطنة بغير وسطاء» والتى عنينا بها أن تمرد تعد: «أول حركة للمواطنين المصريين يقومون بها دون وسطاء، تنطلق من القاعدة/ من أسفل تحمل مطالب واضحة فى مواجهة السلطة القائمة مباشرة. وتعتمد على الحشد والتعبئة فى ضوء هذه المطالب. وتتحرك فى عموم مصر مستخدمة أساليبا نضالية غير مسبوقة».. وإذا كانت 25 ينايرـ فى ظنى- قد نقلت المواطنة من أن تكون فكرة أو محاضرة إلى فعل يمارس.. كما أوجدت أشكالا مبدعة لها.
(4) لم تأخذ السلطة، تمرد، محمل الجد لأنها لم تزل تعمل بحسب «الكتالوج» القديم، حيث قواعد الاستبداد السياسى أو التشدد الدينى يمكن حصارها.. وهنا مربط الفرس هل يمكن أن تنجح سلطة حاكمة فى مصر فى أن تخاصم: القوى السياسية، ومؤسسات الدولة، وجموع المصريين.. شكرا لتمرد التى جذبتنا إلى صفوفها، وشكرا لوعيهم بأننا لم نزل فى السنة الأولى من التمرد.. فى سياق عملية تحول مركبة لم تزل تتعرض لكثير من التهديدات من بينها أبنية الظلم..