التعليم الدينى المسيحى البدايات والمسارات

نعتمد فى حديثنا عن “التعليم الدينى المسيحى” فى مصر، على منهجية تنظر إلى الموضوع فى إطار مسيرة التعليم المصرى ككل من جانب، وإلى السياق التاريخى الذى حكم هذه المسيرة، وبالتالى التعليم الدينى المسيحى من جانب أخر. فالتعليم الدينى المسيحى، ديان كان بحكم كونه محدد الوجهة من حيث المحتوى والمستهدفين، أى تعليم معد وموجه للمواطنين المسيحيين فى مصر، إلا أن ذلك لا يعنى أنه تحرك فى فضاء مستقل عن المسيرة العامة للتعليم المصرى، أو بمعزل عن السياق التاريخى الذى تطورت من خلاله الجماعة الوطنية المصرية.


إن كل تطور أو تعثر طرأ على مسيرة التعليم المصرى بشكل عام والتعليم المسيحى بشكل خاص، كان يرتبط إلى حد كبير باللحظة التاريخية المواكبة لهذه المسيرة، بيد أن الغرب كان العامل الحاسم فى ضرورة أن تهتم مصر بالتعليم فى بعديه العام والدينى. فمع مطلع القرن التاسع عشر، يذكر د. سعيد إسماعيل على “لقد كشف مجئ الحملة الفرنسية إلى مصر عن عظم الفجوة التى تفصل حضارة الغرب الناهضة المتقدمة، والحضارة المصرية الآفلة.. عندما ألت السلطة إلى محمد على، أيقن أن العصر يستلزم القوة لمن يريد أن يعيش فيه..”(1). وقام المشروع التحديثى لمحمد على على البعثات وعلى دراسة العلوم التطبيقية والعملية فى المقام الأول، ويتفق الباحثون على أن حركة تحديث التعليم قد بدأت عام 1836 وذلك من خلال إنشاء ما عرف بإدارة ديوان المدارس، فكان الاهتمام “بالمراحل العليا من التعليم، انطلاقا من المدارس المتخصصة، لتهبط بعد ذلك إلى فئتى التعليم الأدنى والمتمثلتين فى المدارس الإعدادية والإبتدائية..”(2). ومع تولى سعيد الحكم بدأت مدارس البعثات الأجنبية نشاطها فى مصر، ومثل هذا النشاط بحسب أنور عبدالملك “أكبر ظاهرة سائدة فى السياسة التعليمية”(3)، ولم يحاول الحاكم الجديد المنفتح على النفوذ الفرنسى أن يفعل شيئا لاعادة فتح المدارس التى أغلقت فى عهد عباس، مفضلا ترك المهمة التعليمية للمدارس الأجنبية، كما قام سعيد فى ديسمبر 1854بحل ديوان المدارس لقد مثلت السياسة التعليمية لسعيد – تجاوزا- انقطاعا للنهوض التعليمى الذى بدأ مع محمد على، وفى نفس الوقت مثلت مدارس البعثات تهديدا حقيقيأ للأقباط على المستوى العقائدى، لأنه وبحسب جرجس سلامة استهدفت هذه المدارس، من ضمن ما أستهدفت تحويل الأقباط”(4). إلى أن يعتنقوا عقيدة المذاهب الوافدة. إن تراجع الدولة عن تحمل مسئولية التعليم أتاح الفرصة أمام المدارس الأجنبية إلى تنفيذ توجهاتها، فلقد باتت الدولة” تغل يدها عن نشر التعليم “(5).
لقد مثل تهديد مدارس البعثات (6)، عامل ضغط على الأقباط ساهم في ضرورة التفكير الجدى فى أهمية النهوض الذاتى من خلال التعليم تحديدا، إنه التحدى الذى فرض الاستجابة المبدعة.

لقد تجلت هذه الاستجابة فى أمرين:
– التحديث التعليمى الكنسى من خلال مدارس الأحد والكلية الاكليريكية .
– الضغط فى اتجاه تعليم الدين المسيحى فى المدارس العامة (الأميرية والأهلية.
لقد أدى تهديد مدارس البعثات الوافدة من الغرب فى تحويل الأقباط وتركهم كنيستهم إلى استنفار الكنيسة وجعلها تتصدى لهذا التهديد من خلال التحديث الداخلى الكنسى، وجعل قضية التعليم الدينى المسيحى جزءا من القضية الوطنية العامة. ويلاحظ أن هذين التوجهين يكادا يكونا متلازمين تاريخيا. بالطبع كان لكل توجه طبيعته من حيث المضمون والوسائل، إلا أن الهدف كان واحدا ألا وهو الحفاظ على عقيدة الأقباط وحمايتهم دينيا من الأفكار الإيمانية الوافدة ووطنيأ. ولكن كيف سار جهد الأقباط وكنيستهم فى هذين الاتجاهين.
من خلال القراءة التاريخية حول جهد الأقباط العام وكنيستهم فى مجالى تحديث التعليم الكنسى من جانب، وتعليم الدين المسيحى فى المدارس من جانب أخر، فإنه يمكن رصد ثلاث مراحل رئيسية، وذلك كما يلى: المرحلة الأولى: مرحلة البابا كيرلس الرابع (الملقب بأبى الاصلاح) مرحلة التحديث من أعلى (1854-1861) المرحلة الثانية: مرحلة التحرك القاعدى .

المرحلة الثالثة: المرحلة المؤسسية – الرعوية.
أولأ: مرحلة البابا كيرلس الرابع – أو مرحلة التحديث من أعلى:
يمكن أعتبار البابا كيرلس الرابع (البابا “110” فى سلسلة باباوات الكنيسة المصرية)، هو الانطلاقة الأولى لحركة التحديث الكنسى، فلقد كان “نشاطه الاصلاحى وما أنشأه من المدارس الحديثة، من أوجه النشاط الرائد فى المجتمع”(7)، لقد واجه البابا كيرلس الرابع بعنف هجمة مدارس البعثات، وأدرك أنه لا مفر من “إنشاء مدارس قبطية. أهلية (وطنية) إذا أريد إبطال قوة الاغراء التى تشكلها مدارس الإرساليات لأبناء القبط” . وبالفعل أنشأ المدارس التالية لخدمة المصريين جميعأ، مسلمين وأقباطا، بنين وبنات، وذلك كما يلى:
ا- مدرسة البنات القبطية بجوار البطريركية بكلوت بك.
2- مدرسة البنين بحارة السقايين بعابدين.
3 – مدرسة البنات بحارة السقايين بعابدين.
4- مدرسة المنصورة للبنين بالمنصورة.
5- مدرسة بوش للبنين ببنى سويف.
6- مدرسة الألسن.
كما قام بإعادة تنظيم وتحديث المكتبة البطريركية، وتأسيس مكتبات عامة فى المدارس، وجاهد من أجل شراء مطبعة للبطريركية تعد ثانى مطبعة تدخل إلى مصر بعد المطبعة الأميرية والمطبعة الأولى على المستوى الأهلى. لقد مثل كيرلس الرابع نقطة تحول كيفية فى تاريخ الكنيسة القبطية، وكان مدخله هو التعليم الأمر الذى بموجبه اتفق على تلقيبه بأبى الاصلاح”، ويشار إلى ما ذكره على مبارك حول كيرلس الرابع: إن حالة الإدارة البطريركية من جهة سياسة الاكليروس ورعاية الأمة ونحو ذلك، قد امتازت فى مدته كثيرا جدا عن السابق. ولقد كان هذا البطريرك حاذقا نبيها ذا عناية شديدة طلق اللسان عارفا بالتاريخ مدققا فى علوم الدين المسيحى محافظأ على حدود المذهب، ماقتأ للرشوة، غير مكترث بالمال قائمأ بأعباء وظيفته.. “(8) واقع الأمر أن مرحلة البابا كيرلس الرابع كانت أقرب إلى تأسيس بنية أساسية تمكن من الانطلاق لاحقا.

المرحلة الثانية: مرحلة التحرك القاعدى:
نقصد “بالتحرك القاعدى” الاستجابة الشعبية الطوعية لاصلاحات البابا كيرلس الرابع والتى أبداها أبناء الكنيسة والتى توافقت مع نمو طبقة برجوازية صاعدة شاركت فى الحركة الوطنية المصرية وكان لهم دورهم الحيوى فى مجلس شورى النواب (1866) على المستوى السياسى، كذلك دورهم المؤثر فى مجال العمل الأهلى من خلال تأسيس عدد كبير من الجمعيات الأهلية كان التعليم على رأس قائمة اهتمامات عملهم. وكما كان لهؤلاء دورهم فى المجال العام، فلقد ساهموا بجهد وفير فى المجال الكنسى من خلال المجلس الملى (9) الذى تأسس فى عام 1874، وشكل ثلاث لجان من ضمنها لجنة المدرسة والمطبعة والتى تطورت فيما بعد إلى لجنة التعليم. كذلك تأسيس مدارس الأحد (10) التى اهتمت بتعليم الأطفال والنشء، ثم الكلية الاكليريكية عام 1893 لتخريج الرعاة، وأخيرا بدء جهد منظم منذ بداية القرن لتعليم الدين المسيحى فى المدراس.
يمكن القول ان مدارس الأحد من جهة وتعليم الدين المسيحى فى المدارس من جهة أخرى، كانا المجالين اللذين تحرك من خلالهما الجهد الشعبى الطوعى، حيث أستهدفا: – إبراز الأصول الإيمانية الصحيحة وتثبيتها فى فكر ووجدان الأقباط.
– التأكيد على جوهر المعانى الروحية واللاهوتية.
– دعم مساهمة الأقباط الإيجابية فى الوطن – الأمة.

ويشار هنا إلى شخصية هامة كان لها دور كبير فى تنظيم الجهد الشعبى أو التحرك القاعدى، هو الأستاذ حبيب جرجس الذى استطاع أن يستثمر الجمعيات الأهلية فى نشر التعليم المسيحى، وهو ما جعل المجمع المقدس للكنيسة القبطية ان يقرر فى عام 1898بشكل رسمى “وجوب تعليم الدين المسيحى للأطفال”. ونجده يؤسس جمعية يخصصها لهذا الغرض، وذلك فى عام 1900، حيث توسع نشاط هذه الجمعية وانتشر من خلال تأسيس فروع عدة فى أقاليم القطر المصرى. وقد قام الأستاذ حبيب جرجس بعد استكمال الانتشار الجغرافى بإعداد مناهج تعليمية تشكل الأساس الذى بنيت عليه المناهج التالية على مدى القرن العشرين والخاصة بنشاط مدارس الأحد. كذلك استخدمت هذه المناهج فى المدارس العامة عندما أقر تعليم الدين المسيحى رسميأ فى المدارس.

ويمكن حصر هذه المناهج كما يلى:
– سلسلة كتب خلاصة الأصول الإيمانية فى معتقدات الكنيسة القبطية، صدرت فى ثلاثة اجزاء مكتوبة بطريقة السؤال والجواب، ودرست هذه الكتب للمسيحيين فى مدارس الأحد، وكذلك للمسيحيين بالمدارس القبطية والمدارس الأميرية عندما تقرر تدريس الكتاب بأجزائه الثلاثة.
– سلسلة كتب الكنز الآنفس فى مخلص الكتاب والتاريخ الآقداس ، تضم السلة أربعة أجزاء ، سلسلة كتب المبادئ المسيحية الأرثوذكسية، وصدرت هذه السلسلة فى ثمانية أجزاء خصصت لتلاميذ المدارس الابتدائية والثانوية.

قام حبيب جرجس مع مجموعة كبيرة من زملائه وتلاميذه بالاهتمام بنشر التعليم الدينى المسيحى انطلاقا من رؤية تقوم على ما يلى: “الأولاد سعادة الأسرة، وشرفها وتاجها وثمرتها”… فأولادنا كما قال بعضهم “أكبادنا تمشى على الأرض”، والعناية بتربيتهم أعظم غايات وجودهم، والمدرسة هى المكان المبارك الذى يحتضن الولد ليتلقى فيه تربيته، ليصلح أن يكون رجلأ فى” الهيئة الاجتماعية. وذلك بعد أن يكتسب من أسرته تربيته الأولى. وكل أمة تنظم قواعد تربيتها حسب ما يوافقها ويلائم أخلاقها، والتربية تؤثر على مجموع الأمة وتكون الرجال والأمهات، كما يكون الفرد تكون الأمة.. فاذا وضعنا القواعد والمبادئ التى نريد أن تكون عليها الأمة فى المستقبل، ودربنا أولادنا وربيناهم عليها، فى بيوتنا وفى مدارسنا ، فسنجد بمشيئة الله الأمة كما نريدها. لا ينبغى أن يقصد من المدارس، التعليم فقط، أى تهذيب العقل، بل يجب أن يكون الغرض منها تربية الروح والبدن أيضأ. ورفع قيمة المرء وجعله رجلأ كاملأ فاضلأ قادرأ على الحياة.. وبينما نرى مدارس الجاليات الأجنبية تعمل على بث مبادئها فى عقول طلابها، تصبغهم بصبغتها وتجذبهم إلى عقيدتها.. فيجب أن تكون مدارسنا أداة لتقدم الأمة والكنيسة ..”(11).

يوضح النص السابق روية الرجل إلى التعليم والتربية وموقفه من التعليم الوافد ونظرته إلى أن التعليم لابد وأن يكون شاملأ الأبعاد الروحية والعقلية والبدنية من أجل صالح الأمة والكنيسة. وفى سبيل تحقيق هذه الرؤية تشكلت ما سمى باللجنة العامة لمدارس الأحد عام 1918، ثم أعيد تشكيلها فى عام 1927 حيث استمرت هذه اللجنة فى العمل حتى عام 1941 حيث تشكلت لجنة أخوى، ثم مع اتساع النشاط أعيد تشكيل اللجنة مرة أخرى عام 1948. وكانت هذه اللجان محاولة لتنظيم الجهد الشعبى، وعليه صدرت اللوائح التنظيمية الداخلية والتى ترافق معها تطوير المناهج والأخذ بالاتجاهات الحديثة التربوية والتى ظهرت واضحة فيما عرف بالمنهج الموحد الذى صدر عام 1947 والذى تطور مرة أخرى فى عام 1950 وأخذت الأفكار فى التبلور كمحصلة للخبرة الطويلة على مدى أكثر من نصف قرن كذلك مع وجود أجيال جديدة إطاعت على الجديد فى مجالى التربية والتعليم، ويمكن إيجاز أغراض التعليم المسيحى فى هذه المرحلة كما يلى : ا- تعليم الأولاد حقائق الإيمان الأساسية.
2- تلقينهم تاريخ كنيستهم القبطية الأرثوذكسية وعقائدها.
3- تعويدهم تقديس يوم الأحد والمواظبة على العبادة.
4- تدريبهم على الحياة المسيحية والعناية بصحتهم الروحية والجسدية وإعدادهم ليكونوا أعضاء نافعين لكنيستهم ووطنهم.
وتنطلق هذه الأغراض من أن رسالة مدارس الأحد هى رسالة دينية روحية تهدف إلى تنشئة الصغار على محبة الله ومحبة الناس.. ليشبوا متشبعين بروح التعليم الأرثوذكسى، فيثبتوا ضد الشكوك..

والتعاليم الغربية عن الكنيسة القبطية (12) على الجانب الآخر والخاص بتعليم الدين المسيحى فى المدارس، نجد أنه ومنذ وقت إسماعيل وفى لحظة تاريخية كانت مصر تمارس الديمقراطية من خلال مجلس شورى النواب، نعم كانت ديمقراطية وليدة، إلا أنها كانت قاعدة تم البناء عليها. فمن قرارات هذا المجلس انشاء المدارس المزكرية فى المديريات، حيث نص هذه القرارات على أن يدخل هذه المدارس عموم الناس بالرغبة من دون استثناء: مسلمين وأقباط، غنى وفقير، ومن حيث أولاد الإسلام والأقباط يلزم تعليمهم أولا ما يخص كل واحد منهم فيلزم تخصيص محل لأولاد الأقباط واستحضار من يلزم من القسس لتعليمهم ما يلزم ابتداء فى الديانة. أما تعليمهم العلوم السايرة يكون عموما، أي مسلمين وأقباطا مع بعضهم حيث جميعهم أولاد الوطن ” (13).

تعثر تطبيق ما سبق عمليا لأسباب كثيرة، لكن مع اشتداد التحدي المتنامي لمدارس البعثات الأجنبية مع تحرك الأقباط نحو الإحياء الذاتي للتعليم من خلال الكيانات التعليمية الكنسية كمدارس الأحد والاكليريكية، نجد سعد زغلول يستجيب للضرورة عندما تولى نظارة المعارف عام 1907، حيث قرر إدخال مادة تعليم الدين المسيحي بالمدارس الابتدائية قائلأ” نريد أن يكون الأقباط وهم شركاؤنا فى البلاد عالمين بمبادئ عقائدهم متمسكين بقواعد دينهم، فإن الذى لا دين له لا أمان ولا وفاء له .. (14). ومنذ ذلك الحين أدخل تعليم الديانة المسيحية بهذه المدارس، حيث يتولى تدريسه المدرسون الأقباط العاملون بكل مدرسة، وتم إقرار توزيع”الإنجيل” على التلاميذ الأقباط فى المدارس الإبتدائية، ولم يكن يستثنى من هذا إلا المدارس التي يقل عدد الأقباط فيها عن خمسة عشر تلميذا، كما أضيف منهج تعليم مبادئ المسيحية فى مدرسة المعلمين العليا، ليستطيع الأقباط من خريجي هذه المدرسة تعليمها أيا كان تخصصهم “(15). واستمر العمل كذلك حتى أواخر العشرينات. ثم اضطرب هذا النظام قليلا وألغيت مدرسة المعلمين العليا، فقل المدرسون المؤهلون لتعليم المسيحية.

ومنذ بدء الأخذ بتعليم الدين المسيحي فى المدارس كان هدفه ليس تدرسه كما “يدرس فى المعاهد الدينية بل كان – ولا يزال – تلقين الفضائل الدينية، تلك الفضائل التي لا يكاد يمتاز فيها دين على دين “(16). كما لم يكن درس الدين الزاميا بمعنى أن درجاته لم تكن تعد بين الدرجات التى ينقل بسببها الطلبة من فرقة إلى فرقة، ولذلك لم يكن يعنى به أو يهتم بشأنه أحد”(17).
إن المتأمل لمسيرة بدء تعليم الدين المسيحي في المدارس يمكنه أن يلحظ أن الدافع الأساسي من العمل بذلك هو تحقيق المساواة بين المصريين التى هى أحد التعبيرات العملية للمواطنة والتى بدأت فى البزوغ ” مع تأسيس الدولة الحديثة فى مصر ليس فقط بالنسبة للمسلمين بل للجميع دون أستثناء، وتجسدت عمليا أولا من خلال مجلس شورى النواب ثم تاليا من خلال النضال المشترك فى مواجهة المحتل مما جعل المواطنة “تتبلور” قاعديا مع ثورة 1919. وعليه فلم يكن غريبأ أن يستجيب سعد زغلول استجابته الواعية لتعليم الدين المسيحى فى المدارس من منطلق أنه حق لهم من جهة، كذلك فإن الأخذ بهذا الأمر إنما يمثل مواجهة ناجحة للتعليم الأجنبى الوافد على المستويين المدنى والدينى. ويذكر لنا التاريخ وقوف كثير من الساسة والمفكرين مع تعليم الدين المسيحى فى المدارس وفى الكتاتيب بنوعيها العامة التى أنشنت بمال جميع أفراد المجتمع، والحكومية التى أنشئت بمال وزارة المعارف، (هناك نوع ثالث أنشئ بمال الأوقاف الإسلامية).

وعندما عارض البعض من الحكوميين الإداريين، علق عبدا لقادر حمزة بقوله” أنه لئن كان للمسلم درس دينى خاص، فما كان ذلك بمانع قبطيا أن يتلقى غيره من العلوم أو يتعلم دينه فى الكتاب الخاص بإخوانه فى الدين متى سمح عددهم بإنشائه، بل يمكن القول بأن للقبطى فى ذلك ميزة على المسلم، إذ هو يشاركه فى الانتفاع بالكتاتيب العامة الحرة ويمتاز عليه بكتاتيبه الخاصة “(18).

كان للجهد المبذول فى نشر التعليم المسيحى فى إطار الكنيسة المصرية من خلال مدارس الأحد دوره فى أن يستعان ببعض المؤلفات التى تم انجازها فى هذا السياق ليتم إقرارها رسميا لتكون هى المنهج الرسمى فى المدارس العامة حيث تم الأخذ بكتب حبيب جرجس وذلك منذ عام 1908 حيث تم اقرار تدريس كتاب “خلاصة الأصول الإيمانية” ثم أضيف إلى ما سبق كتاب. خ الكنز الأنفس عام 1920، ثم تقرر كتاب “مشاهير الأقباط للاستاذ فرج جرجس. ولاشك أن المناخ العام فى مصر كلما مال نحو تبنى مشروع وطنى كلما انعكس ذلك على واقع الجماعة الوطنية المصرية ويشار هنا انه وبعد ثورة 1919 وتحديدأ فى 2 أغسطس 1921، اصدر جعفر باشا والى وزير المعارف القرار الوزارى رقم 2279 بشأن تعليم الدين المسيحى بالمدارس (19).

أ- يحضر المدرسون الأقباط الذين لم يتلقوا تعليما دينيا من قبل، هذا العدد من الدروس لمدى ثلاث سنوات.
ب- وعند تعيين المدرسين الأقباط يعضل بوجه عام من تلقى منهم هده الدروس
ج- يبذل كل ما في الوسع في ترتيب جداول الدراسة بالمدارس على نمط يمكن المدرسين الأقباط من حضور الدراسة الدينية بمدرسة المعلمين السلطانية.
المادة الخامسة: يسوغ أن تعطى التلميذات القبطيات بالمدارس الإبتدائية وبمدرسة المعلمات السنية دروسأ دينية فى الوقت المخصص لتعليم الدين الإسلامى على شرط أن عدد التلميذات القبطيات يكون كافيا لتكوين فرقة وان يوجد بين موظفيها مدرسة قبطية قادرة.
تم العمل بهذا القرار إلى أن تم إهمال الأمر مع نهاية العشرينات، وبدأ الأمر يخضع لموازين القوى فى الواقع السياسي المصري، بمعنى أنه من الناحية القانونية والتنظيمية هناك إلزام بضرورة تعليم الدين فى المدارس، إلا أن أخذ الأمر بجدية من ناحية التنفيذ العملي كان يتوقف على الواقع السياسي المصري من جانب وعلى بعض الأمور الفنية من جانب أخر.

فعلى سبيل المثال، يطالعنا المستشار طارئ البشرى بأن القرارات الوزارية حرصت على ضرورة تعليم الدين فى المدارس، بيد أن هناك كثيرا من الجدل من قبل بعض القوى السياسية أبدت تحفظها على تعليم الدين المسيحي فى المدارس بالنسبة للقرارات الوزارية يعدد طارق البشرى أنه فى أواخر مايو 1928 وفى عهد حكومة الائتلاف، صدر قانونا تنظيم المدارس الإبتدائية والثانوية رقما (25،26 لسنة 1928)، فجريا على سابق نظامهما من أن تكون من مواد الدراسة، مادة الدين عامة (إسلاما أو مسيحية بر، دون أن يؤدى امتحان النجاح أو النقل فيها، مع التوصية بإجراء مسابقات فى الدين بدلا من الامتحان، وتوزيع الجوائز على المتفوقين فيه. واستمر هذان القانونان حتى يناير 1949، إذ صدر على عهد حكومة السعديين قانونان بديلان رقما (1، 10 لسنة 1949)، وسارا فى تدريس الدين على النمط ذاته. وكان مفاد ذلك المساواة بين التلاميذ المسلمين والتلاميذ المسيحيين من جهة تعلم كل منهم ويانته تعلما لا يؤدى عنه امتحان، وأن “نجرت بشأنه المسابقات والحوافز الرمزية”(20)

أما بالنسبة لتأثير بعض القوى السياسية من جهة التحفظ على تعليم الدين المسيحي يلاحظ أنه كلما تولى الوفد الحكم وبخاصة بعد عام 1930 تشرع” القوى السياسية الموالية للملك والأقليات الحزبية في الهجوم عليه، فيما اعتبروه سياسة قبطية له. فعلى سبيل المثال نجد أنه عندما شكل وزير المعارف الوفدي في سبتمبر 1937 لجنة لوضع برنامج تعليم الديانة المسيحية للمسحيين فى مدارس الحكومة الابتدائية والثانوية، ليتسنى تدريسها بطريقة منتظمة ضمن جدول الحصص العادية على غرار تدريس الديانة الإسلامية. ولكن استغل هذا الأمر فى سياق موجه الخصومة السياسية الحادة ضد الوفد من جانب خصومه وعلى رأسهم السرايا، وشارك فى هذه الحملة بطبيعة الحال الإخوان المسلمين (21). وكان من نتائج هذه الخصومة السياسية أن جعل التعليم الدينى مادة أساسية فى المدارس مع نهاية الثلاثينات. ويشار هنا كيف أن الوفد انطلق موقفه من تعليم الدين المسيحى من قاعدة المساواة بين جميع المواطنين والمواجهة مع الأفكار الوافدة، وبقى الأمر خاضعآ للتفاعلات السياسية. ولكن مع نمو المد الوطني بعد الحرب العالمية يمكنا أن نرصد كيف بلور الوفد رؤيته حول أمر تعليم الدين المسيحي من خلال وزير المعارف الوفدي الأديب والمفكر الكبير الدكتور طه حسين، الذي كانت له رؤاه حول التعليم والتي تبلورت في القوانين والقرارات الجريئة فى عهده، حيث نادى فى كتابه مستقبل الثقافة فى مصر تحت عنوان التعليم الدينى للأقباط بما يلى : “وإعداد رجل الدين المسيحي لإخواننا الأقباط محتاج إلى عناية خاصة من الدولة، ومن الأقباط أنفسهم فإن الأقباط مصريون يؤدون الواجبات الوطنية كاملة كما يؤديها المسلمون، ويستمتعون بالحقوق الوطنية كاملة كما يستمتع بها المسلمون. ولهم على الدولة التى يؤدون إليها الضرائب وعلى الوطن الذى يؤدون عنه، ويشاركون فى العناية بمرافقة ما للمسلمين من الحق فى العناية بتعليمهم وتقريمهم وتثقيفهم على أحسن وجه وأكمله.. وقد قرر الدستور.. ان المصريين سواء فى الحقوق والواجبات، لم يفرق في هذه المساواة بين المسلمين وغير المسلمين، وإذا كنا قد لاحظنا فيما مضى من هذا الحديث أن الظروف المصرية الخاصة لا تسمح فى هذه الأيام، ولا ينتظر أن تسمح فى المستقل القريب بإعفاء الدولة من العناية بالتعليم فى بعض مراحل التعليم، فإننا لم نلاحظ ذلك بالقياس إلى المسلمين وحدهم وإنما لاحظناه بالقياس اليهم وإلى غيرهم من أبناء مصر، ومادام القيام بالواجبات الوطنية هو مدار الاستمتاع بالحقوق الوطنية وجودا وعدما كما يقول الفقهاء. ومادام الأقباط يستوون مع غيرهم فى أداء الواجبات الوطنية بغير استثناء فلابد من أن يساووهم فى الاستمتاع بالحقوقي الوطنية بغير استثناء أيضا. والتعليم من هذه الحقوق. فلابد إذا من أن يشترك المصريون جميعا فيما يمكن أن يشتركوا فيه من مقومات الوحدة الوطنية، ولابد إذا من أن تنفرد طوائفهم الدينية بما لابد من أن تنفرد به من التعليم الديني الخالص (22).

كان هذا هو التوجه العام الذي عبر عنه الوفد باعتباره يمثل الأمة المصرية ويعمل من أجل دعم وحدتها على قاعدة المساواة أحد أهم تجليات المواطنة. وقد استمر الحال بين الاهتمام والنسيان بعد قيام ثورة 23 يوليو بنفس الررحية والذهنية التى تم التعامل بها مع هذا الموضوع قبل 1952 أخذا فى الاعتبار أن النظام الجديد قد جعل الأمر خارج لعبة التصارع السياسى وضعه فى الاطار الفنى التقنى، أي من خلال وزارة المعارف أولا ثم وزارة التربية والتعليم بعد ذلك من خلال لجان تضم الخبراء فى هذا المجال وبعض رجال الدين. فعلى سبيل المثال نجد وزارة المعارف نهاية عام 1953 تقرر مادة الدين المسيحي كمادة رسمية للطلبة يمتحنون فيها أخر العام، كما شكلت لجنة (23) ضمت بعض رجال الدين من الأقباط وبعض الشخصيات المدنية المتخصصة فى مجال التربية والتعليم مثل: القس صليب سوريال والقس مكارى السريانى (الانبا صموئيل بعد ذلك) والأساتذة نظير جيد (البابا شنودة الآن) وسليمان نسيم وآخرين ويلاحظ أن غالبية الأسماء التي تم اختيارها كانوا من المنخرطين فى نشاط مدارس الأحد الكنسية الأمر الذي يعكس استمرار التقليد الذى بدأ مع حبيب جرجس فى بداية القرن. وقد كلفت الوزارة اللجنة لمراجعة المناهج القائمة كما كلفت بوضع مناهج جديدة. أصبح الأمر إذن فى يد الجهة الإدارية المعنية والتى تقوم بإصدار نشرات إدارية للمديريات التعليمية كلما جد جديد. بيد ان الأمر أستقر فى أن يكون الدين مادة أساسية تدرس فى جميع الفرق بمدارس المرحلة الأولى والإعدادية والثانوية بأنواعها ومدارس المعلمين والمعلمات العامة عام 1955، وترتب على ذلك تنظيم الامتحانات فى مادة الدين بحسب ما فى نشرة (24) صادرة عن وزارة التربية والتعليم فى مطلع عام 1956 جاء فيها:

أولا: (أ) امتحان التلاميذ والتلميذات فى هذه المادة فى فرق النقل بالمدارس التى تنص لائحتها على ذلك.
(ب) امتحان التلاميذ والتلميذات فى هذه المادة فى الامتحان النهائى بالمدارس التى تنص لائحتها على ذلك.

ثانيا: تنظيم المدارس دروسا للديانة المسيحية لأى عدد من تلاميذ وتلميذات المدرسة المسيحيين مهما قل. وتعهد فى تدريس هذه الدروس الى أحد مدرسيها المسيحيين الذين يستطيعون تدريس تلك المادة. ويمتحن الطالب فيها فى امتحان النقل أو الامتحان النهائى حسب تلك اللوائح. وإذا لم يتيسر وجود أحد من مدرسى المدرسة المسيحيين يستطيع ذلك، يندب مدرس من مدرسة أخرى له القدرة على تدريس الدين المسيحى.
ثالثا: المرحلة الرعوية – المؤسسية مثل
ويقصد بهذه المرحلة كيف أمكن أن تستوعب كل الجهود الشعبية- القاعدية، فى مجال التعليم الدينى الكنسى والتعليم الدينى المسيحى العام، فى الإطارين الرعوى- المؤسسى. فمع نهاية الخمسينات سمى البابا كيرلس السادس (1959-1971) بطريركا وبدأ فى إعادة تنظيم الكنيسة داخليا فأسس ما عرف بالأسقفيات المتخصصة مثل:

أسقفية التعليم، وقد ضمت الآكليريكية ومعهد الدراسات القبطية والمعاهد الدينية والجمعيات المشتغلة بالوعظ ومدارس الآحد – التربية الكنسية. وقد تأسست هذه الأسقفية عام 1962 وتولى مسؤوليتها الأنبا شنودة (البابا شنودة الثالث فيم بعد) وهكذا أصبح للتحركات القاعدية التي بدأت مع نهاية القرن التاسع عشر وجودها المؤسسى في الهيكلية الكنسية، أو “الرعوى” بحسب التعبير الكنسي، حيث الأسقف هو الراعى. ويشار إلى ما قاله البابا كيرلس السادس عند تأسيسه لهذه الأسقفية: ولما انتشرت مدارس الأحد فى جميع الكنائس.. استمر النشاط الروحى لأشخاص.. ولكن لكى تستمر فى نجاحها لابد لها بعد فترة الانتشار من فترة التنظيم والاستقرار. وهذه عملية تحتاج إلى: وضع الأسس والترتيبات التى تضمن حسن قيام العمل، على أساس نظام مستقر وليس على أساس الأشخاص فقط. إنه يوم مجيد فى حياة الكنيسة أن تشعر بمسئوليتها كاملة، نحو رسالة من دعاماتها الأساسية فتصبح رسالة التربية الدينية مسئولية، ديادارة فعلية من إدارات الكنيسة.(25)

ويلاحظ أن رموز وقيادات المرحلة الثانية والتى عبرنا عنها بمرحلة التحرك القاعدى هم أنفسهم الذين رسموا أساقفة متخصصين لرعاية أنشطة بعينها من خلال تأسيس الأسقفيات العامة. لقد أصبح من يقود العمل التعليمى الكنسى عناصر تدرجت من القواعد وأصبحت فى أعلى السلطة الكنسية.

بداية من هذه المرحلة أصبح للتعليم الكنسى من يوجهه فتم تغيير المناهج ووضعت اللوائح التنظيمية، وفى تعريف لماهية التربية الكنسية جاء فيها:
“التربية الكنسية” تهدف إلى تعليم النشء والشباب أمور دينهم وعقيدتهم الأرثوذكسية، وتدربهم على الحياة الروحية والكنسية السليمة، وتشرف على الأنشطة المتنوعة الخاصة بتربيتهم، وشغل وقت فراغهم، بما يفيدهم ثقافيا واجتماعيا، لتكون لهم الشخصية المتكاملة النافعة لهم وللمجتمع الذى يعيشون فيه”. (26) على الجانب الآخر أصبح التعليم الدينى المسيحى فى المدارس العامة هو مسئولية الدولة وهو الاتجاه الذى تبنته ثورة يوليو بهدف تأكيد مفهوم التكامل الوطنى. (27) إذ أصدرت حكومة الثورة فى سبتمبر عام 1955 القانون رقم 462 لسنة 1955 والذى يقضى بإلغاء المحاكم الشرعية والملية. لقد جاء هذا القانون- أنذاك- منسجما مع أهداف الثورة من حيث تأكيد سيادة الدولة الوطنية ووحدة النظام القانونى الكاملة، وعليه تحال الدعاوى التى تكون منظورة أمام كل من المحاكم الشرعية والمجالس الملية القبطية إلى المحاكم الوطنية. وأتصور إن ما حدث للتعليم الدينى المسيحى فى المدارس العامة قد انطبق عليه هذا التوجه حيث بات هذا الأمر هو مسئولية الدولة فى تحقيق المساواة من جانب، وأنه يدخل فى إطار الجهة المختصة من جانب أخر. وربما يكون هذا التوجه قد وقى الجماعة الوطنية من التجاذبات السياسية والتى حدثت بخصوص تعليم الدين المسيحى من قبل، حيث أصبح هذا الموضوع من اختصاص الدولة والوزارة المعنية. ومما لا شك فيه أنه منذ الستينات وإلى الآن استقر أمر التعليم الدينى المسيحى فى المدارس العامة من دون انتقاص للجهود التى بذلت فى هذا المجال منذ بداية القرن. ويشار إلى أنه فى بداية التسعينات عقدت مؤتمرات موسعة بشأن تطوير مناهج التعليم فى مصر شملت كل المواد التعليمية ومن ضمنها مادة الدين المسيحى.

وقد طرحت بعد ذلك فكرة تطوير المواد من خلال منافسات بين المتخصصين لاختيار الأفضل وفق معايير تعليمية وتربوية محددة، وما أتبع فى كل المواد، أتبع فى مادة الدين المسيحى. أكثر من ذلك فلقد وضعت قواعد مشتركة لمنهجى الدين الإسلامى والدين المسيحى من حيث التصورات الأساسية مثل دعم القيم الدينية للتلاميذ، كذلك الكيفية التى سيتم بها تنفيذ كل منهج من هذين المنهجين بدون تمييز (عدد الحصص- عدد الساعات) فى إطار الخطة الدراسية العامة.
بيد أنه بقيت مشاكل فنية خاصة بالممارسة العملية (28) من حيث توفر الكادر المتخصص، والحوافز التى تشجيع العنصر البشرى أن يقدم الوقت والجهد المطلوبين ، كذلك توفر التدريب المطلوب بدءا من الدراسة فى كليات التربية، وأخيرا إيجاد هيكلية واضحة ذات تراتبية تفصيلية خاصة بمادة الدين المسيحى وصلاحيات شأنها شأن المواد الأخرى.

وبعد، حاولنا، فى عجالة وفى حدود المساحة المخصصة،) ن نقترب من التعليم الدينى المسيحى فى بعديه الكنسى والمدنى، وقد وضح كيف أن هذا الموضوع لم ينل الاهتمام الكافى من البحث التفصيلى ويحتاج إلى المزيد من المقاربات، خاصة وأنه يمكن اعتبار تاريخ الكنيسة فى القرن العشرين هو تاريخ حركة مدارس الأحد والتى نتصورها حركة التحديث الرئيسية للكنيسة المصرية، هذا بالنسبة للتعليم فى بعده الكنسى. أما عن التعليم الدينى المسيحى العام، فإن المسيرة التى مر بها تعكس فى مستوى من المستويات ارتباط هذه المسيرة بالسياق التاريخى. إن حركة مدارس الأحد والتى تأسست فى لحظة مواجهة مع التعليم الغربى الوافد، وكانت بداية انطلاق لإحياء تجديدى تعليمى كنسى فى المقام الأول كانت هى الدعامة التى اعتمد عليها التعليم الدينى فى المدارس بعد ذلك، عوضت الغياب وساهمت فى تقديم المناهج والكوادر البشرية إلى أن تولت الجهة المعنية أمر هذا الموضوع. وبالرغم من أن الجهة المعنية قد حافظت على كل ما أنجز تاريخيا فى شأن تعليم الدين المسيحى بالمدارس إلا أن بعض الإجراءات العملية من شأنها تطوير ما هو قائم، وعليه تستمر مسيرة المواطنة وتتدعم باعتبارها الوعاء الذى يضم جميع المواطنين.
المراجع:
1- سعيد اسماعيل على، تاريخ الفكر التربوى فى مصر الحديثة، سلسلة تاريخ المصريين رقم (26)، الهيئة المصرية
العامة للكتاب، القاهرة، 1989، ص 59 و 60.
2- أنور عبد الملك، نهضة مصر، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 1983، ص 157.
3- أنور عبد الملك، المرجع السابق، ص 163.
4- جرجس سلامة، تاريخ التعليم الأجنبى فى مصر فى القرنين التاسع عشر والعشرين، المجلس الأعلى لرعاية
الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية، القاهرة، 1963، ص ص 40- 68.
5- سعيد اسماعيل على، دور التعليم المصرى فى النضال الوطنى (زمن الاحتلال البريطانى)، سلسلة تاريخ
المصريين رقم (76)، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 5 1995، ص 135.
6- لمزيد من التفاصيل حول البعثات أو الإرساليات الأجنبية يمكن الرجوع إلى:
(1) وليم- سليمان قلادة، الكنيسة المصرية تواجه الاستعمار والصهيونية، دار الكاتب العربى، القاهرة، 1968.
(ب) سمير مرقس، الغرب والمسطلة الدينية فى الشرق الأوسط، ميريت للنشر، القاهرة، 2000.
7- طارق البشرى، المسلمون والأقباط فى إطار الجماعة الوطنية، الهينة المصرية العامة للكتاب، القاهرة 1980
ص 393.
8- على مبارك، الخطط التوفيقية، الجزء السادس
9- سمير مرقس، تاريخ المجلس الملى: النشأة والتطور، نشرت فى حلقتين بمجلة مدارس الأحد عام 1984 (الأولى
فى عدد يناير وفبراير- الثانية عدد أبريل)، وتحت الإعداد كتاب بعنوان. بطاركة وأفندية. تاريخ المجلس الملى
فى مائة عام 1872-1972.
10- سمير مرقس، تاريخ مدارس الأحد وأثرها التعليمى فى الفترة من 1900 إلى 1950، مجلة مدارس الأحد، السنة
38، العددان 9 و 10 نوفمبر وديسمبر 984 1، ص ص 72- 85
سمير مرقس، تاريخ مدارس الأحد من 1898 إلى 1993، محاضرة، غير منشورة القيت فى اليوبيل المئوى
لتأسيس الأكليريكية، نوفمبر 1993.
(نقوم بإعداد كتاب بعنوان مسار التحديث القبطى فى القرن العشرين: تاريخ حركة مدارس الأحد).
11- حبيب جرجس، الوسائل العملية للإصلاحات القبطية امال وأحلام يمكن تحقيقها فى عشرة اعوام، 1942
12- مجموعة وثائق خاصة بلوائح ومناهج مدارس الأحد.
13- سعيد اسماعيل على، دور التعليم المصرى. م.س.ذ.، ص 143.
14- طارق البشرى، م.س.ذ.، ص 267.
15- طارق البشرى، المرجع السابق، ص 267
16- سعيد اسماعيل على، دور التعليم المصرى.. م س ذ.، ص 145.
17- سعيد اسماعيل على، المرجع السابق، ص 145
18- سعيد اسماعيل على، المرجع السابق، ص 148.
19- نص القرار منشور فى مجلة مدارس الأحد، عدد 3، مايو 1949، السنة الثالثة، ص 3، 4.
20- طارق البشرى، م.س.ذ، ص 267.
21- طارق البشرى، المرجع السابق، ص 272.
22- طه حسين، مستقبل الثقافة فى مصر، دار المعارف، القاهرة، د. ت، ص 266.
23- جلسات حوارية مع بعض رموز مدارس الأحد اثناء إعدادنا لكتاب تاريخ مدارس الأحد.
24- مجلة مدارس الأحد، عدد 21 يناير 1956، السنة العاشرة، ص 40.
25- سمير مرقس، التعليم والتربية الكنسية، بالمشاركة مع الأنبا موسى اسقف الشباب فى الكنيسة القبطية،
بمناسبة اليوبيل الفضى لقداسة البابا شنودة الثالث، أسقفية الشباب، القاهرة، 1996، ص 19.
26- سمير مرقس، المرجع السابق، ص 24.
بحسب ما جاه فى لائحة 1977 والتى اصدرها البابا شنودة الثالث
27- سمير مرقس، ثورة يوليو والأقباط: المواطنة فى بعدها الاجتماعى، قدمت الى ندوطة نصف قرن على ثورة يوليو،
23، 24 يوليو 2002.
يمكن مراجعة المواطنة. مسارها التاريخى فى مائتى عام اشكالياتها المعاصرة ومراحلها الخمس فى الغرب،
والمسألة الدينية فى الشرق الأوسط، م س. ذ.، ص ص 192-202.
28- حوار مع د. رسمى عبد الملك الخبير التربوى وعميد مركز التخطيط التربوى السابق، والمدير الحالى لمعهد
الدراسات القبطية.

 

طباعة   البريد الإلكتروني
0
0
0
s2smodern