اغتيال المستقبل

على مدى الأشهر الثلاثة الماضية تم اغتيال وخطف عدد من الثوار الشباب. وتشير القراءة التفصيلية لظروف وملابسات عمليات الاغتيال والخطف إلى أنها عمليات استهدفت هؤلاء الشباب بذواتهم. وتحديدا الذين تولوا مهام ما بات يعرف فى عالم الرقميات بـ«الأدمن»، أوالمسؤولين عن الصفحات الإلكترونية الموجهة. والأدمن هو الشخص المنوط به من خلال الصفحة التى يتولاها أن يتواصل مع المؤمنين بكل ما يدعو له من أفكار وتوسيع دائرة هؤلاء المؤمنين وتعبئتهم للحشد للضغط من أجل التغيير.

ويعمل «الأدمن»على التعريف بالقضية التى يؤمن بها، وتوضيح الغامض، وكشف المسكوت عنه، وتوعية مواطنيه فى شبكة تواصله المجتمعى. ويستعين: بالتعليق المركز/ المباشر، وبالصورة المعبرة، وبالخرائط التوضيحية وبالأفلام المركبة، شريطة الإبداع والإيجاز والبساطة والمتابعة الدؤوب لما يحدث فى المجتمع. والقدرة على استخلاص التداعيات وترجمتها على الصفحة من خلال توجهات تنظيمية بالشراكة مع الآخرين. إن «الأدمن» هو شخص متعدد المهام/ منظومة متكاملة، له قدرة فائقة على إدارتها تقنياً وفنياً، أو ما يعرف بـ«SysOps) «System Operators). ويتبلور وعى «الأدمن» السياسى فى الممارسة والتفاعل مع مواطنيه على الصفحة والحركة فى الواقع. ونذكر أن 25 يناير الأولى قد قامت على التعبئة من خلال الإنترنت. وكان وائل غنيم هو «الأدمن» لصفحة «كلنا خالد سعيد».

إن الصفحة الإلكترونية و«الأدمن» المسؤول عنها من جهة، والمواطنين الذين يتابعونها من جهة أخرى، هى تعبير عن زمن آخر: «زمن حر»، إن جاز التعبير. زمن متقدم تقنيا، يمارس فيه الشباب حريتهم بمنطق لم يألفه جيل الكبار ولا مؤسساتهم النمطية التى تعكس فى الواقع مصالح قلة ثروية تحتمى بالمحافظة السياسية والدينية.

لذا وجهت آلة البطش سلاحها نحو «الأدمن».. لكنها لا تدرك أن من سمات الزمن الحر أن «الأدمن» الذى يختفى يظهر بدلاً منه عشرات بل آلاف «الأدمن».. مثل الذين اغتيلوا أو خطفوا فلن ينساهم الوطن، لأنهم شقوا طريقا نحو الحرية، تحية لهم وهم:

■ جابر صلاح الشهير بجيكا، أدمن صفحة «معا ضد الإخوان»، (17 عاما، اغتيل بطلق نارى فى رأسه بشارع محمد محمود، 26 نوفمبر 2012).

■ عمر أحمد، أدمن صفحة «مولوتوف كولا»، (19 عاما، أصيب بطلق نارى فى الرأس أعلى كوبرى قصر النيل، 27 يناير الماضى).

■ محمد حسين الشهير بـ«كريستى»، أدمن صفحة «إخوان كاذبون»، (23 عاما، اغتيل بطلق نارى فى الرقبة أمام قصر الاتحادية فى الأول من فبراير).

■ محمد الجندى، أدمن صفحة «التيار الشعبى» (28 عاما، وفاته غامضة، وجد فى ميدان التحرير مصابا بارتشاح فى المخ يوم 4 فبراير، وتوفى بعد ذلك).

 

طباعة   البريد الإلكتروني
0
0
0
s2smodern