رشدي سعيد.. حجر مصري كريم

1- لم أجد إلا وصف «الحجر الكريم» لأصف به العالم الجليل والوطنى الأصيل رشدى سعيد الذى رحل عن دنيانا منذ أيام عن 93 عاما فى أمريكا، ذلك لأن الحجر الكريم يتسم: بالأصالة، وعظم القيمة، والخلود. وكانت شخصية رشدى سعيد تعبر عن ذلك بامتياز. أصيل، أصالة الشخصية المصرية الممتدة عبر العصور. والتى تحمل من العمق والتنوع الكثير على كل المستويات. عظم القيمة؛ الذى ينبع من ثراء معرفى. وخلود؛ لأن إنجازه المهنى والسياسى والفكرى سيظل حيا وفاعلا يتم توارثه عبر الأجيال، مثلما يتم توارث الأحجار الكريمة.

2- رشدى سعيد ابن الطبقة الوسطى المدنية، فلقد ولد فى القاهرة سنة 1920. وتحت عنوان جذور فى سيرته الذاتية التى كتبها «رحلة عمر»، يقول: «ويمكن القول إن عائلتى قاهرية خالصة…». وهو ما مكنه من أن يعيش السنوات الأولى من حياته وقت النهضة الكبرى التى أحدثتها ثورة 1919 فى مصر ويستفيد منها. ويدرك موجة الأمل التى جاءت مع نجاحها فى وضع دستور يقيد سلطة الملك ويعطى الحق للناس ـ ولأول مرة ـ فى أن يشاركوا فى حكم بلادهم.. نهوض ولّد مصر «القومية»، بتعبيره القومية، التى بلورت مدرسة وطنية مصرية فى شتى المجالات: العلمية والمعرفية والفنية والأدبية. وكان هو نفسه من نتاجات هذه النهضة.

3- وكانت محصلة الجذور والتكوين ثلاثة ثوابت كما يلى: «حب الوطن»، و«الانفتاح على الحضارة الحديثة»، و«المنهج العلمى». ونتيجة لذلك أنجز رشدى سعيد الآتى: محاضرات تأسيسية فى «الحفريات القديمة»، ومجلدا مرجعيا عن «نهر النيل» (350 صفحة من القطع الكبير)، كتبه بلغة بسيطة دون أن يخل بالانضباط العلمى. حاول فيه أن «يفك أسرار النهر وكمية المياه التى حملها عبر تاريخه.. ومتابعة استخدامات مياه النيل منذ أن نزل الإنسان على ضفافه منذ بدأ الإنسان يستغل بيئة النهر التى تغيرت عبر هذه السنوات الطوال لتطوير معاشه متنقلا من الصيد إلى الزراعة البدائية فالزراعة باستغلال ظاهرة الفيضان ثم بترويض النهر حتى تمام ضبطه ببناء السد العالى». ويعد رشدى سعيد أحد العلماء الذين بحثوا مبكرا «مستقبل استخدامات مياه النيل والمشاكل التى ينتظر أن تقوم بين دول الحوض حول تقسيم مياهه».

4- ونشير إلى جهده البارز عندما تولى مسؤولية إدارة مؤسسة التعدين المصرية، ثم رئاسة هيئة المساحة الجيولوجية. فلقد قام: بإعادة تقييم شركات التعدين، وإعادة هيكلة المؤسسات التى تولاها، والاستفادة من الخبرة السوفيتية والاهتمام بإعداد القيادات والبرامج العلمية ورسم الخرائط الثروية المصرية فى مجال التعدين وتقييم الخامات واستحداث صناعات تعدينية جديدة.. هذا وقد عين عضوا بالبرلمان المصرى

5- سيعيش رشدى سعيد فى ذاكرة مصر الوطنية بأصالته وعظم قيمته.. تتوارث الأجيال إنجازاته.

 

طباعة   البريد الإلكتروني
0
0
0
s2smodern