(1)
فى محاولة لفهم شباب التحرير / «التحريريون الشباب»… والذى يعنى فهم مصر الجديدة. نواصل الاقتراب من كيف عبر الشباب عن أنفسهم «كتابة» عن 25 يناير التى نستعد للاحتفاء بها… وسجلوا وقائع أيام «مجيدة».. «وطنية».. «حقيقية» مصرية… ففى كتاب «أهو ده اللى ثار» (تعليقات شبابية متنوعة، فكرة وتجميع رامى على وسلمى زكريا وميار أحمد ويوسف زهدى / دار دَوِن)، يقول الشباب فى مذكراتهم عن ميدان التحرير الينايرية / الفبرايرية، من 18 يناير إلى 11 فبراير)،
وفى محاولة لبلورة دوافع الحراك «التحريرى» يقول أحد الشباب: «مبارك ليس بأب، فهو لم يفكر أبدا كيف ينمى قدراتى، مبارك ليس ولى نعمتى، باعنى وباع ثروتى من غاز طبيعى، لم يهتم بالتعليم، وتجارة المخدرات أراها فى كل ناصية من مدينتى، أرى مدمنى أصنافه فى كل الشوارع»… «أنا ضد حكومة وسياسة وحزب مصر الحاكم، الإعلام مؤسسة رخيصة ومنافقة وتصريحات رجال الحكومة كاذبة وظالمة، حيث انهارت ثرواتنا الزراعية من قمح وقطن وقصب سكر… سرطنة أسماكنا ومزروعاتنا… وانهارت صناعتنا المصرية وفتح مجال للاحتلال الصناعى الصينى…».
(2)
أما عن توصيف الشباب لأنفسهم فيقول أحدهم: «أما أنا… أبسط شاب من شباب التحرير… مازلت فى ميدان التحرير… ولن أخرج منه إلا مقتولا مثل أصدقائى… أو رجلا مصريا يرفع رأسه… هذا أنا… سترانى فى كل شبر من أرض ميدان التحرير طفلا… شابا… رجلا أو فتاة.. سيدة.. امرأة عجوز.. شجرة تدعو الله من أجل مصر… نقف هنا جميعا جوعى ومصابين ومفلسين… ولكننا نستمتع كل لحظة بذلك الطعم الرائع: للقوة والكبرياء والعدل.. نشم هناك عطرا مصريا.. اسمه الحرية… ولن نخرج من التحرير إلا مرفوعى الرأس…».
(3)
أما عن موقف الشباب الثورى الذى يقوم على حق / حقوق فى مواجهة منظومة المرجعيات المختلفة، فيعبر الشباب عن أنفسهم بقولهم: «مبارك يعلم أننى على حق… أبى يعلم أننى على حق… أمى تعلم أننى على حق… العالم بأسره يعلم أننى على حق… ولكنى لا أهتم… فأنا أؤمن كل الإيمان بأننى على حق.. مبارك وأعوانه وموالوه وجبناؤه (أو شبكة الامتيازات المغلقة)… لن يتمكنوا أبدا… من أن يطفئوا نور عينى… أنا مصرى…».
(4)
وعن توصيف ما حدث يقول أحد الشباب: «ليس هدفى أن أبحث عن ماهية هذه الحركة أهى ثورة أم لا، فلقد تحدث من أعلم منى بذلك وقالوا كلمتهم وأنا من داخلى سميتها ثورة لذا فأنا لست حائرا ولست مختلفا مع الآخرين فى هذه التسمية…
فقد ثرت بالفعل من داخلى… وهذا هو مفتاح تفسير كل ما حدث وما يحدث وما سيحدث… والثورة خلقت أصلا لتحدث أزمة…
ولن تكون أول أو آخر الثورات التى تنتهى، فلقد سمعت عن شعوب نجحت ثوراتها وشعوب فشلت ثوراتها… وشعوب غيرت وشعوب تغيرت وشعوب تقدمت وشعوب لم تتقدم، لكن عمرى ما شفت شعب عايز ينهى ثورته عشان عنده شغل الصبح والعيال عندها…».
(5)
أهو ده اللى صار… «ثار» الشباب… وبحسب العزيز الأديب الكبير إبراهيم عبدالمجيد (فى أيام التحرير: لكل أرض ميلاد) يقول: «صار كل ذلك مثل عيون ماء صغير تنفجر هنا وهناك… يمكن لها (ومازالت لها القدرة نفسها) فى لحظة أن تغرق كل شىء… ويبدو لى أننا لم ندرك حجم ما حدث فى مصر والذى لم تنته بعد تفاعلاته…