واجب «النواة الصلبة» الوطنى- المقدس: حماية مصر

تعكس ردود الأفعال الأولية على جريمة الإسكندرية، أن الغضب والألم والإحساس بحجم الخسارة والمصاب لم يفرق بين المصريين من المسيحيين والمسلمين، وأن المبادرات التى تتوالى من قبل الكثيرين تعبر عن أن النواة الصلبة لمصر- الوطن، من المصريين قادرة على التصدى لكل ما يتهددها.

(1)

فبالرغم من كل ما جرى فى واقعنا على مدى عقود ونتج عنه من تراكمات، مثلت عبئا حقيقيا على العلاقات بين مكونى الوطن الواحد- ولاشك- فإن الواقعة بينت أن ما تركته هذه التراكمات من تأثيرات،لم يتجاوز سطح هذه النواة الصلبة، وأن هذه النواة الصلبة لم تزل «عفية» وقادرة على صد ما يطال الوطن/ مصر من ضربات مهما كانت موجعة.

(2)

إن ما جرى فى الإسكندرية جريمة بكل المقاييس، تتنافى مع كل الأعراف والشرائع والقوانين لما حملته من خسة بضرب مدنيين يمارسون الصلاة، ولأبرياء تصادف وجودهم فى الطريق، قد جعل الحزن عارما وشاملا. أدرك أن من حق الأقباط أن يتألموا لما جرى وأن يغضبوا، وهو ما يحتاج إلى تفهم واستيعاب، وهو ما طرحته منذ الساعات الأولى للحدث وكرره الكثيرون بعد ذلك. ولعل ردود الفعل الفورية والتلقائية التى جاءت من كل الأطياف معبرة عن استهجانها لما حدث والتى اجتهدت فى أن تقدم استجابات مبدعة للمحنة تشير إلى سلامة النواة الصلبة لمصر بمواطنيها من المسلمين والمسيحيين.

(3)

نواة صلبة استطاعت أن تستوعب تعبيرات الحزن المتعددة سواء الهادئة أو التى حملت بعضا من الحدة، ذلك لأن المصاب فادح، نواة صلبة غلبت الحزن الهادئ النبيل وارتفعت بحزنها إلى تقدير أن الشهادة فرح وأن الشهداء يحمّلونهم مسؤولية تقدير حدة الحزن من جانب البعض واستيعابها، وتفويت الفرصة على مرتكبى الجريمة من تحقيق أهدافهم الكاملة. وأن فرح الشهادة واكتمالها فى حماية الوطن من كل ما يتهدده. وهذه هى المهمة المقدسة/ الوطنية للنواة الصلبة.

(4)

نعم كان الهدف المباشر والواضح من المذبحة هو الأقباط، ولكنه هدف تستتبعه أهداف- بحسب تصور وتخطيط وتنفيذ الفاعل – تصب فى النهاية لضرب النواة الصلبة فى الصميم. بيد أن النواة الصلبة انتفضت عناصرها من مختلف التيارات والاتجاهات وتحركت للدفاع عن وحدتها وصلابتها وديمومتها وروحها المقاومة دفاعا عن الحياة المشتركة وعن التنوع، وهما أهم ما يميز النواة الصلبة المصرية.

(5)

على النواة الصلبة بكل مكوناتها أن تواصل تحركها فى حماية الوطن وأن توسع من شبكات التضامن بينها وأن تحتضن من لا يدرك المسألة بأبعادها والأخطار المحدقة بها، أخطار لا تفرق بين مكون وآخر، لأن هدفها النهائى ضرب النواة الصلبة فى الصميم التى هى ثروة مصر التاريخية والمستقبلية إن شاء الله.. لأنها تستمد قوتها من تنوعها وتعددية عناصرها ومكوناتها. إنها لحظة تاريخية تتطلب منا أن نعى أن حماية وطننا/ مصرنا هى واجب وطنى مقدس.

■ نواصل حلقات «المواطنون الأقباط والانتخابات» لاحقا.

 

طباعة   البريد الإلكتروني
0
0
0
s2smodern