التعددية ثراء والأحادية صحراء

الثروات أنواع‏.‏هناك الثروات الطبيعية المادية التي تتوفر لمجتمع من المجتمعات كالبترول والمعادن‏.‏ وهناك ثروات تصنعها المجتمعات بسبب العمل الدءوب ـ حتي وإن غابت الثروات الطبيعية ـ في إطار رؤية تنموية مركبة‏:‏ صناعية‏/‏زراعية‏/‏ تكنولوجية‏…‏وهناك أيضا نوع من الثروات لا نأبه به ونفرط فيه هو ما يمكن أن نطلق عليه‏:‏ ثروة التنوع‏…‏

فعندما تخصنا الظروف التاريخية بأن تكون مجتمعاتنا متنوعة ثقافيا من جهة, وعندما تشير خبرة الآخرين الذين تقدموا سياسيا وديمقراطيا ان الأصل في الاجتماع الانساني هو الاختلاف/التنوع/التعدد, وليس التماثل/التشابهس/سس… من الأمور التي تتعلق بكيفية إدارتنا للتعددية/ وللتنوع…خاصة مع تزايد المناخ الثقافي والممارسات التي تؤدي إلي الاستقطاب, والاستبعاد, والإقصاء, والتناحر بين المكونات الانسانية المتعددة داخل المجتمع الواحد: سياسيا وثقافيا,ودينيا,ومذهبيا,…الخ.


لماذا نحن لا نحسن الاستفادة من التنوع الثقافي. ولماذا لا ندرك أن التنوع ثروة يمكن الاستفادة منها بل وتعظيمها من أجل خير عام يعم علي المجتمع ككل. لماذا لسنا قادرين علي ابتكار كل ما يعزز التنوع بدمج المختلفين أكثر فأكثر لا بإقصائهم والإبقاء علي المتماثلين/ الموالين فقط…
هذه الأفكار وغيرها, شغلتني دوما وحاولنا دوما أن نعمل علي تأكيدها من خلال نشاطات حوارية تهدف إلي بناء الجسور بين مكونات الجماعة الوطنية الواحدة علي قاعدة المواطنة وفي القلب منها المساواة التامة بين هذه المكونات. وعلي قاعدة التكافؤ عندما كانت تمتد جهودنا الحوارية إلي غيرنا من خارج السياق الثقافي الوطني إلي السياق الإنساني العالمي.


أفكار انشغلت بها كتابة وممارسة علي مدي زمني ممتد,( فمنحتني الأكاديمية النرويجية للآداب وحرية التعبير جائزتها السنوية التي تحمل اسم أول أديب نرويجي يحصل علي نوبل في الآداب ودبلومتها العلميةـ2004), كنت أستعيدها وأنا في طريقي إلي حضور المؤتمر السنوي للشبكة العربية للتسامح(منذ يومين في بيروت); والتي قررت فيه أن تمنح جائزتها السنوية للتسامح في عامها الخامس(2013) لكاتب هذه السطور…وكانت قد منحت جائزتها من قبل وعلي التوالي لكل من:السيد سليم الحص رئيس وزراء لبنان(2009),وللأكاديمي المغربي محمد مفتاح(2010),ولممثلي شباب الثورة في تونس ومصر(2011),وللمخرجة اللبنانية نادين لبكي(2012).وسمير مرقس(2013)


والشبكة تضم مجموعة من مؤسسات المجتمع المدني والناشطين في مجال حقوق الانسان والديمقراطية في البلدان العربية…لها مجلس أمناء يضم كوكبة من نخبة الفكر والعمل الحقوقي العربي, يرأسه الدكتور إياد البرغوثي. وتهدف الشبكة إلي إعادة الاعتبار لثقافة التسامح والدفاع عن القيم الديمقراطية وترسيخها في الثقافة المجتمعية. وذلك من خلال ما يلي:
العمل علي مناهضة كل أشكال ومظاهر العنف والتعصب علي المستويين الرسمي والشعبي,وإشاعة ثقافة السلم المجتمعي والتسامح والتقاليد الديمقراطية,
التأكيد أن جوهر التسامح قائم علي مبدأ الحق في الاختلاف,لذا لابد من تأكيد علي احترام هذا الحق, وتطبيقه علي أرض الواقع, والدفاع عن استمراره وتغذية ثقافة الاختلاف ودعم جوانبها الايجابية.


توسيع مساحات الحريات العامة باعتبارها عاملا أساسيا من عوامل تثبيت الحقوق الأساسية التي ترتكز علي قيمة التسامح, وفي مقدمتها الحق في المعتقد, دينيا كان أو غيره, والحق في حرية الرأي والتعبير عنه, والحق في التنظيم النقابي والتجمع السلمي والتعددية السياسية.
دراسة القوانين والتشريعات واختبار مدي تطابقها مع قيم التسامح والمساواة ونبذ التمييز علي كل المستويات.
العمل علي توجيه الخطاب الديني حتي يكون رافدا أساسيا في تعميم ثقافة التسامح وقيمتها والدعوة لنبذ كل اشكال التحريض ضد المختلف, ونبذ التشدد والتطرف العقائدي والمذهبي.


تأكيد وجوب إنصاف المرأة, وإلغاء جميع أشكال التمييز ضدها, وتمكينها من كل حقوق المواطنة.
العمل علي القضاء علي جميع أشكال التعصب الحزبي, وأشكال التحريض ضد المختلف سياسيا,
مهام جليلة ولاشك, مطلوب تبنيها علي أوسع نطاق في مناهج تعليم وإعلام وسياسة ثقافية وبرامج للتنشئة الاجتماعية تجدد قواعد العيش المشترك القائم علي الاندماج والشراكة الوطنية. خاصة وأن المنطقة تمر بمحنة حقيقية لاتسامحية;ـبامتياز ـ في لحظة تاريخية تتسم بالعنف الصريح والممنهج. لحظةمجنونة نجد فيها البعض منا ـ لسبب أو لآخر ـ يفرط في التنوع ويجعل المنطقة طاردة لأبنائها…

 

طباعة   البريد الإلكتروني
0
0
0
s2smodern