أو لسلطة قاهرة تستأثر بالحكم لإبقاء المزايا التي تنتفع بها دائمة في دائرة قلة حاكمة أيا كان نوعها(عائلة أو فئة بعينها, أو…الخ), أو لتحقيق مشروع لا يعبر إلا عن تحالف حاكم. ولأن السلطة التي تكون مستأثرة بالحكم سوف تواجه الباقين فإنها سوف تستخدم ما يعرف بالعنف المؤسسي في مواجهتهم خاصة إذا ما انطلقوا( الباقون/ المواطنون) في مواجهة مشروعهم.
يشير التطورالمجتمعي عبر العصور, ومن خلال الخبرات النضالية الانسانية/ المواطنية المتنوعة, إلي أن قضيةالعدالة/المساواة أكثر من أن تكون قضية أخلاقية أودينية محض,فهي ترتبط ارتباطاوثيقا:بنيوياوهيكليابحركيةالمجتمع وطبيعة الدولة بهياكلها ونمط الإنتاج السائد وعلاقاته والتوجهات المعمول بها وعمن تعبر. ويضاف إلي ما سبق السياسات القائمة وهل قادرة علي تحقيق المساواة أم لا.
ويتوقف تحقق العدالة/ المساواة بين البشر ـ نسبيا ـ, بقدر ما يكون التطور تقدميا ويستهدف الخير العام في إطار مشروع وطني يصب لصالح عموم المواطنين, ومن ثم تقل التفاوتات بدرجة أو أخري. وتغيب العدالة إذا ما جاء الحكم بسلطة لا تعبر إلا عن مصالح قلة ثروية أو عائلية أو دينية أو قومية, أو كل ذلك. وعليه تظهر التفاوتات في المجتمع علي كل الأصعدة بشكل حاد وسافر. تفاوتات: جيلية, وطبقية, ودينية, وجنسية, وبين الحضر والريف,…الخ.
وما أن تظهر التفاوتات, وتفشل محاولات جميع الأطراف في سد الفجوات بين التفاوتات.فإن العنف يكون قادما لا محالة. وسيزداد العنف كلما مورس العنف المؤسسي من قبل السلطة من جهة وكلما واكبه الإفراط في الاجراءات الاستثنائية التحصينية والإقصائية والاستبدادية من جهة اخري.
فعلي الرغم من تنامي حركة الاحتجاجات العمالية والفئوية منذ2004, تقريبا,… الخ. لا توجد لدينا آلية تفاوض وطنية: مستقلة أو حكومية أو مختلطة,تكون قادرة علي إدارة التفاوض مع المحتجين. تفاوض جدي يدرك حجم المشكلة وتعدد أبعادها. تفاوض; لا يقف فقط عند المطالب المالية المباشرة وإنما يمتد إلي التعاطي مع الأزمة الاحتجاجية بتفاصيلها. لم تتحرك الحكومة لتواجه الاضراب المتكرر لسائقي النقل العام. وأختزلت المسألة في الطلبات المالية ـ والتي ربما تكون أسهل ما في المشكلة حيث يمكن توفير بعض من المطالب المالية بدرجة أو أخري. بينما المشكلة تمتد إلي حالة مرفق النقل العام وما جري له عبر عقد من الزمان وكيف تم تفكيكه بشكل منهجي وصار علي ما هو عليه الآن. وفي هذا المثل العملي سوف نجد العدالة غائبة بامتياز: بداية من احساسا العاملين بعدم وجود من ينصفهم, مرورا بالظلم البين الذي وقع عليهم من جراء الكثير من القرارات غير المنصفة ماليا واداريا… الخ. وأخيرا المحصلة التي أدت إلي وجود اختلالات حرجة طالت منظومة النقل التي تخدم الفقراء بالأساس.
ويمكن القياس علي ما سبق, باستدعاء طريقة التعاطي مع التوترات الدينية. فعلي الرغم من أن هناك قرارا حكوميا بإنشاء مجلس للعدالة والمساواة( صيف2011) لمعالجة القضايا المتعلقة بالاختلالات الخاصة بالمواطنة/ المساواة بأسلوب علمي يؤمن تدخلات شاملة تقوم علي العلم. إلا أن القرار لم يفعل. ولم تزل المعالجات تقوم علي أسس شخصية وأولية وعرفية.
وبالطبع ومن باب أولي تكوين آلية تفاوض مع المتظاهرين, كان يمكن تشكيلها من رموز القوي الوطنية بالاشتراك مع ممثلي السلطة, قبل إطلاق آلة العنف المؤسسي الأمنية العمياء علي المتظاهرين أيا كانت المبررات…كذلك تكوين لجنة تحقيق دائمة وطنية مستقلة للتحقيق في الأحداث العنفية المتكررة كما تعني بتأمين العدالة الانتقالية.
ويمكن مد الخط بالحديث عن الكثير من المساحات التي لايزال المواطن يشعر فيها بأن العدالة غائبة, أو مغيبة عنوة لمصالح بعينها, وخاصة في مجالات: افتقاده لحقوق العلاج والتعليم والتأمين…الخ. وأظن ان الأمر سوف يمثل قلقا بالغا طالما بقيت الذهنية الحاكمة سواء للسلطة الحالية أو لغيرها سلطة تحكمها الثقافة الخيرية, أو التشريعية المنحازة اجتماعيا, أو السياسات الاقتصادية اليمينية الحادة, أو كل ذلك معا…ومن ثم فإن المطلوب إقامة العدالة ونبذ الظلم أولا…ونتابع…