العدالة الغائبة

غياب العدالة علي كل الأصعدة‏,‏ كان أحد الدوافع الرئيسية للموجة الأولي من الحراك الشبابي الشعبي الثوري الذي انطلق في‏25‏ يناير‏.2011‏ فلقد تعرض الوطن للعديد من الاختلالات علي المستوي الاقتصادي والثقافي والسياسي والاجتماعي‏.‏

اقتصاديا تحول المجتمع إلي مجتمع الخمس حيث انحاز إلي مصلحة الأقلية الثروية الاحتكارية والتي أدارت ثروة البلاد( الليبراليون الجدد كما وصفناهم مبكرا) علي حساب غالبية الجسم الاجتماعي( أي احتكار20% من المصريين لـ80 من عائد الثروة العامة للبلد( الأقلية الثروية) وترك80% من المصريين يتنافسون علي الـ20% المتبقية). وسياسيا مثلت انتخابات مجلس الشعب انسدادا سياسيا بامتياز أمام كل القوي السياسية. واجتماعيا كان الانحياز إلي التنمية التي تصب لصالح فئة, وثقافيا كانت التوترات الدينية والجيلية والجنسية تعاني أوضاعا قلقة باستمرار. والحصيلة أن باتت الجمهورية بالمعني السياسي المحض زجمهورية غير عادلة ز. وزادت فكرة التوريث من ضرب الفكرة الجمهورية في جوهر وجودها.


والآن وبعد عامين من الموجة الأولي من الحراك( وقد استخدمنا هذا التعبير في فبراير من2011), يمكن أن نقول بارتياح شديد أن العدالة لم تزل غائبة. لم يزل المصريون يشعرون بان الانصاف لم يبلغ بعد المدي الذي يطمئنون إليه بأن ثورتهم حققت ما يريدون.
لقد كان من المفترض أن تؤمن25 يناير العدالة التامة لكل المصريين دون تمييز.ولصعوبة نقاش كل الجوانب في مقال واحد. سوف نركز علي الجانب الاقتصادي في اليوم. فالمتابع للمعالجة الاقتصادية التي يتم الاخذ بها الآن سوف يجد كيف أنها ااستنساخ السياسات الليبرالية الجديدة التي تعرضت للكثير من النقد علي مدي عقدين وكانت أحد الأسباب التي أدت إلي25 يناير.


الأكثر, أن الخطاب السياسي السائد يستخدم نفس الحجج التي كانت تستخدم في الماضي. ويستعيد نفس ما كانت تروجه المؤسسات المالية العالمية التي بشرت بسياسات الليبرالية الجديدة التي تقوم علي اقتصاد السوق والخصخصة بما يعرف دوائر التنمية الثلاث( في بعض الأحيان مثلث التنمية) والتي تقوم علي: الحكومة والمجتمع المدني ورجال المال والأعمال. واستعارة لغة الهيئات الدولية بما تضم من كلام عن رفع القدرة المؤسسية ووضع المعايير والعائد…الخ. وهو ما ثبت منذ الأزمة الاقتصادية العالمية في2008 بضرورة مراجعته.ذلك لأن النتيجة التي وصلنا إليها هي أن الدولة تخلت عن مهامها وبخاصة في مجالي التعليم والصحة, وترك للمجتمع المدني ومعه المؤسسات الدينية تعويض غياب الدولة, ولرجال المال والأعمال حصاد الثروة. وثبت أن الدول التي تقدمت وضعت بكل استقلال نموذجها التنموي ووظفت من أجله جديد العالم في الإدارة والتنظيم وليس الأخذ بالإدارة والتنظيم دون مضمون.


ونذكر في هذا المقام كيف جرت الكثير من المراجعات في بلدان المنشأ لسياسات السوق.وكان أول من أطلق هذه المراجعات زجوردون براون في جريدة الجارديان في جريدة الجارديان البريطانية في عبارات حاسمة ودالة حيث قالب.. أن اإجماع واشنطن الذي ظل مسيطرا لمدة40 سنة مؤيدابسياسة االأسواق الحرةب في كل مكان, قد وصل إلي نهايتهب كما أن مقولة ادعه يعمل, دعه يمر قد انقضي يومهاب وانتهي زمانه…بوهو ما وصفناه آنذاك في مقال نشر لنا في مارس2009 ابيروسترويكاجوردون براونب. ولعل آخر ما يمكن أن نشير إليه مقال لبول كروجمان( الاقتصادي الذي حاز نوبل2008), الذي يقيم فيه سياسات أوباما الاقتصادية المنحازة للفقراء وللطبقة الوسطي في مواجهة من؟
في مواجهة الكرتلات الكبيرة النفطية والدوائية…الخ. والتي كانت تحظي بإعفاءات ضرائبية وامتيازات بنكية أيام بوش الابن.
وعليه لا يمكن بعد ذلك كله أن نسمع كلاما عن اقتصاد السوق أو تنحاز الادارة السياسية/ الاقتصادية إلي سياسات يدفع ثمنها الفقراء بالأساس…والاستمرار في النشاطات الخيرية لمواجهة المشكلات المجتمعية.. وحصر دور الدولة في التخديم علي الاستثمار التجاري الذي تقوم به شركات من الباطن..
إن الاستمرار في نهج تغييب العدالة سوف يدفع بأن تتحول الثورة الناعمة إلي أن تكون خشنة… ونتابع.
يقول طه حسين: ا…
المساواة لاتأتي إلابتحقق العدل الاجتماعي بأدق ما يمكن أن يتحقق به العدل الاجتماعي, فلا يجوع إنسان ليشبع إنسان آخر, أوليشبع إنسان ليجوع إنسان آخرب.. ا مساواة تجعل الناس سواء أمام الثمرات التي قدر للناس أن يعيشوا عليهاب.. االمثل الأعلي للحياة الاجتماعية يقتضي أن يتساوي بالناس..

 

طباعة   البريد الإلكتروني
0
0
0
s2smodern