عافية الأطفال تستحق كوكبا صالحا للعيش

تمثل أزمة المناخ تحديا أساسيا أمام حقوق الأطفال. وهى تخلف آثارا مدمرة على عافيتهم فى العالم. إن فهم أين وكيف يصبح الأطفال معرضين بشدة لمخاطر هذه الأزمة عامل مهم جدا فى مواجهتها. تصدرت الكلمات السابقة التقرير الذى أطلقته اليونيسيف بالتعاون مع حركة جمعة من أجل المستقبل, منذ أيام، بمناسبة الذكرى السنوية الثالثة لحركة الاحتجاجات الشبابية العالمية من أجل المناخ...عنوان التقرير: أزمة المناخ، أزمة فى حقوق الأطفال. ويتناول المخاطر المتعددة التى تتهدد أطفال العالم من جراء التغيرات المناخية الراهنة التى أدت إلى تدهور النظام البيئى العالمي. ومن ثم بات على الأطفال بنص التقرير: أن يشقوا طريقهم فى عالم سيصبح أكثر خطورة وأكثر ضبابية فى السنوات المقبلة...ذلك لأنهم سيواجهون أزمات متعددة فى وقت واحد في: المياه، والصحة، والتعليم، والحماية المجتمعية، وانسداد فرص المشاركة أمامهم فى عديد المجالات. ما يعد بمثابة انتهاك صريح لحقوقهم المشروعة الواجبة التأمين بحسب الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل... ما سيحول دون توريث الأطفال كوكب «صالح» للعيش.. يرصد التقرير مجموعة متنوعة من المخاطر والصدمات والضغوط المناخية والبيئية التى بدأ يتعرض لها أطفال العالم ــ بالفعل ــ وأثرها عليهم: كما وكيفا. بداية يصنف التقرير مجموعة المخاطر والتهديدات إلى ثلاثة أنواع هي:

 

أولا: الكوارث المفاجئة السريعة ومعتدلة السرعة وتشمل موجات الحر الشديدة، والأعاصير، والفيضانات النهرية والبحرية. ثانيا: الكوارث الأبطأ وتشمل ندرة المياه، والأمراض المنقولة. ثالثا: التدهور البيئى والضغوط البيئية وتشمل تلوث الهواء، تلوث التربة والمياه والغذاء بالرصاص. وتؤثر المخاطر المذكورة مجتمعة، ومباشرة، فى حياة مليار طفل يعيشون فى بلدان مصنفة بأنها البلدان العالية الخطورة (33دولة) من أصل 2٫2 مليار طفل يعيشون فى أنحاء العالم...أى أن ما يقرب من نصف أطفال العالم يواجهون خطرا داهمابفعل الصدمات المناخية والبيئية المتعددة.

وتتراوح درجة الخطورة بحسب توافر الخدمات الأساسية (الحقوق) من: صحة، وتغذية، وتعليم، ومياه، وصرف صحى ونظافة، وحماية مجتمعية ضد الفقر...ولا يعنى ما سبق أن أطفال البلدان الأخرى سيكونون بمنأى عن التهديدات ولكن سيتعرضون لأخطار أقل. فكل طفل من أطفال دول العالم معرض لخطر واحد ــ على الأقل ــ من المخاطر المناخية والبيئية. ومن الأهمية بمكان لفت النظر إلى مفارقة غاية فى الأهمية تشير إلى أن مسئولية انبعاث الغازات السامة ترجع للدول التى تتعرض إلى خطورة أقل من غيرها التى تمتلك الشركات وتمارس الأعمال التى تقوم على إنهاك البيئة واستنزاف الطاقة الرخيصة، أى الدول الغنية الكبيرة. وأن الدول الأقل تنمية والأكثر فقرا هى التى تدفع ثمن أطماع الدول الكبيرة. وفى هذا المقام، يشير التقرير إلى أن البلدان الأكثر خطورة تسهم بأقل من 10% من الانبعاثات السامة، بينما الدول الأقل خطورة تتحمل النسبة الأكبر من انطلاق الانبعاثات السامة...ولمواجهة التغيرات المناخية يوصى التقرير باتخاذ تغييرات جذرية للنظام الاقتصادى العالمى ولنوعية الطاقة المستخدمة ولأنماط التصنيع وخطوط الإنتاج لتكون متوافقة مع البيئة وللتنمية المستدامة...ويطرح التقرير الحلول التالية:

أولا: زيادة الاستثمار فى نطاق الخدمات الرئيسية المقدمة للأطفال بحيث تكون قادرة على التكيف مع تغير المناخ ومواجهة تقلباته، ولحماية الأطفال والمجتمعات المحلية والفئات الأشد ضعفا من تداعيات التغيرات المناخية. كما يجب رفع قدرة الخدمات الحيوية من:شبكات المياه، الصرف الصحى ونظم النظافة والتغذية الصحية والخدمات الصحية والتعليمية لدعم المتضررين، والتقليل من الأضرار. ما يضمن تهيئة مليار ونصف المليار طفل تقريبا لمواجهة أخطار التغيرات المناخية.

ثانيا: الحد من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري. لتجنب أسوأ آثار أزمة المناخ. ومن ثم يلزم اتخاذ إجراءات شاملة. حيث يتعين على البلدان أن تخفض انبعاثاتها بنسبة 45٪ على الأقل (مقارنة بمستويات 2010) بحلول 2030 لكبح ارتفاع درجة الحرارة دون 1.5 درجة مئوية.

ثالثا: تزويد الأطفال بالمهارات التعليمية المتعلقة بالمناخ والتخضير (ثقافة البيئة الخضراء النظيفة). وهو أمر بالغ الأهمية للتكيف مع آثار تغير المناخ والجهوزية التامة لمواجهة ما يسفر عنها من أضرار.. فالأطفال والشباب هم من سيواجهون كامل العواقب المدمرة الكاملة للتغيرات المناخية، وانعدام الأمن المائي. بالرغم من أنهم الأقل مسئولية عن حدوثها. ولابد من التزام الكبار والمعنيين بهذه التوصية كدين علينا تجاه الأجيال القادمة...

رابعا: إشراك الشباب فى جميع الحوارات والمفاوضات والقرارات المتعلقة بملف التغيرات المناخية وما يتعلق به على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية، بما فى ذلك فعاليات الدورة السادسة والعشرين من مؤتمر الأمم المتحدة بشأن التغيرات المناخية. أى يجب إشراك الأطفال والشباب فى جميع عمليات اتخاذ القرارات المتعلقة بالمناخ.

خامسا: ضمان أن يكون التعافى من جائحة كورونا تعافيا أخضر (ينهج نهجا يؤسس لبيئة خضراء نظيفة)، ومحققا الوقف التام للانبعاثات الكربونية السامة، وشاملًا للجميع، ما يدعم قدرة الأجيال المستقبلية على التصدى لأزمة المناخ والاستجابة المبدعة لأخطارها.

الخلاصة، لابد من تلبية احتياجات الأطفال الأكثر عرضة لخطر التغيرات المناخية والتعامل معهم وتمكينهم بوصفهم عوامل تغيير لمعالجة ما سببناه لهم من أضرار...فلا يمكن حرمانهم من المواردالمستقبلية بسبب خياراتنا اليوم... فعافية كل طفل ــ ولاشك ــ تستحق كوكبا صالحا للعيش...


طباعة   البريد الإلكتروني
0
0
0
s2smodern