المهرجانات..

(1)
«المهرجان كقالب موسيقى مستحدث!»

المهرجانات؛ الوصف الذى بات شائعًا للأغانى التى تحمل كلمات دارجة فى الحياة اليومية ويتم تنغيمها ووضع الخلفيات الموسيقية لها بواسطة التقنيات والبرامج الإلكترونية الموسيقية الجديدة التى تحمل تراكيب موسيقية سابقة التجهيز.. ومن خلال تسريع وإبطاء الموسيقى وزيادة درجة صخبها أو التقليل منها والتداخل بين أكثر من تيمة نغمية يتم إنتاج أغانى المهرجانات..

ومع مرور الوقت، أصبح نجوم أغانى المهرجانات - ومن خلال متابعة أحاديثهم ـ يستخدمون تعبير «مهرجان» كمقابل للأغنية كعمل فنى.. فيقولون إنهم يستعدون لإنتاج «مهرجان» جديد (أغنية جديدة)، أو أنهم بصدد نزول «مهرجان» (أغنية) فى بداية موسم الصيف.. إلخ.

وهكذا صار «المهرجان» قالبًا موسيقيًا مستحدثًا فى عصرنا.. ويشار إلى أن معظم المصممين الأُول لهذا القالب هم فى الأصل ممن كانوا يعملون كـ«ديجهات» فى الأفراح والحفلات (راجع مقالنا المبكر فى 2004 المعنون بثقافة «الدى. جي» فى «المصرى اليوم» والذى أشرنا فيه إلى أننا فى زمن لن يعتمد على الإبداع بقدر ما سيعتمد على التركيب الميكانيكى للموسيقى).. والدى. جى «D.J»؛ هو التقنى الذى يقوم بإعداد قائمة الأغانى التى سيتم تشغيلها أثناء الحفل/ الفرح، أى أن مهمة «الدى. جى» كانت انتقائية تقنية. ويقاس إبداع الـ «دى. جى» باختياره كل ما هو محبب وآنٍ من الأغانى لدى الشباب، والأهم يتيح لهم الانطلاق بكل جوارحهم وعضلاتهم للرقص على أنغامها والتى تكون فى أعلى درجات الصخب.. ويبدو أن بعضًا من هؤلاء الـ «دى. جى» قد استفادوا من تجربتهم فى إطلاق «المهرجان» كقالب موسيقى مستحدث، خاصة مع انتشار التطبيقات الإلكترونية الموسيقية.. كيف؟.

(2)

«التوليف الموسيقى!»

بدأ «الديجيهات» من محصلة خبرتهم فى الحفلات/ الأفراح والتطبيقات الموسيقية الإلكترونية «التوليف» الموسيقى «للمهرجان»، وفق قواعد ثلاث كما يلى: أولا: نغمات صاخبة، ثانيا: نغمات راقصة، ثالثا: تضخيم صوتى فائق.. وتأتى لاحقا الكلمات التى يتم تركيبها على «توليفة المهرجان» وهى متراوحة المستوى، فأحيانا تحمل الخبرة الشعبية الحياتية، انطلاقًا من أمثلة أو حِكم يتداولها المواطن فى حياته اليومية.. وأحيانا ثانية تنقل الواقع كما هو دون تجميل أو تزويق إلا فى أضيق الحدود، وغالبا ما يكون مباشرا وبسيطا.. وأحيانا ثالثة تكون فجة فى استعاراتها وإيحاءاتها دون إحساس بأنها خرجت عن المألوف، ذلك لأن بعضا منها يتم تداوله بوضوح فى كثير من الأوساط.

وهكذا يولد «المهرجان»، الذى يتم إطلاقه فورا عبر وسائل الاتصال الاجتماعى فيما يعرف بـ«التراكات» التى قد تكون لأحد «المهرجانيين» أو بالشراكة بين أكثر من «مهرجانى»... و«كل واحد ورزقه»، بحسب أحدهم فى أحد الأحاديث الكثيرة التى أتيحت لهم فى الفترة الخيرة.. و«الرزق» هنا يعنى عدد الذين يستمعون للأغنية عبر وسائل الاتصال الاجتماعى المختلفة والذى يتجاوز عدة ملايين، ما يعنى عائدا ماليا كبيرا يمثل فى نظر نجوم «المهرجانات»: «رزق قد قسمه المولى عز وجل» أولًا، وتوفيق الموزع فى الإمساك بالتوليفة الموسيقية «اللى تضرب مع الناس» ثانيًا.

(3)

«الإجابات الجاهزة والأسئلة الغائبة»

حول ظاهرة انتشار المهرجانات تسابق الكثيرون فى محاولة لتفسيرها.. فمن قائل إنها امتداد لمسيرة الأغانى الشعبية وانعكاس للثقافة الشعبية التى لها خصوصية فى حياة المصريين، وذلك بحسب ما ورد فى الدراسة الرائدة فى هذا المقام: «الثقافة الجماهيرية والحداثة فى مصر»، تأليف «وولتر أرمبرست» وترجمة «محمد الشرقاوى» (المشروع القومى للترجمة - 2000)، والذى درس التحولات الفنية التى جرت فى سبعينيات مصر من خلال أعمال عدوية وغيرها وأنها تكون مقدمة للتحديث.. وهناك من يذهب إلى أنها تعبير عن الانحطاط الفنى وعن السياقات الاجتماعية والثقافية والإعلامية والتعليمية العاجزة عن توفير المقومات المطلوبة لتأمين العملية الفنية بعناصرها المتكاملة والمتداخلة.

وأخيرًا، هناك من يشبّه ظاهرة المهرجانات بموسيقى «الراب» و«البوب»، اللتين انطلقتا فى خمسينيات وستينيات وسبعينيات القرن الماضى.. وظنى أن التفسيرات الثلاثة ما هى إلا إجابات نمطية جاهزة.. ذلك لأن م


طباعة   البريد الإلكتروني
0
0
0
s2smodern