أحلام فترة العزلة (20) «مانيفستو اليسار الأمريكى الجديد»

(1)
«حزب الظل الأمريكى»

أتاح لنا «قفاز ساندرز» الذى كان يرتديه فى حفل تنصيب الرئيس «بايدن» أن نعيش حلما واعيا متعدد الأبعاد حول جذور ومسار اليسار الأمريكى منذ نهاية القرن التاسع عشر وحتى عقد الستينيات. وهو العقد الذى وصفناه «بالعقد الحلم»

لجيل الشباب آنذاك للخروج على النص القائم وإيقاف كل الإعاقات التى دأبت سلطة رأسمالية «الكارتلات» الكبرى إطلاقها على كل من يخرج على النص الذى يحول دون تحقيق مصالحهم للإثراء وعلى رأسها «بيزنس» الحروب وصناعة السلاح وتجارتها. لذا عرفنا ستينيات القرن الماضى بأنها عقد «الخروج على النص»... إلا أنه مع وصول ريجان للحكم، ومن ثم سيادة الليبرالية الجديدة، حضرت قوى اليمين المحافظ ببعديها السياسى والدينى لتقود المشهد السياسى. ويقول السيناتور الديمقراطى جورج ماكجفرن «إن الحياة السياسية الأمريكية فى السبعينيات أخذت تميل بوضوح إلى الاتجاه المحافظ بفعل الاغتيال المتتالى للزعماء الليبراليين فى الستينيات».

إضافة لملاحقة القضاء للحركات المدنية لأسباب متنوعة، وللمكارثية التى كانت تطارد المبدعين، التى سادت علنا فى الخمسينيات وسرا فى الستينيات... ما دفع اليسار الجديد إلى التوارى وترك المجال ليمين «جينجريتش» والمحافظين الجدد لتسيير الأمور خاصة وقد انتصروا فى حرب الكواكب... ويشرح بدقة كتاب «حزب الظل- 2006» كيف كَمُن يساريو وراديكاليو الستينيات فى أروقة الحزب الديمقراطى لعقدين من الزمان تقريبا تجنبا لصراع غير متكافئ... وبالرغم من أن حدث سبتمبر 2001 قد دعم قوة اليمين المحافظ الجديد إلا أن إرهاصات الغضب الطبقى والعرقى والجيلى قد بدأت تتبلور كمحصلة للأزمة الاقتصادية الداخلية والكونية...

(2)

«جوهرة التاج»

وهو الوصف الذى اتفق على إطلاقه اليمين الجديد المحافظ على ما قاموا به من تخفيضات فى ميزانيات البرامج الاجتماعية الخاصة بالطبقات والشرائح ذات الأجور المنخفضة كذلك ما يتعلق بالبيئة والبنى التحتية لصالح دعم الشركات والعائلات ذات الدخول الكبيرة... ما أدى إلى غضب وإحباط لدى الطبقة الوسطى والدنيا من جراء تفشى تدنى الأجور والبطالة... وفاقم الأمر الأزمة الاقتصادية/ المالية الأسوأ فى التاريخ والتى حلت فى 2008... وبات هناك يقين أن نخبة المجمع الصناعى العسكرى التكنولوجى قد ازدادت شراسة حيث ضاعفت من حربها الطبقية التاريخية ضد الطبقات الوسطى والعمالية بحسب أحد كبار محررى مجلة «هاربرز» الشهيرة (مايكل ليند).

إضافة للتداعيات الكارثية لاقتصاد الفقاعات والأوهام وانهيار وول ستريت وهو ما جسدته السينما من خلال أفلام بديعة ومؤلمة مثل: «ذئب وول ستريت ـ 2014»، و«العجز الكبير- 2015»، و«وحش المال- 2016»... وكتب استقصائية مثل: «التصدع»، والعديد من الأفلام الوثائقية... ومن هنا انطلقت حركة الديمقراطيين نحو اليسار ضد «جوهرة التاج» وكل ما يتصل بها. وتشكلت هذه الحركة من: يسار الحزب الديمقراطى التقليدى، واليسار الجديد ممن تشكل وعيهم السياسى فى المجال العام وانتظموا فى عباءة الحزب الديمقراطى، إضافة للفاعلين فى الحركات المدنية المتنوعة مثل: أولا: حركة «أنفيت» المضادة للنزعات الفاشية والعنصرية. ثانيا: حركة «لن يتكرر» التى تدعو إلى ضبط انتشار السلاح وتداوله بين المواطنين خاصة مع تنامى استغلال النص الدستورى بحق امتلاك السلاح لاستخدامها فى عمليات ذات طابع عنصرى أو لترويع كل من يخالف النزعات القومية البيضاء العرقية. ثالثا: حركة «أنا أيضا» التى تناهض التحرش الجنسى. والتى تتكون عضويتها من طالبات المدارس الثانوية. إضافة للحركات المناهضة للعولمة، و«احتلوا وول ستريت»...

(3)

«أجندة اليسار الأمريكى الجديد»

ونبلور بنود أجندة اليسار الأمريكى (بحسب كتابى ثورتنا لساندرز والراديكاليون والسلطة لدافين) فى الآتى: أولا: هزيمة الأوليجاركية أو الطبقة المالية الحاكمة وإنهاء سيطرتها على الحياة الديمقراطية... ثانيا: مقاومة انحدار الطبقة الوسطى الأمريكية... ثالثا: إنهاء الاقتصاد الزائف الذى يبقى الثرى ثريا والفقير فقيرا. فالاقتصاد الحقيقى يقيم الفقير من فقره... رابعا: الرعاية الصحية للجميع...خامسا: التعليم العالى للجميع... سادسا: مواجهة التغيرات المناخية المدمرة للبيئة والمهددة للمواطنين... سابعا: إصلاح منظومة العدالة الجنائية... ثامنا: إصلاح القوانين واللوائح المنظمة للهجرة إلى أمريكا... تاسعا: حق الأكثر هشاشة وتهميشا بالحماية الاجتماعية فى الولايات المتحدة الأمريكية... عاشرا: كشف دور الإعلام الذى يقوم بالتخديم على أصحاب الثروة وإلى أى مدى تهدد قيمه وأفكاره الديمقراطية الأمريكية... إنها لحظة تاريخية جديرة بالمتابعة المتأنية... ونتابع أحلامنا الواعية...


طباعة   البريد الإلكتروني
0
0
0
s2smodern