استراتيجية أمريكا فى شرق المتوسط

(1) «أمريكا وشرق البحر الأبيض المتوسط»
الماضى وَ الحَاضرُ مُستنفدان... لقد مَلأتُهُمَا وأَفَرَغتُهُمَا...

إنَنِى مَاضٍ لأَملأَ نَصيبِى مِن المستَقبَل؛...

بكلمات دالة من ديوان «أوراق العُشب»، للشاعر الأمريكى الحداثى «والت ويتمان» (1819 ــ 1892) يقدم «سبيريدون ليتساس» كتابه الصادر مؤخرا المعنون: «سياسة الولايات المتحدة الخارجية فى شرق المتوسط: سياسات القوة والأيديولوجية تحت الشمس» (2020)؛حيث تعطينا المداخل الشعرية المقتطفة إشارات دالة عن الرؤية التى يتبناها المؤلف والتى يقترحها على صانع القرار الأمريكى لتجديد استراتيجية وسياسات الولايات المتحدة الأمريكية تجاه شرق المتوسط،

المنطقة ذات الأهمية الاستراتيجية المتجددة... فبعد أن يؤصل الباحث كيف أن بلاده قد عرفت الطريق إلى شرق المتوسط منذ عام 1805، ومن ثم أدركت أهميته الحيوية التاريخية: الأمنية، والتجارية، والعسكرية... لذا وضعت استراتيجية ثلاثية الأبعاد لهذا الحوض البحرى لتأمين مصالحها فى هذا الإطار... وتراوح تفعيل هذه الاستراتيجية وتعظيم تطبيقها من عدمه وفق أولويات الرؤى الاستراتيجية للإدارات الأمريكية المتعاقبة... إلا أن الثروة الطبيعية الغازية والنفطية الكامنة فى قلب شرق المتوسط قد منحته أهمية مركبة: اقتصادية وسياسية، الأمر الذى يؤذن بأن عصرا جديدا قيد الانطلاق... وأن جغرافية سياسية جديدة لابد من رسمها. ما يستدعى حضورا أمريكيا فاعلا يتجدد به الدور الأمريكى ليعيد «ملء نصيبه من المستقبل بعد الماضى والحاضر»...

(2) «نحو جغرافيا سياسية اقتصادية

أمنية أمريكية جديدة فاعلة»

يواجه الحضور الفاعل للولايات المتحدة الأمريكية إلى شرق المتوسط تحديات أربعة كما يلى: أولا: ضعف الحضور الأوروبى عموما والناتو خصوصا لصالح روسيا فى مرحلة ما بعد الحرب الباردة. ثانيا: صعود التنافس على الهيمنة على هذا الحوض من قوى قطبية كونية صاعدة مثل: روسيا والصين، تشكل درجة من التهديد، حتما، على المصالح الأمريكية. ثالثا: استباحة بعض القوى الإقليمية لنفسها ملء الفراغ والانقضاض على حقوق باقى دول الإقليم بما يُخل بالتوازن الاستراتيجى بين دول الإقليم خاصة من قبل: تركيا. رابعا: ضغط الشركات الأمريكية للسيطرة على الثروة المتوقعة... ولمواجهة هذه التحديات وبهدف إنجاح الجغرافيا السياسية الجديدة يرى الاستراتيجيون الأمريكيون ما يلى: أولا: ضرورة رؤية منطقة شرق المتوسط ككيان متماسك تحركه رؤية واحدة. ثانيا: إنشاء مراكز تواجد أمريكية نوعية لإمكانية انطلاق أمريكى سريع ليس فقط فى المجال العسكرى وإنما تشمل العديد من المجالات النوعية: الاقتصادية، والتجارية، والأمن والسلامة، ومراقبة الجمارك والموانئ،...، إلخ. ثالثا: عدم الاكتفاء بالضبط الفوقى أو عن بعد لشرق المتوسط، وإنما بالحضور الفاعل من خلال الحضور المكثف لشركات التنقيب وما يلزم ذلك من دمج وتعاون وتقاسم بين الشركات الأمريكية، كذلك زيادة حجم الاستثمارات الأمريكية. رابعا: تشجيع الحوار المتوسطى. خامسا: تدعيم القواعد العسكرية فى المتوسط بأسلحة متقدمة وتقنيات مراقبة حديثة. سادسا: المواجهة الحاسمة لكل من التخويف الروسى، والحماقة الانفرادية التركية، وما بات يعرف فى الأدبيات بالإرهاب المتوسطى وذلك من خلال تأمين شرق المتوسط مما سبق. وتجميد النزاعات، إن أمكن، أو تخفيضها قدر الإمكان.

(3) «استراتيجية تتجاوز الإدارة الأمريكية الراهنة»

ويشدد كثيرون على أن استراتيجية الولايات المتحدة الأمريكية حيال شرق المتوسط والتى تم البدء فى تطبيقها تتجاوز الإدارة الأمريكية الراهنة. إذ إن الـ«Establishment» الأمريكية؛ تدفع إلى تطبيقها لأمرين هما: أولا: لتعويض القرارات الخاطئة التى تمت خلال السنوات الأخيرة التى برزت معها التناقضات الدبلوماسية والسياسية الأمريكية فى أكثر من ملف. ثانيا: إتاحة الفرصة أمام شركات التنقيب الكبرى من تعظيم استفادتها مما يتضمنه حوض شرق المتوسط من ثروة أكيدة تُقدر بما يقرب من 6000 مليار متر مكعب من الغاز تمثل ما يقرب من 35 % من احتياطى الغاز فى العالم. وما يقرب من 10% من الإنتاج العالمى النفطى... إن استراتيجية أمريكا فى شرق المتوسط سوف تفرض تحولات بنيوية فى الجسم الأكبر ألا وهو الشرق الأوسط... ما يحتاج إلى حديث آخر...

الوضع في مصر
اصابات
101,500

تعافي


طباعة   البريد الإلكتروني
0
0
0
s2smodern