’’لم يحظ رئيس أمريكي بالاهتمام والمتابعة والبحثمثلما حظي الرئيس دونالد ترامب الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة الأمريكية‘‘؛
من خلال رصدنا للشأن الرئاسي الأمريكي، عموما، و"الترامبي"، خصوصا،وقع تحت أيدينا ما يزيد عن 120 كتابا(ورقيا/رقميا؛ مرشحة للزيادة بكثافة خلال الفترة المتبقية من عمر فترة رئاسته الأولى التي تنتهي في نوفمبر القادم)تتناول الرئيس ترامب مباشرة. ولعل أهم ما لفت نظرنا في هذه الكتب هو انه إذا ما عقدت دراسة مقارنة بين رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية ال45.
حول من منهم الأكثر تعرضا النقد والبحث والتعليق والملاحقة والترصد،سوف يحتل الرئيس "ترامب" المركز الأول دون منازع"...والأهم هو تطرق هؤلاء المتابعين لمساحات اهتمام تتجاوز كثيرا ما دأبوا على الاهتمام به تاريخيا...كيف؟
فلقد انشغل الباحثون بالشأن الرئاسي الأمريكي ــ تاريخيا في الأغلب الأعم قبل ترامب ــ بمقاربة قضايا تتعلق بهؤلاء الرؤساء من عينة ما يلي:
أولا: فلسفة الشؤون الخارجية،
ثانيا: تحديات العولمة،
ثالثا: التجارة الدولية وآثارها على الولايات المتحدة الأمريكية،
رابعا: كيفية الحفاظ على الأولوية الأمريكية في العالم،
خامسا: سياسة التسليح الأمريكية،
سادسا: التعاطي مع مشاكل العالم المتعددة: الجيوسياسية، والبيئية، والمالية،...،إلخ،
سابعا: كيفية ممارسة القوة الأمريكية وبأي قدر نظريا وعمليا،
ثامنا: مقاربة الإدارات الرئاسية المتعاقبة للإشكاليات القارية المختلفة وكيفية تشكيل خياراتها الاستراتيجية بما يتناسب مع المشكلات المزمنة والطارئة لكل إقليم، تاسعا: تعاطي الرؤساء مع مشكلات الداخل الأمريكي والتي يأتي على رأسها دائما الاقتصاد، والصحة والتعليم،...،إلخ...
أما مع قدوم ترامب إلى المكتب البيضاوي وجدنا مساحات جديدة من الاهتمام والبحث والتقصي، حول الوافد الرئاسي الجديد، لم تعتدها الماكينة الاستقصائية الأمريكية دائمة التشغيل التي: لا تتوقف قط، ولا يحد عملها أي حدود...
ولاشك أن شخصية ترامب المثيرة للجدل قد ساهمت في مضاعفة عمل هذه الماكينة للدرجة التي:
أولا: دفعها إلى تناول جوانب غير مسبوقة من شخصية رئيس الولايات المتحدة الأمريكية.
ثانيا: كشف الغطاء عن الكثير من القضايا ــ يمكن القول ــ بالمنسية والتي تتعلق بالداخل الأمريكي: الدولة ومؤسساتها المختلفة التشريعية والسياسية والإدارية والفيدرالية، والمجتمع المدني، والحياة الحزبية، وشبكات المال والأعمال، والتجمعات العرقية المتنوعة، والأوضاع الطبقية والاجتماعية للشرائح الوسطى والدنيا من الجسم الاجتماعي الأمريكي إضافة للمسألتين الصاعدتين بقوة في عهده ــ بفعل سوء تعاطيه لهما ــ وأقصد تحديدا:
المسألتان الشبابية والعنصرية،...،إلخ.
وهي كلها قضايا كانت تأتي في ترتيب لاحق للقضايا التي تتعلق بالشأن الخارجي الأمريكي بأبعاده المختلفة.
ثالثا: استفزازها الكثير من قامات فكرية كبيرة ــ أمريكية وعالمية ــ للتعليق على ما آلت إليه السياسة الأمريكية في "الزمن الترامبي".
رابعا: المتابعة اليومية التفصيلية الدؤوب لكل ما يبدر عن ترامب من تعليقات وتصرفات وتحرشات ومواقف متناقضة وممارسة أفعال تتناقض مع تقاليد الدولة الأمريكية داخليا وخارجيا، مؤسسيا وحركيا...
في هذا السياق، نؤكد، على أنه وبعد مراجعتنا لمئات الكتب(التي وقعت تحت أيدينا ورقيا ورقميا)التي تناولت عددا من رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية، بأن الكتب التي تناولت ترامب قد خاضت في مساحات جديدة تتعلق بشخص الرئيس الأمريكي تتجاوز كل ما سبق من مقاربات ــ أشرنا إليها عاليه ــ تناولت رؤساء أمريكا قبل ترامب...ولعل من أهم هذه المساحات الجديدة نرصد ما يلي:
أولا: الكتابات التي عنيت بمحاولة التعمق في البعد النفسي/العقلي ــ نعم العقلي ــ والسلوكي لترامب وهي كتابات سطرها مجموعة من الاختصاصيين الأكفاء في هذا المجال. ونذكر على سبيل المثال بعضا منها: "الحالة الخطرة لدونالد ترامب"(2018 ـ 300 صفحة)، حيث يضم الكتاب مقدمة عن طبيعة المجال السياسي و 27 دراسة نفسية يقوم بها متخصصون نفسيون للظاهرة الترامبية من منظور نفسي من خلال تقييم ممارسة ترامب لعمله السياسي كذلك تحليل مضمون خطاباته العامة وتغريداته قبل الرئاسة وبعدها،...و"عبقري جدا"(2018 ــ رسومات كرتونية في 200 صفحة)...و "ترامب وتشريح البشاعة"(2017 ــ 400 صفحة)...و "التنمر الهش: فهم حالتنا المدمرة والنرجسية في زمن ترامب"(2019 ــ 200 صفحة)...
ثانيا: الكتابات التي تعكس بصراحة شديدة ودون ومواربة تفاصيل رحلة صعود ترامب سلم السياسة الأمريكية بكل ما تحمله هذه الرحلة من أسرار فجة وصادمة ــ مقارنة بصعود أوباما الراقي والمُشرف المدني والأكاديمي والسياسي ــ، ومن هذه الكتابات نذكر: "ترامب بلا قناع: رحلة من الطموح والغرور والمال والنفوذ"(2016 ــ 500 صفحة)،...و"قراءة دونالد ترامب: رؤية مغايرة"(2019 ــ 220 صفحة)،...و"طفل يقود"(2020 ـ 200 صفحة)،...
ثالثا: الكتابات التي تعكس مدى الخصومة الحادة مع الإعلام ونذكر منها: "سؤال الحقيقة في عصر ترامب"(2020 ــ 200 صفحة)،...و"موت الحقيقة: ملاحظات حول البهتان في زمن ترامب"(2018 ـ 126 صفحة)،...و "ترامب وعالم ما بعد الحقيقة(الزائف)"(2018 ــ 100 صفحة)،...
رابعا: الكتابات التي تتعلق مباشرة بأداء ترامب الرئاسي وفرضه قواعد جديدة في البيت الأبيض تكاد تقترب من تأميمه لهذا الكيان. وهو ما تؤكده استقالات المعاونين له المتتالية من جهة، وعزوف لافت عن العمل في الجهاز الإداري من جهة أخرى (60 استقالة مؤثرة أولها كان بعد شهر من توليه الرئاسة إضافة إلى 400 وظيفة شاغرة). إنها حالة أنتجت وضعية جديدة في الحياة السياسية الأمريكية ذات طبيعة إشكالية مركبة. ما استدعى معالجات من عقول كبرى مثل: الفيلسوف الفرنسي الكبير "آلانباديو"، والعالم السياسي "برتراند بادي"، ،والفيلسوفة الأمريكية "جوديثباتلر"،..و"ناعومي كلاين" في كتابها:"لا ليست كافية"(2017 ــ 300 صفحة)،...إلخ...وفي هذا المقام نشير إلى مؤلفين معتبرين نلقي عليهما الضوء تفصيلا، في مقالنا الأسبوع القادم، صدرا نهاية 2018 عنوانهما: "ترامب والفلسفة السياسية" من حيث القيادة والمؤهلات والأداء...و"بيت ترامب الأبيض وتغيير قوانين اللعبة"...أظنهما يوجزا حصاد الزمن "الترامبي"...