المواطنة تعنى فى المقام الأول التغيير والحركة..
و”الولا” و “الانتماء” للوطن كلاهما نتاج للمواطنة.. والمواطنة بهذا المعنى تعد (نقلة نوعية) وأحد المداخل الأساسية لانجاز التغيير المنشود.. هذه لمحة من المفاهيم والنتائج التى يرصدها لنا الباحث سمير مرقص عبر دراسته الجادة والكثيفة التى تحمل عنوان “المواطنة والتغيير” دراسة أولية حول تأصيل المفهوم وتفعيل الممارسة.. صادرة عن مكتبة الشروق الدولية..
كان لنا هذا اللقاء السريع..
برأيك ما أهم أزمات المواطنة فى مصر؟
• أعتقد أن من أهم أزمات المواطنة فى مصر “أن هناك كتلة غائبة (تقترب نسبتها من 75%) لاتشارك فى العملية السياسية, وهذا أمر يجب الوقوف عنده طويلا لان التطور السياسى والاجتماعى لأمة ما يقاس بمدى مشاركة الغالبية من أبنائها فى إحداث عملية التغيير فى الواقع الذى نعيش فيه.. هناك أيضا ظاهرة اقتصار عملية المشاركة فى إطار نخبة جيلية وسياسية واجتماعية لاتكاد تتغير..نفس الوجوه..نفس الأشخاص..نفس الطبقة الاجتماعية..(من الناحية الاقتصادية من يملك هو الذى يستطيع أن يمارس السياسة), كما لو كانت الديمقراطية مقصورة على (قلة نخبوية)..ثالثا فيما يخص الشعار السائد الآن وأعنى به الإصلاح السياسى, برغم أهميته وحيويته إلا أن الغالبية العظمى من المواطنين تتطلع أولا إلى العدالة الاجتماعية.. فالنخبة تتحدث فقط عن الإصلاح السياسى, بينما تنشد الجماهير الأمن الغذائى والعدل الاجتماعى, هناك إذن حلقة وصل مفقودة بينهم.. وأخيرا هناك أزمة دخول الدين فى المجال العام أو (تديين المجال العام), فالمجال العام يجب أن تكون مرجعيته مدنية وليست دينية, لانه نسب ويسمح بمساحة لللاختلاف.
وفى ظل أزمة المواطنة هذه.. كيف ترى مداخل الحلول؟
• لابد أولا من استعادة (الكتلة الغائبة) وتحقيق (المواطنة القاعدية) ودخول (الناس العاديين) فى المجال السياسى ودمج المواطنين فى الحياة العامة.. لابد من تبنى مفهوم (المواطنة والتغيير) أو بعبارة أخرى ارتباط المواطنة (بتحرك الناس), إذ متى حدثت حركة ومشاركة فذلك يعنى أن المواطنة صارت واقعا ملموسا.. وهذا يتطلب من الدولة التحرك رأسيا من (جسم المجتمع) واستحضار طبقات وشرائح وفئات اجتماعية جديدة فى الحياة السياسية..حرية إطلاق الأحزاب وتنظيم الكيانات المدنية والمؤسسات والجمعيات وتنشيط المبادرات الأهلية بشكل غير محدود.. من الأمور المهمة التى تجدد الثقة فى الحياة السياسية.. وأخيرا وقبل كل شئ إيجاد صيغة ما تقرب بين شعار الصفوة (الإصلاح السياسى) ومطلب الجماهير (العدل الاجتماعى).
وكيف ترصد المشهد السياسى فى مصر الآن؟
• كانت هناك بالفعل إرهاصة حراك سياسى فى مصر مع مطلع عام 2005 حيث جرت انتخابات برلمانية ورئاسية ولكن مع حلول عام 2006 حدث نوع من الجمود والرتابة فلم يستمر هذا الحراك ولم يتطور.. هناك فى الحقيقة أسباب لهذا الجمود, أطلق عليها (منظومة إعاقة المواطنة) منها على سبيل المثال البيروقراطية المتضخمة(التى تمنح وتمنع), ومنها أيضا الاعتماد على الاقتصاد الريعى وليس الاقتصاد الإنتاجى , وهناك كذلك العودة إلى فكر العشائر والقبيلة والطائفة وهو عكس فكر الدولة الحديثة التى تتبنى مبدأ المواطنة.. وعلينا جميعا أن نتكاتف لتفكيك منظومة إعاقة المواطنة هذه لنسير فى الطريق الصحيح..