فى سهرة رمضانية أسرية على السحور ضمت أجيالا متنوعة. تواصل الحضور حول المسلسلات ونوعيتها والموضوعات التى تناولتها هذا العام. وبدأ كل واحد ممن يمكن تصنيفهم «بجيل الكبار» بالحديث عن حصيلة مشاهدته وما يوصى بمتابعته. لم يشارك فى الحديث أحد ممن ينتمون إلى جيل الشباب أو الصغار. وإن ظلوا ينصتون باهتمام شديد.. وضح تماما ميل جيل الكبار إلى متابعة مسلسلات الممثلين القدامى، فى العموم، وفى حدود مسلسل أو أكثر. وكان كل متحدث يحاول أن يبرر اختيارات مشاهدته لهذا المسلسل أو ذاك. الأمر الذى أثار اهتمام البعض فى أن يبدأ فى متابعة ما لا يتابعه. ما استدعى أن يسألوا عن «مواعيد المسلسلات».. وهنا صرخت، «مريم» من جيل الشباب.. فماذا قالت؟.
(2)
«مواعيد مسلسلات إيه»، و«لماذا تشاهدونها ـ أصلا ـ فى التليفزيون».. ونشاهدها فين يا مريم؟، سألها البعض.. أجابت مريم: أولا: القنوات التليفزيونية لا تلتزم بعرض المسلسلات فى مواعيدها. ثانيا: يتم عرض المسلسلات حيث تتضمن فواصل إعلانية عديدة بصورة «مستفزة» بتعبير مريم...ما البديل، إذن، يا مريم. قالت فورا: إليكم باليوتيوب؛ حيث مشاهدة المسلسل فى الوقت الذى يناسبكم. وبالطريقة التى تعجبكم. وفى أى مكان. حيث يمكن مشاهدة حلقة واحدة أو حلقتين معا، أو عدة حلقات مجمعة.. مشاهدة تكاد تكون خالية من الإعلانات تقريبا. والأهم إمكانية أخذ فكرة عن مجمل المسلسلات ثم اختيار الأفضل بغض النظر عن الأسماء أو الاختيار المُسبق وفقا للأسماء.. وفجأة أصبحت مريم وجيلها من الحاضرين، وكانوا صامتين، محور اهتمام جيل الكبار.. يسألونهم عن: اختياراتهم، وأسبابهم، وتفضيلاتهم،..، إلخ.. وبالأخير طلب البعض من جيل الكبار التعرف على كيفية تفعيل اليوتيوب، وتنزيله على المحمول أو التابلت.
(3)
وتبين من الحوار الذى هيمن عليه الشباب تماما كيف أن مشاهدتهم عبر اليوتيوب تتجاوز المشاهدة النمطية إلى اقتطاع بعض من المشاهد التى تعجبهم من المسلسلات وتشييرها فيما بينهم. أو توظيفها فى التعبير عن آرائهم، أو الاحتفاء بالمناسبات المختلفة.. وكيف أن كل هذا يترجم فورا إلى نسب مشاهدة.. كما تأكد، بما لا يدع مجالا للشك، أن «زمن التوحيد القياسى» فى مجال الفن قد انتهى.. أى زمن المطرب الأوحد/الأول. أو الممثل الأول/ الأوحد. أو العمل الفنى الذى لابد أن يحظى بالإجماع من جميع الشرائح والطبقات والفئات العمرية قد انتهى للأبد. كما انتهى زمن الإعجاب بفنان أو فنانة بشكل دائم. كما يمكن أن يعجب الشباب بيوسف الشريف ــ بشكل مفاجئ ــ وهو مقل ولا يعمل فى السينما مثل غيره. وبأحمد مالك رغم أنه لا يعتبر بطلا للأعمال التى يعمل فيها، وهكذا.. ولم يعد للحملات الإعلانية المكثفة تأثيرها القديم.. والمتابع لنسب المشاهدة على اليوتيوب يمكنه أن يلاحظ الفروقات الواضحة بين أعمال المخضرمين وبين أعمال الوجوه الشابة الجديدة.
(4)
والخلاصة، يكشف لنا الحوار، أن عالما/زمنا جديدا يمثله جيل الشباب الذى يتمتع بالإمكانيات التقنية المذهلة أصبح حاضرا بقوة. (يمثل الشباب 80% من إجمالى السكان فى مصر ــ من عمر صفر إلى 20 يمثلون 40 %، ومن 20 إلى 40 يمثلون 40% تقريبا). أنه عالم اليوتيوب (يزوره ما يقرب من مليارى مشاهد شهريا) الذى يحدد الشباب من خلاله ما يريدون مشاهدته فى أى وقت وفى أى مكان. ولديهم معاييرهم المتمردة على التنميط والإجماع القسرى والعادة.. مقابل عالم الكبار الذين لا يزالون ينتظرون مواعيد المسلسلات فى التليفزيون.