..وللمستقبل ومصر أيضاً

أعجبنى مقال د. عبدالمنعم سعيد «للتاريخ ومصر أيضا»، (المصرى اليوم- الثلاثاء 22/8/2017). فبالرغم من أن النص المنشور ما هو إلا- بحسب ما أشار الكاتب- «اقتطاف كبير من مقال نشر فى جريدة الأهرام الغراء يوم 16 مايو 2011 تحت عنوان (لماذا فشلنا مرة أخرى) ضمن سلسلة من المقالات حاولت فيها تقديم نقد ذاتى من داخل النظام السابق حول ما قاد إلى التغيير الكبير الذى حدث مع بات معروفاً بثورة يناير». فقط يتحفظ الدكتور عبدالمنعم على أنه ليس من عاداته إعادة نشر ما سبق من مقالات نشرها. إلا أن الأمر يصبح ضرورة- حسب قوله- «عندما لا يكون هناك جديد يقال فى لحظة اختبار صعبة».

(2)

وليسمح لى أن أضيف، ضرورات أخرى منها.. أولاً: إننا حتى تاريخه لم نقم بأى جهد فى سبيل بحث ما جرى فى مصر من خلال بحوث معمقة تتناول قضايا حقيقية تتعلق بمجمل عملية التحول التى دخلت فيها مصر على شتى المستويات. ثانياً: الفهم الدقيق والتفصيلى للأسباب التى أوصلتنا إلى 25 يناير. فما رويته سيادتكم هو نموذج يجب أن يمتد كى يشمل ما هو أكثر من ذلك. ثالثاً: تفسير لماذا يسهل استدعاء ممارسات وحجج قديمة فى سياق هو جديد بالضرورة. ولعل أصداء ما ردده البعض ممن ذكرهم الدكتور عبدالمنعم قبل 2011، ربما نجد جانباً منه حاضراً مما «يمنع القول ويصعب الاختيار».

(3)

إن المشهد الذى استدعاه الدكتور عبدالمنعم سعيد فى ظنى «دال» جداً. حيث يتحدث عن اللجنة التى تم تشكيلها داخل الحزب الوطنى لمناقشة التعديلات الدستورية عقب الانتخابات الرئاسية الأخيرة فى عهد مبارك. وبعيداً عن الجدل الفنى المباشر حول عدد مواد الدستور التى تضاف أو تحذف. فإن الحوارات تعد مهمة للغاية. لأنها تعكس «ديناميكيات» و«توازنات» داخلية وخارجية تحتاج إلى تفكيك وفهم. كذلك دلالة استدعاء الدكتور عبدالمنعم لهذه «اللقطة التاريخية» الآن، وكيف يمكن أن نتعلم منها «للمستقبل ولمصر أيضا».. خاصة أن خاتمة المشهد المذكور يعلق عليها الدكتور «عبدالمنعم» بقوله «... إنه يفصح عن خلل ليس من السهل عبوره.. وهكذا ضاعت الفرصة فى الإصلاح، وبدأ الطريق إلى ثورة الخامس والعشرين من يناير».. ورغم من أننى من الذين يصفون ما جرى «بالحراك الشبابى الشعبى»، إلا أن 25 يناير يعد نقلة تاريخية- قد تطول- بين زمنين، دون شك، أياً كان التوصيف.. ومن هنا تأتى أهمية التعلم من الماضى لأجل المستقبل ومصر أيضا.

(4)

إن الحراك الشبابى الشعبى الذى تدرج فى مطالبه من الإصلاح إلى التغيير لم يكن حراكاً نمطياً على شاكلة الثورة الفرنسية أو ما تلاها من ارتدادات. إنه حراك مركب، تداخلت فيه عناصر عدة منها: الجيلى، والطبقى، و.. إلخ. حراك تم على مراحل واتخذ أشكالاً مبدعة من الاحتجاج فى ظل لحظة معرفية وتقنية يسرت للطليعة الرقمية الشبابية أن تؤمن تغييرا غير مسبوق وفريد. حراك فى مواجهة الاستبداد السياسى. وتمرد فى مواجهة الاستبداد الدينى والثقافى. ومن ثم لابد من إدراك طبيعة التحولات والاستجابة المبدعة لها. وهو ما يستدعى الانفتاح على الحركة المجتمعية التى تفور بالحركة خارج القنوات الطبيعية.

(5)

نحن لن نستطيع أن نتقدم إلى الأمام ما لم نعرف ماذا جرى فى مصر. فى إسبانيا ما بعد فرانكو تم تأسيس مركز- لايزال قائماً حتى الآن- معنى برصد ومتابعة تجربة التحول الإسبانى منذ اليوم الأول، يقوده أحد أهم أساتذة التحول فى العالم المعاصر هو البروفيسور تشارلز باول، الذى زار مصر بدعوة رسمية (مطلع 2014) وطرح رؤية حول مستقبل مصر تيسر لها تحولاً سلساً.. وعليه، ومن أجل «المستقبل» نحن فى حاجة إلى أن نراجع أنفسنا.. الجميع دون استثناء.. وإلا سوف «لا يكون هناك جديد يقال» كما يقول دكتور عبدالمنعم سعيد، وستزداد الاختبارات الصعبة.


طباعة   البريد الإلكتروني
0
0
0
s2smodern