(1)
عن المجتمع المدنى: قيمه والتحديات التى يواجهها ومستقبله بعد ثورات الربيع العربى، كان عنوان المداخلة التى ألقيتها فى اللقاء الذى نظمته مؤسسة «آنا ليند» فى تونس على مدى يومين (30 و31 يناير الماضى)، بحضور ممثلين خبراء وسياسيين وفاعلين مدنيين من المنطقة وأوروبا.. ويأتى اللقاء تحت عنوان عام نصه «إعادة التفكير فى مشاركة المواطن»، وخاصة بعد ما حدث من تغيرات لافتة فى دول المنطقة.. وقد طرحت إدارة اللقاء مجموعة من الأسئلة المهمة، مثلت إطاراً فكرياً للقاء، حيث دارت حولها المداخلات الأساسية.
(2)
من ضمن هذه الأسئلة ما يلى: لم تزل تعانى المجتمعات العربية صعوبات فى تسهيل وتيسير المشاركة السياسية لمواطنيها، وتفعيل دمجهم فى العملية الديمقراطية، وعليه لابد من فهم أسباب هذه الصعوبات وكيف يمكن للمجتمع المدنى أن يذللها؟.. ومن جانب المؤسسات الداعمة نجدها تطرح على نفسها سؤالاً مهماً هو: هل لدينا المقاربة المناسبة للتعاطى مع مطالب المجتمع المدنى المتزايدة أم أننا نطبق مفاهيم سابقة التجهيز؟.. وما الإسهام الذى يمكن أن نسهم به لإعادة التفكير وتحديث فكرة المجتمع المدنى؟ وما القدرات والأدوات والبرامج الأكثر احتياجاً فى هذه المرحلة؟.. وفى هذا السياق طرحت الورقة الإطارية فكرة التنوع كفكرة مركزية باعتبارها تحدياً واضحاً ومباشراً أمام المجتمع المدنى عليه أن يتعامل معها، ويحولها من مصدر للتوترات الاجتماعية والثقافية إلى طاقة للبناء المشترك بين المختلفين فى المجتمع الذى يضمهم معا.. ما يعنى ضرورة البحث عما يدعم الاحترام المتبادل والاندماج المجتمعى؟ كذلك كيف يمكن بناء شراكة عملية فى دعم التحولات المختلفة على كل الأصعدة بين المواطنين على اختلافهم؟.. ومن ثم وعلى المستوى العملى كيف يمكن للمجتمع المدنى أن يتواصل مع الإعلام من جهة، ويدفع بمنظومتى التعليم والثقافة فى أن تسهما فى تأمين تحقيق المطلوب من المجتمع المدنى فى هذه المرحلة؟.. آخذاً فى الاعتبار الإجابة عن السؤال الرئيس الحيوى ألا وهو: كيف يمكن أن يكون الشباب حاضراً فى كل ما سبق- ذلك لأنهم المستقبل- فى تأمين حوارات وطنية حقيقية ومواطنة فاعلة؟
(3)
فى ضوء ما سبق، نشير إلى ضرورة الانتباه إلى أمر غاية فى الأهمية مفاده أن: «الحراكات» العربية- وتحديداً فى مصر- قد وضعت خطاً فاصلاً بين مرحلتين.. ما قبل الحراك وما بعده.. وذلك بتأثير ثلاثة عوامل نرصدها كما يلى: أولاً، الاحتجاجات المجتمعية/ وضغط الفاعلين فى المجالين السياسى والمدنى، وثانياً، التحولات الكونية فى مجالى: التحول الديمقراطى، ومناهضة العولمة، وثالثاً، محاولات الإصلاح السياسى الدولى المتأخرة فى الأغلب.. هذه العوامل مجتمعة قد ساهمت فى أن تهيئ الطريق لما جرى فى 25 يناير.. وعلينا أن ندرك طبيعة هذه التحولات لأنها ستحدد أى مجتمع مدنى نريد.
(4)
فى هذا السياق الفكرى الذى أظن أننا نحتاج إليه فى تناولنا للكثير من قضايانا.. طرحنا أطروحتنا حول مستقبل المجتمع المدنى فى مرحلة ما بعد الحراك.. ونتابع الحديث.