(1)
يقول أحمد لطفى السيد فى مقال له بعنوان «العام الجديد» نشر فى سنة 1913 «بالناسفى الجديد من الزمان رغبة وإليه شوق.. كأن حاضرنا يثقل علينا حمله، نرغب فى
الفرارمنه إلى غيره.أو لأن النفوس شيقة إلى معرفة ما يكنه المستقبل فى الصحائف المطويةوراء حجب الغيب
(2)
إنه نفس حالنا اليوم، مع اختلاف بسيط أننا نتطلع إلى الأمرين معا: التحرر من عبءالحاضر بأثقاله إلى مستقبل أفضل، وفى نفس الوقت محاولة معرفة ما يخبئه المستقبللنا.. إنه الأمل فى التغيير.. وعدم الوقوع فى أسر الانتظار والارتهان إلى المجهولأو طلب الستر والانتظار (كما كتبنا مرة).. إن التغيير بات حاجة ملحة.. الجميع علىاختلاف مواقعهم يتفق على أن هناك ضرورة للتغيير بدرجة أو أخرى.. ولعل قراءة سريعةللحوارات التى تجرى بكثافة هذه الأيام فى الإعلام مع شخصيات تمارس دورا فى الحياةالعامة، سواء كانوا فى السلطة أو خارجها من المستقلين أو المعارضة تشير إلى حاجةمصر إلى التغيير.. الكل يطالب بالتغيير سواء من لديه قناعة بأن مصر تشهد حراكاسياسيا- بينما يرى البعض الآخر النقيض- أو من يرى أنه خائف أو قلق على مستقبل مصر.. الكل يقول بالتغيير مع اختلاف الدرجة والنوعية.
ولكن السؤال من أين نبدأ؟
(3)
وأظن أننى وجدت الإجابة من خلال ما جاء على لسان الأستاذ الدكتور أحمد فتحىسرور، رئيس مجلس الشعب، فى حواره الممتد لـ«المصرى اليوم» عندما تعرض لقضيةالتعليم، وكيف أنه عندما كان يتولى وزارة التعليم كانت لديه رؤية للتطوير لم تستكمل (الحلقة الثالثة من الحوار الجمعة 1/1/2010) قال نصا: «..وبهذا ترتب على عدم تنفيذخطة فتحى سرور بعد موافقة البرلمان على إنقاص سنة أن عُطل تطوير التعليم الثانوى 20عاما حتى الآن، هل المسؤول فتحى سرور أم من؟
ونحن نشارك الدكتور سرور طرح السؤال من المسؤول؟ وما دلالة أن يتعطل تطويرالتعليم لمدة 20 سنة!.. وما التكلفة النوعية التى نجمت عن هذا التأخير؟ ومنيتحملها؟ ويدفع ثمنها؟
(4)
تحديد المسؤولية عن عدم تطوير التعليم وغيره من الملفات، هو نقطة البداية لأىتغيير.. ومعرفة ما القوى الخفية المعطلة للتطوير والتى تسمح ببناء الأبراج (كما جاءفى حوار د.سرور أيضا) فى منطقة مرور طيرانى ما يعنى تعرض سلامة الطيران للخطر وغيرهوغيره.. إن الحركات الاحتجاجية المتنامية تراوحت بين المطالب الفئوية ووضع مطالبتتعلق بتقنيات الديمقراطية.. والكل، بحسب ما كتبت مرة، كان يتحرك على تخوم المجالالعام والسياسى ولم ينجح فى الدخول إلى قلبه لأسباب كثيرة نعرض لها لاحقا.
بيد أن المهم إدراك أن التغيير ـ وبحسب خبرات الآخرين ـ يبدأ بطرح تساؤلات مننوعية:
من المستفيد من بقاء الأمر الواقع على ما هو عليه؟
ما القوى التى تعوق التطوير؟
(5)
فالقراءة الاجتماعية الاقتصادية تعين فى كشف تفاصيل الصورة السياسية لأنها تعيدانتظام الناس فى العمل السياسى والمدنى بحسب مصالحهم وليس بحسب الانتماء الدينى.. وعليه فلقد آن الأوان أن نعيد الاعتبار إلى التحليل الاجتماعى الذى عملت الليبراليةالجديدة منذ نهاية السبعينيات (راجع دراستنا عن قصة الليبرالية الجديدة) علىاستبعاده من تحليل ما يجرى من تفاعلات فى دول العالم.. وهو ما تتم مراجعته الآن فىبلدان المنشأ.. وهنا أستغرب لحوار حاول صاحبه أن يعيد مقولات تم التخلى عنها حولاقتصاد السوق، وهنا يمكن أن نحيل لكثير من المصادر التى تؤكد ذلك.. ولعل الاطلاععلى تجارب الآخرين إحدى أهم المهام التى يجب أن ننجزها فى مسيرة التغيير.. لأناستبعاد التحليل الاجتماعى رافقه انقطاع عن المستجدات فى العالم
فالسنة المنصرمة لم تشأ أن تنتهى دون أن تطالعنا أن تشيلى تستعد لدخول نادىالأغنياء.. وهو ما يعنى أنه علينا أن نراجع السياسات المتبعة، وهنا نعود إلى حديثالدكتور سرور بأننا فى «حاجة إلى تطوير السياسات لأن عندنا مشاكل اقتصاديةواجتماعية».
وهو ما يعنى أن السياسات الحالية غير قادرة على إحداث التغيير المطلوب.
ومن ثم لابد لرؤى بديلة أن تجد طريقها للتنفيذ.